الأحساء وتكريم أبطالها

في ذكرى 4 مارس

علي ال غراش

 

سيبقى 4 مارس من عام 2011 م، يوما خالدا في التاريخ، إنه يوم ليس كسائر الأيام، انه يوم صرخة غضب شباب الاحساء للمطالبة بتطبيق العدالة والمطالبة بالحقوق الوطنية ورفض الظلم..، يوم التضامن مع الشباب العربي الثائر في دول الوطن العربي الكبير، إذ عبر شباب الاحساء عن إرادة كافة شباب الوطن، وهذا اليوم يستحق الإهتمام به وإعطاءه حقه وتكريم القائمون والمشاركون في ذلك اليوم، وان يشعر كل شخص شارك في ذلك اليوم بالعز والفخر والبطولة والشموخ والإباء.

المجتمع الحي هو الذي يفتخر ويكرم الشرفاء من أبنائه، ويحافظ على بقاء ذكراهم ودورهم حيا على مر الزمن، ففي مثل هذا اليوم 4 مارس 2011م تمكن شباب الاحساء الأبطال من تغيير المعادلة والتوقعات،- حيث أجواء الخوف والترقب تسيطر على الشارع نتيجة التهديد والتحذير لاي حراك وتظاهر من قبل الجهات الأمنية -، فمزق شباب الاحساء ذلك الخوف، ونزلوا في شوارع مدينة الهفوف العريقة بسلمية وكان الهدف إيصال الصوت إلى أعلى سلطة في الدولة عبر حاكم الاحساء، حيث علت الأصوات وارتفعت قبضات الأيدي إلى عنان السماء بترديد شعارات وطنية: الشعب يريد الاصلاح، الشعب يريد التغيير، الشعب يريد الافراج عن الشيخ توفيق، الشعب يريد حقه، الشعب يريد وظائف، لا للطائفية...

وصل الخبر وبالصورة بشكل مباشر إلى وزارة الداخلية، شباب الحراك والتظاهر كانوا يشاهدون الكاميرات الحكومية في كل مكان تنقل الحدث ولم يدخل الخوف إلى قلوبهم؛ وعند مبنى إمارة الاحساء كانت هناك الرسالة الأقوى الموجه إلى الحاكم مباشرة وهو أمير من العائلة الحاكمة، وهي: "أرحل يا بدر، أرحل يا بدر" بدون اسم أمير، انها رسالة مباشرة وشفافة تمثل إرادة الأمة الغاضبة، أمة تقف موقف واحد أمام باب الامارة والناس تطالب الأمير بالرحيل!!.

المبنى محاط بالقوات الأمنية بالملابس العسكرية والمدنية، وهي في حالة صدمة عاجزة عن القيام بأي عملي ارتجالي قد يؤدي الى ما لاتحمد عقباه امام الشباب المستعد التضحية بالروح.

انها لحظات تاريخية سيخلدها التاريخ، وسيقول التاريخ عن هولاء بانهم أبطال، وان زهد بعض الأهالي الاعتراف بذلك!!.

فمن حق أهالي الاحساء المواطنين المخلصين المحبين لوطنهم ان يحتفلوا بهذا اليوم وبهؤلاء الابطال الشباب الذي خرجوا للتظاهر بسلمية، والذين حافظوا على موقفهم وشجاعتهم وصمودهم وايمانهم بقضيتهم عبر الاستمرار في التظاهر واختراق طرق مدينة الهفوف عاصمة الاحساء بالعودة إلى مكان إنطلاق المظاهرة..، وفي ذلك موقف بطولي يمثل إرادة الشباب المؤمن بقضيته.

وأد الحراك وقتل روح ثورة الشباب

لقد وصلت رسالة الحراك والمظاهرة إلى كبار المسؤولين في الوطن، وقامت الحكومة بمحاولات لامتصاص الغضب عبر الافراج عن الداعية الحقوقي والبطل المجاهد سماحة الشيخ توفيق العامر، ولكن للاسف ومن خلال الحكومة، وعبر بعض من حاولوا ركوب الحراك ووضع أنفسهم ممثلين للشباب وكأنهم قادة للحراك وهم (..) وممن يبحثون عن الوجاهة والترميز..، تم الاتفاق مع الحكومة على بنود الظاهر منها انها في خدمة المواطنين، ولكنها في الحقيقة محاولة من السلطة الخبيرة لقتل روح الثورة والحراك لدى شباب الاحساء الذي تمكن من التحرر من القيود..، ومن التبعية للشخصيات والوجهاء الاجتماعية والدينية.

ان ذلك الاتفاق عملية وأد للحراك وهو في عزه وشموخه، ومع قتل روح الثورة والإباء تمكنت السلطة من المسك بزمام الأمور وفرض ما تريد، حيث تم القبض على الداعية الحقوقي الشيخ توفيق العامر بطريقة العصابات من وسط الطريق، والقبض على مجموعة من الشباب المفعم بالحيوية والنشاط والبطولة والإباء والكرامة ومحبة الوطن.

شباب الحراك والتظاهر دفع الثمن

ومع أستمرار حالة الغضب الشعبي وتواصل الحراك والتظاهر في مدن وقرى الوطن، استخدمت الحكومة أسلوب العصا عبر حملات الاعتقال والمحاكمات للنشطاء، وأسلوب الجزرة عبر مجموعة من الأعمال لأجل كسب المواطنين كتخصيص الأموال بشكل أكبر لدعم الشباب من الجنسين وزيادة الرواتب، وكلما استمر الحراك والتظاهر قدمت الحكومة المزيد من المشاريع الخدماتية وتخصيص الأموال للشعب، الشعب الذي كان منسيا لولا هذا الحراك..، ايها المواطنون اعلموا ان هناك من دفع الثمن غاليا لتقوم الحكومة مجبرة بذلك كمحاولة لامتصاص الغضب الشعبي، انهم شباب الحراك والتظاهر البعض منهم سقط شهيدا وهناك من هو معتقل وهناك من يحاكم.

الإحتفاء بالمناسبة والأبطال

شباب الحراك والتظاهر يستحقون وقفة تقدير واحترام وتضامن من قبل الشعب، وفي هذا اليوم 4 مارس، على الأحرار والشرفاء احياء ذكر هذا اليوم وبث روح الحراك والمطالبة بالحقوق، وان يتم استحضار دور من قام بذلك العمل الكبير والتاريخي، وأن يشعر الشباب الذين شاركوا في ذلك اليوم بالعزة والفخر، وان يتم التضامن مع الشباب الذين مازالوا لغاية اليوم في سجون الاعتقال بسبب التظاهر أو دعم التظاهر والمطالبة بالإفراج عن الداعية المجاهد الشيخ توفيق العامر وعن بقية الشباب مثل الناشط الحقوقي المناضل: " فاضل السلمان " المعتقل منذ مارس 2011م، وما يعرف بشباب معتقلو صفحات الفيس بوك الاحسائية الذين تم محاكمتهم بأحكام غريبة وعجيبة وظالمة بالقياس لدورهم، حيث ان جريمتهم انهم حاولوا الدفاع عن الشيخ القائد توفيق العامر، وتأسيس موقع باسم "حركة شباب ٤ مارس الأحسائية": فكان نصيب الشباب الأبطال: (عبدالحميد عبدالمحسن العامر) السجن 10 سنوات، وبحق (محمد أحمد الخليفة) السجن 8 سنوات، وكل من: (علي حسن الهدلق، وحسين سلمان السليمان) السجن 7 سنوات، وعلى الشاب (مصطفى حاجي حسن المِجْحِدْ) السجن 6 سنوات، وعلى كل من:(حسين علي الباذر، وصالح عبدالمحسن الشايع) السجن 5 سنوات.

هؤلاء الشباب وغيرهم ممن قدموا وضحوا لتسود العدالة في الوطن يستحقون التكريم والتقدير من قبل المجتمع، واستحضار دورهم البطولي والافتخار به، والتضامن معهم ومع أهاليهم الذين يستحقون الكثير من قبل أفراد المجتمع.

والقائد الثائر المجاهد البطل الشيخ توفيق العامر، غني عن التعريف فهو شخصية عظيمة لدوره القيادي في المجتمع والحرص على بناء الفرد الصالح المحب لله وللعدالة الالهية -الشيخ أستاذ في مجال تفسير القران – ومساعدة الاخرين، وبناء دولة القانون والدستور والمواطنة الحقيقة، وبث روح الثورة ضد الظلم والاستبداد، ومدرسة في الصمود والعطاء والتوكل على الله، والمطالبة بالحق والحقيقة والحرية والكرامة وتطبيق العدالة، وصمود الشيخ توفيق وعدم التنازل والمساومة على الحرية والكرامة والمواقف، وتسليم امره لله مع كل حكم يصدر ضده أصاب الجهات الامنية بالصدمة والذهول ولهذا تسعى تلك الجهات لكسر صموده عبر زيادة مدة سجنه وهو في السجن!!.

من حق أهالي الاحساء المواطنين المخلصين المحبين لوطنهم أن يحتفلوا بهذا اليوم وبهؤلاء الابطال الشباب المحب لوطنه، والسعي والمطالبة بالأفراج عن هؤلاء الأبطال والدفاع عنهم، والشعور بالمسؤولية والتضامن مع الأهالي، فالأمة الحية لا تفرط بابنائها الشرفاء.

شكرا لكم ايها الأبطال الشرفاء فأنتم الأحرار ولو كنتم في سجون الاعتقال، وتحية للشعب الحي الذي يفتخر ويتشرف بدور هؤلاء الأبطال، وسيبقى يوم 4 مارس يوما تاريخيا في حراك الشعب للمطالبة بحقوقه الوطنية بسلمية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 5/آذار/2014 - 2/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م