حصاد المرأة في يومها العالمي.. خطوة للأمام واثنتين للخلف!

اعداد: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: اليوم يحتفل العالم بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء وهو ما يسمى بـ "اليوم العالمي للمرأة"، وفي بعض الدول كفلسطين والصين وروسيا وكوبا تحصل النساء على إجازة في هذا اليوم.

وبينما فرضت الحياة المعاصرة ايقاعا جديدا لحركة المرأة، لم تعد تكتفي بالتواجد داخل المنزل حصرا، بل اخذت تشارك في جميع مجالات العمل التي كانت محصورة بالرجل، وهو ما اعطاها الكثير من الاستقلالية، في القرار والاختيار.. رغم ذلك لازالت الهوة واسعة في نظرة الرجل والمجتمع لعملها او لدورها ووظيفتها.. ورغم احتلالها مراكز متقدمة في الفاعلية والتاثير في بلدانها وحسب اللوائح التي تصدرها عدد من المجلات أو المنظمات، لترتيب تلك الادوار، الا انها بالمقابل وفي اكثر من مكان، لازالت محكومة بتلك النظرة القاصرة لها من قبل الرجل، والتي تنافي ما منحه الاسلام لها من تكريم وتقدير واحترام.

مجلة (أرابيان بيزنيس) نشرت اخر لائحة لها، ضمت أكثر من100 امرأة ذات قوة ونفوذً في العالم العربي بعد متابعات عربية وعالمية لإنجازات النساء المعنيات، فضلاً عن استفتاءات يتم إجراؤها على مدى ستة أشهر.

وضمَّت اللائحة 17 امرأة لبنانية في مجالات متعددة، لكن الملاحظ أن النساء اللبنانيات الرائدات في مجال نفوذهن، قد طالهن التقصير في المجال السياسي حيث قلة عدد (النواب السيدات) في البرلمان اللبناني ، ولم تحصل سوى وزيرة واحدة على مركز في الحكومة الاخيرة.

في خبر اخر من العراق، عن المراة ايضا، اثار نشر صورة لجثتين تسحبان من بركة بسلاسل صيحات احتجاج في اقليم كردستان اكبر حجما من قضية مقتل الشقيقتين الشابتين. وقد وصف مشهد سحب الجثتين بانه (رهيب جدا). وان (هذا ما يستعمل لجر بقرة، وليس لبشر).

لا يتوقف الامر عند حدود التمثيل السياسي واحتلال المراة لمواقع قيادية في بلدها، بل يتجاوز ذلك الى قيادتها للسيارة كما في الحالة السعودية، والتي هي الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع المراة من قيادة السيارة، تحت موانع عديدة يقدمها علماء الوهابية، كثيرا ماتثير السخرية، من ذلك مثلا ما اعلنه احد اعضاء هيئة العلماء والرئيس السابق لمجلس القضاء الاعلى، من ان (علم الطب الوظيفي الفسيولوجي قد درس هذه الناحية التي تؤثر تلقائيا على المبايض، وتدفع الحوض الى اعلى لذلك نجد غالب اللاتي يقدن السيارات بشكل مستمر يأتي اطفالهن مصابين بنوع من الخلل الاكلينيكي المتفاوت).

وليت الامر وقف عند هذا الحد من الاستخفاف بالعقول، بل وصل الى حد اتهام الشيعة بهذه المؤامرة، مؤامرة قيادة المراة للسيارة، كما كتب احدهم في موقع وهابي، وهو يشرح ابعاد مثل تلك المطالبات التي تصر عليها المراة السعودية، فهو يكتب: (أما ما تلتها من حملات، وهي حملة سأقود سيارتي بنفسي عام 1432 والحملة الأخيرة حملة 26 أكتوبر، فليس بخفي ما تشهده المنطقة برمتها من فتن واقتتال وانقلابات، و يتكاتف فيها الأعداء من اليهود والنصارى والمجوس والشيعيون على المسلمين السنة في كل مكان، مما يستدعي الحفاظ على الأمن ووحدة الصف.

كما يلاحظ أيضاً دور الرافضة في مثل هذه الحملات وهذا ما ظهر جلياً في حملة 2011م حيث حدد موعد قيام الحملة وهو السابع عشر من يونيو والذي وافق الخامس عشر من رجب الذي يقدسه الشيعة، وقد قالت ذلك صراحة قناة العالم الرافضية في قولها (إن قرار بعض النساء للقيام بقيادة جماعية يوم 17 يونيو القادم يهدف في الأساس إلى التحرر من سلطة الوهابيين، خاصة أنه يوم مقدس عند جميع نساء العالم الإسلامي).

بين منع المرأة من قيادة السيارة، ومنعها من احتلال مواقع متقدمة في قيادة مجتمعها، فاصل دقيق جدا، طالما ينبع ذلك من هذه النظرة القاصرة لوجودها ولعملها ولما تقدمه من خدمات في مجتمعها، تتفوق فيه على الرجل في الكثير من الاحيان.

خلصت دراسة أجريت عام 2007 إلى أنه - من بين 500 شركة - حققت الشركات التي تشغل بها النساء عددًا أكبر من مقاعد مجلس الإدارة مستويات أداء أكثر ارتفاعًا، بالمقارنة بتلك التي لم تكن للنساء بها سوى أعداد قليلة من المقاعد؛ إذ أظهرت الشركات التي يوجد بها ثلاث أو أكثر من عضوات مجلس الإدارة درجات أكبر من حيث ارتفاع مستويات الأداء1. وبالمثل، أظهرت دراسة عن أنشطة التشريع في الدول أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أنه كلما ازداد عدد النساء في عضوية البرلمان بدولة ما، ارتفعت مستويات إنفاق الدولة على التعليم، كنسبة من الناتج المحلى الإجمالي، وأيضًا كحصة للفرد . وفى الهند، وجد أن المجالس المحلية التي ترأسها امرأة تولي درجات أكبر من الاهتمام للمسائل المتصلة بتوفير مياه الشرب والصرف الصحي.

في مثل هذه الاحصائيات، نجد أنه كلما ازداد عدد النساء بمجلس أو هيئة ما، قوي الاتجاه نحو التركيز على القضايا المتصلة بالنواحي الأسرية، التي تمثل مجال الاهتمام التقليدي للمرأة (مثل التعليم، والرعاية الصحية)، جنبًا إلى جنب مع مشاكل الحياة اليومية، مثل مياه الشرب والصرف الصحي. وبالإضافة إلى ذلك، تتفق نتائج الأبحاث مع نظرية "الكتلة الحرجة"، ومؤداها أنه كلما ازداد عدد النساء بمقاعد القيادة وصنع القرار، قوي تأثيرهن على الجوانب المختلفة للسياسات. كما أن هناك تأثير مهم لتزايد أعداد النساء في مجالات الحياة العامة، مفاده تراجع معدلات الفساد المالي والإداري. وفي هذا السياق، كان هناك اهتمام كبير بنتائج مشروعات البنك الدولي، التي أوضحت انخفاض معدلات الفساد المالي والإداري في الدول التي تميزت بارتفاع نسبة تواجد المرأة بمختلف مناحي الحياة العامة (ممثلة في مناصب القيادة وصنع القرار بمجالي السياسة والأعمال). وأخيرًا، أظهرت الأبحاث أن تواجد المرأة في مواقع القيادة يقترن بتحقق أنماط تتسم بالشمول في مجال تسوية النزاعات.

 كما ظهرت نتائج مماثلة فيما يتصل بأنشطة الأعمال -وإن كانت الأعمال البحثية في هذا المجال لم تصل لمرحلة الاكتمال بعد- فقد بينت النتائج أنه كلما ازداد تمثيل المرأة بعضوية مجالس الإدارة، وبمناصب الإدارة التنفيذية العليا، قوي الاتجاه نحو تحسن الإنتاجية، وارتفعت مستويات الأداء المالي.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8/آذار/2014 - 5/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م