تركيا... خطوات بوليسية لقمع حريات الانترنت

 

شبكة النبأ: اتخذ ملف الفساد الذي أربك اردوغان وحزب الأغلبية في البرلمان (التنمية والعدالة)، منحى أكثر تشدداً بعد ان شملت تقييد الحريات الالكترونية من خلال إقرار قانون حرية الانترنت بالأغلبية، ما اثار ردود فعل محلية ودولية واسعة نددت فيه بالمستوى المتدني الذي وصلت اليه الحريات العامة في تركيا.

ويبدو ان اردوغان وهو في معرض الانتقام من خصومة والمعارضة على حد سواء، لن يتوانى عن استخدام مختلف الأساليب من اجل القضاء على الأصوات المنتقدة لطريقة حكمه، كما يشير المحللون.

ان الخوف من تحول تركيا الى دولة بوليسية هو ما اثار استغراب المواطنين الاتراك، وقد خرجت المظاهرات وتم الضغط على رئيس الجمهورية من اجل نقض القرار، كما رفضت النقابات والمنظمات الحقوقية والطبقة المثقفة الانصياع لمثل هكذا تقييد للحريات في دوله تسعى بشده للدخول في الاتحاد الأوربي.

من جهته دافع اردوغان عن الصلاحيات الجديدة التي أقرها البرلمان والتي تمكن السلطات من حجب صفحات على الانترنت خلال ساعات -بوصفها اجراء حيويا لحماية الخصوصية- رافضا انتقادات بأن تلك الاجراءات ستقوض حرية التعبير.

ويقول منتقدوه إن هذه الاجراءات تأتي كرد فعل على فضيحة فساد تهز اركان حكومة اردوغان بعد ان غمرت تسجيلات مزعومة لوزراء ورجال اعمال مقربين من اردوغان مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع تبادل مقاطع الفيديو، وأحيل مشروع القانون إلى الرئيس التركي للموافقة عليه أو رفضه خلال اسبوعين.

وبموجب مشروع القانون تستطيع سلطات الاتصالات السلكية واللاسلكية حجب أي مواد على الانترنت خلال أربع ساعات دون الحصول مسبقا على قرار من المحكمة في تشديد للقيود التي فرضت في قانون أقرته تركيا عام 2007 ولاقى انتقادات واسعة.

ويتيح مشروع القانون ايضا تخزين الصفحات التي سبق وان زارها الافراد لمدة تصل إلى عامين، وقال فاروق لوغ اوغلو نائب زعيم حزب الشعب التركي المعارض في رسالة مفتوحة للأمم المتحدة والجماعات الحقوقية والمنظمات الاعلامية "لا يمكن ان يكون الحق في الخصوصية ذريعة للرقابة، السيد اردوغان يريد تحويل الانترنت الى الآلة الاعلامية المتحدثة باسمه".

وأضاف ان القانون يهدف إلى إسكات الانتقادات وتشديد السيطرة على وسائل الاعلام والتستر على فضيحة الفساد الحكومية التي تفجرت في 17 ديسمبر كانون الاول باعتقال رجال اعمال مقربين من اردوغان وثلاثة من ابناء الوزراء، وتقول الحكومة إن مشروع القانون الذي احيل للبرلمان قبل 17 ديسمبر كانون الاول وان كانت أضيفت له اجراءات اوسع نطاقا في الاسابيع الاخيرة ويهدف الى حماية خصوصية الافراد وليس اسكات منتقديها.

فيما فرقت الشرطة تظاهرة في ساحة تقسيم في اسطنبول احتجاجا القانون، واحتشد اكثر من الفي متظاهر حول هذه الساحة المركزية في الشطر الاوروبي من المدينة الكبيرة والتي كانت مركز انطلاق حركة الاحتجاج الكبرى على الحكومة في حزيران/يونيو الماضي وهم يهتفون "لا مساس بالانترنت". بحسب فرانس برس.

واستخدمت قوات شرطة مكافحة الشغب التي سدت الطرق المؤدية الى الساحة الغازات المسيلة للدموع لصد المتظاهرين نحو جادة استقلال المخصصة للمشاة فقط فيما اخذ بعض المتظاهرين يطلقون عليها الالعاب النارية.

وقالت احدى المتظاهرات وهي طالبة تدعى غامزه "عندما تدس الحكومة انفها في ملفات مستخدمي الانترنت فإنها بذلك تدس انفها في حياتنا الخاصة"، وندد المتظاهر الشاب براق بالنزعة الاستبدادية المتزايدة لنظام اردوغان الذي يحكم تركيا منذ 2002 وقال "الانترنت من اخر الحريات الباقية لنا وها هم يريدون الان تقييدها".

وفي وقت سابق دافع اردوغان بشدة امام الالاف من انصاره في المدينة نفسها عن هذا القانون الذي اقره البرلمان بفضل اغلبيته الحكومية التي تواجه انتقادات شديدة في تركيا والخارج، مؤكدا انه يجعل الانترنت "اكثر حرية"، وشدد رئيس الحكومة في خطاب بمناسبة افتتاح سلسلة من المشاريع العمرانية في اسطنبول "لا توجد مطلقا اي رقابة فرضت من خلال هذه التدابير على الانترنت على العكس لقد جعلتها اكثر امنا واكثر حرية".

ونفى ايضا ان تكون المعلومات الشخصية لمستخدمي الانترنت خاضعة لرقابة السلطات الحكومية كما يؤكد معارضوه وقال "لا مجال ابدا لإخضاع البيانات الخاصة للمراقبة"، وكان البرلمان التركي الذي يملك فيه حزب اردوغان العدالة والتنمية (المنبثق عن التيار الاسلامي) اغلبية واسعة صوت على قانون يعزز الرقابة على الانترنت مثيرا عاصفة من الاحتجاجات على ما يعتبره منتقدوه انحرافا استبداديا للحكومة التركية التي تواجه فضيحة فساد غير مسبوقة.

من جهتها اعربت واشنطن، حليفة انقرة في حلف شمال الاطلسي، عن "قلقها" على حرية التعبير في تركيا بعد اقرار القانون الجديد، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية جنيفر بساكي ان الولايات المتحدة "قلقة" على حرية الصحافة في تركيا، مشيرة الى ان "هذه الاجراءات لا تتفق والمعايير الدولية لحرية التعبير".

وفي بروكسل، قال بيتر ستانو الناطق باسم المفوض الاوروبي لتوسيع الاتحاد ستيفان فولي ان "هذا القانون يثير قلقا كبيرا هنا" لأنه يفرض "قيودا على حرية التعبير"، واضاف امام الصحافيين ان "الرأي العام التركي يستحق المزيد من المعلومات والشفافية وليس المزيد من القيود"، واكد انه يجب "مراجعة القانون بموجب معايير الاتحاد الاوروبي" لان "تركيا دولة مرشحة للانضمام الى الاتحاد الاوروبي"، واوضح "لقد قلنا ذلك عدة مرات" في انقرة ونحن مستعدون للتعاون" في هذا المجال.

وكان الاتحاد الاوروبي وكذلك الولايات المتحدة ومنظمات غير حكومية تركية ودولية كثفوا في الايام الماضية التحذيرات لأنقرة من اعتماد هذا النص الجديد، وحذرت منظمة الامن والتعاون في اوروبا من ان هذه القيود "ستؤثر بشكل كبير على حرية التعبير والصحافة الاستقصائية وحماية الصحافيين والاطلاع على معلومات على الانترنت".

وقالت منظمة مراسلون بلا حدود ان هذا النص "يرمي الى تعزيز الرقابة على شبكة الانترنت ومراقبة الحكومة للشبكة العنكبوتية ومراقبة المواطنين"، واعتبر رئيس نقابة المحامين القاضي متين فيزياوغلو ان "هذا الامر قد يؤثر على التصنيف الديموقراطي لتركيا"، وقال يمان اكدنيز استاذ الحقوق في جامعة بيلغي الخاصة باسطنبول "ان تركيا تخطو خطوة جديدة على طريق المراقبة الجماعية لمستخدمي الانترنت".

واعتبر ان هذه القيود ستترك "اثارا قوية" في بلد يعتبر فيه الفيسبوك وتويتر منبرا للنقاش السياسي اكثر مما هو وسيلة للتواصل الاجتماعي، وقللت الحكومة التركية الاسلامية المحافظة التي وصلت الى سدة الحكم في 2002 من شأن هذه المخاوف، وقال نائب رئيس الوزراء بولند ارينج "لا رقابة على الانترنت، لدينا حرية اكبر من العديد من الدول الاخرى ونحترم حرية الصحافة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 26/شباط/2014 - 25/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م