الجارية تودد نجمة نجوم ألف ليلة وليلة، يعرضها صاحبها لهارون
الرشيد كسلعة، يطلب مقابلها عشرة آلف دينار، ولإتمام الصفقة تقام
المناظرة الكبرى بين الجارية وكبار علماء البلاط وعلى رأسهم إبراهيم بن
سيار النظام، وكما حكت شهرزاد أن الهزيمة لحقت بهم الواحد تلو الآخر
بعد مارثون من الأسئلة في العقيدة والفقه وعلوم ذاك الزمان، مع تجرد
المنهزم من ثيابه وجر عار الهزيمة وراءه.
ما عرف عن الجارية حضورها القوي في مجالس اللهو والغناء بدءًا من
الجارية سلامة في الزمن الأموي إلى جواري هارون الرشيد وهن يرقصن على
أنغام إسحاق الموصلي إلى جاريتي زرياب حمدونة وشمسونة سيدتا الطرب
والمجون في الأندلس الأموي، إلى الحضور القوي في الفقاهة الكلامية
والفلسفية التي تمرغ أنوف كبار علماء الرشيد في التراب ويخرجون من
مجلسه عراة !!
جارية أفقه من العلماء وتتلذذ بتعريتهم !!، وإنزال هيبة العالم إلى
الوضاعة والسفلية المنحطة، وما بقى لنا سوى أن نأخذ ديننا من الجواري
؟!!، فتكون المحصلة إرضاع الكبير ومجالس اللهو وثقافة العهر.
ثقافة الجنس لا تغيب عن وعي الأمة حيث تتجلى في خلع الثياب، وما
الدافع إلى ذلك إذا كان المجلس للفقاهة في الدين وإدراك الكمالات
العقلية، ولماذا الإخلال بالأدب، أم أن الراوية لا تكتمل إلا بمشهد
إباحي!!، ومصطلح الجواري والغلمان لا يفتقر إليه نص من نصوصنا الأدبية،
فهل فعلا جئنا لنحرر الإنسانية من ضيم العبودية والمتاجرة بالبشر!!،
لماذا نتشدق بالقضاء على العبودية ودار حريم الخليفة العباسي والسلطان
العثماني تكشف زيف ذلك، لنعترف بالحقيقة، حقيقة إسلام السلطة.
حكايات شهرزاد لا تنتهي وألف ليلة وليلة تستمر في سوريا مع السبي
وجهاد المناكحة وامتلاك الجواري وقتل العلوي ولو تعلق بأستار الكعبة!!،
التاريخ يستنسخ نفسه، إنه ثقافة الموروث المستمدة من الشهوانية ومبدأ
تحقيق اللذة، وإبادة الآخر حتى لا تفتضح عوراته، فيزول أثر الأفيون
فتتكشف الحقائق.
سائحة غربية قدمت إلى إحدى البلدان العربية، ومن منطلق الفضول في
معرفة العقلية الشرقية، سألت شخصا ما تعني الجنة عندكم ؟، فأجابها دون
تردد أو تلكؤ:" أنهار من لبن وعسل وجواري حسان"، فردت عليه بتعجب:
"إنها أوروبا، c'est l'Europe "، الجنة في الموروث الاسلاموي السلطوي
القائم على الحسية المادية تختزل في أوروبا !. |