سوريا وكارثة الاخطار الاستراتيجية الكامنة على الامن الأمريكي

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: الازمة السورية احرجت الإدارة الامريكية في أكثر من مناسبة، والتعاطي مع الوضع القائم فيها يلقى أصداء مزعجة وتخوف مستمر من قبل صانعي القرار الأمريكي، ولعل التردد الأمريكي بين توجيه ضربة عسكرية (اعترفت لاحقاً ان لا جدوى منها في الوقت الحالي) مباشر وبين دعم الفصائل المتناحرة بالسلاح المتطور شريطة ان لا يقع بيد ارهابيي القاعدة، إضافة الى ضعف المعارضة السياسية والخلافات المستمرة فيما بينها، عززت مخاوف الولايات المتحدة من اتخاذ قرار نهائي وحازم كما يشير المحللون.

على ارض المعركة، صبت كل تلك المخاوف في صالح نظام الأسد، العدو اللدود للولايات المتحدة الامريكية ولأمن إسرائيل، وحليف إيران وحزب الله وقبلها روسيا، وهذا الامر يشكل كارثة سياسية بالنسبة لأطراف إقليمية حليفة للولايات المتحدة، سعت منذ البداية للإطاحة بنظام الأسد، واستبداله بنظام (سني)، وفي مقدمتها السعودية. 

البحث عن خيارات بديلة للدخول في صراع حربي مباشر، هو الحل الأقرب الى مخيلة الولايات المتحدة الامريكية، كما أشار المتابعين والمختصين، من خلال المفاوضات وربما تقديم بعض التنازلات، لضمان عدم توسع الحرب لتشمل المصالح الامريكية في الشرق الأوسط، او امتدادها الى ما بعد الشرق الأوسط.

حرب تنذر بكارثة

فقد قال جيمس كلابر مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية إن الحرب في سوريا خلقت "كارثة تنذر بشر مستطير" وإنه مقتنع بأن الوثائق التي تتحدث عن وقوع تعذيب وقتل في الصراع الدائر هناك صحيحة، وسأل السناتور جون مكين كلابر في جلسة لمجلس الشيوخ هل يعتبر تلك الوثائق التي نشرتها طائفة من وسائل الإعلام منها شبكة تلفزيون سي.إن إن دليلا محتملا على فظائع ترتكبها حكومة الرئيس بشار الأسد.

ورد كلابر قائلا إنه يراها كذلك ويعتقد أنها صحيحة، وقال كلابر "إنها رهيبة، وإذا نظرت إلى الكارثة الإنسانية ووجود 2.5 مليون لاجيء و6.5 مليون أو 7 ملايين من المهجرين في الداخل ومقتل ما يربو على 134 ألف شخص ترى أنها كارثة تنذر بشر مستطير"، وسأل مكين السناتور الجمهوري عن أريزونا هل يرى كلابر "من منظور المحترف" أن الوثائق صحيحة، وقال كلابر للجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ "أعتقد أنها كذلك، ولا أرى سببا يدعو للشك في ذلك، ومن الصعب القول بأن شيئا على هذا القدر الهائل من الضخامة يمكن اختلاقه".

وقال كلابر إن توقعاته لمفاوضات السلام السورية في جنيف "ضعيفة" ووصف احتمالات التوصل إلى حل سياسي دائم للحرب الأهلية الدائرة رحاها منذ ثلاثة أعوام بأنها "مشحونة بالمشكلات"، واضاف قوله إنه يتوقع "نوعا من مأزق يطول أمده" لا تملك فيه حكومة الأسد القوة الكافية للاحتفاظ بسيطرتها على الأرض التي تحوزها وتحصل المعارضة على مساندة خارجية كافية لمواصلة القتال.

وكان الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي قال ان مفاوضات السلام بين الحكومة السورية والمعارضة لم تحقق تقدما كبيرا بعد اجتماع وجها لوجه بين الأطراف المتحاربة في جنيف وصفه الجانبان بأنه غير مثمر، ويشير كلابر ومسؤولون آخرون الى سوريا بوصفها مصدرا لعدم الاستقرار في المنطقة وأيضا خطرا على البلدان الأوروبية والولايات المتحدة.

وقال كلابر ان تقديرات عدد قوات المعارضة السورية الآن تتراوح من 75 ألف مقاتل إلى 115 ألف مقاتل وأنهم ينتظمون في أكثر من 150 جماعة "تتباين تباينا واسعا في اتجاهاتها السياسية"، وأضاف قوله "إننا نعتبر ما يتراوح بين 20 ألفا منهم وربما ما يصل إلى 26 ألفا متطرفين، وهم مؤثرون تأثيرا لا يتناسب مع أعدادهم لأنهم من بين أكثر المقاتلين فعالية في ميدان المعارك". بحسب رويترز.

وقال كلابر إنه بين 7500 مقاتل أجنبي ينحدرون من 50 بلدا يوجد بعض مقاتلي تنظيم القاعدة الذين شاركوا في الحرب في افغانستان وباكستان ويتطلعون إلى الهجوم على اوروبا وكذلك الولايات المتحدة.

من جانب اخر ولمح مسؤولو إدارة الرئيس الامريكي باراك اوباما -عن قصد احيانا ودون قصد في احيان اخرى- الى ان اسوأ السيناريوهات تتبلور حاليا في سوريا، فمحادثات السلام متوقفة فعليا فيما فوت الرئيس بشار الاسد الذي اكتسب جرأة بدافع من التطورات الاخيرة على الارض مهلتين لتسليم اكثر اسلحته الكيماوية فتكا.

ويشن متطرفون يحاربون في سوريا هجمات في مصر وتثور مزاعم عن تطلعهم لاستهداف الولايات المتحدة أيضا، وأبلغ مدير المخابرات الوطنية جيمس آر. كلابر اعضاء الكونجرس ان جبهة النصرة وهي جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة في سوريا "لديها تطلعات لشن هجمات في الوطن"، وعبر مسؤولون امريكيون ومصريون عن انزعاجهم من علامات على ان المصريين الذين قاتلوا في سوريا يعودون الى البلاد لشن تمرد.

ويقول منتقدو سياسة ادارة اوباما في سوريا بأنه لا شيء من تلك الامور يجب ان يشكل مفاجأة، فمنذ سنوات توقعوا ان الاسد وداعميه الايرانيين والروس سيقاتلون بضراوة وان المتشددين سيتدفقون الى سوريا وان المنطقة ستمر بحالة من عدم الاستقرار بسبب تدفق اللاجئين وتنامي النزعة الطائفية وعودة المقاتلين الذين تحولوا الى التشدد الى بلادهم.

وقال شادي حامد الخبير بمعهد بروكينجز الذي دعا الى تدخل عسكري في 2012 "كثير من الامور التي تحدث عنها دعاة التدخل (العسكري) قبل عامين تحقق، النقاش (وقتها كان) ان التحول الى التطرف سيتعاظم"، من المستحيل معرفة ما اذا كان تدخل على غرار ما حدث في ليبيا من شأنه ان ينهي الصراع في سوريا او يزيده سوءا، لكن حامد جادل -مستشهدا بالتصريحات الاخيرة لمسؤولي الادارة- بأن النهج الامريكي الحالي لا يجدي نفعا.

وقال كلابر في شهادته ان وكالات المخابرات الامريكية التقطت اشارات على وجود "مجمعات تدريب" داخل سوريا "لتدريب الاشخاص على العودة الى بلادهم وارتكاب اعمال ارهابية لذلك فهذا مبعث قلق كبير"، وقدر الجنرال المتقاعد بسلاح الجو ان اكثر من سبعة الاف مقاتل من 50 دولة -"كثير منهم من اوروبا والشرق الاوسط"- يقاتلون في سوريا، وشبه المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شمال سوريا بالمناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية في باكستان حيث يتحصن المتشددون المحليون والاجانب منذ سقوط طالبان في 2001.

وقال كلابر "ما يجري هناك ربما يكون في بعض النواحي شبيها بمناطق قبلية جديدة خاضعة للإدارة الاتحادية، واجتذاب هؤلاء المقاتلين الاجانب مقلق للغاية"، وسبق ان واجه كلابر اتهاما بالمبالغة في تقييم خطر الارهابيين وبالإدلاء بتصريحات مضللة بشأن نطاق انشطة المراقبة الامريكية، لكن كلابر ليس المسؤول الكبير الوحيد الذي يعبر عن قلقه بشأن زيادة وجود المتشددين في سوريا.

فقد قال عضو مجلس الشيوخ الجمهوري لينزي جراهام للصحفيين ان وزير الخارجية الامريكي جون كيري قال في لقاء خاص مع اعضاء الكونجرس على هامش مؤتمر الامن في ميونيخ ان "خطر القاعدة حقيقي ويخرج عن نطاق السيطرة"، واضاف "تحدث بكل صراحة عن دعم تسليح مقاتلي المعارضة، وتحدث بصورة واضحة عن تشكيل تحالف ضد القاعدة لأنها تهديد مباشر".

وقال مسؤولو وزارة الخارجية ان جراهام واعضاء آخرين في الكونجرس ممن كشفوا عن اللقاء الخاص حرفوا تصريحات كيري، ونفوا ان يكون كيري اثار مسألة تسليح المعارضة او وصف السياسة الحالية بأنها فاشلة.

ووصف نوح بونسي كبير المحللين في المجموعة الدولية لمعالجة الازمات والذي يعمل في بيروت التصريحات المنسوبة لكيري بأنها "اقرار بالحقائق"، ففيما يخص جانب المعارضة من الصراع شوه متشددون مرتبطون بالقاعدة سمعة المعارضة السورية، وفي جانب الحكومة يزداد الاسد وداعموه في ايران وروسيا ثقة.

وقال بونسي في اشارة الى محادثات السلام "جنيف اوضحت بجلاء ان النظام ليس مستعدا للتنازل عن اي شيء على الاطلاق مهما كان صغيرا، يعتقدون انهم هم الفائزون ويتصورون انهم لا يرون ضغطا حقيقيا وبالتأكيد ليس من ايران وربما ليس من روسيا."

وأقر ستيفن إيه. كوك خبير شؤون الشرق الاوسط في مجلس العلاقات الخارجية بان الاسد والمتشددين كليهما يزداد قوة، لكنه دافع عن قرار الادارة الا تتدخل فيما وصفه "بالحرب الاهلية بالوكالة"، وقال كوك إن الطريقة المثلى التي ترد بها واشنطن على زيادة التشدد في سوريا تكون عن طريق الحلفاء في المنطقة وليس من خلال العمل الامريكي المباشر.

وقال كوك "السؤال هو كيف نشرع في مواجهتهم، اشك اننا نقوم بذلك بالفعل مع دول صديقة -تركيا والاردن ودول اخرى- لمواجهة النصرة دون تدخل شامل في سوريا"، وقال بونسي انه يعارض بشدة التدخل الامريكي المباشر لكنه اوضح ان الولايات المتحدة كانت تحاول خلال العامين الماضيين على الاقل العمل عن طريق حلفاء اقليميين لكنها لم تفلح في ذلك، ورغم عشرات الاعلانات المشتركة تواصل الولايات المتحدة وقطر والسعودية جميعها دعم جماعات مختلفة من المعارضة الامر الذي يزيد من تشرذم المعارضة السورية المقسمة بالفعل.

وقال "الخطوة الاولى لا تزال هي العمل مع الحلفاء الاقليميين للمعارضة، (اسلوب) العصا والجزرة يمكن ان يشجع على التحرك نحو النهج العملي الذي يمكن ان يجعلها قوة اكثر فاعلية"، واضاف بونسي ان الاعلان عن زيارة اوباما للسعودية في مارس آذار قد يكون خطوة باتجاه مسعى اكثر توحدا، لكن حامد قال ان ادارة اوباما ليس لديها مصداقية تذكر بعد رسم "خطوط حمراء" للاسد تقاعست عن فرضها.

وقال خبراء ان السؤال المحوري المتعلق بسوريا لا يزال موضع خلاف في واشنطن الا وهو : هل تمثل سوريا الان تهديدا مباشرا للأمن القومي للولايات المتحدة؟ وقال حامد الذي دعا الى التدخل من قبل انها كذلك، واضاف حامد "هم يقولون الان ان المقاتلين سيتدربون في سوريا ويعودون الى الولايات المتحدة، لا نستطيع التظاهر بأنه ليس هناك إثر لذلك على مصالح الامن القومي الامريكي".

ويتفق كوك وبونسي على ان التهديد يزداد لكنهما يقولان ان على الادارة ان تطور اولا نهجا متماسكا تجاه سوريا مع حلفائها الإقليميين، وتظهر استطلاعات الرأي العام في الولايات المتحدة على نحو متواصل معارضة كاسحة لمشاركة امريكية أكبر بما في ذلك تسليح المعارضة المعتدلة.

ويقول خبراء ان أحد السيناريوهات يمكن ان يغير موقف واشنطن وهو ان يضرب متشددون يعملون انطلاقا من سوريا الاراضي الامريكية، والى ان يحدث ذلك فمن غير المرجح ان تغير المذابح في سوريا ومصر والشرق الاوسط سواء كانت محدودة او واسعة النطاق الحسابات السياسية لواشنطن.

الامن القومي والخيارات المتاحة

الى ذلك قال وزير الأمن الداخلي الأمريكي جيه جونسون إن الحرب الأهلية في سوريا أصبحت خطرا على الأمن القومي الأمريكي مع عودة الغربيين الذين يسافرون للحرب في سوريا إذ يسعى المتطرفون لتجنيدهم لتنفيذ مهام في بلادهم، وتابع جونسون في أول خطاب سياسي منذ توليه منصبه في ديسمبر كانون الأول "سوريا أصبحت قضية تهم الأمن الداخلي"، واضاف إن الولايات المتحدة تراقب عن كثب المقاتلين الأجانب الذين يتوجهون الى سوريا حيث توجد جماعات معارضة من بينها جماعات وفصائل إسلامية مدعومة من الغرب.

وقال جونسون "نعرف أفرادا من الولايات المتحدة وكندا وأوروبا يسافرون إلى سوريا للمشاركة في الحرب"، وأضاف "في الوقت نفسه يحاول المتطرفون بدأب تجنيد غربيين وتلقينهم أفكارا متشددة في انتظار عودتهم إلى بلدانهم بمهمة متطرفة"، وأضاف جونسون الذي اجتمع مع نظرائه الأوروبيين في بولندا إن سوريا كانت البند الأول في المناقشات التي دارت في الاجتماع، ومضى يقول إن أكثر ما يخيفه بالنسبة لأمن الأمريكيين هم الإرهابيون الذين يعملون فرادى ولا يرتبطون بأي تنظيم والذين لم يتلقوا تدريبات على أيدي القاعدة أو أي جماعات متطرفة أخرى لكنهم أصبحوا متشددين من تلقاء أنفسهم مثل منفذي تفجير سباق الماراثون في بوسطن العام الماضي.

وقال في كلمة في مركز وودرو ويلسون "قد يكون هؤلاء أصعب من يتم رصدهم"، لكنه أكد أن اليقظة تجاه هذه التهديدات يجب ألا تكون على حساب الحريات المدنية والقيم الأمريكية الأساسية، وشغل جونسون المنصب خلفا لجانيت نابوليتانو، وكان يعمل أمينا عاما لوزارة الدفاع في فترة الولاية الأولى للرئيس باراك أوباما.

من جهته قال الرئيس الامريكي باراك أوباما إن الولايات المتحدة لا تفكر في حل عسكري في سوريا في الوقت الراهن، وقال اوباما في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الفرنسي فرانسوا اولوند إن واشنطن وجهت رسالة قوية لروسيا بشأن سلامة المدنيين بسوريا في الحرب الاهلية التي تعصف بالبلاد.

وقال اوباما ان "وزير (الخارجية الامريكي جون) كيري وآخرين وجهوا رسالة مباشرة للغاية للروس مفادها انه ليس بوسعهم القول بانهم يشعرون بقلق على سلامة الشعب السوري في الوقت الذي يتضور فيه مدنيون جوعا"، واضاف قوله "لا نعتقد في الوقت الراهن بوجود حل عسكري في حد ذاته لهذه المشكلة الا ان الموقف مائع ونحن نواصل استكشاف كل سبيل ممكن لحل هذه المشكلة".

فيما قال وزير الخارجية الامريكي جون كيري إن الرئيس باراك أوباما طلب مجددا بحث خيارات السياسات الأمريكية في سوريا لكن لم يطرح أيا منها عليه بعد، وقال كيري للصحفيين إن أوباما قلق بسبب تدهور الوضع الإنساني في سوريا وكذلك نظرا لأن محادثات السلام بين المعارضة والحكومة لم تؤد إلى بحث تشكيل هيئة حكم انتقالي كما كان مقررا.

وقال كيري إن أوباما نتيجة لذلك "طلب منا جميعا أن نفكر في خيارات عدة قد توجد وقد لا توجد"، وتابع قائلا "ردا على السؤال: هل طرحت (الخيارات)، الإجابة لا، لكن عملية التقييم بالضرورة - ونظرا للظروف - جارية في الوقت الراهن"، وأضاف "حين تتضح هذه الخيارات وحين يطلبها الرئيس ستجرى بالقطع مناقشات حولها".

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني في واشنطن إن أوباما يتوقع أن يجري فريقه للأمن القومي بشكل مستمر إعادة تقييم للخيارات السياسية بشأن سوريا وقضايا أخرى، وقال كارني "الوزير كيري كان يؤكد وضعا قائما بشكل دائم وهو أن الرئيس ينظر دائما في الخيارات بشأن أمور سياسية مثل سوريا"، وتابع قائلا "هذا أمر لا يحدث لمرة واحدة، هذه ليست مراجعة جديدة".

وقال الاميرال جون كيربي المتحدث باسم وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) إن البيت الابيض "مهتم بالتوصل الى خيارات أخرى للمضي قدما بشأن سوريا" من وجهة نظر اجهزة حكومية مختلفة وليس من زاوية الخيارات العسكرية وحسب، وأضاف أن سفن وطائرات الولايات المتحدة لاتزال في البحر المتوسط وإنها متاحة للرئيس اذا احتاج للخيار العسكري لكن المراجعة الحالية هي مجرد نظرة شاملة للقضية من جانب اجهزة حكومية مختلفة.

ومضى يقول "اعتقد أن هناك اهتماما بنطاق واسع من الخيارات، اتوقع أن تكون هذه الخيارات من مختلف اطياف القوة القومية وليس الجيش فحسب، مرة أخرى الخيارات العسكرية لاتزال متاحة للرئيس اذا احتاجها"، وقال مسؤول أمريكي إن المراجعات تعكس الجهود المبذولة على مدى شهور في محاولة للتوصل إلى حل ينهي الحرب الأهلية في سوريا.

اتهامات بالفشل

من جانبها دافعت الولايات المتحدة عن سياستها حيال سوريا نافية ان يكون وزير الخارجية جون كيري دعا الى تغيير في الاستراتيجية والى تسليح مقاتلي المعارضة، وفي وقت سجل النزاع في سوريا اعنف شهر في كانون الثاني/يناير مع ارتفاع حصيلة القتلى خلاله الى نحو ستة الاف، اوردت بعض وسائل الاعلام الاميركية ان كيري اقر بان سياسة واشنطن في هذا البلد اخفقت وينبغي تغييرها.

وذكرت التقارير نقلا عن جمهوريين نافذين في مجلس الشيوخ ان كيري ادلى بهذا الرأي اثناء لقاء على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جنيفر بساكي ان "لا احد في الادارة يعتقد ان ما نقوم به كاف ما لم تحل الازمة الانسانية ويوضع حد للحرب الاهلية"، واوضحت انها حضرت الاجتماع الذي استمر ساعة بين كيري وعشرين عضوا في مجلس الشيوخ بينهم الجمهوري جون ماكين على هامش مؤتمر الامن في ميونيخ، مؤكدة ان كيري "لم يعلن في اي وقت ما اعتقد انه نقل عنه لجهة ان العملية اخفقت".

وتابعت "لقد بحثوا مجموعة من الخيارات لطالما كانت متاحة للإدارة"، وقالت ان الاجتماع كان اقرب الى "جلسة اصغاء، منه الى جلسة رفع تقرير لان (كيري) استمع الى حوالى عشرين عضوا على الارجح يعرضون ما يودون القيام به".

وفي ما يتعلق بمسالة تسليح مقاتلي المعارضة اكدت المتحدثة ان كيري "لم يطرح المسالة في اي وقت ولم يتعهد بها ولم يقل انه امر يجري العمل عليه، وبالتالي فهذا نقل خاطئ للكلام الذي جرى"، واضافت "بالطابع اننا بحاجة الى الاستمرار في بحث الخطوات الاضافية التي يمكننا اتخاذها لكن هذا ليس تغييرا في الاستراتيجية".

وقالت "هناك اقرار بما نعرفه جميعا: ان المباحثات متواصلة داخل الادارة، واننا نواصل العمل مع شركائنا الدوليين ومن خلال التعاون ما بين الوكالات لتحديد كيفية مقاربة كل خطوة في هذه العملية"، وكانت صحيفة واشنطن بوست نقلت عن جون ماكين الذي يعتبر من اشد المؤيدين لتسليح المعارضة السورية ان كيري اقر له ولزميله ليندسي غراهام في ميونيخ بانه "وصلنا الان الى نقطة حيث سيترتب علينا تغيير استراتيجيتنا".

لكن البيت الابيض رد على هذه المعلومات ان ذلك "يعكس رأي السناتور غراهام والسناتور ماكين في سياستنا وليس رأي كيري بها"، واضاف المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني ان اوباما على قناعة بانه "من الضروري بشكل مطلق المضي في تسوية سياسية بالتفاوض لهذا النزاع، لا بديل لذلك". بحسب فرانس برس.

ورغم الضغوط والانتقادات من قبل بعض كبار الحلفاء مثل السعودية، تمسك الرئيس باراك اوباما برفضه امداد المعارضة السورية المعتدلة بأسلحة اميركية ثقيلة في صراعها مع قوات الرئيس السوري بشار الاسد خشية ان تقع هذه الاسلحة في ايدي المعارضين المتطرفين المرتبطين بالقاعدة.

لكن واشنطن تقدم مساعدة عسكرية "غير قاتلة" مباشرة الى المجلس الاعلى لقيادة الثورة السورية، واوردت وسائل اعلام اميركية انه تم نقل اسلحة خفيفة الى مقاتلي المعارضة، ولو انه لم يرد اي تأكيد لهذه المعلومات.

كما أقر وزير الخارجية الاميركي جون كيري بان نظام الرئيس السوري بشار الاسد يحقق تقدما على الارض لكنه نفى اي فشل للسياسة الاميركية في سوريا، وقال كيري في مقابلة مع شبكة "سي ان ان"، "صحيح ان الاسد تمكن من تحسين وضعه قليلا، لكنه لم ينتصر حتى الآن، انها حالة جمود" في الوضع.

الا ان كيري حرص على التأكيد ان السياسة الاميركية حيال سوريا لم تفشل على الرغم من عدد ضحايا النزاع المتزايد خلال ثلاث سنوات، وقال كيري ان "السياسة في سوريا تشكل تحديا كبيرا وتتسم بصعوبة كبيرة"، وقال كيري "لا اريد باي حال ايجاد اعذار (ولكننا) نريد لهذا الامر ان يتقدم بسرعة اكبر، وان نقوم به بشكل افضل"، واضاف ان "ما اعنيه الآن هو ان الدبلوماسية صعبة وبطيئة وتتضمن عملا شاقا وبطيئا".

وقال كيري ان الادارة الاميركية ستعمل مع الكونغرس وفي الداخل لدفع الروس الى استخدام تأثيرهم على الاسد من اجل تحسين الظروف على الأرض، وحذر كيري الذي كان من اشد المدافعين عن اتباع سياسة اكثر صرامة مع سوريا، من انه "ليست لدينا سنوات" لنجد طريقا لأنهاء هذه الحرب، وقال كيري "لا اريد الدخول في التفاصيل ولست مخولا الدخول في كل التفاصيل، لكنني اقول لكم ان الرئيس اتخذ موقفا قويا".

في السياق ذاته اتهمت وزارة الخارجية الروسية الولايات المتحدة بتعمد تشويه موقفها بشأن سوريا، وجاء ذلك بعد انتقاد الرئيس الأمريكي باراك أوباما لموسكو لاعتراضها على مسودة قرار للأمم المتحدة يتعلق بالمساعدة لسوريا، وقالت موسكو إنها سوف تستخدم حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار غربي عربي بشان المساعدات لسوريا بصيغته الحالية واضافت أنه "منفصل عن الواقع" ومن ثم فإنها لن تناقشه إلا إذا كان خاليا من "اتهامات أحادية الجانب" للحكومة السورية.

وقال أوباما في تصريحات للصحفيين في واشنطن إن مسؤولي الولايات المتحدة "وجهوا رسالة مباشرة للغاية للروس مفادها انه ليس بوسعهم القول بانهم قلقون بشأن رخاء الشعب السوري في الوقت الذي يتضور فيه مدنيون جوعا"، ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش هذا التعليق ووصفه بأنه "متعجرف" وظالم وقال ان موسكو تشعر بذات القلق الذي لدى واشنطن تجاه الأزمة الانسانية في سوريا.

واشاد لوكاشيفيتش بوقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه للسماح بتوصيل المساعدات الانسانية وإجلاء المدنيين من المدينة القديمة المحاصرة في حمص ونوه بالدور الذي لعبه الدبلوماسيون الروس في التوصل الى هذا الاتفاق، وكرر لوكاشيفيتش القول بأن التأخر في عملية تدمير الأسلحة الكيماوية السورية حدث بسبب مسائل فنية وبفعل المخاطر الأمنية المحتملة لنقل مواد سامة في منطقة حرب وليس بسبب تلكؤ دمشق مثلما تقول واشنطن.

وقال المسؤول الروسي إن لدى واشنطن كافة المعلومات التي تحتاج اليها كي تفهم ذلك ولبناء رؤية واقعية عما يحدث على الأرض في سوريا سواء في المجال الانساني أو عملية نزع السلاح، وأضاف لوكاشيفيتش "يثور سؤال بهذا الشأن: لماذا يتم تشويه الموقف الروسي من سوريا عمدا بمثل هذه الطريقة المنحازة؟".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 22/شباط/2014 - 21/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م