حارس شخصي لكل صحفي

هادي جلو مرعي

 

عنوان مستقل عن كل العناوين في أرجاء المعمورة، وربما يكون لعمله في وسائل الإعلام أثر في وصفه بالمستقل كعنوان يتنقل بين نشرات الأخبار في الفضائيات والإذاعات والصحف ووكالات الأنباء العالمية، وكلما تعرض صحفي الى حادث مريع تناقل العالم بأسره الخبر، ولعل الجميع يخاف مصيرا مماثلا كالذي تعرض له الصحفي عنوان الخبر. ففي سوريا لوحدها تعرض صحفيون الى أصناف من التهديدات والقمع طال سوريين وعراقيين، ومن جنسيات مختلفة، وقتل العشرات، وجرح أكثر منهم بأضعاف، وإحتجز كرهائن مالايحصى، وهناك من مايزال يقبع في السجن حتى اللحظة الراهنة، وكان للتنظيمات المقاتلة المعارضة حصة جيدة، ومنها التنظيمات الدينية التي أعدمت عددا من الصحفيين كان ثلاثة منهم من العراق قتلوا في أوقات مختلفة، وربما كان العدد أكبر من هذا، ولم نلتفت له، ولم نعلم به.

أحصينا في العراق عشرات الأسماء ممن رحل حاملوها الى العالم الآخر على يد سفاحين بعناوين شتى، عدا عن الذين جرحوا، أوأعيقوا ولحقت بهم مشاكل، وهجروا، وهددوا، وضربوا بطريقة مشينة، ومنعوا من أداء واجبهم الذي يعملون عليه منذ أن عرفوا الصحافة كمهنة قاسية تمنح شيئا من الشهرة، وقد تأخذ كل شئ في لحظات دون تعويض ودون سابق إنذار، وفي مناطق النزاع لايكون السؤال سوى عن السبب لإتمام الخبر، أو لكتابة تقرير صحفي عن الواقعة ينتهي عادة ببعض التأويلات عن إنتماء الضحية الديني، أو القومي والسياسي والمناطقي بحسب أهميته، والمكان الذي قتل فيه، فالحروب لها أسباب عدة لكن حين يقع الضحايا فإنهم يتحولون الى أرقام ليس أكثر. وفي نظرة سريعة الى قوائم القتلى من الصحفيين، نذكر أسماءهم ونتحدث عن وجوههم، ومتى قتلوا ولانهتم بتفاصيل أكثر فالإنشغالات تمنع عن الإهتمام بسواها. ومع سرعة الحياة وتداعياتها المرة تذوب الأسماء والعناوين، ولايعود سوى الرقم، فنقول، قتل 300 صحفي خلال السنوات الماضية، وهو المهم فقط، فنحن بحاجة الى الرقم وليس سواه.

سبل حماية الصحفيين ليست ناجعة على أية حال، فهم لايتحركون في المناطق الهادئة. وهي ليست بيئة ملائمة لهم، هم يتحركون في أجواء الحرب والإضطرابات بحثا عن السبق الصحفي والمعلومة التي ينتظرها العالم، وليس ممكنا أيضا وضع حارس عند باب كل صحفي، أو تعيين حارس شخصي يرافقه في حله وترحاله، ويمنع عنه الأذى الذي قد يلحق به عندما يكون في مناطق الخطر والتهديدات، وتحتاج فرضية وجود الحارس الى أموال وموافقات أمنية وقانونية، وهي غير ممكنة. فالصحفيون يتكاثرون، وتتكاثر معهم التهديدات، هم يمارسون أعمالهم دون علم السلطات، ولديهم أساليب عمل لاتتيح رقابة دائمة لمنع المخاطر المحدقة، ويتجنبون في الغالب رجال الشرطة والأجهزة الحكومية لأنهم يبحثون عن الحرية في التغطية الصحفية، وهي لاتكون بمتناول اليد إن لم يوافق الصحفي على أن يكون ضحية محتملة.

Pdciraq19@gmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 20/آذار/2014 - 17/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م