النفط الإيراني يغازل الشركات الكبرى للإفلات من العقوبات

 

شبكة النبأ: تسعى إيران وفي ظل اتفاق تخفيف العقوبات الموقع بينها وبين المجموعة 5+1، الى الاستفادة القصوى من الوقت في سبيل تعزيز وبناء اقتصادها المتضرر وتعويض بعض خسائرها السابقة، من خلال اعتماد سياسة خاصة وخطط جديدة تعتمدها حكومة الرئيس الحالي حسن روحاني الذي يسعى الى تقديم بعض الضمانات والتنازلات المهمة التي تهدف الى تغير مواقف الغرب إزاء إيران وبناء علاقات جديدة، وهو ما شجعها اليوم على اعلان بعض خططها المستقبلية التي تهدف الى توسيع فرص الاستثمار وطرح عقود جديدة قد تكون أكثر جاذبية بالنسبة للشركات العالمية المتعطشة للنفط الايراني كما يقول بعض المراقبين، وفي هذا الشأن فقد قال الرئيس الإيراني ووزير النفط لبعض أبرز المسؤولين التنفيذيين بشركات النفط العالمية خلال اجتماع غير مسبوق في دافوس بسويسرا إن إيران ستضع نموذجا استثماريا جديدا وجذابا لعقود النفط مع سعيها لتشجيع الشركات الغربية على العودة إليها.

وقال ثلاثة مسؤولين تنفيذيين حضروا الاجتماع وتحدثوا مشترطين عدم نشر أسمائهم إن الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير النفط بيجن زنغنه شددا على أهمية الوقود الاحفوري في ظل ارتفاع الطلب العالمي على الطاقة. وقالا إن الحكومة الجديدة في إيران راغبة في الانفتاح على الاستثمارات والتكنولوجيا الغربية في إطار جهودها للتصالح مع الغرب.

وقال باولو سكاروني الرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية للنفط والغاز الذي حضر الاجتماع "حضور الرئيس الإيراني إلى الاجتماع يشكل بوضوح دلالة على أن إيران تريد الانفتاح على شركات النفط العالمية." وقال أحد المسؤولين التنفيذيين الذين حضروا الاجتماع مشترطا عدم الكشف عن هويته "كان عرضا توضيحيا مثيرا للإعجاب."

وتابع "قالوا إنهم يعملون على نموذج جديد مع المستثمرين وإنهم سعداء لرؤيتنا. إنهم لا يحتاجون فقط للمال ولكن للتكنولوجيا أيضا. إنهم سعداء لإجراء مشاورات بشأن العقود الجديدة ويريدون اتخاذ قرار بشأن ذلك النموذج." وقال مسؤول آخر "كانت الرسالة هي انظروا إلينا المخاطر الجيولوجية لدينا محدودة واحتياطياتنا ضخمة تعالوا وسنضع شروطا جذابة وستشعرون بالرضا.العائد على الاستثمار سيكون مقبولا."

وإلى جانب إيني حضر الاجتماع ممثلون لشركات توتال الفرنسية وبي.بي البريطانية ولوك أويل وجازبروم نفت من روسيا وشركات أخرى. وكانت رويال داتش شل قد قالت إن رئيسها التنفيذي الجديد لن يحضر الاجتماع. ولم يتضح ما إذا كان مسؤولون من شركات أمريكية مثل إكسون موبيل وشيفرون قد شاركوا في الاجتماع الذي انعقد وراء الأبواب المغلقة وسط إجراءات أمنية مشددة. وكانت طهران قد قالت إنها تريد من شركات النفط الغربية أن تعمل على إنعاش حقولها النفطية القديمة وتطوير حقول جديدة للنفط والغاز بعد رفع العقوبات.

وقال سكاروني "أفضل وسيلة أمام شركاتنا للعودة إلى إيران هي الالتزام الصارم بالعقوبات وحث الطرفين على التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى رفع العقوبات يوما ما." وأضاف "أوضحت منذ وقت مضى أنني لن أعود إلى إيران وفقا لشروط العقود القديمة حتى إذا تم رفع كل العقوبات." وكان سكاروني أول رئيس لشركة نفطية غربية يلتقي علانية مع وزير النفط زنغنه على هامش اجتماع منظمة أوبك.

وبدأت إيران تنفيذ إتفاق نووي مع قوى عالمية في خطوة نحو تسوية واسعة النطاق قد تؤدي إلى إلغاء العقوبات. وقال مسؤولون إيرانيون كبار إن طهران تستطيع زيادة إنتاجها إلى أربعة ملايين برميل يوميا من النفط في غضون ستة أشهر بعد رفع العقوبات بينما يرى خبراء غربيون أن الأرجح هو ثلاثة إلى 3.5 مليون برميل يوميا.

من جانب اخر قال حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة ان ايران طلبت مشورة بلاده بشأن صياغة عقود التطوير النفطية في علامة اخرى على ان طهران تعمل لاجتذاب مستثمرين اجانب فور رفع العقوبات. ومنحت بغداد عقود خدمة - التي تدفع رسما محددا لتعزيز الانتاج- لشركات النفط الكبرى في نهاية 2009 لانعاش الانتاج الذي تراجع لعقود بسبب الحرب والعقوبات.

 ويقول بعض المديرين التنفيذيين ان العقود لا تدر سوى عوائد ضئيلة. وقال الشهرستاني ان ايران فاتحت العراق فيما يخص مراجعة عقودها وانها طلبت الاستعانة بخبرته في هذا المجال. واضاف ان الايرانيين يشعرون ان العقود العراقية تمثل قصة نجاح كبيرة وانهم يودون الاستفادة من الدروس التي تعلمها العراق. ويقول مسؤولون ايرانيون انهم يستهدفون صياغة عقود بشروط افضل من الشروط العراقية. وكان مهدي حسيني المفاوض الايراني الكبير في مجال النفط قال "نموذج عقدنا الجديد سيكون افضل من النموذج العراقي وسيكون تنافسيا جدا في المنطقة."

الى جانب ذلك قالت مصادر تتابع تحركات ناقلات النفط إن صادرات إيران النفطية زادت زيادة طفيفة في علامة جديدة على أن تخفيف ضغط العقوبات يساعد على انتعاش مبيعات طهران من النفط. وقالت شركة تتابع تحركات الناقلات إن الزيادة في الصادرات تبلغ نحو 50 ألف برميل يوميا وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الصادرات الإيرانية إلى نحو 1.2 مليون برميل يوميا ويضيف قرابة 150 مليون دولار شهريا إلى عائدات طهران النفطية.

وقال مارك دوبوفيتس من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات وهي مؤسسة بحثية مقرها الولايات المتحدة "تعطيل العقوبات على صادرات النفط يساعد على تخفيف الضغط عن قطاع الطاقة الإيراني الذي كان على وشك فقدان طاقته التخزينية لفائض إنتاجه ويتعرض لخطر تكبد خسائر هائلة من جراء الإغلاق القسري للحقول." بحسب رويترز.

وأضاف قوله "ستنخفض تكاليف المعاملات لشحن صادرات الخام. وتستطيع إيران الآن الاستغناء عن السفن المملوكة لأجانب لنقل السلع وهو ما يتيح طاقة نقل بحري لتوصيل مبيعاتها النفطية." وقال مصدر ثان يتتبع تحركات الناقلات إن الزيادة في صادرات ايران قد وصلت إلى 60 ألف برميل يوميا في يناير كانون الثاني وإنه شهد علامات على انتعاش الطلب على النفط الإيراني "ولاسيما في الهند".

تفاوضات مهمة

في السياق ذاته تتفاوض إيران وروسيا على اتفاق مقايضة قد يسمح لطهران بزيادة صادرات النفط بنسبة كبيرة وهو ما يمثل تحديا للعقوبات الغربية التي ساهمت في إجبارها على توقيع اتفاق مبدئي في نوفمبر تشرين الثاني لتقييد أنشطتها النووية. وقالت ثلاثة مصادر روسية وإيرانية قريبة من المفاوضات إن الجانبين يناقشان التفاصيل النهائية للاتفاق الذي سيسمح لموسكو بالحصول على ما يصل إلى 500 ألف برميل يوميا من النفط الإيراني مقابل معدات وسلع روسية.

وقال مصدر روسي "يتحقق تقدم جيد في الوقت الراهن وتوجد فرص قوية للنجاح نناقش التفاصيل وموعد توقيع الاتفاق يتوقف على تلك التفاصيل." وإذا اشترت روسيا 500 ألف برميل يوميا فسترتفع صادرات إيران 50 بالمئة ويتحسن الاقتصاد. وبحسب أسعار النفط الحالية التي تقارب 100 دولار للبرميل ستكسب إيران نحو 1.5 مليار دولار إضافية شهريا.

ولم تتوفر تفاصيل عن المعدات والسلع التي تعرضها روسيا في المقابل. ونظرا لأن روسيا من المصدرين الرئيسيين للنفط والغاز فمن المرجح تصدير النفط الإيراني من إيران لحساب روسيا على أن تقدم موسكو السلع والمعدات في المقابل. وتتجه أغلب صادرات النفط الإيراني إلى آسيا. والصين هي أكبر مشتر للخام الإيراني إذ استوردت نحو 420 ألف برميل يوميا في 2013 دون تغير يذكر عن العام السابق. وقد قلص المشترون الآسيويون الآخرون وهم اليابان وكوريا الجنوبية والهند مشترياتهم بنسبة كبيرة تحت ضغط من واشنطن.

الى جانب ذلك قال إليوت انجيل العضو البارز بلجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الامريكي انه يشعر "بانزعاج بالغ" بشان تقرير جديد بأن روسيا تتفاوض مع ايران على اتفاق لمقايضة النفط الايراني بسلع روسية قائلا انه يثير تساؤلات بشان إلتزام موسكو بانهاء مساعي طهران لتطوير اسلحة نووية. وقال انجيل وهو أبرز الاعضاء الديمقراطيين بلجنة الشؤون الخارجية في بيان ان اعطاء طهران مثل هذا التخفيف من العقوبات "يقوض بشكل خطير الجهود الدولية لارغام ايران على ان تأخذ بمحمل الجدية إلتزاماتها النووية الدولية."

على صعيد متصل قال وزير الطاقة التركي تانر يلدز إن بلاده قد تضاعف واردات الغاز الطبيعي الإيراني إذا تمكنت الدولتان من الاتفاق على سعر. وقال يلدز إن تركيا وإيران عضو منظمة أوبك مازالتا بعيدتين عن الاتفاق بشأن السعر الذي تقول تركيا إنه باهظ. لكنه أضاف أن طهران عرضت زيادة مبيعات الغاز إلى بلاده وإن العرض قيد الدراسة. وأضاف "لا نعتبر السعر الذي عرضوه مرضيا في المرحلة الحالية. من الواضح أنه بدون الاتفاق على السعر لا يمكننا توقيع مثل هذا الاتفاق. سنواصل العمل معهم في هذ الخصوص." بحسب رويترز.

وطالما قالت تركيا إن أسعار الغاز الإيراني مرتفعة للغاية. وقدمت مؤسسة خطوط أنابيب البترول (بوتاش) التركية المملوكة للدولة طلبا للتحكيم أمام محكمة دولية في 2012 بخصوص سعر الغاز. ولم تنظر الدعوى حتى الآن. وتعتمد تركيا على الاستيراد لتدبير معظم حاجاتها من الغاز الطبيعي والتي من المتوقع أن تبلغ 52 مليار متر مكعب هذا العام. وفاتورة واردات الطاقة البالغة 60 مليار دولار سنويا سبب رئيسي لتضخم عجز ميزان المعاملات الجارية الذي يعتبر نقطة الضعف الأبرز في الاقتصاد التركي.

عودة الاستثمار

من جهة اخرى قال مسؤول بنادي الحماية والتعويض البحري الياباني إن شركة التأمين البحري الرئيسية الخاصة في اليابان استأنفت التغطية العادية لناقلات النفط الإيراني بالتزامن مع قيام الاتحاد الأوروبي بتعليق بعض العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران. وقال مسؤول نادي الحماية الياباني إن نادي الحماية والتعويض الدولي الذي يضم النادي الياباني في عضويته قد استأنف تغطية عادية بقيمة 7.6 مليار دولار للناقلة الواحدة منها مليار دولار للتأمين من مخاطر تسرب النفط وذلك مع توافر إعادة التأمين في شركات الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى منذ منتصف 2012.

ويعني هذا أنه لن يكون على المشترين اليابانيين للنفط الإيراني الاعتماد على برنامج سيادي وضعته لطوكيو لتوفير درجة من التغطية التأمينية لناقلات الخام. وكان مشترو النفط اليابانيون هم الأكثر تضررا جراء حظر التأمين البحري لأنهم قرروا مواصلة استخدام الناقلات اليابانية في نقل شحنات الخام من إيران. وبالمقارنة بدأت الهند وكوريا الجنوبية والصين الاعتماد ولو بشكل جزئي على شركات الشحن والتأمين الإيرانية في نقل وارداتهم النفطية من طهران. بحسب رويترز.

وكانت اليابان أوقفت وارداتها الإيرانية بشكل مؤقت في يوليو تموز 2012 لتجنب انتهاك عقوبات الشحن والتأمين في انتظار توافر الضمان الحكومي البالغة قيمته 7.6 مليار دولار للناقلة الواحدة كي تستطيع مواصلة استيراد النفط من إيران. وقال مشترون في الهند وكوريا الجنوبية إنهم مازالوا ينتظرون مزيدا من المعلومات من شركات التأمين ومن حكوماتهم قبل إجراء أي تعديلات على طريقة تسلم النفط الإيراني في ظل العقوبات.

الدفعة الأولى

على صعيد متصل أعلن دبلوماسي إيراني أن بلاده تسلمت الدفعة الأولى من عائداتها النفطية المجمدة والبالغ قيمتها 2ر4 مليار دولار وذلك في إطار تنفيذ الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع السداسية الدولية في أواخر نوفمبر من العام الماضي والمعروف باسم "اتفاق جنيف". وأضاف نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الدولية والقانونية والمفاوض النووي عباس عراقجي في تصريحات نقلتها قناة (برس تي في) الإخبارية الإيرانية: لقد تم تحويل القسط الأول من عائدات النفط المجمدة والبالغ إجمالي قيمتها 2ر4 مليار دولار إلى أحد حسابات الدولة في البنوك السويسرية, مضيفا أنه سيتم تحويل تلك الأموال إلى البنك المركزي الإيراني.

وأبرمت إيران في الرابع والعشرين من نوفمبر العام الماضي اتفاقا مع السداسية الدولية (روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) في العاصمة السويسرية جنيف ومن ثم اتفق الجانبان في العشرين من يناير الماضي على بدء تنفيذ ذلك الاتفاق. ووفقا لاتفاقية جنيف، وافقت الدول الستة على رفع بعض العقوبات الحالية على إيران مقابل إجراءات بناء الثقة من طهران بالحد من جوانب معينة في أنشطتها النووية لمدة ستة أشهر، وتم الاتفاق أيضا على ألا يتم فرض عقوبات نووية على طهران ضمن نفس الإطار الزمني.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 4/شباط/2014 - 3/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م