أبناء المسؤولين يسقطون آبائهم

 

شبكة النبأ: يشكو حكام الدول المتأخرة، من ظاهرة غرور وغطرسة (ابنائهم)، فالابناء في هذه الدول التي يضعف فيها القانون ويترهل فيها الدستور، غالبا ما يتجاوزون حدود السلوك الإنساني المسموح به، وهم عندما يتجاوزن على القانون ويضربون قرارات الدولة وضوابطها عرض الحائط، لا يعترفون بأنهم في مثل هذه الاعمال يتجاوزن على احد، وهكذا يتخيّل أو يؤمن ابن الحاكم بأنه شخص مختلف عن الاخرين، فهو مواطن من الدرجة الاولى، أما الاخرون فهم جميعا من درجات ادنى!. لا يجوز (باعتقاده) أن تتساوى مع مستواه المتعالي!!.

وما يزيد الطين بلّة، أن الأب المسؤول صاحب الجاه والنفوذ والسلطة، لا يرى ضيرا في سلوك ابنه وتصرفاته المستهجنة، ولا يتخذ ما يلزم من إجراءات رادعة ضده، وكأنه بذلك يقف معه، ويوافقه على سلوكه الشائن، لهذا يزداد الابن تنمّرا على المواطنين، فينتهك كرامة الناس وحرمتهم، ويتجاوز على أملاكهم، ويبتزهم بأعلى درجات الابتزاز، ومن يقف بوجهه ويرفض سلوكه، عليه ان ينتظر العقاب بأقسى وأشد الدرجات، لأنك في هذه الحالة انت لا تقف بوجه فرد يتجاوز عليك وعلى حقوقك كإنسان، انما تقف بوجه الحكم، هكذا يتصور ابن المسؤول نفسه فوق الجميع، بل فوق القانون، لذلك غالبا ما تتحاشى الناس مثل هؤلاء الابناء.

ولدينا أمثلة كثيرة ونماذج مختلفة من هؤلاء الابناء، في معظم الدول العربية والاسلامية، لهذا غالبا ما نلاحظ أن ابن الحاكم (بموافقة ابيه الحاكم او المسؤول الكبير)، يعمل ما يحلو له، وينتهك ما يخطر على باله من حدود القانون، وحرمة الناس عموما، وتأتي موافقات الاب لسلوكيات الابن الشائنة، من خلال غض الطرف عنه وعن افعاله، والتغاضي عما يرتكبه بحق المواطنين من تجاوزات، ضاربا بذلك قوانين الدولة عرض الحائط.

وبهذا يتسبب الابن بحالة من الاستهجان بين الناس، تتصاعد لتشمل الشعب بأكمله، وهكذا يعمل الابن على تحطيم هيبة الدولة والحكومة والقانون معا، وتأخذ الناس بالتذمر خفية في بادئ الامر، ومع مرور الوقت يتحول التذمر الى امتعاض معلن، الامر الذي يشكل تحطيما لشخصية الاب الحاكم ونفوذه، وعندما تسقط الحكومات من هذا النوع، نجد الاب الحاكم وابنه المتغطرس يقعان في المصير البائس نفسه، فأما يتعرضان للقتل او الحبس المؤبد، أو الفرار في الارض التي تضيق بهما على الرغم من سعتها!، ولعل الامثلة عن ذلك ليست بعيدة، فقد سقطت حكومات فردية في تونس ومصر وليبيا وغيرها، وكلنا تابعنا مصير الآباء والابناء، بين الموت أو الفرار أو الايداع خلف قضبان السجون، وهذه هي النهاية المنطقية لكل من يرى نفسه فوق الناس بلا حق، كما يفعل ابناء المسؤولين في الدول المتأخرة عن الركب العالمي، حيث تنتفي هذه الظاهرة تماما في الدول المتقدمة، لأن القانون والدستور ودولة المؤسسات، تمنع ابن المسؤول من التعالي على المواطن، بل تمنع على الحاكم ذاته أي نوع من التجاوز، وهو عرضة للعقاب العادل اذا سوّلت له نفسه وتجاوز على حرمة المواطن او ممتلكاته، بل لا يجوز له حتى اطلاق اللفظ المسيء على احد ما.

لذلك، في الدول المتقدمة يعرف الناس (مسؤولين او مواطنين)، حدودهم، وهم جميعا يحترمون القانون، اما من يخرج عن هذه القاعدة، فإن قوة الردع القضائية الصارمة تكون له بالمرصاد، ولا سبيل له للخلاص من العقاب، على العكس مما يحدث في دولنا ومجتمعاتنا وحكوماتنا، فإن الابن المدلل (ابن الحاكم او المسؤول الكبير)، يرتكب ما يحلو له من تجاوزات، لأنه يسند ظهره الى ابيه، والمشكلة ان الاب الحاكم، لا يضع حدا لما يقوم به ابنه من تجاوزات، بل يشجعه على ذلك، عندما يمنع القضاء من اتخاذ ما يلزم بحقه، وبهذا فهو يمنحه الضوء الاخضر، بانتهاك حرمات الناس والتجاوز عليهم، ولا يدري انه بمثل هذا السلوك يفقد قيمته كحاكم، ويساعد على تحطيم نفسه ونظامه في الوقت نفسه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 16/آذار/2014 - 13/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م