التجارة الإلكترونية.. ازدهار يهدد أسس التجارة التقليدية

 

شبكة النبأ: تشهد التجارة الإلكترونية في ظل ارتفاع عدد مستخدمي الانترنت والاجهزة الحديثة وتعدد وسائل الدفع الإلكتروني ازدهارا كبيرا في مختلف دول العالم، وتحظى مواقع التسوق عبر الإنترنت بشعبية واسعة لدى الكثير من الناس وذلك لكونها توفر الكثير من الأمور المهمة التي قد يحتاجها المستهلك، ومع الاقبال المتزايد على التسوق الالكتروني الذي اضر كثيرا بخدمات البيع المباشر فقد بادر الكثير من اصحاب محال تجارية والمؤسسات الخاصة الى اقامة مواقع خاصة على شبكة الانترنت التي اصبحت اليوم سوقا تنافسية لعرض سلع وترويج الخدمات المقدمة للزبائن كما يقول بعض الخبراء، الذين اكدوا على ان السنوات القادمة ستشهد هيمنة مطلقة للتجارة الإلكترونية التي ستكون المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي.

وفي هذا الشأن قالت هيئة تنظيم قطاع الاتصالات البريطاني (أوفكوم) إن البريطانيين مازالوا مولعين بالتسوق الإلكتروني إذ ارتفع متوسط إنفاق الأسرة 16 في المئة في 2012 إلى 1175 جنيها استرلينيا (1900 دولار) وهو ما يزيد عن مثلي الإنفاق على التسوق الإلكتروني في فرنسا وعشرة أمثاله في ايطاليا. وذكرت الهيئة في تقريرها السنوي عن الاتصالات الدولية أن المستهلكين في بريطانيا جاءوا أيضا في المرتبة الأولى من حيث عدد طلبات الشراء عبر الانترنت مقارنة بكل الدول السبع عشرة التي شملها مسح الهيئة.

وقالت أوفكوم إن نحو 73 في المئة ممن شملهم المسح اشتروا عبر الإنترنت مرة واحدة شهريا على الأقل بينما تسوق 24 في المئة مرة واحدة أسبوعيا على الأقل. واحتلت اليابان المركز الثاني وألمانيا المركز الثالث. وسألت الهيئة عن سبب إقبال البريطانيين على التسوق الالكتروني وذلك خلال 9070 مقابلة أجرتها في وقت سابق ووجدت أن المتسوقين البريطانيين يثقون في شركات التجزئة الالكترونية أكثر من نظرائهم في بلدان أخرى ولديهم ثقة أكبر في أمن مواقع التسوق.

من جانب اخر أظهرت أرقام شركات بيع الأدوات الترفيهية أن الخدمات الرقمية، مثل "سبوتيفاي" و"نيت فليكس" و"آي تونز"، عززت من مبيعات تسجيلات الفيديو والموسيقى الرقمية في المملكة المتحدة. وارتفعت مبيعات تسجيلات الفيديو بنسبة 40 في المئة في عام 2013، بحيث تعوض خسارتها في أشكالها التقليدية التي وصلت إلى 6.8 في المئة. وشهدت مواقع تسجيل الموسيقى على الإنترنت زيادة بنسبة 33.7 في المئة، فيما تشكل الآن نحو 10 في المئة من عوائد المستهلكين من الموسيقى المسجلة.

وسجلت السوق الإجمالية لمواد الموسيقى والفيديو والألعاب الترفيهية في المملكة المتحدة ما قيمته 5.4 مليار جنيه إسترليني عام 2013، أي بزيادة أربعة في المئة من إجمالي عام 2012 الذي سجل 5.1 مليار جنيه إسترليني. وقال كيم بايلي، مدير عام جمعية بائعي الأدوات الترفيهية: "نتائج المبيعات كانت مذهلة، خاصة أنها جاءت بعد خمس سنوات على الأقل من الانخفاض في المبيعات."

ومثلت خدمات الفيديو الرقمية، التي تشمل "آي تونز" لتحميل الملفات بالإضافة إلى خدمتي "نيت فليكس" و"لاف فيلم" لبيع تسجيلات الفيديو عبر الإنترنت، نحو 30 في المئة من إجمالي مبيعات الفيديو لعام 2013. واحتل فيلم "سكاي فول"، أحدث نسخة من أفلام جيمس بوند، المركز الأول في مبيعات الفيديو الرقمية، إذ سجل بيع 2.96 مليون نسخة منذ عرضه في فبراير/ شباط الماضي.

وكانت الدفعة الأولى لفيلم "ذا هوبيت -رحلة غير متوقعة" ثاني أكثر الأفلام مبيعا بعدما سجل 2.06 مليون نسخة منذ إطلاقها في أبريل/ نيسان الماضي. لكن صورة قطاع الموسيقى في بريطانيا ليست بهذا القدر من التفاؤل بعدما سجل انخفاضا في إجمالي المبيعات بنسبة نصف في المئة. وانخفضت مبيعات الموسيقى التقليدية بأكثر من 7 في المئة، فيما شهدت الموسيقى على الإنترنت زيادة في مبيعاتها بنسبة 3.5 في المئة، أي أقل 15 في المئة من مبيعات العام الماضي.

وأظهرت تقديرات لهيئة صناعة التسجيلات البريطانية أن فترة الركود تلك انحصرت بعدما شهدت ارتفاعا في إيرادات الاشتراك للحصول على مواد الفيديو عبر الإنترنت بقيمة 103.1 مليون جنيه إسترليني. وقدرت الهيئة إجمالي قيمة تسجيلات الموسيقى في بريطانيا بنحو 1.04 مليار جنيه إسترليني، وشكلت الموسيقى الرقمية، دون احتساب إيرادات بيع التسجيلات على الإنترنت، نحو 40 في المئة.

وتمثل أشكال الموسيقي التقليدية، على الرغم من إنجازات مثيلتها على الإنترنت، أكثر من النصف أي بنسبة 56 في المئة، من مبيعات الموسيقى والفيديو والألعاب الترفيهية في المملكة المتحدة. وكانت اسطوانات تسجيل "بلو راي" الأفضل في تشغيل الموسيقى التقليدية بمبيعات وصلت تقريبا إلى 252 مليون جنيه إسترليني، أي بزيادة 10 في المئة في عام 2012. بحسب بي بي سي.

وشهدت أسطوانات "ألبوم الفينيل" كذلك زيادة على مدار الـ 12 شهرا الماضية بنسبة مبيعات وصلت إلى 14.6 مليون جنيه إسترليني. وكان ألبوم "ناو ذاتس وات أي كول ميوزيك 86" الأكثر مبيعا عام 2013، بعدما سجل بيع 1.2 مليون نسخة، فيما كان "ناو... 85 أند ناو... 84" ثاني وثالت أكثر الألبومات مبيعا على التوالي. وحقق ألبوم فريق "وان دايركشن" المركز الأول في مبيعات 2013 في بريطانيا، متجاوزًا ألبوم المغنية إيميلي ساندي الذي طرح عام 2012.

مبيعات استثائية

في السياق ذاته ارتفعت مشتريات الاميركيين عبر الانترنت خلال التنزيلات التقليدية (بلاك فراديدي) مع اجراء ثلثها من اجهزة لوحية وهواتف نقالة بعيدا عن التدافع في المتاجر على ما اظهرت ارقام نشرتها "آي بي ام" و "ادوب". ووصلت قيمة المشتريات عبر الانترنت الى حوالى 1,06 مليار دولار في يوم عيد الشكر وحده وهو مجموع يزيد بنسبة 18 % عن مجموع العام الماضي على ما قالت مجموعة "ادوب" للبرمجيات.

وبلغت قيمتها 1,93 مليار دولار غداة ذلك في ما يعرف ب "بلاك فرايدي" الذي يتهافت فيه الاميركيون الى المتاجر حيث تحصل احيانا عمليات تدافع كبيرة، اي بارتفاع نسبته 39 % على ما اوضحت الشركة التي اعتمدت في حساباتها على تحليل 400 مليون زيارة لحوالى الفي موقع لمتاجر اميركية. وتوصلت الشركة الاميركية المعلوماتية العملاقة "آي بي ام" الى ارقام مماثلة من خلال الاستناد الى الحركة على 800 موقع تجاري. وقد ارتفعت المبيعات عبر الانترنت بنسبة 19,7 % على عام في يوم عيد الشكر و19 % في "بلاك فرايدي".

وشكلت المبيعات عبر اجهزة نقال 24,2 % من المجموع على ما قالت ادوب (21,8 % بحسب آي بي ام) فيما شكلت المبيعات عبر الاجهزة اللوحية 15,6 % من هذه المبيعات وتلك التي تمت عبر الهواتف الذكية 8,6 %. واجمعت الشركتان على ان مستخدمي اجهزة "آبل" انفقوا اكثر من اصحاب الاجهزة التي تعمل بنظام "اندرويد" من غوغل.

واوضحت "ادوب" ان من اصل 3 مليارات دولار تقريبا قيمة المبيعات عبر الانترنت في هذين اليومين، تمت 417 مليونا منها عبر اجهزة لوحية من طراز "آي باد" و126 مليونا عبر هواتف "آي فون" في حين ان الهواتف العاملة بنظام "اندرويد" استخدمت لمشتريات بقيمة 106 ملايين دولار والاجهزة اللوحية التي تعمل بهذا النظام لمشتريات قيمتها 42 مليونا. بحسب فرانس برس.

واعتبرت "آي بي ام" ان الاجهزة اللوحية استخدمت في 14,4 % من المبيعات عبر الانترنت في مقابل 7,2 % للهواتف الذكية. وبشكل وسطي انفق مستخدمو الاجهزة اللوحية 132,75 دولارا ومستخدمو الهواتف الذكية 115,63 دولارا. من جهة اخرى ووفقا لاولى التقديرات لمبيعات عطلة نهاية اسبوع عيد الشكر في المتاجر التي نشرتها الشركة المتخصصة "شوبر تراك"، فان الاميركيين انفقوا 12,3 مليار دولار خلال يومي التنزيلات الخميس والجمعة اي بارتفاع قدره 2,3 % مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2012.

منافسة محتدمة

على صعيد متصل يؤثر ازدهار عمالقة الانترنت من قبيل "أمازون" سلبا على قطاع التوزيع في الولايات المتحدة حيث ينبغي على المتاجر التقليدية أن تتكيف مع هذا التحول خشية أن تغلق أبوابها أو تواجه صعوبات جمة، كما هي الحال مع "جي سي بيني" و"بيست باي". وكشف هوارد شولتز المدير التنفيذي لسلسلة مقاهي "ستاربكس" أن "الزبائن يمضون مزيدا من الوقت على الانترنت، وهذا التحول يغير المعادلة بالنسبة إلى الموزعين".

وأضافت فيرجينيا موريس مديرة قسم الاستراتيجية والاستهلاك في مجموعة الاستشارات التسويقية "دايمن" أن "المستهلكين يستخدمون هواتفهم الذكية طوال الوقت ويتبضعون على مدار الساعة والأسبوع". ولفت بول سويماند المحلل لدى مجموعة الأبحاث "مورنينستار" إلى أنه "ما من قواعد عامة تطبق في مجال التوزيع، لكن ينبغي تحديد قطاعات محددة لتوفير قيمة مضافة" في وجه اجتياح الانترنت.

وبعض الأوزان الثقيلة في القطاع، من قبيل متاجر "مايسيز" التي تتراجع مبيعاتها منذ العام 2007 استثمرت باكرا في مواقعها المخصصة للبيع على الانترنت. وقد اكتسبت سلسلة "مايسيز" مكانة مرموقة في مجال السلع الفاخرة مع مجموعة جد متنوعة وخدمات استشارية تشد فيها الزبائن إلى متاجرها. لكن الوضع مختلف تمام الاختلاف بالنسبة إلى متاجر كبيرة أخرى، من قبيل "جي سي بيني" و"سيرز". فهذا الأخير قد أحرز تقدما في التجارة الإلكترونية "لكنه لا يستثمر بما فيه الكفاية في متاجره التي باتت قذرة وتفتقر إلى المواد اللازمة وما يكفي من البائعين"، على حد قول بول سويماند.

وذكر المحلل بأن مشاكل "جي سي بيني" بدأت عندما عينت هذه الأخيرة رون جونسون الذي يعتبر من عباقرة القطاع بعد إشرافه على عملية إطلاق متاجر "آب ستور" في منصب المدير العام. فقد اعتمد رون جونسون استراتيجية للمتاجر أصبحت مثالا عن الخطوات التي ينبغي تفاديها في هذا السياق. فهو قد وضع حدا للتخفيضات الكبيرة التي كانت تستقطب نسبة كبيرة من الزبائن الأوفياء وذلك في خضم الانكماش الذي ضرب الولايات المتحدة، كما أنه رمم المتاجر بطريقة لم تجذب الزبائن الشباب.

وتعد المجموعة حاليا في مرحلة العناية الفائقة، فهي أعلنت عن نيتها إغلاق 33 متجرا في الولايات المتحدة وإلغاء ألفي وظيفة. ومن بين القطاعات الأخرى الرازحة تحت وطأة التجارة الإلكترونية المزدهرة، قطاعا السلع الثقافية والأجهزة الإلكترونية. فالزبائن لا يقصدون متاجر سلسلة "بيست باي" للأجهزة الإلكترونية إلا لمشاهدة المنتجات ومقارنة الاسعار وطلب المشورة، ثم يشترون المنتجات على الانترنت.

وأكد بول سويماند أن "المعركة صعبة مع أمازون الذي لا يحسب الضرائب". فقد انخفضت قيمة سهم "بيست باي" بنسبة 30% بعد أن كشفت في منتصف كانون الثاني/يناير عن مبيعات مخيبة للآمال في موسم أعياد نهاية السنة. وبحسب فيرجينيا موريس، ينبغي على "بيست باي" اعتماد "حلول بديلة"، من قبيل "تقديم المشورة إلى الكبار في السن الذين يتمتعون بقدرة شرائية لكنهم بحاجة إلى المساعدة في مجال المعلوماتية". بحسب فرانس برس.

ولم ينج قطاع الملابس بدوره من هذه الأزمة. فقد أشهرت عدة متاجر لبيع سلع فاخرة بأسعار مخفضة إفلاسها. غير أن فيرجينيا موريس اعتبرت أن المسألة مسألة استراتيجية غير صائبة، مؤكدة "لا أظن أن هذه المتاجر ستختفي بالكامل، فالكثير من الزبائن لا يزالون يحبون ارتيادها".

توسيع الانشطة

في الوقت الذي يتحول فيه عدد متزايد من المشترين إلى التعامل عبر الانترنت يتطلع ملاك مراكز التسوق الأوروبية لاجتذاب العملاء بإدخال خدمات لا يمكن الحصول عليها عبر الانترنت مثل الرعاية الصحية والمصالح الحكومية. وقال خبراء عقاريون في معرض ام.آي.بي.آي.ام التجاري في كان بفرنسا إن على مراكز التسوق أن تكون مراكز للخدمات الشاملة التي تهم المجتمع وذلك لكي تحافظ على كيانها في مواجهة قائمة متزايدة من شركات التجزئة المنهارة مثل اتش.ام.في وبلوكبستر.

وعلى الجانب الآخر لهذه الثورة في عالم التجزئة يرى الخبراء مكاسب كبيرة في أنشطة التخزين إذ يجري إرسال عدد متزايد من البضائع بالبريد. وقال ديفيد روبرتس الرئيس التنفيذي لشركة ايداس للتصميم الهندسي "مراكز التسوق التي لا تتضمن أي أنشطة أخرى غير بيع السلع أصبحت أيامها معدودة." وتشارك الشركة في تصميم مدن في آسيا وأوروبا والشرق الأوسط.

وأضاف "خلال عشرين عاما سيتم استبدال المتاجر التي تبيع الكتب والاسطوانات المدمجة بمواقع تعطي الناس سببا للذهاب إلى مركز التسوق ... معارض فنية ومراكز تعليمية وصحية." وأشار فلورنثو بيكر مدير الصندوق في سي.بي.آر.إي جلوبال انفستورز وهو صندوق أوروبي لمراكز التسوق إلى عملية شراء مركز تسوق في ألمانيا قائلا إن اشتماله على مركز طبي كبير كان "ميزة اضافية كبيرة".

وقال "رأيت مرة عيادة في مركز تسوق بالبرازيل حيث يتم فحصك عندما يكونون جاهزين وفي غضون ذلك يمكنك الذهاب للتسوق ... في ظل تزايد أعداد المسنين في أوروبا يمكن أن يحدث ذلك بدرجة متزايدة." وقال إن سي.بي.آر.إي تدير عقارات في قطاع التجزئة بنحو 14 مليار يورو في أوروبا ولديها خمسة آلاف مستأجر وتملك أيضا متجرا في جنوب السويد به مكتبة ومقر للبلدية. وأضاف بيكر "الكثير من شركات تطوير مراكز التسوق يجرون محادثات في مراحل مبكرة مع هذا النوع من المستأجرين إلى جانب أنشطة التجزئة الكبيرة."

وزاد ملاك مراكز التسوق مثل لاند سيكيوريتيز وانتو ووستفيلد وكليبيير عدد المطاعم ودور السينما في مراكزهم لإغراء المتسوقين للبقاء لفترة أطول ويقدمون عروضا ترويجية لمكافأة المتسوقين كثيري التردد على المكان الذين يمكن معرفتهم من خلال أرقام الهواتف المحمولة. لكن بعض الخبراء يقولون إن تلك الخطوات ربما لا تكون كافية في ظل توقعات بأن 90 بالمئة من نمو مبيعات التجزئة في بريطانيا وفرنسا وألمانيا بين 2012 و2016 بما يعادل 91.5 مليار يورو سيكون من خلال الانترنت وذلك وفقا للذراع العقارية لشركة التأمين الفرنسية اكسا التي تدير أصولا بقيمة 43 مليار يورو. بحسب رويترز.

وقال روبرتس إنه بالإضافة إلى تغيير طبيعة ما يوجد داخل مراكز التسوق فإن على ملاك المراكز اقتباس الأفكار من الأسواق النامية مثل دبي والصين حيث تكون مراكز التسوق ضمن مشروع أكبر متعدد الأغراض حيث يعيش الناس أو تضم مناطق مفتوحة يمكنهم قضاء أوقات الفراغ بها.

وفي حين تكافح شركات التجزئة وملاك مراكز التسوق للتوصل إلى حل يتفق الجميع على أن ملاك المخازن هم أكثر المستفيدين من التحول في عادات الشراء. وقال تقرير من شركة برولوجيس لتأجير مساحات التخزين العام الماضي إن كل مليار يورو من مبيعات الانترنت أدت لطلب إضافي على مساحات التخزين بنحو 72 ألف متر مربع في بريطانيا وألمانيا وفرنسا على مدى السنوات الخمس السابقة.

وول مارت وغوغل

الى جانب ذلك تدرس متاجر وول مارت خطة جريئة لاستخدام زبائن متاجرها في توصيل طرود المشتريات عبر الانترنت لأصحابها في خطوة تأمل الشركة أن تمكنها من تحسين قدرتها على التنافس مع أمازون دوت كوم. وستحقق هذه الخطوة لوول مارت أكبر سلسلة لمتاجر التجزئة في العالم نقلة جديدة إلى قلب ظاهرة يطلق عليها أحيانا "اقتصاد المشاركة" أو "التعهيد الجماعي". وتتيح مجموعة كبيرة من الشركات الجديدة هذه الايام للناس إمكانية تحقيق دخل من خلال تأجير غرفة خالية أو سيارة أو حتى رداء للحفلات وإذا أخذت وول مارت الخطوة المقترحة فإنها ستدعو الناس في واقع الأمر لتأجير مساحة في سياراتهم وتحقيق استفادة مادية مقابل استعدادهم لتوصيل الطرود للاخرين.

لكن هذا المسعى سيواجه عقبات عديدة من النواحي القانونية والتنظيمية بل وفيما يتعلق بالخصوصية. وقال مديرون تنفيذيون في وول مارت إن الاقتراح في مرحلة تخطيط أولية. وتعمل وول مارت على تحقيق طفرة كبيرة في تنفيذ طلبات الشراء عبر الانترنت من خلال المتاجر مباشرة وتأمل بذلك أن تخفض تكاليف النقل وتسجل نقطة تفوق على أمازون وغيرها من شركات البيع عبر الانترنت التي لا تملك متاجر فعلية.

وتنفذ وول مارت هذه الخطوة حاليا في 25 متجرا تعتزم زيادتها إلى 50 متجرا وربما توسع نطاق البرنامج ليشمل مئات المتاجر مستقبلا. وفي الوقت الحالي تتعاقد وول مارت مع شركات لتوصيل الطرود مثل فيديكس نقل الطرود من المتاجر أو عربات التسليم التابعة لها في حالة خدمة التسليم في اليوم نفسه والتي يجري اختبارها في خمس مناطق.

وقال جويل اندرسون الرئيس التنفيذي لوول مارت دوت كوم في الولايات المتحدة "أرى سبيلا لتحقيق ذلك عن طريق التعهيد الجماعي." وتستقبل وول مارت في متاجرها ملايين الزبائن كل أسبوع. وقال أندرسون إن بعض هؤلاء الزبائن قد يوافق على الكشف عن عنوان سكنه وعلى توصيل طرود لزبائن خدمة التسوق عبر الانترنت الذين يسكنون في طريق عودته للبيت. وأضاف أن وول مارت ستعرض خصما خاصا يخفض قيمة فواتيرهم بما يغطي كلفة البنزين الذي سيستخدمونه في رحلة العودة مقابل تسليم الطرود. وقال جيف ماك اليستر رئيس وحدة الابتكارات في وول مارت بالولايات المتحدة "هذه (الفكرة) مازالت في مرحلة العصف الذهني."

وقال مات نمر محلل قطاع التجزئة لدى ولز فارجو للاوراق المالية إن احتمال تطبيق الفكرة على نطاق واسع يشمل شبكة الشركة المكونة من أكثر من 4000 متجر في الولايات المتحدة محدود. وتتيح شركات جديدة مثل تاسك رابيت وفيفر للافراد تأجير وقتهم وخبراتهم للشركات وللراغبين في استكمال بعض المهام الصغيرة.

ويقول نمر إن مثل هذه الشركات التي تعمل على التوفيق بين طرفين عن طريق الانترنت تغامر بمخاطر قانونية وإن الحال لن يختلف كثيرا بالنسبة لوول مارت. وقال المحلل إن بعض الطرود قد لا تصل إلى أصحابها بسبب السرقة أو الاحتيال. وأضاف أن مثل هذه الخدمات قد لا تكون لها المصداقية التي تتمتع بها خدمات شركات مثل فيديكس أو يو.بي.إس تؤمن على سائقيها. وقال نمر "أنت تشعر بالارتياح لوجود شاحنة تابعة لفيديكس أو يو.بي.إس أمام بيتك لكن ماذا عن غريب يطرق بابك؟"

وقال جاريك بول الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة زبمنتس التي تأسست عام 2010 في إن شركته تعمل الان على زيادة اجراءات الفحص للسائقين قبل السماح لهم بدخول شبكة التسليم. وأضاف أن السرقة والاحتيال وتأخر التسليم لم تمثل قط مشكلة لكن التأمين والتراخيص تعد عائقا أمام نشاط الشركة. وتضمن شركة زبمنتس بنفسها المخاطر الشخصية حتى مبلغ 250 دولارا لكنها تشجع المشتركين في خدمات التوصيل على شراء تغطية تأمينية اضافية للطرود الأعلى قيمة.

وفي بعض المناطق مثل وسط مدينة شيكاجو يحتاج المشترك في الخدمة لترخيص توصيل حتى يتسنى له تسليم الطرد. وقال بول إن الشركة تساعد الناس في ترتيب هذه الأمور قبل السماح لهم بتوصيل الطرود. وأضاف أن المشاكل لا تستعصي على الحل مشيرا إلى مطاعم البيتزا التي استخدمت سائقين يعملون بعض الوقت لتسليم منتجاتها منذ سنوات.

على صعيد متصل بدأ عملاق الانترنت الاميركي "غوغل" باختبار خدمة لتسليم في اليوم عينه مشتريات تطلب على الانترنت، من قبيل الألعاب والألبسة والمأكولات، منافسا بالتالي الموزع "أمازون" في مجال اختصاصه. ودعي سكان منطقة سان فرانسيسكو بالقرب من منطقة سيليكون فالي (ولاية كاليفورنيا غرب الولايات المتحدة) حيث تتخذ المجموعة مقرها إلى المشاركة في هذه التجربة الجديدة التي أطلق عليها اسم "غوغل شوبينغ إكسبرس".

وكشف مدير المنتجات في المجموعة طوم فالووز في رسالة نشرت على مدونة "غوغل" ان "هذه الخدمة المحلية لتسليم البضائع تسمح لكم باستلام مشترياتكم الإلكترونية في اليوم عينه وبكلفة بسيطة". وأضاف "من المتوقع توسيع نطاق هذا المشروع التجريبي تدريجيا بعد حل المشاكل التي من الممكن أن يواجهها".

وتسمح هذه التجربة للمشاركين فيها بشراء من الموقع عينه منتجات موزعين مختلفين، من قبيل سلسلة متاجر "تارغت" وصيدليات "وولغرينز" ومتاجر الألبسة "أميريكن إيغل" والألعاب "تويز آر آز". ولم يحدد بعد سعر الاشتراك في خدمة "غوغل شوبينغ إكسبرس"، ويحصل المشاركون الحاليون في التجربة على ستة أشهر من عمليات التسليم المجانية وغير المحدودة. بحسب فرانس برس.

وكانت مجموعة "وولمارت" الأولى عالميا في مجال التوزيع قد أعلنت منذ بضعة أشهر عن إجراء تجربة مماثلة. أما عملاق التوزيع الإلكتروني "أمازون"، فهو يقدم منذ عدة سنوات خدمة "برايم" التي يجري في إطارها تسليم البضائع بالمجان في خلال يومين، في مقابل اشتراك سنوي يكلف 79 دولارا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 11/شباط/2014 - 10/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م