الحملات الانتخابية: وعي الناخب والمنتخَب!

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: لم يبق على موعد الانتخابات النيابية، في دورتها الجديدة سوى شهر وبضعة أيام، ففي الثلاثين من الشهر القادم نيسان/ أبريل، يتوجه أكثر من 21 مليون ناخب عراقي، الى صناديق الاقتراع، لاختيار من يمثلهم تحت قبة البرلمان، هذا التأريخ أعلنته مفوضية الانتخابات المستقلة، وباشرت فروعها والمراكز الانتخابية في عموم المحافظات، بتوزيع البطاقة الانتخابية الالكترونية على الناخبين.

جملة من المفارقات التي تتعلق بالحملات الانتخابية، ظهرت على السطح، على الرغم من ان هذه الحملات، لم يؤذَن لها بالانطلاق، فقد تفنن المرشَّحون في عرض اسمائهم وصورهم، من اجل كسب ود الناخبين، ولجأ عدد من المرشحين، الى طرق تتحايل على القانون وتتجاوز عليه، لتسويق أنفسهم، وعرض أسمائهم، او صورهم على الناس جهارا نهارا، متجاوزين بذلك، القانون ومتحدين للمفوضية! ويتساءل كثير من الناخبين، كيف سيلتزم المرشح بالقانون، وهو يتجاوز عليه ولا يلتزم به قبل أن يتم انتخابه؟!.

فيما بدأ عدد من النساء (الحسناوات) بعرض صورهن، وأسمائهن مع رئيس هذه الكتلة او تلك، حتى تضمن لها الاصوات اللازمة لصعودها للبرلمان (كما تظن) لتحقيق احلامها الوردية (المادية)، على حساب الشعب، كما اثبتت ذلك الدورات الانتخابية الماضية، إذ يرى مراقبون ان المرأة لم تقم بالدور المطلوب منها لخدمة الاصوات التي اوصلت النائب الى البرلمان.

ومن المفارقات ايضا، أن المرشحين يذهبون الى كبار القوم حتى يحشدون لهم منذ الآن، مع ما يرافق ذلك من فكاهة ومواقف ساخرة أحيانا، فقد قام احد المرشحين بجمع عدد من الاغنياء المعروفين في احدى المحافظات، واقام لهم مأدبة فخمة، في احد البيوت المعروفة لاحد التجار الاغنياء، ثم حضر المرشح (المتنفّذ)، وتوسط الحشد المتكون من مجموعة الاغنياء، وعندما عرض برنامجه، تبيَّن انه سوف يقوم بتعبيد الطرق وإكسائها وعمل الجزرات الوسطية والحدائق، وحصر هذا النائب جل برنامجه بجانب الخدمات البسيطة حصرا، هذه هي الرؤية السياسة لهذا المرشح وهذا هو برنامجه!، بالمقابل فإن مجموعة الناخبين التي تمثل أغنياء المدينة، ويفترض أن يمثلوا الجمع الواعي المتنوّر، فإن سقف حقوقهم ورؤيتهم لم يتجاوز تقديم طلبات تعيين لابنائهم في دوائر الدولة!، علما ان هؤلاء الآباء الاغنياء، يملكون المليارات من الدنانير، فضلا عن الاملاك والمشاريع التجارية وسواها، ولا نعرف ماذا يفعل الفقير وما هو سقف او نوع طلباته من المرشح، اذا كان الاغنياء والتجار من اصحاب المليارات، ليس لهم اي طلب سياسي او حقوقي للمدينة واهلها، وأهم ما يطلبونه من المرشح هو تعيين ابنائهم في دوائر الدولة؟!.

إن هذا السلوك من المرشح ومن الناخب، يوضح ضحالة رؤية الطرفين بصورة مزدوجة للهدف من الانتخابات، فالمرشح لا رؤية له ولا مشروع سياسي او عملي لديه، انما كل ما سيقوم به هو تشييد الجزرات الوسطية او المطالبة بذلك، وربما يجهل دوره التشريعي اصلا!، اما الناخب الواعي ممثلا بشريحة كبار المدينة واغنيائها، فإن أعلى سقف لمطالبهم هو تعيين ابنائهم، هذه الرؤية الفاشلة المزدوجة، هي التي أسهمت في تأخير بناء الدولة العراقية المتماسكة، وهي التي تسببت في غياب الرؤية الإستراتيجية السياسية والاقتصادية وسواها.

لذلك نحن بحاجة الى وعي آخر، اي أننا نحتاج الى مرشح واع يملك مشروعا متطورا وقابلا للتنفيذ، ويشارك في نقل المجتمع من حال الى حال أفضل، بالاضافة الى اننا بحاجة للناخب الذي يضاهي في رؤيته، وأهدافه أهداف السياسي، إن المواطن الواعي حامل الرؤية المتطورة، هو عنصر البناء الاهم في الدولة، لذلك نحتاج كعراقيين، مرشَّحا مثقفا يمتلك خبرة التخطيط والتفكير من جهة، وإرادة التنفيذ من جهة اخرى، مثل هذا المرشح يمكنه أن يسهم في بناء النظام السياسي الامثل للدولة، كذلك نحن بحاجة الى ناخب لا يتوقف سقف مطالبه وتطلعاته، عند سقف او مستوى محدود، مثل (تعيين الابناء)، إننا باختصار، نحتاج الى مرشَّح وناخب، كلاهما يمتلكان ثقافة و وعيا سياسيا و حياتيا متميزا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 23/آذار/2014 - 20/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م