السعودية تمنع نبي الرحمة في بلاد الحريات!!

علي ال غراش

 

لماذا الغضب السعودي الرسمي عبر ممثليته في أمريكا - الملحقية - من حملة "نبي الرحمة"، واستخدام لغة التهديد والوعيد للقائمين على الحملة؟، ألا يمثل موقف الممثلية بمنع ممارسة حرية التعبير عن الرأي للمقيمين في أمريكا مخالفة للقانون الامريكي الذي يحمي ويضمن حق التعبير؟.

 لقد قام مجموعة من الشباب المحب للرسول الأعظم محمد (ص) وبمبادرة منهم بتأسيس حملة بعنوان "نبي الرحمة" لتعريف المجتمعات الغربية وبالخصوص في أمريكا وكندا وبعض الدول الأوربية بالبُعد الأخلاقي العظيم لشخصية النبي محمد (ص)، ومحاولة لتغيير رأي الغرب والإعلام الغربي نظرته حول الاسلام والرسول (ص)، بسبب ما يقوم به بعض من يدعي الانتماء للإسلام والمسلمين من تشويه صورة النبي (ص) وتشويه سمعة الاسلام بما ينافي حقيقة شخصية النبي التي تفيض بالرحمة والمحبة والتسامح..، لدرجة ان بعض الاشخاص قاموا بتأليف الكتب المسيئة للنبي محمد(ص) ووصفه بما يخالف الحقيقة تعمدا أو جهلا او بالاعتماد على ما جاء في بعض الكتب التراثية بما لا يوافق ويتوافق مع وصف الله لنبيه، - بانه لا ينطق عن الهوى وصاحب الخلق العظيم الرفيع الاسمى بين كافة البشر،- أو بالحكم على تصرفات من يدعي أتباع الرسول والإسلام بينما سلوكه وتصرفاته العكس بل هي كذب وخداع وكراهية وعنف وغلظة وتكفير وتسقيط وتفجير وقتل ودموية...!!.

وهذه الأقوال والتصرفات التي تحدث من قبل المدعين الانتماء للإسلام والمسلمين مؤذية للنبي ولمحبيه ومضرة للبشرية، ولها اثار سلبية حيث تستغل من قبل اعداء الرسالة المحمدية.

حملة "نبي الرحمة" نجاح بامتياز

وما قام به الشباب عبر تأسيس واطلاق حملة "نبي الرحمة" فهو عمل مشرف يستحقون الشكر والتقدير والدعم وحفر أسمائهم كرموز فخر وأعتزاز ليكونوا أنموذجا يحتذى بهم.

حملة "نبي الرحمة" حملة قدمت صورة ناصعة ومشرفة للدفاع عن "نبي الرحمة" محمد (ص)، بينما عجزت سلطات تملك من المال ما شاء الله القيام بدور مماثل!!.

من جهة اخرى حرص القائمون على الحملة على الاعتماد على روايات وأحاديث سندها قوي ومعتبرة، وهي روايات تحمل روح الرحمة والمحبة ظهرت على لسان من لا ينطق عن الهوى سيد المرسلين محمد (ص). وقاموا بتوزيع الهدايا والورود في المدن والقرى باسم الرسول، بمحبة وابتسامة مشرقة تدل على اشراقة الدين الاسلامي والاخلاق والرحمة المحمدية، وقد شارك في هذه الحملة العديد من الشباب من الذكور والاناث الكبار والصغار الاطفال.

منع الحملة تهديد للقائمين وانتهاك للحرية

ولكن الذي حدث من قبل ممثلية السعودية في أمريكا شكل صدمة قوية للقائمين والمتابعين في ظل النجاح الكبير للحملة وقطف الثمرة والتغطية الإعلامية من كافة الوسائل، إذ قامت الممثلية بتهديد القائمين على الحملة بأسلوب لا يخلو من الترهيب والوعيد وبالحساب العسير..، والمطالبة بإيقاف الحملة مباشرة بل إيقاف اي كتابة في برامج التواصل الحديثة حولها!!.

غريب هذا التحذير والترهيب من قبل ممثلية تضع سم النبي محمد (ص) على العلم الوطني، عبر أستخدامها هذه اللغة تكميم الافواه، والاسلوب الدكتاتوري في داخل دولة امريكا الداعمة للحريات وبالخصوص حرية الرأي، مما يشكل اعتداءا صارخا على تلك القوانين، وتدخل.. بحرمان من يعيش على أرض أمريكا من التمتع بحرية التعبير عن الرأي كما يضمنه القانون الامريكي لمن يعيش في أمريكا، وفيه تهديد مباشر وخوف وقلق من أن يتعرض القائمون على الحملة للخطر، أو تتضرر دراستهم ومستقبلهم العلمي والدراسي!!.

ولو حدث ذلك فهو امر خطير لا يتناسب مع مكانة ودور من تضع أسم الرسول على علمها الوطني، وتفتخر بان العاهل للبلاد يحمل اسم خادم الحرمين اي خادم لحرم الرسول، ولهذا ينبغي إعادة النظر في القرار، وان تقوم بتقديم الشكر وشهادات التقدير للقائمين على حملة "نبي الرحمة".

كما ينبغي على أمريكا التي تسمح قوانينها بقيام تلك الحملات في اراضيها ان يكون لها موقف، فالمنع وتهديد من يمارس الحرية على اراضيها يعتبر طعنة لممارسة الحريات داخل أمريكا، إذ إن هذه الحملة حدثت داخل الاراضي الامريكية، وهي حملة ذات دوافع إنسانية نبيلة دعوة للمحبة والرحمة وتقديم الورود والزهور بأسم النبي محمد (ص).

النبي ليس حكرا على جهة ما

موقف الممثلية السعودية في امريكا (والتي قامت بتمثيل المؤسسة الدينية السعودية) يعبر عن حالة الغطرسة والغرور بانها هي الجهة الوحيدة التي تمثل الرسالة الإسلامية والتحدث باسمه فقط، وانه ليس من حق أي مدرسة أخرى اسلامية أن تدافع عن النبي حسب الروايات المعتبرة لديها، وهذا نفس لا يخلو من الطائفية واختطاف الشريعة وشخصية الرسول(ص)، ولا يتوافق مع اعلان مكة الاعتراف بالتعددية للمذاهب الاسلامية، ولا يخدم الرسالة الاسلامية ولا ابناء الامة الاسلامية، والمنطقة العربية الاسلامية التي تشهد احتقانا طائفيا بغيضا خطيرا، كما ان النبي الأكرم رسول الله محمد (ص) رحمة للعالمين.

قرار مؤذي ضد الرحمة

إن ما قامت به ممثلية السعودية لا يخدم الوطن، وهو امر مزعج لكافة محبي نبي الرحمة محمد ولكل محب للرحمة والمحبة والتسامح...، بل يصنف بانه محاربة لحملة نبيلة لتعريف العالم بحقيقة شخصية الرسول محمد (ص) الذي أوذي.

"ما أوذي نبي بمثل اذيت"، هذا ما صرح به من لا ينطق عن الهوى من هو رحمة للعالمين - أي رحمة لكافة البشر - صاحب القلب الكبير ومنبع المحبة والرحمة، وصاحب الخلق العظيم السامي بمواصفات الخالق الله عز وجل عندما مدحه بقوله تعالى : ((وإنك لعلى خلق عظيم)). و رغم كل ما لدى النبي محمد (ص) عظيم، ولكن الله تعالى عز وجل وجد ان أعظم شيء يمدح نبيه به هو بالخلق العظيم، وفي ذلك الوصف من الخالق العلي العظيم له دلالة عظيمة بأن أهم مقومات الشخصية المحمدية وأعظمها وكلها عظيمة هي الخلق العظيم.

لقد أوذي النبي في حياته ومن أقرب الناس له قومه، وللاسف وما زال لغاية اليوم يتحمل الأذى بسبب سلوكيات من يدعون اتباعه بينما اخلاقهم تخالف أوامره واخلاقه العظيمة (ص)، حيث هناك من يقوم بتشويه سمعة الرسول الأعظم ومحبيه، عبر الأقوال والأفعال التي تتنافى مع طبيعة الشخصية المحمدية الأخلاقية المفعمة بالرحمة والمحبة والتسامح والشفقة والتواضع واحترام الاخر وسعة الصدر والصدق والأمانة ولهذا لقب بالصادق الأمين، انه مصداق الصفات الأخلاقية الحميدة بل كل صفة جميلة تتجسد في شخصية النبي محمد (ص).

نعم لاستمرار حملة "نبي الرحمة"

لقد كتبت أول كتاب في حياتي عنوانه (الأخلاق المحمدية الثورة الخالدة). جاء فيه " ان الأخلاق المحمدية كانت بمثابة النور والشرارة الاولى المؤثرة في الآخرين والمجتمعات لاعتناق الإسلام".

ومن أهم الاسباب والعوامل لنجاح رسالة الاسلام وانتشاره السريع تعود بنسبة كبيرة لشخصية حامل الرسالة الرسول محمد (ص)، وأعظم ما يتصف به الرسول حسب المواصفات الإلهية هي الأخلاق ((وإنك لعلى خلق عظيم)).

نعم لحملة "نبي الرحمة" واستمرارها وتوسيع رقعتها لتعم العالم، لتصحيح الصورة المشوه في ذهنية بعض الغربيين نتيجة سلوكيات وتصرفات بعض من ينتمي للإسلام بالاسم فقط، فيما هم يؤمنون بالقتل والذبح والتفجير لمن لا يرضخ لأفكارهم ولو كان من المسلمين. نعم لاستمرار الحملة لكي يتعرف العالم من الشرق الى الغرب على البُعد الأخلاقي للشخصية المحمدية عبر: الصدق والأمانة والرحمة والمحبة والتسامح واحترام الاخر...، ونشر كلمات الرسول (ص)، التي تكرس روح المحبة والتسامح والمعاملة الحسنة بين الناس، حيث العالم يجهل كلماته العظيمة، والأهم من ذلك الالتزام وتطبيقها بها من قبل اتباع النبي محمد(ص)، فهذه أفضل طريقة للدفاع عن سمعة النبي (ص).

نعم لاستمرار حملة (نبي الرحمة) ودعم كافة القائمين عليها ونقول لهم شكرا لكم، ونتمنى منهم الاستمرار بروح أقوى، ولا للتوقف ولا للمنع.

وفي الأخير سيبقى خاتم الانبياء والمرسلين محمد (ص) "نبي الرحمة"، وشكرا لأصحاب القلوب الرحيمة المحبة للرحمة والمحبة والتسامح والتعايش السلمي واحترام الاخر..، وما أجمل الرحمة والتخلق بها فالرسول محمد "نبي الرحمة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 23/شباط/2014 - 22/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م