مساندة المرأة.. شعارات بلا تطبيق

بمناسبة عيد المرأة العالمي

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: الكلام الجميل بحق المرأة، تطلقهُ أفواه الرجال، وتلوكه ألسنهم في مناسبة أو من دونها، فالمسؤولون جميعا يقفون مع المرأة بالكلام، بل الرجال بصورة عامة غالبا ما يؤكدون دعمهم للمرأة من خلال الكلمات التي يطلقونها هنا او هناك، ولكن عندما نبحث في حقيقة المواقف الفعلية التي تتطابق مع هذه الاقوال، فإننا لا نجد تشابها وتطابقا بين الاثنين، فيصبح الامر لا يتجاوز الإدّعاء لا أكثر، وتصبح الكلمات أقرب الى الشعارات غير القابلة للتطبيق!.

في يوم الثامن من هذا الشهر من كل عام، يحتفل العالم بيوم المرأة العالمي، ويحتفل العراقيون بالمرأة في عيدها هذا، وهو تقليد ممتاز، يدعم المرأة معنويا، ويشيد بدورها التربوي والعملي، ويعترف بجهودها الكبيرة التي تبذلها في بناء المجتمع، لاسيما أنها المعلم الاول للطفل، كونها أول من ينطق في اذن الطفل، وأول من يتواصل معه بصدق، وأول مدرسة مصغّرة يتعلم منها الطفل كيفية التعامل مع الحياة.

هذا الدور الكبير للمرأة يعادل دور بناء المجتمع، وهو دور حساس وخطير في الوقت نفسه، لذلك لا ينبغي أن يتعامل الرجال مع المرأة وكأنها كائن هامشي في الحياة او المجتمع، ولا يصح للمسؤول، أو الزوج، أو رب العمل أو أي رجل آخر له مساس في نشاط المرأة، لا يصح إطلاق الكلمات الرنانة الخالية من الفعل الحقيقي الداعم للمرأة، مثلما نلاحظ الآن في الواقع، فعندما نتحدث عن اوضاع المرأة عالميا، نلاحظ مدى الغبن الذي تتعرض له، ففي كثير من بلدان العالم حتى المتقدمة منها، يتم استغلال المرأة ابشع استغلال، وتتحول الى سلعة تباع وتشترى، هذا ما تقوم به مافيات وعصابات وشبكات الجنس والاتجار بالنساء وما شابه، ان كثيرا من الرجال يستغلون حاجة المرأة وضعف القوانين، وغياب الوازع الديني والضمير الانساني، فيتم استغلال المرأة بطرق قمة في البشاعة والظلم.

ربما يتقدم الوعي الانساني هنا وهناك، ويتم تأسيس المنظمات المستقلة الداعمة لحقوق المرأة، وتنشط الكثير من المؤسسات الخيرية في مساندة المرأة والوقوف الى جانبها، بما يضمن تحقيق استقلاليتها في الجانب الاقتصادي بما يكفل كرامتها وحرمتها وحقوقها، ولكن لا تزال هناك نواقص كبيرة في هذا الجانب، وفيما يخص العراق، فإن المرأة تتعرض لإهمال حكومي واسع وخطير، فضلا عن الاهمال المجتمعي، يتضح هذا من خلال ضعف دورها في مجالات عديدة، ومنها السياسية على وجه الخصوص، كذلك هناك اهمال داخل الاسرة الواحدة، فغالبا ما نجد الرجل هو الذي يمتلك زمام الامور، في ادارة العائلة وما شابه، أما دور المرأة فربما يقتصر على تقديم الخدمة وامال البيت الاخرى كالطبخ والتنظيف، وهو دور خدمي بحت لا يتسق مع قدراتها الكبيرة في مجالات التربية والمشاركة في تنمية الاجيال الجديدة، والمشاركة الفعلية في مجالات الانتاج، حسب قدراتها وما يناسبها، لكن ما يحدث في الواقع، يختلف كثيرا، حيث تتعرض المرأة للحيف والظلم بصورة واضحة، وهذا الامر يؤكد أن ما يُقال في حقها لا يعدو كونه اشادة لفظة بالمرأة لا ترقى الى المواقف الفعلية التي تساندها في تطوير شخصيتها ومهاراتها ودورها الاساسي في المجتمع.

بطبيعة الحال لا يمكن أن يتحقق هدف إشراك المرأة في التفاعل المجتمعي الصحيح، ما لم يرتكز ذلك على حزمة من القوانين والتشريعات الواضحة التي تسند المرأة، وتوضح المجالات والشروط التي تحافظ على قيمتها وشخصيتها، وتنمّي قدراتها ومواهبها، فضلا عن تصحيح منظومة التقاليد والقيم التي يتم التعاطي مع المرأة من خلالها، ونبذ ما لا يليق منها، وتنمية القيم الاصيلة الداعمة لها، استنادا الى الدور البنّاء الذي رسمته لها التعاليم الاسلامية التي أكرمت المرأة وثبّتت حقوقها بما لا يقبل التشكيك او التأويل الخاطئ.

لذا من الأفضل أن تكون مناسبة عيد المرأة العالمي، نقطة انطلاق وتجديد دائم لدورها البنّاء، من خلال اتخاذ بعض الخطوات الإجرائية الداعمة لها، من هذه الخطوات:

- تفعيل دور المؤسسات والمنظمات الثقافية والمهارية التي تساند المرأة وتنمي شخصيتها وقدراتها في المجالات كافة.

- كتابة التشريعات التي تقف الى جانب المرأة بقوة من خلال لجان مختصة وتقديمها لجهة الاقرار والموافقة.

- فتح آفاق الانشطة النسوية المختلفة بما يضاعف من دور المرأة العملي والتربوي.

- تفعيل دور منظمات المجتمع المدني بخصوص حقوق المرأة ودورها.

- مضاعفة الدعم المادي للمرأة لاسيما شريحة الارامل والمطلقات والعوانس.

- فتح مجالات التعيين بصورة افضل وضمن اجراءت سهلة للنساء وخاصة الشرائح الفقيرة.

- وضع قاعدة بيانات متكاملة من لدن الجهات المعنية، تسهل خطوات الاعتناء بالمرأة في المجالات كافة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 9/آذار/2014 - 6/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م