شبكة النبأ: في شهر فبراير، أدان
الجنرال فرانسيسكو سوريانو، قائد بعثة حفظ السلام الفرنسية في جمهورية
أفريقيا الوسطى المعروفة باسم عملية سنغاريس، ميليشيات مكافحة البالاكا
معتبراً إياها العدو الرئيسي للسلام في البلاد، وتعهد بأن تركز البعثة
جهودها ضدهم. وجاء تصريحه قبل وقت قصير من اتهام منظمة العفو الدولية
لقوات حفظ السلام الدولية بالفشل في منع التطهير العرقي للمدنيين
المسلمين في غرب جمهورية أفريقيا الوسطى.
ويسلط هذا التقرير الموجز الذي أعدته شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)
الضوء على التهديد الذي تشكله ميليشيات مكافحة البالاكا على المسلمين
وسكان جمهورية أفريقيا الوسطى بشكل عام، حسب تعبير سوريانو: "نحن لا
نعرف". فلا تزال هوية قادتهم، وسلسلة القيادة الخاصة بهم، وبرامجهم
السياسية كلها غير معلومة، كما قال في اجتماع لممثلي المجتمع المحلي في
بانغي. وفي الجلسة نفسها، عبر نظيره من الاتحاد الافريقي، الجنرال
الكاميروني مارتان تومنتا (قائد القوة الأفريقية في جمهورية إفريقيا
الوسطى - ميسكا)، عن الإحباط لأن المواطنين في بانغي يحجمون عن إبلاغ
القوة بمزيد من المعلومات حول مكافحة البالاكا.
وكان رد فعل تومنتا غاضباً عندما زعم أحد الحاضرين أن أحداً لا يرد
على المكالمات التي يتم إجراؤها إلى الخط الساخن التابع للقوة
الأفريقية في جمهورية إفريقيا الوسطى. وقال قبل مغادرة الاجتماع: "إذن
فأنت تصفنا بأننا عديمو الفائدة؟".
ومن الجدير بالذكر أن كلمة "بالاكا" تعني المنجل بلغة السانغو.
وتقول بعض المصادر أنها تلمح أيضاً إلى كلمة رصاص البندقية الآلية ("balle
AK") باللغة الفرنسية. وفي كلتا الحالتين، فإن المعنى التقريبي لكلمة "مكافحة
البالاكا" هو "الذي لا يقهر"، ويزعمون أنهم يكتسبون هذه القوة من
التعويذات التي تتدلى من رقاب معظم الأعضاء. واكتسب هذا المصطلح
مصداقية قبل خمس أو ست سنوات، عندما تم تطبيقه على وحدات الدفاع الذاتي
التي تم إنشاؤها - في حالة عدم الوجود الفعال لقوات أمن الدولة - بغرض
حماية المجتمعات المحلية من هجمات قطاع الطرق أو لصوص الماشية. بحسب
شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".
من ناحية أخرى، اتحدت جماعات متمردة عديدة تحت راية قوات السيليكا
("تحالف" بلغة السانغو) في أواخر عام 2012، واستولت على السلطة في مارس
2013. واشتهرت كلمة "مكافحة البالاكا" كمصطلح عام يعبر عن أولئك الذين
يقاومون مقاتلي السيليكا الوحشيين (تمت إضافة كلمة "السابقين"، منذ
الحل الرسمي للتحالف في سبتمبر 2013).
وأدت الاشتباكات التي اندلعت في ديسمبر 2013 بين مكافحة البالاكا
ومقاتلي السيليكا السابقين إلى هجمات انتقامية راح ضحيتها حوالي 1,000
شخص في بانغي. وكانت مكافحة البالاكا مسؤولة إلى حد كبير عن طرد مقاتلي
السيليكا السابقين من العديد من قواعدهم في غرب جمهورية أفريقيا
الوسطى.
كان معظم مقاتلي السيليكا من المسلمين، ويرجع ذلك أساساً إلى أن
الإسلام هو الدين الأكثر انتشاراً في المناطق الشمالية المهمشة حيث
نشأت الجماعات المتمردة. وقد ارتكب مقاتلو السيليكا فظائع على نطاق
واسع بعد استيلائهم على السلطة في مارس 2013، بما في ذلك عمليات قتل
وحرق واغتصاب.
ولكن في الآونة الأخيرة، تم استهداف المسلمين في عمليات انتقامية
شنتها قوات مكافحة البالاكا والمدنيون، رغم أن الكثيرين منهم ليست لهم
علاقة بالمتمردين. وذكرت منظمة العفو الدولية أن هذه الهجمات أدت إلى
رحيل عشرات الآلاف عن جمهورية أفريقيا الوسطى في عملية "نزوح جماعي ذات
أبعاد هائلة على المستوى التاريخي".
وفي سياق متصل حذرت منظمة هيومان رايتس ووتش من أن "ميليشيات مكافحة
البالاكا تزداد تنظيماً، وتستخدم لغة توحي بأن القصد منها هو القضاء
على سكان السكان في المسلمين جمهورية أفريقيا الوسطى"، وقال بيتر
بوكارت، مدير قسم الطوارئ في منظمة هيومان رايتس ووتش، في بيان عبر
البريد الالكتروني: "إذا استمر العنف المستهدف بهذا المعدل، لن يتبق
مسلمون في معظم مناطق جمهورية أفريقيا الوسطى"، وأضاف أن "الناس الذين
عاشت عائلاتهم في سلام في البلاد منذ عدة قرون أصبحوا مجبرين على
الرحيل، أو باتوا يفرون من خطر حقيقي يتمثل في استخدام العنف ضدهم".
وزعم سيباستيان وينيزوي، الذي يصف نفسه بأنه متحدث باسم مكافحة
البالاكا، أن الحركة تقاتل للدفاع عن المسيحيين. وينتمي معظم عناصرها
إلى الطوائف المسيحية أو الوثنية، ولكن زعماء الطائفتين المسيحية
والمسلمة يصرون على أن لا مكافحة البالاكا ولا مقاتلي السيليكا
السابقين يمكنهم أن يدعوا تمثيل أي من العقيدتين.
بعد الانقلاب، انضم العديد من أفراد الجيش الحكومي السابق، المعروف
باسمه الفرنسي المختصر "فاكا" إلى ميليشيات مكافحة البالاكا. وأخبر
سكان ولاية لوباييه شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن جميع قادة
مكافحة البالاكا جاءوا من الجيش الحكومي السابق، وفي 14 يناير، بعد
بضعة أيام من تنحي ميشيل جوتوديا، الرئيس الذي حكم البلاد بعد
الانقلاب، عاد مئات من الرجال، الذين قاتل العديد منهم ضمن صفوف مكافحة
البالاكا، إلى العمل في مقر القوات المسلحة في أفريقيا الوسطى. وقد ظهر
مئات آخرون في التجمعات الصباحية، ولكن من غير الواضح كم منهم كانوا
جنوداً نظاميين قبل الانقلاب، وكم منهم ما زالوا يعتبرون أنفسهم أعضاء
في مكافحة البالاكا.
الناس الذين عاشت عائلاتهم في سلام في البلاد منذ عدة قرون أصبحوا
مجبرين على الرحيل، أو باتوا يفرون من خطر حقيقي يتمثل في استخدام
العنف ضدهم وقد دعا المتحدثون باسم مكافحة البالاكا إلى دمج أعضاء
الميليشيات في الجيش "برتب مناسبة" أو منحهم مكافآت تسريح.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، وبعد دقائق من إلقاء الرئيسة المؤقتة
كاثرين سامبا - بانزا، التي تم تعيينها حديثاً، كلمة أثناء العرض
الافتتاحي لإعادة تفعيل القوات المسلحة في أفريقيا الوسطى، هجم 12 منهم
على شخص يقف في وسطهم لأنهم اشتبهوا في أنه من مقاتلي السيليكا
السابقين وركلوه حتى الموت، على مرأى ومسمع من وسائل الإعلام الدولية.
ولم يتم اعتقال أي منهم.
وفي لوباييه، يتولى أعضاء مكافحة البالاكا الذين يرتدي العديد منهم
الزي العسكري ولكن من دون شارة القوات المسلحة في جمهورية أفريقيا
الوسطى، حراسة الحواجز بجانب جنود الدرك. وتشير تقارير منظمة العفو
الدولية إلى أن مكافحة البالاكا تحتل ثكنات القوات المسلحة في بعض
أجزاء من البلاد. ورداً على سؤال عن رأيهم في ميليشيات مكافحة
البالاكا، قال مجموعة من جنود جيش جمهورية أفريقيا الوسطى لشبكة
الأنباء الإنسانية (إيرين): "إنهم إخواننا. إننا متحدون ضد مقاتلي
السيليكا".
يقال أنها تتكون من مجموعات عديدة، بما في ذلك 10 على الأقل في
بانغي، بحسب عدد أقضية المدينة، ومجموعات كثيرة أخرى في جميع أنحاء
البلاد. ولم ترد أي تقارير عن اقتتال داخلي بين جماعات مكافحة
البالاكا، ويدعي وزيران في حكومة الرئيس المخلوع فرانسوا بوزيزيه، هما
باتريس إدوارد نغايسونا وواكين كوكاتي، أنهما المنسقان السياسي
والعسكري لميليشيات مكافحة البالاكا على المستوى الوطني، على التوالي.
ولكن بوزيزيه نفى سيطرته على المجموعة، وقد عاد نغايسونا إلى بانغي من
المنفى في ديسمبر 2013، ومنذ ذلك الحين، استحوذ على اهتمام وسائل
الإعلام بدلاً من كوكاتي. وقد صرح كلاهما لوسائل الإعلام أن ممثل
مكافحة البالاكا "الرمزي" في الحكومة الجديدة، ليوبولد نارسيسي مبارا،
وزير الشباب والرياضة، لم يكن اختيار الحركة، وعقب إدانة سوريانو
لمكافحة البالاكا، قال نغايسونا أن الحركة ملتزمة "بالتهدئة والتطبيع
في جمهورية أفريقيا الوسطى".
وفقاً لمنظمة هيومان رايتس ووتش، تستهدف ميليشيات مكافحة البالاكا
المسلمين في "موجة لا هوادة فيها من العنف المنسق الذي يجبر مجتمعات
بأكملها على مغادرة البلاد"، وقد قامت منظمة هيومان رايتس ووتش ومنظمة
العفو الدولية بتوثيق الفظائع، بما في ذلك خمس مجازر في غرب جمهورية
أفريقيا الوسطى الشهر الماضي، راح ضحيتها 180 مدنياً مسلماً على الأقل،
فضلاً عن عمليات القتل الأخرى في بانغي.
"وفي بانغي، هاجم مقاتلو مكافحة البالاكا المسلحون ببنادق من طراز
AK-47 وقاذفات صاروخية وقنابل يدوية العديد من مناطق إقامة المسلمين،
مما اضطر السكان إلى الفرار،" حسبما ذكر بيان هيومان رايتس ووتش.
وأضاف البيان أن "أحياء PK12، وPK13، ومسكين، والكيلو 5 - التي كانت
معاقل المسلمين في بانغي - أصبحت الآن مدن أشباح، خالية من السكان
المسلمين. وأخبر بعض المتشددين في مكافحة البالاكا هيومان رايتس ووتش
أنهم سيقتلون أي مسلم يبقى في هذه الأحياء"، وأفاد بوكارت من منظمة
هيومان رايتس ووتش أنه "سواء كان قادة مكافحة البالاكا يتبعون سياسة
متعمدة من التطهير العرقي أو يوقعون العقاب الجماعي التعسفي على السكان
المسلمين [رداً على فظائع مقاتلي السيليكا]، فإن النتيجة النهائية
واضحة: اختفاء المجتمعات المسلمة التي تعيش هناك منذ فترة طويلة".
وفي بلدة مبايكي، قال أحد زعماء مكافحة البالاكا في تصريح لشبكة
الأنباء الإنسانية (إيرين) أن بعض الشباب من ذوي المهارات المناسبة
سيتم اختيارهم لتولي إدارة المحلات التجارية التي هجرها المسلمون، وفي
سياق متصل، قال عمال إغاثة أن مكافحة البالاكا تسيطر على معظم الطرق
الرئيسية في غرب البلاد. ولا تزال مئات الشاحنات التي تنقل المعونة
عالقة على الحدود الكاميرونية لأن سائقيها يخشون دخول جمهورية أفريقيا
الوسطى، التي تواجه تهديداً خطيراً للأمن الغذائي.
تنتشر قوات حفظ السلام على نطاق واسع، ولكن الوجود الفرنسي خارج
بانغي يقتصر على عدد قليل من المدن في الوقت الحالي. وتقول البعثة
الفرنسية التي يبلغ قوامها 1,600 جندي أنها تنشر وحدات في بلدات
بوسانغوا وبربراتي ويالوكي وبودا ومبايكي في الغرب (على الرغم من عدم
وجود قوات في مبايكي يوم 9 فبراير) وفي بامباري ونديلي في الشرق. وقد
نشرت القوة الأفريقية في جمهورية إفريقيا الوسطى ما يقرب من نصف قواتها
التي يبلغ قوامها 5,500 جندي وشرطي خارج بانغي، وفي غرب جمهورية
أفريقيا الوسطى بصفة أساسية.
وتجدر الإشارة إلى أن سوريانو وتومنتا رفضا اقتراحات في اجتماع 10
فبراير بالتفاوض مع ميليشيات مكافحة البالاكا، ولكن الدلائل تشير إلى
أنهما لا يشنان حرباً شاملة على الحركة حتى الآن. وقد أبلغ عمال إغاثة
عن تخفيف التوتر العام في بانغي خلال الأيام العشرة الماضية، مع حدوث
بعض عمليات القتل المستهدف، ولكن عدد معارك أقل.
وتشير تصريحات قادة المجتمع المحلي في اجتماع 10 فبراير إلى أنهم
يفضلون أن تركز قوات حفظ السلام على نزع السلاح في الأجزاء المسلمة
المتبقية في المدينة، وهي جيوب صغيرة قليلة، ثم عودة الناس من مخيم
النازحين الضخم في المطار.
لم يُذكر شيء عن مصير المسلمين خلال الاجتماع. وقال سوريانو أن نزع
السلاح يحدث شيئاً فشيئاً، وتحدث عن جمع 4,000 سلاح تقليدي و300 بندقية
صيد والعديد من القنابل اليدوية، وسألت إحدى المتحدثات عن من سيضمن
سلامتها إذا أبلغت عن مكافحة البالاكا. ولكن لم يستنكر أي من
المتحدثين، باستثناء الزعماء الدينيون، الانتهاكات التي تقوم بها
مكافحة البالاكا.
قاومت الرئيسة سامبا - بانزا ضغوطاً من مكافحة البالاكا لإشراكها في
الحكومة، باستثناء وزير الرياضة. وعلى النقيض من ذلك، اختارت ثلاثة
وزراء من المنتمين سابقاً إلى تحالف السيليكا في حكومتها التي تتألف من
20 وزيراً.
كما تحدثت في خطاباتها صراحة عن الحاجة إلى التخلي عن المناجل
والأسلحة الأخرى وإلى أن تعيش المجتمعات المحلية في وئام. ولكنها قالت
أيضاً أن ليس كل أفراد مكافحة البالاكا وليس كل مقاتلي السيليكا
السابقين مارقين، وقال مصدر في وزارة الدفاع رداً على سؤال حول سياسة
الحكومة لتسريح مكافحة البالاكا أن وزير الرياضة سوف يطلب منهم
الامتثال، من جانبها، دعت رئيس الجمهورية المجتمع الدولي للمساعدة في
إعادة بناء قوات الأمن في جمهورية أفريقيا الوسطى. وقد وافقت فرنسا حتى
الآن على دفع نفقات 150 جندي درك مسلح سيتعاونون مع قوات حفظ السلام،
تمشياً مع توصية الحكومة، وأكد سوريانو أن الحكومة ينبغي أن تعد قائمة
بأسماء الأفراد "الحقيقيين" في القوات المسلحة قبل أن ينظر المجتمع
الدولي في دفع أجورهم. ومن الجدير بالذكر أن جماعة بوزيزيه العرقية
تسيطر على نحو متزايد على القوات المسلحة في أفريقيا الوسطى، وقد ترغب
الحكومة في التصدي لهذا الانحياز. |