رسالة من ركاب (الكيا) الى دولة خلف الصبات

رياض هاني بهار

 

لقضاء اي مشوار في بغداد يتطلب استخدام ثلاث وسائط نقل للوصول الى المبتغى (تكسي وكيا ومشي) وان السيارة الشخصية فقدت جدواها الاقتصادي، وحلت مكانها (الكيا) وهي اهم واسطة نقل في بغداد، وتتعرف من خلالها على الحوارات والمناقشات الحادة، تنصت إلى ما يدور في المجتمع من مشكلات امنية واقتصادية، ويزداد الاستياء عند المرور باحدى نقاط التفتيش.

 وكانت احاديث الاسبوع الماضي منصبة على (الناخبين المتقاعدين ودورهم باسقاط الاحزاب التي شرعت القانون) نحن نعيش في وطن واحد ولكن في ظروف مختلفة، إلا أن هذا الاختلاف لا ينبغي أن يكون بهذه الحدة فلا يعقل أن يتقاضى متقاعد بلغ من الكبر عتيا راتبا، يخصص عشرين ضعفا أو أكثر كميزانية لشخص اصلا لم ينتخب من الشعب بل من معين من حزبه الذي احتال على شعب كامل، اما الذين امضوا سنين حياتهم بالاخلاص للوطن والعمل لأجله بضمير صادق وحرص تام، وأسسوا اللبنات السليمة لقواعد العمل، أفنوا زهرة شبابهم في الجد والعمل، اعتصروا أعمارهم في المثابرة والكفاح والسهر على تسيير شؤون غيرهم من المواطنين، ضحوا، قدموا، لم يقصروا في شيء ولم يبخلوا بجهد، وبعرق جبينهم كتبوا أحرف المسؤولية، علموا الأجيال كيف يكون البذل والعطاء، وتركوا لهم رسالة مرسوم عليها طريق النجاح، وهذه سنة الحياة، ولا أحد خالد في هذه الأرض، اليوم هم رحلوا عن مقاعدهم بالعمل، متقاعدون... بنهاية مدة عملهم فقدوا الحق في كل شيء، تقاعد محدود جامد، وأبناء كسرت البطالة مستقبلهم وقتل تكافؤ الفرص أحلامهم ولا زالوا تحت رعايتهم واشرافهم، وودعوا زملاء العمل وبتوديعهم غابت جسور التواصل التي كانت تجمعهم، لا أحد يتفقد أحوالهم بعد الرحيل، لا سؤال ولا اطمئنان عن أوضاعهم الصحية، والمتقاعدون... شريحة اجتماعية تعدادها اكثر من مليونين تتوزع على فئتين:

فئة تقاعدها اصبح مريح وهم (حرامية الوظيفة) ويطلق عليهم (الفايخين) منشغلة بمشاريعها التجارية والاقتصادية وهي لاتشكل واحد من الالف، وفئة تقاعدها لا يكاد يسد الرمق خلال الشهر ذات معاش متدن، وتلك هي الاكثر انتشارا والاشد تضررا و احتياجا، فمشاعر التذمر والشعور بالاقصاء والتهميش يتقاسمونها فيما بينهم، وخيبة الامل يجر أذيالها جميعهم جراء التفرقة الحاصلة والتفاضل بين المتقاعدين وهناك سخطا جماعيا من المتقاعد اتجاه الحكومة ومجلس النواب، فالبعد الاجتماعي بدوره حاضر بثقله حيث يحدث نوع من عدم القبول للدور والمكانة داخل الأسرة أو العائلة أو المجتمع بصفة عامة، فالأدوار والمكانة الاجتماعية يطالهما نوع من التغيير إذ يلزم نوع من الوقت لتقبل الوضع الجديد، وهذا الانتقال البنيوي من وضع العمل إلى وضع نهاية العمل فهو موت رمزي، وغالبا ما يؤدي إلى تصدعات داخل النسيج الأسري ويظهر هذا من خلال آليات التدبير اليومي، فالتحول لا يمر بردا وسلاما دون خسائر فحتى الزوجة التي لن تكن متعودة على تقاسم المجال والفضاء (أي البيت) تجد نفسها أمام هكذا وضع جديد وتكون مجبرة على تقاسمه، مما يدفع بافراد عائلة المتقاعد الى السخط ايضا باتجاه من سبب لهم الضرر وهذا يدفع بملايين الاصوات تكون باتجاه ضد الاحزاب الحاكمة.

الخلاصة

ان الشعارات المصطلحات الرنانة التي يشوبها الكذب المتكرر من المسؤولين التي يرددونها على مسامعنا مئات المرات يوميا، من هنا قد بدأت بعض المؤشرات بعدم القبول الاجتماعي للسلطات التي ساهمت بهذه الاكذوبة الكبيرة وبدأ العد العكسي بخسارتهم لأكثر من مليونين صوت انتخابي للمتقاعدين، واذا احتسبنا عوائلهم فيصبح بمعادلة بسيطة اكثر من خمسة ملايين ناخب ضد الاحزاب الحاكمة، واذا رغبتم بالتأكد من مقالتي انصح المسؤول بركوب الكيا ليتعرف على مصداقية ماطرحته (الاخوان نايمين مايدروون شيصير بالشارع).

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 12/آذار/2014 - 9/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م