نائب البرلمان.. الوفاء لصوت الناخب

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: يتفق نائب البرلمان، مع الناخب، على أن اختياره ممثلا للشعب أمانة، لا يصح الإساءة لها، أو التفريط بها، أو التجاوز عليها، وهذا هو فحوى القسم الذي يؤديه النائب المنتخَب، عندما يدخل قبة البرلمان لاول مرة، ويبدأ عمله ممثلا للناخبين، ومدافعا عن حقوقهم، ومشرعا للقوانين التي تنصفهم، وترفع عنهم الحيف الذي لحق بهم، من لدن الحكومات السابقة التي سامته الويل والجوع والعذاب، على مدى عقود متعاقبة، إن لم نقل على مدى قرون.

الامانة التي نتحدث عنها هنا، لا تعني أن يبقى النائب البرلماني في عسرة، ولا تعني انه ممنوع من العيش بكرامة هو وعائلته، بل لابد من اتخاذ الخطوات الصحيحة التي تضمن حياة كريمة لائقة للبرلماني وعائلته، بما يضمن الحقوق المعيشية التي يستحقها، ولكن ثمة ملاحظة مهمة جدا، لابد من مراعاتها عندما نبدأ بتشريع البنود والخطوات التي تحفظ للبرلماني وعائلته الحياة اللائقة، هذه الملاحظة تبدأ من كون النائب فردا مواطنا ينتمي للشعب العراقي، وهو من حيث صفة المواطنة، لا يتميز بأية ميزة عن المواطن الآخر، وما يحصل عليه النائب من حقوق ينبغي أن ينالها الآخرون، وعندما يراعي النواب مصالحهم المعيشية والمالية وسواها في التشريع، بما يحميهم من غدر الزمان والحرمان والجوع، فمن باب اْولى أن يشرعوا القوانين التي تحمي شرائح الشعب كافة من غول الجوع والعوز، من دون حدوث فجوات وفوارق مادية كبيرة تفصلهم وتفضلهم على الاخرين.

ولكن عندما يتحوّل النواب الى طبقة متعالية على الشعب، طبقا للتشريعات التي تمنحهم مزايا ضخمة غير مبررة، فإن الامور ستأخذ منحى آخر، بمعنى أوضح عندما يمنح البرلمانيون لأنفسهم امتيازات مادية ومالية ومعنوية كبيرة، تثقل كاهل ميزانية الدولة، وتساعد على تحويلها الى دولة ريعية، تستهلك ولا تنتج، فإن الامر هنا ينطوي على خطر، وعلى ظلم بيّن، يرتكبه المشرعون، والممثلون للشعب، خاصة أن عيون الشعب وقلوبهم تتوجه دائما الى مجلس النواب، وتشريعاته التي ينبغي أن تحفظ كرامة الانسان العراقي.

إن مثالنا هنا في هذا الموضوع هو قانون التقاعد الموحد الذي أقره مجلس النواب مؤخرا، إن هذا القانون يشكل من حيث الاطار العام (خاصة ما يتعلق بالشرائح ذات الدخل التقاعدي الواطئ)، خطوة الى امام، فقد تم تحسين الرواتب التقاعدية لشرائح مهمة من الفقراء، ولكن لماذا نسيَ النواب أنهم مؤتَمَنون على مصالح الدولة والشعب، عندما تحيّزوا لأنفسهم، وشرّعوا بنودا وقرارات وفقرات، منحتهم مزايا مالية كبيرة غير مبررة، أضفت عليهم صفة الطبقة المتعالية على الشعب، من خلال تفضيل أنفسهم والتصويت على فقرات وقرارات تمنحهم مخصصات وامتيازات مالية لا يستحقونها، كونها تصنع فوارق كبيرة بينهم وبين الشعب من حيث الجانب المادي والدخل التقاعدي الشهري.

إننا عندما نناقش الرواتب التقاعدية للبرلمانيين، والامتيازات التي شرعوها لأنفسهم، لابد أن نشير الى قرار المحكمة الاتحادية الذي الغى الرواتب التقاعدية للبرلمانيين سابقا، تلبية للمطالبات الشعبية السابقة في هذا الخصوص، وطالما ان الدستور يجعل من هذه المحكمة اعلى جهة تشريعية تقضي بي جميع الاطراف وتحل خلافاتها، وقراراتها غير قابلة للاعتراض، فإن تشريع النواب لرواتبهم التقاعدية مرة اخرى، يتقاطع مع هذا الشرط الدستوري المعلن، وبهذا فإن السلطة التشريعية نفسها ترتكب تجاوزا بحق التشريع!.

لذلك ليس أمامنا سوى الاتفاق على أن الدور الذي يضطلع به النائب البرلماني، يبقى محصورا بمراعاة الشعب، وتمثيل الناخبين خير تمثيل، من خلال تشريع القوانين التي تراعي مصالحهم، وتسهم في بناء الدولة المدنية القوية، وليس الريعية الخالية من الانتاج، على أن يتوافر التوازن المطلوب في تشريع جميع القوانين، بما يحقق نسبة عالية من العدل الاجتماعي، وبهذا يكون النائب المنتخَب من لدن الشعب، قد أدى رسالته على اكمل وجه، مراعيا مصالح الشعب والدولة اولا، ومن ثم مراعاة النفس ضمن الحدود المتفق عليها من لدن الجميع.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8/شباط/2014 - 7/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م