كوريا الشمالية.. والعيش باسلوب الاستفزاز

 

شبكة النبأ: في كوريا الشمالية لا تزال أجواء التوتر والتصعيد المتفاقمة تشكل مصدر قلق كبير لدى الكثير من الدول الإقليمية والعالمية التي تخشى من اندلاع حرب مدمرة لا يمكن التنبؤ بعواقبها، خصوصاً وان الفترة الاخيرة قد شهدت بعض التحركات والاعمال الاستفزازية وتصاعد لهجة التهديد من قبل اطراف الصراع التي تسعى الى تأمين مصالحها الخاصة في هذه المنطقة المهمة، والمتمثل بالولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها وكوريا الشمالية التي تسعى وبشكل دائم إلى زيادة وتطوير قوتها النووية والعسكرية لأجل فرض مكانتها في المنطقة والعالم.

إذ يرى بعض المراقبين ان واشنطن تسعى الى اتباع نهج أكثر صرامة ضد بيونج يانج المتهمة بارتكاب الكثير من الخروقات الدولية والانسانية، وذلك من خلال التلويح بفرض عقوبات قاسية او القيام بعمل عسكري لأجل عدم تكررت تلك الخروقات والاستفزازات المستمرة التي تقوم بها حكومة كوريا الشمالية، والتي اعتبرها هؤلاء المراقبين امر طبيعي ورد مباشر ضد التحركات والمناورات العسكرية التي تقوم بها الولايات المتحدة في المنطقة، والتي تصفها كوريا الشمالية بأنها مقدمات لغزوها.  

من جانب اخر استبعد البعض حدوث حرب كارثية، خصوصا مع وجود اطراف وقوى اخرى فاعلة لها تأثير مباشر على إطراف النزاع ومنها الصين، التي تعتبر اللاعب المهم في حل أزمة شبه الجزيرة الكورية، باعتبارها الحليف الأول والاساسي لكوريا الشمالية والتي قد تسعى ومن خلال تحركاتها وتأثيرها المباشر على قادة كوريا الشمالية، الى تغير بعض النتائج والتوقعات في سبيل ضمان بمصالحها الخاصة والتي قد تنتهي بخسارة كوريا الشمالية والنظام الحاكم فيها.

يبدو أن مؤشرات الحرب بين طرفي الصراع الكوري الشمالي والكوري الجنوبي وحليفها أمريكا حقيقية، وعليه فان المعطيات آنفة الذكر آثار العديد من التساؤلات صعبة حول الكيفية التي قد يبدو عليها مثل هذا الهجوم، ومن الذي سيشارك فيه، وما هي العواقب المترتبة عليه؟.

تجارب صاروخية

وفي ما يخص اخر التطورات في هذا الشأن فقد أجرت كوريا الشمالية المزيد من التجارب على إطلاق صواريخ من سواحلها الشرقية، حسبما أفادت وزارة الدفاع في كوريا الجنوبية. وتأتي التجارب الجديدة بالتزامن مع مناورات عسكرية مشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. وأوضح مسؤولون في سول إن كوريا الشمالية أطلقت صاروخين قصيري المدى، قطعا مسافة 500 كلم. وكانت بيونغ يانغ أجرت تجارب إطلاق لأربعة صواريخ مماثلة في وقت سابق.

واعتادت كوريا الشمالية على اختبار إطلاق صواريخ متوسطة المدى تعبيرا عن غضبها من إجراء جارتها الجنوبية مناورات عسكرية مع الولايات المتحدة. وشرعت كوريا الجنوبية في مناوراتها العسكرية مع الولايات المتحدة في 24 فبراير/ شباط. ومن المقرر أن تستمر المناورات، بمشاركة آلاف الجنود، حتى منتصف شهر أبريل/ نيسان. بحسب بي بي سي.

وتعترض بيونغ يانغ على هذه المناورات التي تصفها بأنها "تدريب على الحرب". وقال مسؤولون في كوريا الشمالية إن الصاروخين اللذين أطلقا هما من نوع سكود، وبإمكانهما الوصول إلى أي هدف في كوريا الجنوبية. ودعا متحدث باسم كوريا الشمالية إلى "وقف الأعمال الاستفزازية" فورا.

وقد ردت كوريا الشمالية العام الماضي بغضب شديد على المناورات السنوية، التي أعقبت ثالث تجربة نووية تجريها كوريا الشمالية، وهو ما أدى إلى توسيع عقوبات الأمم المتحدة على بيونغ يانغ.

سلاح إلكتروني

في السياق ذاته تطور كوريا الجنوبية سلاحا الكترونيا للأضرار بالمنشآت النووية الكورية الشمالية. وتريد وزارة الدفاع الكورية الجنوبية تطوير أسلحة تشبه "ستكسنيت"، وهو البرنماج الالكتروني الذي طور لمهاجمة منشآت تخصيب اليورانيوم الايرانية. وقالت وزارة الدفاع إن الجيش الكوري الجنوبي سيقوم بعمليات باستخدام هذا البرنامج. وقال خبير في امن الانترنت ان استخدام السلاح الالكتروني قد يكون "خطيرا للغاية".

وابلغت وزارة الدفاع خطتها للحكومة حسبما قالت وكالة يونهاب الرسمية. وفي عام 2006، قالت كوريا الشمالية إنها اختبرت بنجاح سلاحا نوويا، مما أثار الذعر في المنطقة. وما زالت الجهود الدبلوماسية المكثفة مستمرة للحد من طموحات كوريا الشمالية النووية. وقالت يونهاب إن تطوير سلاح قادر على احداث اضرار مادية بمنشآت كوريا الشمالية النووية هو المرحلة الثانية من الاستراتيجية التي بدأت في 2010.

والجزء الاول من خطة كوريا الجنوبية هو شن عملية دعائية على الانترنت بنشر رسائل على شبكات التواصل الاجتماعي في كوريا الشمالية. وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع "عند تنفيذ المرحلة الثانية، ستشن جهاز الحرب الالكترونية مهمات للحرب للحرب الالكترونية". وقال البروفيسور الان وودوارد خبير الامن الالكتروني والاستاذ بجامعة ساري في انجلترا إن استخدام الحرب الالكترونية لاحداث اضرار مادية في المفاعلات النووية قد يكون له عواقب وخيمة. بحسب بي بي سي.

وقال وودوارد "اعتقد انه امر خطير للغاية. قد يتسبب (السلاح) في احداث اضرار في الكثير من الاشياء التي لا تريد ان يلحق بها ضرر". وقال وودوارد إنه فور نشر "ستكسنيت"، اصبح من المستحيل التنبؤ به او السيطرة عليه. وطور برنامج ستكسنيت لاستهداف منشآت تخصيب اليورانيوم الايرانية وتعطيل برنامج تطوير الاسلحة الايرانية. ولكنه هاجم برنامج التحكم الخاص بشركة سيمنز ليس فقط في المنشآت النووية ولكن أيضا في محطات توليد الطاقة والمصانع ومحطات معالجة المياه.

جرائم ضد الانسانية

على صعيد متصل دعت لجنة تابعة للامم المتحدة الى محاكمة قادة كوريا الشمالية امام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية من بينها القتل الجماعي والتجويع والاستبعاد. وتحدث التقرير الشديد اللهجة عن ارتكاب سلطات بيونغ يانغ عمليات "قتل واستبعاد وتعذيب وسجن واغتصاب واجهاضات قسرية وغيرها من اعمال العنف الجنسي".

واضاف التقرير الذي اصدرته "لجنة التحقيق حول كوريا الشمالية" انه "في الكثير من الحالات، فقد توصلت اللجنة الى ان انتهاكات حقوق الانسان تشكل جريمة ضد الانسانية. فهي ليست تجاوزات من قبل الدولة، بل انها عناصر اساسية من النظام السياسي الذي ابتعد كثيرا عن المبادئ الذي يزعم انه يقوم على اساسها". واضافت اللجنة التي أنشأها مجلس حقوق الانسان الدولي في اذار/مارس 2013 ان "جسامة وحجم وطبيعة هذه الانتهاكات تكشف ان هذه الدولة لا مثيل لها في العالم المعاصر".

وقال رئيس اللجنة مايكل كيربي ان الجهل بالامور ليس عذرا لعدم التحرك. وصرح للصحافيين "في نهاية الحرب العالمية الثانية قال العديد من الناس لو اننا كنا نعلم". واضاف "المجتمع الدولي يعلم الان" مؤكدا ان "معاناة ودموع الشعب الكوري الشمالي تستدعي التحرك". وقال كيربي ان الحديث الى الاشخاص الذين فروا، ومن بينهم سجين سابق كان من بين مهماته حرق اشخاص قتلهم الجوع ونثر رمادهم كسماد للتربة، جعل المقارنة مع الحرب العالمية الثانية واضحة بشكل مؤلم. واضاف "استطيع ان ارى العديد من اوجه الشبه بين قصة كوريا الشمالية وقصة قوى المحور في الحرب العالمية الثانية".

ورفضت بيونغ يانغ التعاون مع اللجنة وزعمت ان ادلتها "ملفقة" من قبل قوى "معادية". وبسبب منع اللجنة من دخول كوريا الشمالية، فقد قامت بجمع الادلة في جلسات استماع في كوريا الجنوبية واليابان مع كوريين شماليين يعيشون في المنفى. وانتقد الفريق في تقرير له حول الدولة النووية الاستبدادية، بشدة حرمان النظام لشعبه من الحريات الاساسية مثل حرية الفكر والتعبير والديانة، وخطف المواطنين من كوريا الجنوبية واليابان. وقال التقرير ان "حكومة كوريا الشمالية ومؤسساتها ومسؤوليها ارتكبوا ولا يزالون انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان".

ووجه كيربي رسالة الى زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ اون ثالث حاكم من السلالة الشيوعية التي اسسها جده في العام 1948 ابلغه فيها ان "اي مسؤول يرتكب أو يامر بارتكاب او يساعد في ارتكاب جرائم ضد الانسانية" مسؤول ويجب محاسبته. ولم يتهم كيربي زعيم كوريا الشمالية مباشرة، الا انه قال ان "كل شيء يأتي من خلال الزعيم الاعلى" وان اعداد مرتكبي هذه الجرائم يصل الى المئات.

ورحبت الولايات المتحدة بنتائج التقرير وقالت انه "يوثق بوضوح ودون اي شك الحقيقة القاسية" بشان الانتهاكات التي ترتكبها كوريا الشمالية. الا ان الصين، حليف بيونغ يانغ القوي، عارضت اتخاذ مثل هذه الخطوة وقالت انها "لن تساعد على حل وضع حقوق الانسان"، مؤكدة ان الحل الوحيد يكمن في "الحوار البناء". واكد كيربي الحاجة الى مساعدة الصين من اجل التوصل الى اختراق، معربا عن امله في ان ترى بكين ان جارتها الاستبدادية تعتبر "خطرا على نفسها وعلى المنطقة".

وقال التقرير ان من بين الخيارات التي يجب دراستها قيام مجلس الامن الدولي باحالة كوريا الشمالية الى المحكمة الجنائية الدولية او انشاء محكمة خاصة لذلك البلد. وتخضع كوريا الشمالية لعقوبات دولية بسبب برنامجها للأسلحة النووية الا ان نشطاء قالوا ان محاسبتها على انتهاكات حقوق الانسان تاخر كثيرا.

وقال كينيث روث من منظمة هيومن رايتس ووتش ان "التركيز الذي انحصر في التهديد النووي في كوريا الشمالية، جعل مجلس الامن يتغاضى عن جرائم قادة كوريا الشمالية الذين اشرفوا على نظام قمعي يشتمل على اقامة معسكرات اعتقال، وارتكاب اعدامات علنية، واختفاءات، وعمليات تجويع جماعية". ودان تقرير اللجنة القاء اجيال كاملة من العائلة نفسها في معسكرات الاعتقال بموجب قانون الذنب بسبب القرابة، واستند في ذلك الى شهادات من حراس وسجناء وجيران سابقين.

ويقدر عدد المعتقلين السياسيين في كوريا الشمالية بما بين 80 و120 الفا. ويبلغ عدد سكان البلاد 24 مليونا. ويعتقد ان مئات الالاف لقوا حتفهم في المعسكرات خلال نصف القرن الماضي، بحسب التقرير الذي قال ان هؤلاء "تم القضاء عليهم تدريجا من خلال التجويع المتعمد، والاشغال الشاقة، والاعدامات والتعذيب". وتحدث كوريون شماليون يعيشون في المنفى عن الفظائع التي شاهدوها.

وقالت كيم هيو سوك (51 عاما) انه تم اقتيادها الى معسكر اعتقال عندما كان عمرها 10 سنوات لان جدها انشق عن النظام. وصرحت للصحافيين "خلال ال28 عاما التي عشتها في المعسكر توفيت جدتي وامي واشقائي وشقيقاتي واطفالي". وقال التقرير ان الكوريين الشماليين يعيشون حياتهم العادية تحت "المراقبة، والاكراه والخوف والعقاب لمنع التعبير عن اي انشقاق".

ورفض عدد كبير من الاشخاص الادلاء بشهاداتهم حتى بشكل سري خشية ان ينتقم النظام من اقاربهم الذين لا يزالون في كوريا الشمالية. وتشير التقديرات الى ان 200 الف شخص خطفتهم كوريا الشمالية من دول اخرى، او انهم اختفوا بعد توجههم الى ذلك البلد طوعا. ومعظم هؤلاء من الكوريين الجنوبيين الذين علقوا في كوريا الشمالية بعد انتهاء حرب الكوريتين في 1953، ومن الكوريين الذين جاؤوا من اليابان بعد 1959. كما تم خطف منشقين كوريين شماليين من عدد من الدول بينها الصين. وقال التقرير ان "هذه الاختفاءات الدولية فريدة من حيث كثافتها وحجمها وطبيعتها".

من جانبها رفضت كوريا الشمالية بشكل قاطع تقريرا للامم المتحدة حول وضع حقوق الانسان في هذا البلد، معتبرة انه "مفبرك" من قبل الولايات المتحدة وحلفائها. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الكورية الشمالية ان "لجنة التحقيق المزعومة شكلت العام الماضي بطريقة مضللة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها ولم نبلغ حتى بوجودها". واضاف الناطق الذي نقلت وكالة الانباء الكورية الشمالية تصريحاته ان "التقرير المزعوم الذي اعدته لجنة دمية تم تجميعه من مواد مزورة غذتها قوى معادية ومجرمون افلتوا من العقاب في البلاد". وتابع "نحن نرفضه رفضا قاطعا".بحسب فرانس برس.

ودان الناطق الكوري الشمالي الدعوة الى جلب قادة البلاد ليحاكموا امام محكمة دولية بسبب سلسلة من الجرائم ضد الانسانية من بينها التصفية الجسدية وتجويع السكان واستعبادهم. وتابع "انه استفزاز بالغ الخطورة دوافعه سياسية بهدف تقويض نظامنا". واتهم الناطق الكوري الشمالي الولايات المتحدة بانها "اسوأ منتهك لحقوق الانسان في العالم قتلت اناسا ابرياء بالعدوان والتدخل وارتكبت بشكل منهجي عمليات تنصت ومراقبة بطريقة غير مشروعة ليس فقط لمواطنيها بل في البلدان الاخرى".

مبعوث اميركي

من جانب اخر الغت كوريا الشمالية زيارة مبعوث اميركي مهمته السعي للإفراج عن مواطن اميركي، وعبرت وزارة الخارجية الاميركية عن "خيبة امل كبيرة ازاء قرار كوريا الشمالية سحب دعوتها للسفير (روبرت) كينغ" الذي كان من المقرر ان يسعى الى الافراج عن المواطن الاميركي من اصل كوري كينيث باي المعتقل لدى بيونغ يانغ منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2012.

ولم تكن وزارة الخارجية الاميركية قد اعلنت من قبل عن هذه الدعوة التي وجهتها كوريا الشمالية الى السفير كينغ الذي يتولى منذ 2009 مهمة الموفد الخاص للولايات المتحدة لمسائل حقوق الانسان في كوريا الشمالية. وهي المرة الثانية التي تلغى فيها، في اللحظات الاخيرة، زيارة لكينغ الى بيونغ يانغ من اجل التباحث في قضية المواطن الاميركي المعتقل لديها.

وكتبت المتحدثة باسم الخارجية الاميركي جنيفر بساكي في البيان "سنواصل العمل بجد من اجل اطلاق سراح باي"، الاميركي البالغ من العمر 45 عاما وهو من اصل كوري شمالي. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية في البيان "ندعو مجددا كوريا الشمالية الى منح باي عفوا خاصا واطلاق سراحه فورا كبادرة انسانية كي يتمكن من العودة الى اسرته وتلقي العلاج اللزم". واضافت "بطلب من اسرة باي (في الولايات المتحدة) اقترح القس جاكسون الذهاب الى بيونغ يانغ في مهمة انسانية لاطلاق سراح" المواطن الاميركي.

وقد ارسل كينيث باي المعتقل في كوريا الشمالية منذ اكثر من عام الى معسكر عمل بعد ان امضى فترة طويلة في المستشفى كما اعلنت الجمعة الحكومة الاميركية التي ما زالت قلقة جدا على وضعه الصحي. وكان حكم عليه في ايار/مايو 2013 بالسجن لخمس عشرة سنة بتهمة السعي الى "قلب" النظام بحسب وكالة الانباء الكورية الشمالية الرسمية. وتم توقيف هذا المسؤول عن وكالة سفريات في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر 2012 في مدينة راسون الساحلية (شمال شرق) وبحوزته تأشيرة سياحية، وذلك لاسباب لا تزال غامضة.

ويأتي الغاء زيارة المبعوث الاميركي في وقت اعلنت فيه القيادة المشتركة للقوات الاميركية والكورية الجنوبية موعد مناوراتهما العسكرية المشتركة السنوية التي تندد بها بيونغ يانغ بشدة. ويشارك في هذه المناورات ، 12 الفا و700 جندي اميركي، على ما اكدت القيادة موضحة انه تم ابلاغ كوريا الشمالية عن الطبيعة "غير العدوانية" للتدريبات. ودعت كوريا الشمالية مرات عديدة سيول وواشنطن الى التخلي عن هذه المناورات مهددة ب"محرقة تفوق التصور" ان تم اجراء هذه التمارين. وتؤكد سيول وواشنطن ان هذه المناورات السنوية ذات طبيعة دفاعية وتهدف الى تدريب القوات في حال اي هجوم من كوريا الشمالية. بحسب فرانس برس.

وللولايات المتحدة حوالى 28 الف جندي متمركزين في كوريا الجنوبية. وقد اثارت المناورات التي جرت في 2013 توترات شديدة وهددت حينها كوريا الشمالية بالقيام بعمليات نووية وقائية فيما كانت قاذفات نووية اميركية تجري تدريبات فوق شبه الجزيرة الكورية. وفي شباط/فبراير الماضي قامت بيونغ يانغ بتجربتها النووية الثالثة تحت الارض متحدية بذلك قرارات مجلس الامن الدولي في هذا الصدد.

لقاءات مؤثرة

في السياق ذاته التقى مئات الكوريين المسنين الذين فرقتهم الحرب الجمعة في كوريا الشمالية لعدة ساعات للمرة الاولى منذ ستين عاما خلال لقاء للعائلات التي فرقتها الحرب. وبعد ان التقى هؤلاء الاشخاص وعرض اللقاء المؤثر على شاشات التلفزة ، سمح لهم بالبقاء لمدة ثلاث ساعات في غرفهم في جبل كومغانغ الواقع في اراضي كوريا الشمالية. وبالرغم من الشعور المؤلم للرحيل فهم يحاولون تعويض ستة عقود من الغياب والحزن.

وغالبيتهم بدت عليهم علامات الضعف والمرض وكانوا يحاولون تبادل بعض الضحكات وسط الدموع مع عائلاتهم. و رأى احدهم وهو بين اكبر الكوريين الجنوبيين سنا (93 عاما) للمرة الاولى وجه ابنه البالغ من العمر 64 عاما بعدما فرقته الحرب عن زوجته الحامل. وقال الاب لابنه "دعني اعانقك". وهو اول اجتماع لعائلات كورية فرقتها الحرب (1950-1953) منذ العام 2010.

وقد وافقت كوريا الشمالية في نهاية الامر على الاجتماع في حين كانت تشترط مسبقا الغاء التدريبات العسكرية بين كوريا الجنوية والولايات المتحدة. ويتم اختيار هؤلاء الاشخاص بالقرعة وقد حملوا معهم بين اغراضهم الخاصة الهدايا والادوية والصور التي تعود الى ما قبل تقسيم شبه الجزيرة وكذلك صورا لعائلاتهم التي تقيم على جانبي الحدود. وجاءت الكورية الشمالية لي جونغ-سيل على امل لقاء شقيقتها الكبرى لي يونغ سيل (87 عاما) لكنها وصلت متأخرة لان شقيقتها مصابة بمرض الزهايمر ولم تتمكن من التعرف عليها.

وخلف الفرح والتاثر بهذه اللقاءات هناك مشاعر الم بسبب الاضطرار للرحيل والانفصال عن اشقاء وشقيقات وآباء وابناء السبت مع شعور شبه مؤكد بانهم لن يلتقوا بهم مجددا ابدا. وقال كوري جنوبي يدعى كيم دونغ-نين قبل مغادرته سيول "سيكون هذا اللقاء الاول والاخير". ومن بين ال125 الف كوري جنوبي الذين طلبوا المشاركة في اللقاءات منذ 1988، توفي 57 الفا منهم منذ ذلك الحين بينهم 3800 السنة الماضية والذين لا يزالون على قيد الحياة غير قادرين على تحمل مشقة السفر.

ونظمت اولى لقاءات العائلات في 1985 اثر تحسن في العلاقات بين الكوريتين قبل ان تعلق على مدى 15 عاما. ثم اتاحت قمة تاريخية بين الكوريتين في العام 2000 استئنافها والتقى حوالى 21700 شخص لفترة قصيرة منذ ذلك الحين. وتوقف هذا البرنامج مجددا في 2010 بعد قصف كوريا الشمالية جزيرة كورية جنوبية تقع على حدودها البحرية التي تحتج عليها بيونغ يانغ.

وتحت الضغط المتزايد من قبل الولايات المتحدة التي تطالب بوقف البرنامج النووي الكوري الشمالي، اشادت الصين الحليف الرئيسي للنظام الكوري الشمالي بعقد هذه الاجتماعات التي ترتدي كما قالت "اهمية كبيرة".

وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هي هوا تشونيينغ "انها خطوة مهمة الى الامام وفي الاتجاه الصحيح" معتبرة ان الحدث يشجع "الاستقرار والسلام الاقليمي". ووافقت سيول على قيام منظمتين غير حكوميتين بارسال ادوية لمعالجة السل وحليب مجفف الى كوريا الشمالية. ولا تزال الكوريتان عمليا في حالة حرب ولم توقعا معاهدة سلام بعد هدنة 1953.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6/آذار/2014 - 3/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م