الاستثمار في الأعمال الفنية.. آمن رغم التعثرات الاقتصادية

 

شبكة النبأ: لا تزال أسوق الأعمال الفنية النوعية والمتنوعة، وعلى الرغم من الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها العديد من دول العالم بسبب آثار الأزمة العالمية تشهد ازدهارا ونموا متزايدا وخاصة من جانب الاستثمار الاقتصادية، ولعدة أسباب منها تزايد إقبال الكثير من المؤسسات والأفراد الأثرياء على استثمار مبالغ مالية ضخمة في هذا المجال الذي يعتبر احد أهم الاستثمارات العالمية الآمنة كما يقول بعض الخبراء، الذين أكدوا على ان أسواق الفن تزدهر بشكل متسارع بسبب زيادة إعداد المشترين لبعض الأعمال الفنية المهمة لكبار الفنانين، والتي أصبحت اليوم سلعة قيمة لدى الكثير من قاعات المزاد العالمي التي تسعى الى توسيع عملها في معظم دول العالم، وخصوصا الدول الغنية بهدف تلبية طلب المستثمرين والأثرياء الذين قد تلاحقهم شكوك البعض لاعتبارات تتعلق بالأمن الاقتصادي باعتبار ان هذه الأموال الضخمة ربما تكون أتت بطرق غير شرعية.

اما السبب الأخر فهو تزايد عدد المهرجانات والمعارض الفنية التي دخلت في ميدان المنافسة العالمية وذلك من خلال عرض أعمال كبار الفنانين التشكيليين في سبيل جذب اكبر عدد من عشاق هذا الفن من السياح والمستثمرين، وفي هذا الشأن فقد شهدت سوق الأعمال الفنية العالمية نموا بنسبة تتخطى 13 % سنة 2013 وسجلت مستويات قياسية بدفع من الصين التي لا تزال تحتل مرتبة الصدارة فيها، متقدمة بفارق بسيط على الولايات المتحدة، بحسب مجموعة "آرتبرايس" الفرنسية. ولا يزال ملك البوب آرت أندي وارهول يتصدر قائمة المبيعات العالمية، يليه بابلو بيكاسو ثم الصيني زهانغ داكيان.

وفي العام 2013، حققت المبيعات العالمية للمزادات العامة للأعمال الفنية (لوحات ومنحوتات ورسوم وصور ومطبوعات) 12,05 مليار دولار (من دون احتساب التكاليف)، بحسب مجموعة "آرتبرايس" التي تعد الأولى عالميا في مجال جمع المعطيات الخاصة بسوق الأعمال الفنية. وأتى هذا النمو بعد انخفاض شهدته السوق سنة 2012 وتخطت نسبته 9% ليصل إلى 10,64 مليارات دولار.

ويعزى ذاك التراجع إلى انكماش السوق الصينية في تلك الفترة التي حسنت فيها الولايات المتحدة مكانتها في هذا القطاع. وارتفعت مبيعات العام 2013 بنسبة 2,3 % بالمقارنة مع العام 2011 الذي سجل خلاله الرقم القياسي السابق مع 11,78 مليار دولار. وكانت مرتبة الصدارة العام الماضي من نصيب الصين التي حافظت عليها للسنة الرابعة على التوالي مع مبيعات بقيمة 4,078 مليارات دولار (ارتفاع بنسبة 21 %). وتقدمت بالتالي بفارق بسيط على الولايات المتحدة التي حققت مبيعات بقيمة 4,016 مليارات دولار (ارتفاع بنسبة 20 %).

وقال تييري إهرمان مؤسس "آرتبرايس" ومديرها التنفيذي إن "سوق الأعمال الفنية باتت مجال نفوذ بالنسبة إلى الدولتين اللتين تشكلان لوحدهما ثلث هذه السوق". واحتلت بريطانيا المرتبة الثالثة مع مبيعات بقيمة 2,11 مليار دولار تلتها فرنسا في المرتبة الرابعة (549 مليون دولار) ثم ألمانيا في المرتبة الخامسة (207 ملايين دولار) وسويسرا في المرتبة السادسة (159 مليون دولار).

وأوضح مؤسس "آرتبرايس" أن "سنة الوفرة هذه تعزى إلى طلب معولم من شراة هم خصوصا من آسيا والشرق الأوسط وروسيا يؤدون دورا حيويا في إنعاش السوق وتهمهم بالدرجة الأولى أعمال كبار فناني القرن العشرين التي يشترونها بأسعار قياسية". ولفتت مجموعة "آرتبرايس" إلى أن "نمو السوق يقوم على أعمال بضعة فنانين محددين تستمر أسعارها في الارتفاع. فنصف عائدات العام 2013 هي من 25 ألف قطعة لمئة فنان لا غير".

وقد حطم الرقم القياسي لعمل فني يباع في مزاد في الثاني عشر من تشرين الثاني/نوفمبر خلال مزاد نظمته دار "كريستيز" في نيويورك وبيعت خلاله لوحة ثلاثية رسمها البريطاني فرانسيس بايكن تمثل لوسيان فرويد، في مقابل 127 مليون دولار. وتصدر أندي وارهول (1928 - 1987) قائمة الفنانين الذين تحقق أعمالهم أكبر مبيعات وتخطت القيمة الإجمالية لأعماله المباعة 367 مليون دولار.

وتلاه في المرتبة الثانية بابلو بيكاسو (1881 - 1973) مع مبيعات إجمالية قدرها 361 مليون دولار ثم الرسام الصيني زهانغ داكيان (1899 - 1983) في المرتبة الثالثة مع 291 مليون دولار. والفنان الألماني غيرهارد ريشتر (1932) هو الفنان الوحيد الذي لا يزال على قيد الحياة في هذه القائمة التي احتل فيها المرتبة السابعة مع 165 مليون دولار من المبيعات. بحسب فرانس برس.

وتصدرت دار "كريستيز" قائمة دور المزادات مع مبيعات إجمالية بقيمة 3,55 مليارات دولار، تلتها في المرتبة الثانية دار "سوذبيز" (3,10 مليارات) ثم "بولي إنترناشونل أوكشن" و"تشاينا غارديين أوكشنز"، بحسب تصنيف "آرتبرايس" التي بدأت في العام 2013 تتعاون مع مجموعة "آرترن" التي تجمع معطيات عن السوق الصينية. وخلال العام 2013، سجل 15 ألف رقم قياسي جديد. ويبدو أن العام 2014 سيكون أفضل حالا بعد، على حد قول تييري إهرمان.

على صعيد متصل انطلق سوق الاعمال الفنية الراقية لعام 2014 بقوة مع تحقيق مزاد فني اقامته صالة مزادات كريستيز في الفن الانطباعي والحديث والسريالي رقما قياسيا جديدا لم يحققه اي مزاد في لندن. ورغم انتكاسة قانونية قبل المزاد مباشرة تسببت في سحب صالة المزادات مجموعة للرسام الاسباني ميرو اشارت التقديرات الى انها تساوي 30 مليون جنيه استرليني (49 مليون دولار) فقد وصلت المبيعات الى 177 مليون جنيه لتتجاوز بشكل مريح تقديرات ما قبل البيع والتي كانت تتراوح ما بين 113 مليون و163 مليون جنيه.

وكان السعر الاعلى من نصيب لوحة للرسام جوان جري تعود لعام 1915 وتحمل اسم "طبيعة صامتة على مفرش ذي مربعات Nature morte à la nappe à carreaux " والتي حققت 35 مليون جنيه لتسجل بذلك رقما قياسيا جديدا للفنان ولأي عمل تكعيبي. وكانت لوحة "امراة في زي تركي على مقعد ذي مسندين Femme au costume turc dans un fauteuil " لبيكاسو والتي تصور إمرأة تزوجها الفنان بعد ست سنوات من رسم اللوحة وكانت احد اهم مصادر إلهامه ثاني اغلى لوحة بعدما بيعت بمبلغ 17 مليون جنيه.

اسعار قياسية

من جانب اخر بيعت لوحة للرسام الاميركي ادوارد هوبر في مزاد في نيويورك بسعر قياسي بلغ 40,5 مليون دولار على ما اعلنت دار كريستيز للمزادات. وتمثل لوحة "ايست ويند اوفر ويهوكن" العائدة الى العام 1934 تقاطع طرق مقفرا ومهجورا في نيوجرزي شرق الولايات المتحدة. ووضع لوح كتب عليه "للبيع" امام منزل في اشارة الى ازمة الكساد الكبير التي رسمت اللوحة بعدها بقليل.

وتعتبر اللوحة التي كان سعرها مقدرا بين 22 و28 مليون دولار عملا اساسيا للفنان المولود العام 1882 والذي توفي العام 1967. وكان السعر القياسي السابق لاحد اعمال ادوارد هوبر 26,9 مليون دولار للوحة "هوتيل ويندوو" في العام 2006. وقد طرحت اللوحة للبيع متحف "بنسلفانيا اكاديمي اوف فاين آرتس" في فيلادلفيا للسماح بتشكيل صندوق لشراء اعمال جديدة.

الى جانب ذلك تعرض صالة مزادات كريستيز البريطانية لوحة رسمها بابلو بيكاسو لجاكلين روك حبيبته التي تزوج منها وعملا فنيا للفنان البلجيكي رينيه ماجريت إلى جانب أعمال أخرى قالت إنها قد تدر عليها نحو 380 مليون دولار. وقدرت كريستيز أن هذه الأعمال التي ستعرض في أربعة مزادات قد تجني بين 156.7 مليون و228.3 مليون جنيه استرليني (260 مليون - 376 مليون دولار).

وقالت صالة المزادات الشهيرة في بيان صحفي إن قيمة لوحة بيكاسو "امرأة في زي تركي" التي رسمت عام 1955 تقدر بما يتراوح بين 15 و20 مليون جنيه استرليني وإنها ستعرض للبيع للمرة الأولى منذ 55 عاما. وأضافت أن لوحة ماجريت "صيادون في أطراف الليل" ورسمت عام 1928 كانت في معرض لأعمال الفنان البلجيكي بمتحف الفن الحديث في نيويورك وأن قيمتها تقدر بما يتراوح بين ستة وتسعة ملايين جنيه استرليني.

من جهة اخرى بيعت لوحة رسمها فرانسيس بايكن تمثل عشيقه جورج داير بأكثر من 42 مليون جنيه استرليني (70 مليون دولار) خلال مزاد نظمته دار "كريستيز" في لندن سجلت فيه رقما قياسيا على الصعيد الأوروبي. وكانت هذه اللوحة المعنونة "بورتريت أوف جورج داير تووكينغ" (بروتريه لجورج داير وهو يتكلم) والتي رسمها بايكن في ذروة شهرته قد عرضت للمرة الأولى سنة 1966 في باريس. بحسب فرانس برس.

ويعد هذا الرسم أغلى لوحة زيتية أحادية البعد تباع للرسام المولود في دبلن في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1909 والذي توفي في 28 نيسان/أبريل 1992 في مدريد. وكانت لوحة ثلاثية رسمها فرانسيس بايكن تمثل لوسيان فرويد قد بيعت في مقابل 127 مليون دولار خلال مزاد نظمته دار "كريستيز" في نيويورك في 12 تشرين الثاني/نوفمبر، محطمة بالتالي الرقم القياسي لعمل فني يباع في مزاد.

أول لوحة لرسام امريكي

في السياق ذاته اشترى المتحف الوطني في لندن للمرة الاولى في تاريخه لوحة لفنان أمريكي وهي "رجال احواض السفن" للرسام جورج بيلوز ليتخلى بذلك عن سياسته السابقة بعرض أعمال رسامين يعملون في اوروبا الغربية فقط. ويعرض المتحف الوطني مقتنيات بريطانيا من لوحات عن اوروبا الغربية خلال الفترة من القرن الثالث عشر وحتى التاسع عشر.

واستعان المتحف بجزء من أموال صندوق خيري أسسه الملياردير الراحل بول جيتي وتبرعات استثنائية من مصادر طلبت عدم الكشف عن هويتها لدفع ثمن اللوحة التي يرجع تاريخها الى عام 1912 والذي بلغ 25.5 مليون جنيه استرليني (42 مليون دولار). ويبدأ عرض اللوحة مع أعمال أخرى انطباعية منها مشاهد لثلوج ومناظر حضرية للرسامين كلود مونيه وكامي بيزارو في مبنى المتحف بميدان الطرف الأغر بقلب لندن. بحسب رويترز.

وقالت متحدثة باسم المتحف إن مليون امريكي يزورون المتحف الوطني كل عام. ويدل شراء اللوحة على اتخاذ المتحف منحى جديدا يتمثل في السعي لعرض رسومات تنتمي الى مدرسة اوروبا الغربية وليس فقط أعمال رسامين يعملون في اوروبا الغربية. ولد بيلوز الذي يتمتع بشهرة كبيرة في الولايات المتحدة بالمقارنة بأوروبا عام 1882 في كولومبس بولاية اوهايو الامريكية. ويقول المتحف إن بيلوز الذي توفي عام 1925 لم يزر اوروبا قط لكنه تأثر بالموجات الفنية الاوروبية مطلع القرن العشرين. وتصور اللوحة عمالا يتجمعون في يوم شتوي بارد على شاطيء بروكلين وفي الخلفية سفينة عابرة للمحيطات وأفق مانهاتن.

آرت بازل للفن المعاصر

على صعيد متصل تحولت مدينة ميامي بيتش بفنادقها ومقاهيها ومبانيها ومطاعمها الى قاعة عرض فنية عابرة بمناسبة المعرض الدولي للفن المعاصر "آرت بازل". وتوافد فنانون وتجار واصحاب ملايين وشغوفون بالفن من العالم باسره الى هذه المنطقة السياحية الساحلية الواقعة في جنوب فلوريدا للمشاركة في النسخة الثانية عشرة من هذا المعرض الذي اسس العام 1970 في بال وتم تصديره بعد ذلك الى كل من ميامي وهونغ كونغ.

واوضح رئيس بلدية ميامي توماس ريغالدو "انها حركة فنية انطلقت منذ اكثر من عشر سنوات واعطتنا شهرة في البلاد والعالم باسره". واتى كلام ريغالدو بعيد تدشينه مبنى "بيريز آرت ميوزيوم" الممتد على مساحة 20 الف متر مربع والمزنر بواجهات زجاجية مطلة على خليج بيسكاين والذي فتح ابوابه امام الزوار للتو. واضاف ريغالدو الكوبي الاصل ان منافع المعرض لم تقتصر على ميامي بيتش "بل سمحت بتطوير احياء اخرى في مدينة ميامي اصبحت اليوم عواصم للثقافة المعاصرة". واوضح "فبين حجوزات الفنادق والسياحة ومبيعات الاعمال الفنية يدر هذا الاسبوع على مدينة ميامي حوالى 200 مليون دولار".

وقال مايكل سرينغ مدير الشؤون الثقافية في منطقة ميامي-دايد ان "نفوذنا الثقافي ينمو باستمرار منذ 25 عاما". واضاف "معرض ارت بازل احدث تحولا فينا وقد ادى الى تسريع نسبة النمو الى حد ما كنا لنتصوره حتى. وباتت ميامي تأخذ نفسها على محمل الجد اكثر من اي وقت مضى". وقد اجتاح الفن المعاصر المساحات العامة واحتل احياء هنا وهناك مع رسوم جدارية في الوسط ورسوم غرافيتي في وينوود او دب ملون على ارصفة حي بريكل المالي.

وبمناسبة معرض "آرت بازل" ظهرت منشآت فنية جديدة في ارجاء المدينة مثل كلاب البولدوغ العملاقة للفنان البلجيكي وليام سويتلوف التي تحرس سطح متحف الاطفال او فك تمساح عملاق يحمل اسم "ذي غايتور ان ذي باي" ويطفو في الخليج. وقالت فيرونكيا ايندوشاغا صاحبة قاعة عرض فنية في حي بريكويل "بالنسبة للقاعات العرض الصغيرة يكون عمل السنة برمتها على المحك خلال هذا الاسبوع" مضيفة "المهم هو ان نجذب جموع الخبراء والشارين الاتين من اوروبا ومدن مثل نيويورك". بحسب فرانس برس.

وتعرض حوالى 258 صالة عرض فنية اتية من 31 دولة مختلفة ،اعمالا متنوعة من منحوتات ومنشآت فنية ولوحات. وقال جامع اعمال فنية مكسيكي طلب عدم الكشف عن هويته "في السنوات الاخيرة اكتشف الكثير منا واعجبوا باعمال فنانين سيشتهرون بعد ذلك". وقد سرت شائعات حول امكانية نقل المعرض الى مكان اخر اذ ان مركز المؤتمرات بحاجة الى اعمال ترميم. واوضح مدير المعرض مارك سبيغل "فكرة نقل آرت بازل الى مكان اخر خارج فلوريدا كان سيناريو مستبعدا لان ما بنيناه في ميامي بيتش قوي جدا. ولن نذهب الى اي مكان اخر".

آمال المصريين الخائبة

من جهة أخرى باتت الأحداث العنيفة التي تلت الثورة المصرية، الحيوية في بداياتها، موضوع معرض في نيويورك يسلط الأضواء على الآمال المحطمة. فبعد ثلاث سنوات على موجة التظاهرات التي اجتاحت العالم العربي وأطاحت بالأنظمة الاستبدادية في تونس ومصر وليبيا واليمن، أصبحت آمال الملايين راكدة، إن لم تكن قد تحطمت.

وقد شهدت الفنانة الإيرانية الأميركية شيرين نشاط شخصيا على تطور المجريات خلال تنقلاتها المتعددة بين نيويورك والقاهرة لإخراج فيلم عن المغنية أم كلثوم. وفي بداية العام 2011، التحقت شيرين نشاط بركب المحتجين الذين عموا شوارع مصر للمطالبة بسقوط نظام حسني مبارك الذي حكم البلاد لمدة ثلاثة عقود. وبعد سقوط نظام مبارك، أسفرت اول انتخابات رئاسية مفتوحة تجري في البلاد عن فوز محمد مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، فانتقلت مصر الغارقة في دوامة الاستقطاب السياسي من أزمة إلى أخرى.

وصرحت الفنانة قبيل افتتاح معرضها تحت عنوان "بيتنا يحترق" (آور هاوس إذ أون فاير) أن "الأمور تسير أصلا في الاتجاه الخاطئ". وقد قامت الفنانة بتصوير مصريين كبار في السن، من بائعين ومدرسين وربات منزل، خلف البؤس بصماته على وجوههم. وقالت السيدة الأنيقة "آمل أن تؤثر هذه الصور على الجمهور ... فعالم الفنون يبدو بعيدا كل البعد عن الواقع". وهي طلبت من شخصياتها قصد استوديو التصوير الصغير بالقرب من ميدان التحرير، معقل الاحتجاحات، ومشاركة تجاربهم. وسألتهم أن يفكروا في لحظة مأسوية عندما كانت تلتقط صورهم. وكشفت شيرين "كان البعض يسترسل في البكاء ... فهؤلاء قد عانوا الأمرين".

ومن أكثر المشاهد التي صدمت المصورة في مصر جثث في المشارح علقت في أرجلها بطاقات لتحديد هويتها. وقد كتبت الفنانة على بعض صورها مخطوطات من بيوت شعر للشاعر الإيراني مهدي أخوان ثالث ونظيرته فروغ فرخزاد عن حبهما للوطن وخسارة الأحباء. ولدت شيرين نشاط في إيران وترعرت فيها قبل الانتقال إلى الولايات المتحدة حيث تابعت دراستها وباتت من أشد منتقدي النظام الاسلامي في ايران. بحسب فرانس برس.

ونالت جائزة في منتدى دافوس الاقتصادي مع الممثل مات دايمن تقديرا على الجهود التي يبذلها الفنانون لتحسين وضع العالم. وقالت "في وسع الفنانين القيام بالكثير لتغيير العالم". وكانت شيرين نشاط قد التقطت سابقا صورا لشباب شاركوا في ما يعرف بالربيع العربي لا تزال معروضة حتى اليوم في جمعية "روبرت راوشنبرغ" في مركز تشيلسي للمعارض. وسيخصص ريع مبيعات صورتين من معرض "آور هاوس إذ أون فاير" المقدرة بعشرات آلاف الدولارات لجمعية تعنى بحقوق الإنسان في مصر لم يكشف عن اسمها بعد.

معرض في جدة

في السياق ذاته وتحت شعار "الفن لغة عالمية"، انطلق معرض اسبوع الفن السعودي في مدينة جدة بمشاركة فنانين محليين ومن الشرق الاوسط والعالم، الى جانب دار المزادات العالمية "سوذبيز". وقالت لينا جميل المديرة المختصة بالاعمال الفنية العالمية في سوذبيز الشرق الاوسط ان "الفن اصبح لغة عالمية تجمعنا كلنا، فكرة المعرض ليست ابراز الفنان الاشهر او الاهم بل ان يكون الفن محور الاهتمام في جدة". واضافت ان "الكثير من الفنانين السعوديين لديهم فن جميل لكنهم يعملون بشكل منفرد، لذلك قررنا اقامة منصة تجمعهم لكي يتقابلوا".

واشارت الى "التنوع في المعرض بحيث يضم فنانين عالميين وشرق اوسطيين وسعوديين ومن الجالية الفيليبينية بجدة ايضا". واوضحت جميل "هناك اكثر من 20 لوحة تخص دار سوذبيز تتجاوز قيمتها 20 مليون دولار معروضة من المنتظر ان تطرح للمزاد في نيسان/ابريل المقبل في الدوحة". واكدت ان "نصف اعمال المعرض لفنانين سعوديين، فيما النسبة المتبقية مناصفة بين الاعمال الاوروبية والشرق اوسطية".

وفي المعرض اعمال بارزة تعرض للمرة الاولى تعود لفنانين مشهورين معاصرين من الشرق الأوسط. وثمة لوحتان للفنان العالمي داميان هيرست وهما من الاعمال التي حظيت باهتمام وتقدير كبيرين في بريطانيا. وهناك ايضا اعمال للفنانين ايمن البعلبكي ومونير فارفارميان وهاف خارمان. وتابعت جميل "نقدم تشكلية مختارة لجامعي الاعمال الفنية والزوار لاروع ما ابدعته انامل الفنان اللبناني ايمن بعلبكي، ولوحات الفنانة مونير فار مافارميان الجميلة التي تقوم باعادة ابتكار التقاليد الإسلامية، اضافة الى اعمال فنية منمنمة للفنانة هاف خارمان، تصور فيها مجموعة من النساء يؤدين ادوارا مهمة".

ومن ابرز الاعمال المعروضة لوحة للفنان بعلبكي تقدر قيمتها بحوالى مليون دولار ويستعيد تذكر فيها الفنان مرارة الحرب اللبنانية ومآسيها. ويظهر في اللوحة حطام من طائرة في مطار بيروت العام 1976 تم قصفها وبقيت في مكانها لتظل شاهدا على فظاعة الحرب وبشاعتها. وجذبت لوحة "الفراشة" للفنان داميان هيرست، الزوار والمشاركين، وهي تتطرق الى الصراع بين الحياة والموت، وعبء تعقيدات التجربة الانسانية. وتتجاوز قيمة اللوحة مليون ومئتي الف دولار.

ومن المعروضات "الاشقاء الثلاثة" للفنانة الايرانية المعاصرة مونير فار مافارميان فضلا عن "لوحة الموج الأزرق" للفنان العالمي الايراني افجي نصر الله. بالاضافة الى لوحة "الملمس واللون" للفنان نبيل نحاس اشهر التجريديين اللبنانيين.

واوضح الفنان التونسي نجا المهداوي ان "مجتمعنا يشهد تغيرات مستمرة ومن اجل ان نعبر عن هذه التغيرات ونكسبها معنى حسيا لابد من اساس قوي للكلمة قادر على رسم صورتنا والتعبير عن روحنا". ويؤكد المهداوي وهو اشهر خطاطي الوطن العربي ان "تركيزي ينصب على سلطنة الحرف". الى ذلك، قال الين كسيومي (39 عاما) وهو مصور هاو من الجنسية الفلبينية واحد المشاركين في المعرض "انها المرة الاولى التي اتلقى فيها دعوة للمشاركة في معرض كهذا". بحسب فرانس برس.

واضاف كسيومي الذي يعمل مهندسا مدنيا "في السابق كنا نقوم بتنظيم معارضنا داخل مجتمعاتنا في جدة، هناك اكثر مئة مجموعة لفنانين فيلبينيين (..) لكن المشاركين هنا 23 فنانا".

ولفت الى ان "جميع الفنانين الفيليينيين لديهم حسابات على فيسبوك حيث نقوم بنشر صور جدة والثقافة السعودية (...) عندما وصلت الى هنا قبل عشرة اعوام كنت اعتقد انها مجرد صحراء".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 18/شباط/2014 - 17/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م