الاقتصاد العالمي وذكرى الازمة المدمرة

نمو الدول المتقدمة على وقع تراجع الدول الناشئة

 

شبكة النبأ: تباينت الآراء والتقارير حول التوقعات المستقبلية لأداء الاقتصاد العالمي، حيث تشير بعضها الى احتمال حدوث تحسن تدريجي في النشاط الاقتصادي مقارنة بالمعدلات السابقة، خصوصا وان العديد من دول العالم تسعى ومن خلال خطط خاصة الى تحفيز اقتصادها المتضرر واستعادة نشاطها ومكانتها السابقة. وهو ما استبعده البعض في هذه الفترة الحرجة التي لا يزال فيها الاقتصاد العالمي ومع  استمرار الأوضاع المالية الهشة، يواجه الكثير من التحديات بسبب المشاكل والازمات سياسية المتنامية، التي قد تؤثر بشكل سلبي على العديد من الاسواق الناشئة التي اصبحت تعاني اليوم من سياسات بعض الدول الكبرى، التي سعت الى اعتماد حرب اقتصادية عالمية جديدة وهو ما قد يعيد الى الاذهان ذكرى الازمة المالية المدمرة التي اثرت على الجميع كما يقول بعض الخبراء.

وخلاصة القول أن الاقتصاد العالمي برمته سيعاني في المدة من تقلبات متواصلة وستعاني الأسواق المالية من تذبذبات حادة قبل أن تستقر، إذا ما تمكنت بلدان العالم ومؤسساته المالية من التعامل بمرونة للتغلب على العديد من الأزمات، وبالأخص أزمة منطقة اليورو، مما يعني ان نهاية الازمة المالية بعيدة المنال حتى في المستقبل القريب.

الأسواق الناشئة

وفي هذا الشأن قالت بنوك تتلقى بيانات من مؤسسة إي.بي.اف.ار جلوبال في بوسطن إن حوالي خمسة مليارات دولار خرجت من صناديق الاستثمار في أسهم وسندات الأسواق الناشئة لتبلغ الخسائر الإجمالية لتلك الصناديق 37 مليار دولار منذ بداية العام.

وقالت المؤسسة التي ترصد نشاط صناديق الاستثمار وتنشر البيانات للعملاء إن 3.05 مليار دولار خرجت من صناديق أسهم الأسواق الناشئة على مدى أسبوع حتى 26 فبراير شباط مقارنة مع 1.56 مليار دولار في الأسبوع السابق. وبذلك تصل خسائر صناديق الأسهم منذ بداية العام إلى 26.4 مليار دولار مقارنة مع 15 مليار دولار في عام 2013 بأكمله. بحسب رويترز.

وشهد الفترة السابقة توترات متصاعدة في أنحاء العالم لاسيما في أوكرانيا حيث أطاحت المعارضة الموالية للغرب بالحكومة وهو ما قابلته روسيا بالتحدي. وقال محللون لدى بنك باركليز إن تذبذب اليوان الصيني ساهم أيضا في تلك التوترات. وسجل اليوان أكبر انخفاض له على الإطلاق أمام الدولار إذ يواصل البنك المركزي دفعه للهبوط. وفقدت صناديق سندات الأسواق الناشئة 1.8 مليار دولار ليصل إجمالي خسائرها منذ بداية العام إلى 11 مليار دولار. وبلغت خسائر العام الماضي 14 مليار دولار.

حرب متبادلة

على صعيد متصل تواصلت الاضطرابات المالية في الدول الناشئة بالرغم من الهجوم المضاد الذي شنه عدد من المصارف المركزية وهي تهدد بالتفاقم غداة قرار الاحتياطي الفدرالي الاميركي زيادة التشدد في سياسته النقدية. وقرر الاحتياطي الفدرالي في ختام اجتماع استمر يومين الاستمرار في خفض دعمه للاقتصاد الاميركي بالحد من ضخ السيولة في الاسواق، ما يهدد بتسريع حركات الرساميل التي تزعزع الاستقرار المالي في العالم.

وكان المستثمرون عمدوا بشكل مكثف على سحب اموالهم من الدول الناشئة بعدما اقبلوا على الاستثمار فيها لتحقيق عائدات اعلى وامتصاص السيولة الزائدة التي كان الاحتياطي الفدرالي يضخها. واثار سحب هذه الرساميل بشكل غير منتظم تقلبات شديدة في اسعار العملات ادت الى هبوط العملتين البرازيلية والهندية ومن ثم العملتين الجنوب افريقية والتركية. غير ان الاحتياطي الفدرالي الذي وجهت اليه اصابع الاتهام في ذلك لم يأت على ذكر هذا الهبوط في اسعار العملات.

وقال كريس لو المحلل لدى شركة كابيتال ماركت ساخرا ان هذه التقلبات "فاتت على ما يبدو الاحتياطي الفدرالي" فيما رأى زميله اومير ايسينر من شركة كومفيكس في ذلك اشارة الى ان الاحتياطي الفدرالي لا يخشى انتقال "العدوى" الى اقتصادات الدول الغنية. ولم تنتظر المصارف المركزية في الدول الناشئة قرار الاحتياطي الفدرالي بل تحركت لمنع انهيار عملاتها وهروب الرساميل غير ان هجومها المضاد بقي نجاحه محدودا.

وفي ختام اجتماع طارئ اعلن البنك المركزي التركي وخلافا لرأي الحكومة عن زيادة قوية في نسب فوائده الرئيسية (من 4,4% الى 10% للنسبة الاسبوعية) من اجل استبقاء الرساميل الاجنبية وكبح التراجع المتواصل لليرة التركية في مواجهة الدولار واليورو. وعلقت انيتا بالوش المحللة لدى شركة فارنغولد انها "زيادة كبرى وجريئة لمعدلات الفائدة اتاحت تهدئة المخاوف قليلا وخفضت الطلب على الاصول التي تعتبر اكثر امانا" مثل الدولار والين. وبدوره تحرك البنك المركزي الجنوب افريقي فرفع نسب فوائده من 5 الى 5,5%.

وبذلك فان تركيا وجنوب افريقيا سارتا في خطى الارجنتين والهند وروسيا التي عمدت في الايام الاخيرة الى تدابير نقدية جذرية مثل فرض الرقابة على عمليات شراء عملات اجنبية ورفع معدلات الفائدة وضخ سيولة وغيرها. غير ان مفعول هذه التدابير بقي محدود الامد فخسرت الليرة التركية كل التقدم الذي كانت سجلته عند رفع معدلات الفائدة وسجلت تراجعا طفيفا ليبلغ سعر الدولار 2,2681 ليرة تركية، واليورو 3,0907 ليرة. اما الروبل فلامس ادنى مستوياته التاريخية في مواجهة اليورو كما تراجع الراند الجنوب افريقي في مواجهة الدولار.

وحذرت كاثلين بروكس المحللة لدى فوريكس.كوم بانه "من غير المحتمل ان يكون لهذه الاجراءات مفعولا بعيد الامد" لانها لا تعالج المشكلات الاساسية التي تعاني منها اقتصادات هذه الدول. ويواجه العديد من هذه البلدان مزيجا من العجز في ميزان حساباتها الجارية وصعوبات في الحصول على تمويل. كما يعاني بعضها مثل تركيا التي تشهد فضيحة فساد واوكرانيا حيث تجري تظاهرات حاشدة ضد الحكومة، من انعدام استقرار سياسي واجتماعي يهدد بابعاد المستثمرين اكثر. بحسب رويترز.

ويرى خبراء شركة كابيتال ايكونوميكس ان "كون العملات واصلت التراجع بما في ذلك في الدول التي باشرت بزيادة نسب فوائدها يفتح مرحلة جديدة من التوتر في الاسواق المالية قد تحمل مخاوف اكبر". وسعيا لتهدئة الاسواق نفى صندوق النقد الدولي اي حركة "هلع" داعيا الدول بحزم الى مكافحة اي تضخم. ووجه المندوب البرازيلي لدى صندوق النقد الدولي باولو نوغيرا باتيستا تحذيرا ملحا مؤكدا ان الاوضاع منذرة. لكنه لفت الى نقطة ايجابية بالنسبة للدول النامية مشيرا الى ان عملاتها قد "تحسن" تنافسية صادراتها، متحدثا لوكالة داو جونز نيوزواير.

روسيا ونيجيريا

الى جانب ذلك يوجه المستثمرون أنظارهم إلى روسيا ونيجيريا - حيث يتآكل فائض ميزان المعاملات الجارية والاحتياطيات الأجنبية تدريجيا - باعتبارهما الضحية التالية لأزمة الأسواق الناشئة إلى جانب مجموعة من الاقتصادات لديها عجز مالي مزدوج. ولا يبدو أن أسواق المال ستكتفي بالنظر إلى مدى اعتماد الدول على رأس المال الخارجي - وهو العامل الذي دفع المستثمرين للنزوح من "الاقتصادات الخمس الهشة" ومن بينها الهند وإندونيسيا العام الماضي بل من المتوقع أن تصبح الدول المصدرة للسلع الأولية هدفا جديدا.

والسبب في ذلك أن تباطؤ الاقتصاد الصيني يصاحبه انخفاض في الطلب على السلع الأولية وهو ما يؤدي إلى تآكل احتياطيات الدول المصدرة من العملة الصعبة ويضعف ميزان المدفوعات. وقال لارس كريستنسن مدير أبحاث الأسواق الناشئة لدى دانسك بنك "انتهى القلق بشأن الاقتصادات الخمس الهشة ... تحسن ميزان المعاملات الجارية في الهند وإندونيسيا."

وأضاف "سنركز على مصدري السلع الأولية. ومن هذا المنظور من الطبيعي أن تتعرض روسيا ونيجيريا لضغوط. النمو تباطأ كثيرا ومصلحة البنك المركزي الروسي أن يترك الروبل يهبط أكثر من ذلك." ومع ضعف التجارة الروسية ونزوح رؤوس الأموال يتعرض ميزان المدفوعات الروسي لضغوط فضلا عن كونه عرضة لضربات خارجية بسبب اعتماد الاقتصاد الشديد على صادرات النفط والغاز.

ويسجل ميزان المدفوعات كل المعاملات الاقتصادية للدولة مع بقية دول العالم من خلال ميزان المعاملات الجارية وميزان المعاملات الرأسمالية. وخرجت من روسيا العام الماضي تدفقات رأسمالية صافية قدرها 62.7 مليار دولار وتقلص فائض ميزان المعاملات الجارية إلى أقل من النصف ليبلغ 33 مليار دولار تقريبا. وانخفضت احتياطيات النقد الأجنبي أكثر من سبعة بالمئة مقارنة بمستواها قبل عام لتبلغ 493.4 مليار دولار وينفق البنك المركزي 400 مليون دولار يوميا في أسواق العملة. ويتوقع البنك المركزي تلاشي فائض ميزان المعاملات الجارية بحلول عام 2016.

وقال نيل شيرينج مدير أبحاث الأسواق الناشئة لدى كابيتال إيكونوميكس "روسيا لديها مشكلات هيكلية عميقة ... ميزان المدفوعات ضعيف ومن الضروري أن يهبط الروبل." وانخفض الروبل بالفعل إلى أدنى مستوى في خمس سنوات مقابل الدولار وسجل مستويات منخفضة قياسية مقابل اليورو.

وفي نيجيريا المنتجة للنفط أيضا انخفضت الاحتياطيات الأجنبية إلى 40.68 مليار دولار بحلول 24 فبراير شباط أي بنسبة 14 بالمئة تقريبا عما كانت عليه قبل عام بعد تدخل البنك المركزي في السوق لدعم النايرا التي هبطت نحو خمسة بالمئة خلال العام الجاري بعد أن أوقف الرئيس النيجيري محافظ البنك المركزي عن العمل.

ومن المتوقع أن يرتفع عجز ميزانية نيجيريا إلى 1.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام من 1.85 بالمئة في 2013 وقد يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تفاقم العجز إذا لم تخفض الدولة الإنفاق وهو أمر صعب قبل انتخابات 2015. ويكافئ المستثمرون إندونيسيا في الفترة الأخيرة إذ إنها رفعت أسعار الفائدة 175 نقطة أساس منذ يونيو حزيران وكذلك الهند التي رفعت أسعار الفائدة بشكل مفاجئ في يناير كانون الثاني. وقد محت عملة كلتا الدولتين كل خسائر 2014.

وقال مانيك نارين المحلل لدى يو.بي.إس "تبدي الأسواق تفاؤلا بخطوات صناع السياسة النقدية في الاقتصادات الخمس الهشة." ويدرس بنك مورجان ستانلي أوضاع اقتصادات ناشئة ذات عجز مالي مزدوج - وهو العجز في الميزانية وميزان المعاملات الجارية - هي جنوب أفريقيا والبرازيل وتركيا والهند وإندونيسيا وأوكرانيا. وقد ساعدت الأموال التي تدفقت من الاقتصادات المتقدمة على تلك الدول بتكلفة رخيصة على نمو الطلب المحلي أكثر من اللازم وأدت إلى زيادات كبيرة في الأجور.

لكن البرازيل والهند وإندونيسيا كانت سباقة في محاولة استعادة التوازن الداخلي والخارجي من خلال رفع أسعار الفائدة العام الماضي لخفض الطلب المحلي وتخفيف الضغوط التضخمية. ورفعت تركيا أيضا أسعار الفائدة بنسبة كبيرة في يناير كانون الثاني وجاءت في ذيل القائمة جنوب أفريقيا التي رفعت سعر الفائدة 50 نقطة أساس فقط. وبسبب الانتخابات العامة في تلك الدول من الصعب على الحكومات أن تقوم بخفض الإنفاق لتقليص عجز الميزانية وهو ما يجعل العملة اللاعب الرئيسي في عملية استعادة التوازن. بحسب رويترز.

وكتب يواكيم فلس وفيليب إرفورث الاقتصاديان لدى مورجان ستانلي في مذكرة "في جنوب أفريقيا كما في غيرها من اقتصادات العجز المزودج ستتحمل السياسة النقدية عبئا زائدا لاستعادة التوازن إذا لم تقم الميزانية والطلب الخارجي بدورهما." وأضاف "من المنتظر أن تتحسن المراكز الخارجية بمرور الوقت مع الانخفاض الكبير لعملات اقتصادات العجز المزدوج."

أكبر دولة تجارية

على صعيد متصل قالت الصين إنها "من المحتمل جدا" أن تتخطى الولايات المتحدة كأكبر دولة تجارية في العالم، وهو اللقب التي تحتفظ به الولايات المتحدة منذ عقود. ووفقا لأحدث البيانات، فإن إجمالي النشاط التجاري الصيني زاد بنسبة سنوية بلغت 7.6 في المئة ليصل إلى 4.16 تريليون دولار العام الماضي.

ولم تصدر الولايات المتحدة بيانات حول نشاط السنة بالكامل، لكن إجمالي نشاطها التجاري خلال الأشهر ال11 الأولى من عام 2013 بلغ 3.5 تريليون دولار. وأصبحت الصين أكبر مصدر للسلع في العالم عام 2009، وارتفعت إيراداتها أيضا وسط التوسع الذي يشهده اقتصادها.

وقال تشينغ يوشنغ المتحدث باسم إدارة الجمارك الصينية "إنه من المرجح جدا أن تتخطى الصين الولايات المتحدة لتصبح أكبر دولة تجارية في العالم". ومن المقرر أن تصدر الولايات المتحدة بياناتها عن العام بأكمله. لكن هناك مخاوف ظهرت في الأشهر الأخيرة بشأن دقة بيانات النشاط التصديري للصين. وسارت تكهنات بأن بعض المصدرين الصينيين ربما يبالغون في حجم صادراتهم في محاولة لتجاوز القيود على جلب الأموال إلى الداخل.

من جهتهم، اتخذ صناع القرار في الصين إجراءات لمواجهة هذه المشكلة. من مراقبتها على فواتير التصدير وستفرض عقوبات أشد على الشركات التي تقدم بيانات خاطئة. وقال سون جونوي الخبير الاقتصادي في شؤون الصين في مصرف "اتش اس بي سي" في بكين إن "الإجراءات الأخيرة قد تكون فعالة في الحد من هذه الأنشطة التجارية المزيفة". بحسب بي بي سي.

وذكر بعض المحللين أيضا أنه حتى إذا وضعت قضية تضخيم البيانات في الاعتبار، فإن الصين لا تزال ستحتل موقع الصدارة من الولايات المتحدة. وقال راجيف بسواس كبير الخبراء الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في "اي اتش اس" إن "الفجوة بين إجمالي النشاط التجاري للصين والولايات المتحدة قد يصل على الأرجح إلى 250 مليار دولار في عام 2013".

وأضاف "هذا فرق كبير، ومن غير المرجح أن يغير أي تعديل في الأرقام النهائية من وضع الدولتين". وأوضح بيسواس أن الفجوة بين الدوليت قد تصبح على الأرجح أوسع في العام الحالي. وبالنسبة للعام الحالي بأكمله، زادت صادرات الصين بمعدل سنوي بلغ 7.9 في المئة عام 2013 وارتفعت الصادرات بنسبة 7.3 في المئة.

تهاوي الثقة

من جانب اخر تراجعت الثقة في حكومات عدة دول السنة الماضية وتقوضت سمعة واشنطن بصفة خاصة في ظل ما يواجهه الرئيس الأمريكي باراك أوباما من أزمة في الميزانية وأزمة التجسس التي أثارها موظف وكالة الأمن القومي السابق ادوارد سنودن وعدم الاتقان الذي شاب تطبيق نظام الرعاية الصحية الذي يعرف باسم "أوباما كير".

وقال 37 بالمئة فقط من البالغين خريجي الجامعات الذين شاركوا في مسح ايدلمان للثقة إنهم يثقون في الحكومة الأمريكية بانخفاض 16 نقطة مقارنة بعام مضى وسبع نقاط عن المتوسط العالمي. ولم تكن الولايات المتحدة في ذيل القائمة حيث بلغت الثقة في حكومات بعض دول غرب أوروبا ومن بينها فرنسا واسبانيا وايطاليا مستويات أقل غير أن مدى التراجع الأمريكي كان كبيرا بصفة خاصة.

وقال ريتشارد ايدلمان رئيس شركة ايدلمان الأمريكية للعلاقات العامة التي أجرت الدراسة إن حالة الإحباط تصاعدت لأنها أعقبت فترة قصيرة من التحمس لدور الدولة في الحيلولة دون الانهيار الاقتصادي. وأبلغ ايدلمان "في عامي 2008 و2009 كان هناك سببا يدعو الحكومات إلى التدخل وقال الجميع إن الحكومة أنقذت الموقف. ورفع هذا سقف الآمال - لكنها تحطمت بعد ذلك."

وفي حالة الولايات المتحدة هناك ثلاثة عوامل سلبية رئيسية كان لها تأثير كبير في السنة الأخيرة وهي الأزمة بين الديمقراطيين والجمهوريين بخصوص الميزانية وأزمة برامج التجسس التي كشف عنها سنودن والتخبط في تنفيذ برنامج "أوباما كير" بسبب مشاكل فنية بموقع إلكتروني اتحادي. ونتيجة لفقدان الثقة في حكومات عدد من دول العالم اتسعت الفجوة بين الثقة في الحكومات وفي الشركات لتصل إلى مستوى قياسي إذ تتقدم الشركات الآن بفارق 14 نقطة.

وتتسع هذه الفجوة بصفة خاصة في الهند التي تتجه إلى إجراء انتخابات وسط موجة من فضائح الفساد وفي البرازيل حيث تأججت مشاعر الغضب بسبب مزاعم فساد وارتفاع أجرة الحافلات والإنفاق الحكومي الضخم على بطولة كأس العالم لكرة القدم 2014. واستقرت الثقة في الشركات بوجه عام عند 58 بالمئة. لكن بينما يرتفع مستوى الثقة في بعض القطاعات الصناعية مثل التكنولوجيا والسيارات تظل هناك مطالبات واسعة النطاق بتنظيم أكبر لقطاعات الخدمات المالية والطاقة والغذاء. بحسب رويترز.

وتحظى الشركات المملوكة لعائلات والشركات الصغيرة بثقة أكبر من الشركات الكبرى في أنحاء العالم مع تباينات إقليمية ملحوظة حيث تعاني الشركات في الأسواق الناشئة الرئيسية من افتقار كبير للثقة مقارنة بالشركات الغربية. واستطلع المسح آراء ستة آلاف شخص من الجامعيين الموسرين نسبيا الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و64 عاما في 27 دولة خلال الفترة من 16 أكتوبر تشرين الأول إلى 29 نوفمبر تشرين الثاني.

مستويات الدخل

الى جانب ذلك أظهرت دراسة أعدها اقتصاديون في صندوق النقد الدولي أن تفاوت مستويات الدخل قد يؤدي إلى تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي أو ضعف قدرته على الاستمرار في حين ان إعادة توزيع الدخل بشكل محسوب لا تسبب ضررا وقد تفيد الاقتصاد. وبالرغم من أن الدراسة التي نشرت لا تعكس الموقف الرسمي لصندوق النقد فإنها تمثل مؤشرا جديدا على تغير طريقة تفكيره في تفاوت الدخل. وقالت الدراسة "من الخطأ التركيز على النمو وترك مسألة التفاوت .. ليس فقط لأن التفاوت أمر مكروه من الناحية الأخلاقية بل لأن النمو الناتج عنه قد يكون منخفضا وغير مستدام."

ويقوم صندوق النقد بتحليل اقتصادات الدول الأعضاء وعددها 188 دولة ويقدم توصيات بشأن الموازنة العامة والسياسة النقدية. ويضطلع أيضا بدور مقرض الملاذ الأخير لدعم الاستقرار المالي العالمي. ويوصي الصندوق الدول الأعضاء عادة بتعزيز النمو وخفض الديون لكنه لا يركز بشكل صريح على تفاوت الدخل. غير ان مديرة الصندوق كريستين لاجارد قالت العام الماضي إن تحقيق الاستقرار الاقتصادي مستحيل إذا لم يتم حل مشكلة التفاوت.

وتقول منظمة أوكسفام للتنمية الدولية إن منظمات مثل صندوق النقد الدولي عليها أن تسعى لحل مشكلة اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء وأن تكف عن التشجيع على خفض الإنفاق العام. وقال نيكولاس مومبريال رئيس مكتب أوكسفام في واشنطن "في الفترات الماضية طالب صندوق النقد الحكومات بخفض الإنفاق العام والضرائب ... ونأمل أن يكون هذا البحث والبيانات الأخيرة لكريستين لاجارد مؤشرا على تغير ذلك الاتجاه." بحسب رويترز.

ومازال الاقتصاديون منقسمين بشأن العلاقة بين النمو وتفاوت الدخل. وتزايدت مشكلة تفاوت الدخل في أنحاء العالم حين كانت الاقتصادات تئن تحت وطأة الأزمة المالية في فترة 2007-2009. بل قال البعض إن تزايد مشكلة التفاوت ساهم في ظهور الأزمة أصلا لأنه شجع الناس على الاقتراض للحفاظ على مستوى معيشتهم.

توقعات البنك الدولي

في السياق ذاته رفع البنك الدولي توقعاته للنمو العالمي لأول مرة في ثلاثة أعوام مع تحسن وتيرة النمو في الاقتصادات المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة. وتشير التوقعات الاكثر تفاؤلا التي صدرت إلى أن الاقتصاد العالمي في سبيله أخيرا للخروج من مرحلة التعافي البطيئة والطويلة التي أعقبت الأزمة المالية العالمية.

وتوقع البنك في تقرير "الآفاق الاقتصادية العالمية" الذي يصدر كل ستة أشهر أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي على مستوى العالم 3.2 بالمئة هذا العام مقارنة مع 2.4 في المئة في 2013. وفي التوقعات السابقة للبنك في يونيو حزيران تنبأ بأن يسجل معدل النمو العالمي ثلاثة بالمئة في 2014.

وقال البنك المعني بمكافحة الفقر إن الاقتصاد العالمي بلغ "نقطة تحول" إذ لم تعد ضغوط التقشف المالي والضبابية السياسية بنفس الوطأة على الاقتصادات الأكثر غنى. وقال كبير الاقتصاديين في البنك كاوشيك باسو في التقرير "لأول مرة في خمسة أعوام ثمة مؤشرات على بدء تعافي ذاتي بين الدول مرتفعة الدخل في -ما يلمح لاحتمال انضماها للدول النامية لتصبح محركا ثانيا للنمو العالمي." بحسب رويترز.

ومرة ثانية خفض البنك توقعاته للنمو في الدول النامية إلى 5.3 في المئة في 2014 مقارنة بتوقعاته لمعدل نمو 5.6 بالمئة في يونيو حزيران. وسجلت الأسواق الناشئة ابطأ وتيرة نمو في عقد في العامين الماضيين بعد أن كانت حول 7.5 بالمئة قبل الأزمة المالية العالمية في 2008. وذكر اندرو بيرنز كبير معدي التقرير أن النمو القوى قبل الأزمة كان انعكاسا لعوامل تتعلق بالدورة الاقتصادية. وقال للصحفيين " ننتقل لمرحلة جديدة نمو فيها الدول النامية بمعدل أقرب كثيرا إلى معدل النمو المستدام الأساسي لها."

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/آذار/2014 - 10/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م