الوطن يتسع للجميع..، بهذه الكلمة تحدث معي أحد الأصدقاء الذي يملك
سجلا تاريخيا ناصعا في إعمار وتنمية الوطن والمواقف الإنسانية
والوطنية، وصاحب مبادرات متميزة في مجال دعم العمل الإجتماعي وتأسيس
مؤسسات المجتمع المدني، وتحمل خلال هذه المسيرة الكثير من المعاناة
والتحديات..، وهو يتطلع كبقية المواطنين أن يفتح المجال للجميع بالعمل
لخدمة المواطنين والوطن بالشكل الصحيح كواجب وطني.
قال الأخ تلك الكلمة "الوطن يتسع للجميع"، تعليقا على ما يحدث في
الوطن من أزمات داخلية عديدة وغضب وتذمر وخوف وقلق لدى المواطنين على
وطنهم الغالي بسبب ضيق الأفق، حيث ضاق صدر المسؤولين فضاق الوطن الواسع،
وأصبح الإعتقال والملاحقة والسجن وسن قوانين غريبة وعجيبة تجرم كل من
يعبر عن رأيه ويطالب بالعدل والإصلاح والحرية ودولة الدستور والقانون
ومجلس شورى منتخب يمثل الإرادة الشعبية، ويؤمن بفكر مختلف عن فكر
السلطة، وينتقد الفساد ويطالب بمحاكمة الفاسدين لينعم الجميع بوطن يتسع
للجميع، وتصنفه بالإرهابي!. ويزيد القلق في ظل استمرار هذه السياسة
التي لم تحقق النجاح المطلوب في خلق بيئة وطنية لجعل الوطن يتسع للجميع.
في البداية نريد التأكيد على رفض أساليب العنف واستخدام السلاح
والتصفية الجسدية من قبل أي فئة في الوطن فالأرواح غالية والأمن
والامان وأعراض الناس وممتلكاتهم خط أحمر، وكذلك الاعتداء على العدالة
والحرية والكرامة وحقوق الأخرين، كما إن المواطنين المخلصين الشرفاء
يرفضون الملاحقات والإعتقالات والتعذيب والسجن والترهيب للنشطاء في
المجال السياسي والحقوقي والإجتماعي، وأصحاب الرأي والحراك السلمي،
ويتمنون أن تكون السلطة اكثر حرصاً على حماية أرواح المواطنين مهما كان
ارتفاع مستوى الحراك والنشاط السلمي ونقد السلطة.
الإعتراف بالمشكلة وإرادة الإصلاح
الوطن يتسع للجميع عبارة جميلة، وكل مواطن مخلص يتمنى أن يتحقق ذلك
على أرض الواقع بشكل حقيقي وعملي، وأن يتم معالجة كافة الأزمات
والمشاكل بنفس وطني وبشفافية وبمشاركة الجميع، وأول الخطوات الاعتراف
بوجود المشكلات والأزمات والخلاف والاختلاف بل وجوده أي الاختلاف حالة
طبيعية بين البشر وبين أبناء الوطن الواحد بل بين أفراد الأسرة الواحدة،
فيجب الاعتراف بحق الاختلاف واحترامه، والتعامل بمسؤولية بأن الخلاف
والاختلاف لا يعني التناحر والتصادم والتسقيط..؛ بل ينبغي على الجهات
المسؤولة أن تكون هي الأكثر سعة للصدر واستيعاب الخلاف والاختلاف
والإستماع للمطالب الشعبية المخلصة ولو كانت بطريقة لا ترحب بها مثل
النقد الصريح المباشر والكشف عن الفساد فيها أو من خلال المظاهرات
السلمية – فالتظاهر السلمي حق مشروع في الدول الحديثة حيث السلطة تمثل
إرادة الأمة وهي رهن إرادتها -، فإذا وجدت الإرادة الوطنية المخلصة
والمحبة والتسامح والاحترام واحترام الرأي والرأي الآخر والتعددية تحت
مظلة الوطن التي تتسع للجميع، فان العدالة ستسود وكذلك المساواة
والاحترام والتعامل مع الجميع، بلا صلاحيات وإستغلال النفوذ باسم
الأسرة والقبيلة والمنصب، مما يؤدي لظلم البعض وتهميشهم وحرمانهم من
حقوقهم!!.
الوطن يضيق والمواطنون ليسوا لعبة
الوطن في خطر، والمواطنون يعانون من الإختناق بسبب عدم اتساع
واستيعاب الوطن كافة المواطنين تحت مظلة الوطن حسب قوانين دستور منبثقة
مباشرة من المواطنين، ولذا هم يتطلعون للانفراج وأن يتسع الوطن للجميع
حسب إرادة المواطنين تلك الإرادة المغيبة عن المشاركة في إتخاذ
القرارات المهمة والمصيرية.
المواطنون ليسوا حجرا أو أدوات جامدة أو مجرد لعبة بيد السلطة، بل
هم بشر لهم عقول وتطلعات وأمنيات، وافكارهم متنوعة ومختلفة...، وهم روح
الوطن وأعز وأكرم ما فيه، ولهذا ينبغي للوطن أن يتسع للجميع، وإتاحة
الفرصة للمواطنين للتعبير عن آرائهم المختلفة والمشاركة بشكل عملي في
إدارة الدولة، والمشاركة عبر التصويت على أي قرار يمس الشعب والوطن..،
حيث إن الشعب سيحترم أي قرار هو مشارك فيه ويمثل أغلبية الأمة، وليس
صادر باسم شخص - مثل الحاكم - يتخذ القرارات بشكل فردي باسم الشعب،
فيما الشعب غائب ومهمش، والسلطة الحقيقة هي المرشحة من أفراد الأمة،
وتكون في خدمة الشعب.
الوطن والمرحلة الصعبة
تمر على الوطن أصعب المراحل في ظل شعور المواطنين بالضيق والغضب
والتمرد والتذمر مع أصرار السلطة على فرض إرادتها وهيبتها على الشعب
عبر القوة الأمنية للمحافظة على مكاسبها ومصالحها الخاصة كأسرة حاكمة
مستغلة أسم الشعب، حيث يجد المراقب للساحة زيادة في حجم الإعتقالات
والمحاكمات وسقوط قتلى أعزاء، والوضع مرشح للانفجار نتيجة الإحتقان
الشعبي، والإصرار على أستخدام أسلوب واحد من جهة واحدة على الجميع، وقد
حان الوقت لإعادة طريقة إدارة الوطن ليشارك أبناء الوطن في إدارته
كدولة حديثة تمثل الجميع لإيجاد الحلول للازمات والملفات كملف
المعتقلين والإصلاح والتغيير بما يريده الشعب ومحاربة الفساد والفقر
والبطالة والسكن وأعمار الوطن وتطوره،.. وطن يتسع للجميع.
لماذا ضاق الوطن ولم يتسع ويستوعب أبناءه، ومن المسؤول عن عدم قيام
وطن يتسع للجميع الكل فيه يشعر بالفخر من خلال التعامل عبر الوطنية؟؟.
هل ستتحقق أمنيات المواطنين بوطن يتسع للجميع؟
وللحديث تتمة.... |