السياسيون: صراع على حساب المواطن

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: سبق أن تطرقنا لقواعد اللعبة السياسية، وهي عبارة عن ثوابت معروفة بين الاحزاب والكتل الكبيرة، يفهمها ويتفق عليها الجميع، ويلتزم بها ويطبقها كمقياس أو معيار لنجاح أو تراجع الحراك السياسي، حتى تسود حالة من التوازن، تضبط إيقاع العملية السياسة، من دون خسائر يتعرض لها المواطن، كما يحدث الآن نتيجة للصراع السياسي بين الكتل والاحزاب في الساحة العراقية.

إن المتتبع لحالات الصراع السياسي في العراق، لا يحتاج الى كثير من الذكاء ليكتشف، أن الجميع يتحرك خارج قواعد اللعبة، وأن الصراع الدائر بين الكتل والاحزاب، لا علاقة له بمصلحة المواطن او الدولة، إنه ببساطة صراع من اجل المنافع المادية، والمناصب والمكاسب الحزبية والفردية، على حساب الشعب، فمثل هذه الصراعات لا تخدم المواطن، ولا مؤسسات الدولة، في الوقت الذي تشكل عائقا مضادا لتطلعات الشعب.

مثال بسيط عن الصراع السياسي يدور الان في الساحة السياسية، يتمثل بالتأخير المتعمَّد لاقرار الموازنة المالية لعام 2014، فمجلس النواب الذي يمثل الشعب، ويحرص على مصالحه كما يُفترَض، هو الذي يعرقل تمرير هذه الموازنة كما يحدث في كل عام، حيث يتكرر السيناريو نفسه، ولكن هذه المرة أصبح تعويق اقرار الموازنة، اشد خطرا على الدولة والمواطن، فقد اصبحنا على مشارف الشهر الرابع من هذه السنة، ولم يتم إقرار الموازنة، هذا يعني تعطيلا للاستثمار والمشاريع التجارية والاقتصادية والعلمية والصحية، فضلا عن الخدمات وعن الخسائر التي قدَّر خبراء بأنها تصل الى 6 مليار دولار، يخسرها العراقيون نتيجة للصراع الدائر بين الاحزاب والكتل السياسية حول الموازنة وتأخير التصويت عليها، ما يعني عدم قدرة الحكومة على صرف رواتب موظفي الشرائح الفقيرة، كالأرامل والرعاية الاجتماعية والمتقاعدين، وهم يمثلون الطبقة التي تعيش تحت خط الفقر.

هكذا يدور الصراع بين السياسيين العراقيين، تحركه وتتحكم به حسابات الربح والخسارة، لأحزابهم وكتلهم وشخصياتهم، أما المواطن فهو لا يأتي ضمن حساباتهم، بل هم غير معنيين به أساسا، إلا عندما يتعلق الامر بصناديق الاقتراع، هنا تبدأ المزايدات ومحاولات الكسب الانتخابي، هي التي تحرك الفعل السياسي وتقود مساراته، حيث تتصاعد المزايدات فيما يتعلق بالحرص على مصلحة المواطن، كما يحدث الان بصورة فعلية، وهكذا بدلا من ان يكون الجدل والاختلاف في التصور والرؤى عاملا مشذبا للعمل السياسي وداعما ومصححا له، ينعكس الامر تماما بسبب عدم قدرة السياسيين على إتقان قواعد اللعبة، ووضع مصلحة المواطن فوق أي اعتبار آخر، كونه العنصر الاهم في ما يدور في الواقع السياسي والمجتمعي.

ولذلك أبدى عراقيون رفضهم لارتفاع حدة الاتهامات المتبادلة بين الكتل والاحزاب السياسية، لاسيما ما يجري بين كتلتي دولة القانون وكتلة متحدون، قائلين أن هذا الصراع يعدّ محاولة لتغطية فشلهما، ومؤكدين على أن استمرار الخلافات بين هذه الكتل، دليل على فشل الاحزاب بإدارة اللعبة السياسية، فضلا عن فشلها في تمثيل المواطن والحفاظ على مصالحه وحقوقه، الامر الذي سيذهب بالبلاد إلى ما لا تحمد عقباه، فقد أشار محللون إلى وجود خلافات عميقة جدا بين الكتل البرلمانية، مما يؤشر إلى أن البلد بدأ يغرق في الأزمات السياسية، ودائما تأتي النتائج على حساب المواطن، أما السياسيون أنفسهم، فكأنهم في معزل عما يعاني منه الشعب، بسبب مزايداتهم وفشلهم في الحفاظ على حقوقه وتحقيق متطلبات العيش الكريم له.

ولا شك في أن الصراع الدائر الآن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، يدل بوضوح على أنه صراع بين كتلتين، تقودان مؤسستين مهمتين من مؤسسات الدولة، فكتلة متحدون برئاسة أسامة النجيفي تقود (البرلمان)، وكتلة دولة القانون برئاسة المالكي تقود (السلطة التنفيذية)، وقد دخلت هاتان الكتلتان في حالة صراع شائكة ومحتدمة، لا تخدم المواطن في شيء، اذ تشير جميع الدلائل الى تعويق القوانين التشريعية المهمة عن التصويت والتمرير، وهو امر يضر كثيرا في مصلحة المواطن وحاجاته، لذلك ينبغي أن تحسب الكتل المتصارعة حسابها فيما يتعلق بالنتائج، والاضرار التي ستخلفها والتي يتحمل أوزارها المواطن قبل غيره، وأن تكف عن الصراع السلبي المستمر، وتنحو الى المنافسة التي تضبطها قواعد اللعبة المتفق عليها بين الجميع، كمقياس يضبط الحراك السياسي وينظمهُ في وقت واحد.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 22/آذار/2014 - 19/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م