السعودية ... عندما يرسم البعد الطائفي سياسية خارجية عشوائية

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: محاولات السعودية بلعب دور إقليمي مؤثر في محيطها يرضي طموحها، ليس بالأمر الجديد، وقد تنامى هذا الدور مع ارتفاع وتيرة انتاج النفط الذي تحتل الصدارة فيه عملياً في الشرق الأوسط، وقد نهجت سياسية خارجية امتازت بالتخبط والعشوائية في اغلب مفاصلها، كما يشير العديد من المحللين والمتابعين، ويعزو الكثير منهم سبب هذا التخبط الى ان مفردات السياسية الخارجية للسعودية اعتمدت اغلب قراراتها ومواقفها على البعد الطائفي الذي نبع من الفكر الوهابي المعتمد رسمياً لدى المملكة.

ويبدوا ان سباقها السياسي مع إيران حول الملف النووي والازمة السورية والصراع الخفي في العراق ولبنان، والتي منيت في اغلبها بهزائم دبلوماسية لصالح الأخيرة، انعكس سلباً على العلاقة التي تربطها مع الولايات المتحدة الامريكية المرتبكة، خصوصاً وان السعودية ما زالت تصر على عزل وتفتيت ما يسمى "الهلال الشيعي" الذي تعتبره تهديداً مباشراً لها وخطر داهم لا يمكن السكوت عنه.

في سياق متصل يتوجه الرئيس الاميركي باراك اوباما قريباً الى السعودية حيث سيلتقي الملك عبد الله لإجراء نقاش صريح في وقت يقوم توتر بين البلدين حول انفتاح الولايات المتحدة على إيران وتحفظاتها في سوريا، وشكلت سياسات اوباما خيبة للرياض وشهدت ولايته تقلبات في علاقة واشنطن الاستراتيجية مع حليفها الاساسي في المنطقة.

ولم تخف المملكة استياءها من دبلوماسيته حيال البرنامج النووي لإيران، الخصم الشيعي للسعودية السنية في هذه المنطقة التي تشهد توترات متفاقمة، وعدولة في اللحظة الاخيرة في نهاية العام الماضي عن تسديد ضربة عسكرية لسوريا، ونشر امراء سعوديون منذ ذلك الحين مقالات في صحف اميركية شبهوا فيها واشنطن ب"دب ضخم" يتمنع عن اخراج مخالبة ووصفوا فيها الاتفاق المرحلي الذي تم التوصل اليه مع ايران بشان برنامجها النووي بانه "مجازفة خطيرة".

وكانت صحيفة وول ستريت جورنال اول من أعلن نقلا عن مسؤولين عرب ان اوباما يعتزم زيارة السعودية، غير ان البيت الابيض انتظر حتى يؤكد الخبر مشيرا الى ان اوباما سيضيف محطة لم تكن مقررة الى جولته المعلنة على هولندا وبروكسل والفاتيكان في اذار/مارس.

ورفض مسؤولون اميركيون الكشف عن الجانب الذي اتخذ المبادرة في هذه الزيارة، وبالرغم من "الكلام الدبلوماسي" عن علاقة واسعة النطاق وحيوية بين البلدين، الا انه لم يتمكن من تبديد الانطباع بان الزيارة هدفها الحد من الاضرار، وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني "أيا كانت الخلافات في وجهات النظر بيننا، فهذا لا يبدل بشيء واقع انها شراكة هامة جدا ووثيقة جدا".

وبالرغم من ان الصورة ليست قاتمة تماما، حيث تبدي السعودية ارتياحها لجهود كيري من اجل تحقيق سلام شامل في الشرق الاوسط وتقوم علاقة وثيقة بين البلدين على صعيدي الامن والاستخبارات، الا ان الخلافات تبقى جسيمة بشأن سوريا وايران، وقال ديفيد اوتاواي الباحث المتخصص في الشرق الاوسط في معهد ويلسون "اتوقع ان يدور نقاش صريح للغاية كما يقال في اللغة الدبلوماسية".

ورأى سايمون هندرسون من معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى ان السعوديين لن يخفوا على اوباما خيبتهم بالرغم من حرصهم على مجاملته، وقال "ان المغزى المبطن هو "سوف نطلعك على بعض الحقائق بشأن الشرق الاوسط يبدو انها لا تلقى استحسانك"، ولم يخف السعوديون استياءهم حيال الاتفاق المرحلي الذي ابرم بين الدول الكبرى وإيران ونص على تعليق طهران بعض انشطتها النووية لقاء تخفيف العقوبات المفروضة عليها.

وتعتبر الرياض على ما يبدو ان اي دبلوماسية تسمح لإيران بتحسين موقعها في المنطقة تشكل انتكاسة للسعودية، وقال هندرسون "اعتقد ان اوباما سيجد صعوبة كبرى في تهدئة مخاوف السعوديين"، وكتب وزير الدفاع السابق في ادارة اوباما روبرت غيتس في كتاب صدر له مؤخرا ان الملك عبد الله قال له بصراحة ان "إيران هي مصدر كل المشكلات وخطر لا بد من التصدي له"، وتتنازع السعودية السنية وإيران الشيعية منذ زمن بعيد دور الزعامة الجيوسياسية في الشرق الاوسط.

وقال انتوني كوردسمان الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن في مقال ان "هذا الصراع بين إيران والسعودية يزداد تعقيدا على ضوء الشكوك المتزايدة لدى السعوديين وغيرهم من العرب حول تحالفهم مع الولايات المتحدة وحول السياسات الاميركية في المنطقة".

وتبدأ قائمة المآخذ السعودية على ادارة اوباما بالخيبة ازاء عدم بذل الرئيس الاميركي جهودا كافية لتحقيق وعده ب"بداية جديدة" مع العالم العربي الذي قطعه في خطابه الشهير في القاهرة عام 2009، وتصاعد غضب السعوديين بعدما تخلى اوباما عن حليف قديم للولايات المتحدة هو الرئيس المصري حسني مبارك الذي اطاحته ثورة شعبية وفي غمرة "الربيع العربي" الذي أسقط انظمة ويهدد اخرى فقدت الرياض الامل في امكانية ان يقف اوباما "في الجانب الصحيح من التاريخ".

وصدرت انتقادات علنية ملفتة لواشنطن عن شخصيات مثل الامير تركي الفيصل والسفير السعودي في بريطانيا الامير محمد بن نواف بن عبد العزيز بعدما عدل اوباما في اللحظة الاخيرة عن تسديد ضربات جوية بدت وشيكة الى نظام الاسد لمعاقبته على استخدام اسلحة كيميائية ضد مواطنيه.

وعزز هذا التراجع في الموقف الاميركي حجج منتقدي واشنطن في الشرق الاوسط الذين يشككون في مصداقية اوباما حين يهدد بمهاجمة إيران في حال فشل السبل الدبلوماسية معها، كما غذى هذا التراجع رأيا يسعى المسؤولون الاميركيون بشكل متزايد لنقضه، يقول ان واشنطن تنصرف عن الشرق الاوسط في وقت يسحب اوباما قواته من ساحات مواجهة في المنطقة ويعيد تركيز سياسته في اسيا. بحسب فرانس برس.

وتجلت الخيبة السعودية حيال رفض اوباما تسليح مقاتلي المعارضة السورية في مداخلة لوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل خلال مؤتمر صحافي عقده مع كيري في الرياض في تشرين الثاني/نوفمبر، وقال ان سوريا "هي أصعب ازمة في العالم في الالفية الراهنة، وان لم يكن ذلك سببا كافيا للتدخل لوقف سفك الدماء، لا اعرف متى يكون هذا".

وفي حين ان اوباما والملك عبد الله قد يتفقان على الاختلاف بشأن إيران وسوريا، الا ان الرئيس الاميركي سوف يشدد على جهود كيري لدفع عملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين قدما، وهو التزام لطالما طالبت به السعودية، كما ان البلدين يريان تهديدا مشتركا في انتشار الجماعات الموالية للقاعدة في العديد من المناطق السورية والعراقية الخارجة عن سيطرة السلطات.

وسبق ان زار اوباما الرياض في حزيران/يونيو 2009، في مستهل ولايته الأولى، وبعد سنة استقبل في البيت الابيض العاهل السعودي الذي يبلغ التسعين من العمر هذا الصيف، واكد في تلك المناسبة على متانة العلاقات بين البلدين.

فيما وصف وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة بأنها "قوية،" معتبرا أن اللقاء الذي جمعه بنظيره الأمريكي، جون كيري، كان "مميزا وسلسا" بما يدحض التحليلات عن "تدهور العلاقات ووصولها إلى مرحلة حرجة ودراماتيكية"، وجاءت مواقف الفيصل في مؤتمر صحفي مع نظيره الأمريكي نقلت تفاصيل أحداثه وكالة الأنباء السعودية التي ذكرت أنه عُقد في مطار الملك خالد الدولي قبل مغادرة كيري للمملكة.

وبحسب الوكالة فقد قال الفيصل: "أود بداية أن أنوه بالعلاقات القوية بين بلدينا الصديقين، حيث جرى اجتماع مميز وسلس استمر مدة ثلاث ساعات، وهذا يدحض التحليلات والتعليقات والتسريبات التي أسهبت مؤخرًا في الحديث عن العلاقات السعودية الأمريكية، وذهبت إلى حد وصفها بالتدهور ومرورها بالمرحلة الحرجة والدراماتيكية ".

وأضاف الأمير السعودي أن اللقاء شهد "بحث واستعراض قضايا المنطقة والقضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصة فيما يتعلق باليمن وسوريا ولبنان،" إلى جانب مناقشة "النزاع الفلسطيني الإسرائيلي" مؤكدا تطابق وجهات النظر حيال "ضرورة تحقيق السلام العادل والدائم والشامل وفق مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها، ومبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية".

أما الوزير الأمريكي، الذي كان قد اجتمع قبل ذلك مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز فقد قال إن المباحثات تناول "جهود إيجاد حل دائم للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي"، وتابع كيري بالقول: "ناقشنا خلال الاجتماع قضية سوريا ومؤتمر 'جنيف 2' وملف إيران النووي، وموضوع دعم الدولة اللبنانية وعدم تأثرها بتدخلات حزب الله في عملها".

يشار إلى أن الكثير من التحليلات السياسية الأخيرة كانت قد أشارت إلى توتر في العلاقات بين الرياض وواشنطن على خلفية تباين وجهات النظر حيال معالجة الملفات الإيرانية والسورية، وذهبت بعض التحليلات إلى حد الحديث عن تحول كامل في السياسة السعودية، خاصة بعد رفض المملكة لمقعد في مجلس الأمن.

مواجهة الفكر الوهابي

على صعيد اخر دعا الرئيس السوري بشار الاسد الى "مواجهة الفكر الوهابي" في اشارة الى المملكة العربية السعودية، معتبرا ان هذا الفكر "يشوه" حقيقة الدين الاسلامي، وذلك في تصريحات نقلتها وكالة الانباء الرسمية (سانا).

وقالت الوكالة ان الاسد شدد على "الدور الاساسي لرجال الدين ولاسيما علماء بلاد الشام في مواجهة الفكر الوهابي الغريب عن مجتمعاتنا وفضح مخططات اصحاب هذا الفكر وداعميه والعمل على نشر الاسلام الصحيح المعتدل"، وذلك خلال استقباله وفدا من "تجمع العلماء المسلمين" في لبنان.

واكد الرئيس السوري ان "التطرف والفكر الوهابي التكفيري يشوه حقيقة الدين الاسلامي السمح"، وتخلل اللقاء بحث في "مخاطر الفكر التكفيري الذي يستهدف تاريخ ومستقبل ابناء المنطقة وعيشهم المشترك"، بحسب سانا.

وتأتي تصريحات الاسد غداة قمة جمعت في الرياض العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، اللذين تدعم بلادهما المعارضة السورية في النزاع المستمر منذ 33 شهرا، وقال مصدر فرنسي رافق هولاند ان العاهل السعودي شدد على "اتفاق مواقف" البلدين حول مختلف هذه الملفات، مضيفا ان الملك عبد الله اتهم الاسد بانه "دمر بلاده" وتسبب في قدوم "المتطرفين الاسلاميين".

وتتهم دمشق دولا اقليمية وبينها السعودية واخرى غربية بتوفير دعم مالي ولوجستي لمقاتلي المعارضة الذين يعدهم النظام السوري "ارهابيين"، وتشهد ساحات معارك النزاع السوري تصاعدا في نفوذ الجماعات الاسلامية المتشددة، وبعضها مرتبط بالقاعدة، على حساب مقاتلي الجيش السوري الحر الذي يعده الغرب "معتدلا".

من جانبه اتهم مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، مجددا، السعودية بإرسال إرهابيين بدعاوى "الجهاد" إلى بلاده، وذلك بعدما طالب نظام دمشق بوضع المملكة ضمن لائحة الدول الراعية للإرهاب، وقال الجعفري، وبحسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية عن مقابلة تلفزيونية له، إن: "النظام السعودي "منخرط حتى العظم" في تحريض الناس على الإرهاب، وإرسال الإرهابيين إلى سوريا "بدعاوى "الجهاد" وبقصص يندى لها الجبين، بما في ذلك الجهاد الجنسي، والتحريض على الفحشاء وكل ما يسيء للعرب وللإسلام".

وأضاف الدبلوماسي السوري: "هذه المسائل كلها أضحت مثبتة، بدءاً من تصريح وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في القاهرة مرتين، بأن السعودية تسلح المعارضة، وهو اعتراف واضح"، طبقا للمصدر، وسبق وأن طالب نظام الرئيس بشار الأسد، الشهر الماضي، بوضع النظام السعودي على لائحة الدول الداعمة للإرهاب.

وقال نائب وزير الخارجية فيصل المقداد: "أعتقد أن لدى الذين دعموا المجموعات الإرهابية في سوريا، شعوراً حالياً بأنهم ارتكبوا أخطاء كبيرة، الدولة الوحيدة التي ما زالت تعلن دعمها الكامل للمجموعات الإرهابية وتنظيم القاعدة، هي السعودية"، وأضاف نائب وزير الخارجية السوري قائلاً: "إذا ما أراد العالم أن يتفادى 11 أيلول (سبتمبر) جديداً، عليه أن يقول لهذا البلد (السعودية) كفى، ووضعه على لائحة الدول الداعمة للإرهاب".

السعودية تهاجم المالكي

الى ذلك شن احد اعضاء مجلس الشورى السعودي هجوما حادا على رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في اعقاب تداعيات مباراة في كرة القدم بين البلدين، معتبرا انه "طائفي ومرتهن لإيران"، ونقلت صحيفة "الوطن" عن عبد الله العسكر عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى قوله ان حكومة المالكي "طائفية وليست سيدة قرارها المرتهن لمدينتي طهران وقم الايرانيتين".

وقد نقلت قناة "الانوار" العراقية عن حكيم شاكر مدرب الفريق العراقي ابلاغه المالكي ان "لاعبي المنتخب كانوا خلال المباراة كمن يقاتل داعش (الدولة الاسلامية في العراق والشام) في ساحات المعركة"، وتحول فوز المنتخب العراقي الاولمبي لكرة القدم الذي توج بطلا للنسخة الاولى من كاس اسيا بعد فوزه على نظيره السعودي، احتفالا شعبيا يجسد انتصارا على تنظيم "داعش.

وغصت شوارع بغداد والمحافظات كافة العراقية بالمحتفلين بعد انتهاء المباراة التي جرت في مسقط وانتهت بفوز بلادهم بهدف مقابل لا شيء للمنتخب السعودي رافعين اعلاما عراقية، وسط هتافات بينها "رغم انوف داعش، حققنا النصر"، واضاف العسكر "يجب الا نلتفت لمثل هذه الابواق الصبيانية الطائفية التي لا تسعى الى خير".

وتابع ان "الدول الكبيرة لا يضيرها مثل هذه الاساءات التي تصدر من ابواق صبيانية جوفاء وخرقاء"، وافادت "الوطن" ان صحيفة "النهار" العراقية كذلك شبهت الفريق السعودي ب"مقاتلين من داعش"، ونشرت "النهار" صورة للفريق العراقي، واخرى للفريق السعودي بعد ان تم استبدال وجوه اللاعبين بصور علماء دين سعوديين. بحسب فرانس برس.

وقد هنأ المالكي فريق بلاده قائلا ان "يوم النصر الاكبر هو ان ننتصر على اعداء العراق واعداء الانسانية والارهابيين جميعا"، وغالبا ما تشن وسائل الاعلام السعودية هجمات حادة على المالكي متهمة اياه بالارتهان لإيران وبانه "صفوي"، كما يتهم ساسة عراقيون بشكل متكرر جهات في السعودية بدعم الجماعات المسلحة التي تنفذ هجمات ضد العراقيين، خصوصا بعد اعتقال عدد كبير من الجهاديين السعوديين أبرزهم عبد الله عزام القحطاني، الامير العسكري لتنظيم القاعدة في بغداد.

القرضاوي والسعودية

من جانب اخر دعا الشيخ يوسف القرضاوي السعودية إلى وقف دعمها للسلطات المصرية المدعومة من القوات المسلحة واتهمها باستخدام اموال المملكة في قتل المصريين المحتجين على الاطاحة بالرئيس الاسلامي المنتخب في يوليو تموز الماضي، وكان القلق قد انتاب أغلب دول الخليج العربية من صعود نجم الاسلاميين في عدد من دول الشرق الاوسط في إطار ما عرف بالربيع العربي لكنها شعرت بالارتياح عندما عزل الجيش المصري الرئيس محمد مرسي في أعقاب احتجاجات شعبية واسعة على حكمه.

لكن الشيخ القرضاوي المصري المولد الذي يعيش في قطر قال إن السعودية أخطأت بما تقدمه من دعم كبير للسلطات المصرية التي سحقت المعارضة الاسلامية منذ عزل مرسي وطالب بسحب هذا الدعم، وقال القرضاوي الذي يعد من ائمة المذهب السني البارزين "هو أمر مستغرب من الحكومة السعودية، قدموا المليارات لدعم الانقلاب وهؤلاء الانقلابين والله أبعد ما يكونون عن الإسلام، لا تربطهم بدول الجوار إلا لغة المصالح والمنافع".

وأضاف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إن الجيش المصري بقيادة الفريق أول عبد الفتاح السيسي المتوقع أن يرشح نفسه رئيسا للبلاد يستخدم الأموال السعودية في قتل الأبرياء، وتابع "أنا أدعو أهل السعودية وأدعو النظام السعودي أن يقف مع الشعب المصري ضد جلاديه وقاتليه وأن يقف مع الحق ضد الباطل أن يقف مع المقتول ضد القاتل أن يقف مع المظلوم ضد الظالم.

"فهؤلاء الحكام يكرهون السعودية ونظام حكمها الذي يرجع إلى الشرع فهم لا يؤمنون بالشرع ولا بمن يحكمون بالشرع فليتق الله حكام السعودية ومن معهم من أبناء الخليج"، وشنت السلطات المصرية حملة على جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي وفضت اعتصامين رئيسيين لمؤيديه في القاهرة بالقوة مما أدى إلى مقتل مئات المحتجين، وألقي القبض على قيادات الاخوان وأعلنت الجماعة منظمة إرهابية، وقالت الولايات المتحدة في أكتوبر تشرين الاول إنها أوقفت تسليم معدات عسكرية ومبلغ 260 مليون دولار نقدا من مساعداتها العسكرية لمصر لحين تحقيق تقدم في مسيرة مصر نحو الديمقراطية وفي ملف حقوق الانسان.

وعلى النقيض من موقف حكام معظم دول الخليج من وصول الاخوان المسلمين إلى السلطة في أعقاب الاطاحة بحكم حسني مبارك في انتفاضة شعبية عام 2011 أبقت قطر على الروابط الوثيقة التي تربطها بجماعة الاخوان في مصر، وكانت قطر قدمت مساعدات وقروضا لحكومة مرسي بلغت 7.5 مليار دولار.

وسئل القرضاوي عمن وراء موجة التفجيرات التي استهدفت مراكز أمنية في مصر في الذكرى الثالثة لانتفاضة 25 يناير كانون الثاني فقال إن جماعة الاخوان "أبعد ما يكون عن هذه الممارسات"، وأضاف "من غير المعقول أن تترك تلك المباني الامنية الكبرى مثل مديرية الأمن بالقاهرة دون حراسة في تلك الظروف التي تعيشها البلاد.

وأنا أرى أن حادث مديرية أمن القاهر، وغيره من حوادث التفجير من اختلاق الأجهزة الأمنية"، وقال "نحن ندين هذه التفجيرات وندين العنف بكل ألوانه ونعلم أن سلمية الثورة هو طريق نجاحها وأن انتهاج العنف ليس في صالحها".

قانون مثير للجدل

فيما نشرت وسائل اعلام سعودية رسمية أمرا ملكيا يقضي بسجن اي مواطن يقاتل في صراعات في الخارج ما بين ثلاثة اعوام و20 عاما، ويهدف هذا التحرك فيما يبدو الى منع السعوديين من الانضمام الى المقاتلين في سوريا حتى لا يتحولوا الى مصدر تهديد امني لدى عودتهم الى المملكة، وسبق ان جاهرت السلطات الدينية السعودية برفضها انضمام سعوديين الى الجماعات المسلحة في سوريا لكن وزارة الداخلية السعودية تقدر ان نحو 1200 سعودي ذهبوا رغم ذلك.

ويبرز الامر الملكي القلق من عودة الشبان السعوديين الذين اكسبهم القتال ضد الرئيس السوري بشار الاسد خبرة ليستهدفوا الاسرة الحاكمة على غرار ما حدث بعد حروب في افغانستان والعراق، وقال روبرت جوردان سفير الولايات المتحدة في الرياض منذ عام 2001 الى 2003 إنه يجب أن يقلق القادة السعوديون بشأن "سوريا، يضعون في اذهانهم على الارجح ما حدث في افغانستان ومن ذهبوا الى هناك ثم عادوا ليسببوا مشكلات".

وقال اللواء منصور التركي المتحدث باسم الداخلية السعودية إن ما بين 200 و300 مواطن عادوا من سوريا وسيدخلون برنامج المملكة لإعادة تأهيل المتشددين، وجاء في الامر ايضا انه يعاقب بالسجن لمدة بين خمس سنوات و30 سنة "كل من ارتكب كائنا من كان ايا من الافعال الآتية، الانتماء للتيارات أو الجماعات -وما في حكمها- الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخليا أو إقليميا أو دوليا أو تأييدها أو تبني فكرها أو منهجها بأي صورة كانت أو الإفصاح عن التعاطف معها بأي وسيلة كانت أو تقديم أي من أشكال الدعم المادي أو المعنوي لها أو التحريض على شيء من ذلك أو التشجيع عليه أو الترويج له بالقول أو الكتابة بأي طريقة".

وصدر الاعلان بعيد نشر قانون جديد لمكافحة الارهاب وصفه نشطاء حقوقيون بأنه اداة لخنق المعارضة، ونص الامر الملكي كذلك على انه سيتم تشكيل لجنة لتحديد اي الجماعات التي سيتم حظرها لكنه قد يساعد الرياض على استهداف جماعتين تعتبرهما شديدتي الخطورة هما جماعة الاخوان المسلمين المصرية وحزب الله اللبناني.

وقالت جين كينينمونت كبيرة الباحثين في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية بلندن "على الارجح سوريا هي العامل الاساسي هنا، لكن بما أن هذا الامر يأتي في اعقاب قانون جديد لمكافحة الارهاب فإنه قد ينذر ايضا بالملاحقة القضائية للسعوديين المتهمين بتمجيد حركات في اماكن اخرى وربما تشمل حزب الله او حتى جماعة الاخوان المسلمين المصرية".

وينص قانون مكافحة الارهاب الذي نشر في الجريدة الرسمية السعودية على ان الجرائم الارهابية تشمل "الاخلال بالنظام العام وزعزعة امن المجتمع واستقرار الدولة او تعريض وحدته الوطنية للخطر او التحريض على تغيير نظام الحكم في المملكة وتعطيل النظام الاساسي للحكم او بعض مواده" او الاضرار بسمعة الدولة.

وسجنت السعودية على مدى السنوات العشر الماضية الاف الاشخاص الذين أدينوا بالعمل مع تنظيم القاعدة بعدما شنت الجماعة المتشددة هجمات داخل المملكة بين 2003 و2006 اودت بحياة المئات، وتقول جماعات حقوقية ان بعضا ممن سجنتهم الرياض بتلك التهم دعوا فقط الى التغيير السياسي بطريقة سلمية وهو اتهام نفته الحكومة مرارا.

وينطبق القانون الجديد على السعوديين والاجانب داخل المملكة وخارجها ويسمح للسلطات باحتجاز المشتبه بهم دون السماح لهم بإجراء اي اتصالات لما يصل الى 90 يوما او لفترات اطول بموافقة محكمة جنايات خاصة، وانتقد الناشط السعودي في مجال حقوق الانسان وليد ابو الخير القانون قائلا ان الهدف منه هو مكافحة المطالب السلمية، واضاف انه يشكل تهديدا قويا لجميع النشطاء ويستهدف خنق حرية التعبير.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 10/شباط/2014 - 9/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م