الصحافة الصفراء

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: يقول المعنيون بالصحافة أنها المهنة التي تقوم على جمع وتحليل الأخبار، والتحقق من مصداقيتها، وتقديمها للجمهور، وغالبا ما تكون هذه الأخبار متعلقة بمستجدات الأحداث، على الساحة السياسية، أو المحلية، أو الثقافية، أو الرياضية، أو الاجتماعية وغيرها، وبهذا تغدو الصحافة حاجة لا مناص منها للدولة والمجتمع، من اجل تسليط الضوء على أنشطة مؤسسات الدولة كافة، فضلا عن انشطة المجتمع والشخصيات الهامة، وللصحافة السبق في التأثير بالاحداث السياسية وغيرها، كما أنها تستخدم من اجل التحشيد لقضية ما، بعد التخطيط والعمل المنظم لتحقيق هدف معين.

ولذلك يرى الباحثون المعنيون أن الصحافة المقروءة أو المطبوعة من أحسن وأفضل طرق الإعلام تأثيراً في الرأي العام، وذلك لأن الصحيفة يتداولها الناس مهما كانت طبقتهم أو شرائحهم، ومعتقداتهم الفكرية والثقافية والاجتماعية، وإن كانت للإذاعة والتلفاز التأثير المباشر والقوي لدى الجمهور إلا أنه يبقى تأثيراً لحظياً أو آنياً، وهناك أهداف كثيرة للصحافة، وأساليب متفق عليها، تضبط الايقاع الصحفي ضمن حدود اخلاقية، تدخل ضمن اخلاقيات العمل الصحفي، وعندما يتم تجاوز تلك الحدود، تدخل الصحافة فيما يعرف بـ (الصحافة الصفراء).

وقد ورد عن الصحافة الصفراء في الويكيبيديا بأنها تمثل صحافة الإثارة والفضائح، وقد ساعد على نشوئها الناشر والصحفي وليم راندولف هيرست (1863- 1951)، وقد كانت له في كل ناحية من نواحي الولايات المتحدة الأمريكية صحيفة أو مجلة. انتهج في نشر الأخبار نهجا مثيرا، فأظهر الفضائح والجرائم مما ساعد على نشوء الصحافة الصفراء. وسميت بالصحافة الصفراء نظرا لأنها كانت تطبع على أوراق صفراء رخيصة الثمن وقد تكون الصحف الصفراء يومية أو أسبوعية أو شهرية أو دورية.

تُرى هل انتقلت الصحافة الصفراء الى مجتمعاتنا، وهل لا زالت تقوم بدور تخريبي مرفوض، لا يتسق مع رسالة الصحافة واهدافها في كشف الحقائق، ونشر الوقائع من اجل التصحيح وليس التسقيط او التشهير، او نشر الفضائح كما تفعل الصحافة الصفراء ومن يوجهها ويقوم عليها؟، نعم من المؤسف أن الصحافة الصفراء تسللت الى صحافتنا، وصار لها حضورا في النشاط الصحفي، بل اصبح لها تأثير في مجريات الامور كافة، وأخذت تنتهج اساليب الفضح والتشهير واختلاق المساوئ، كوسيلة ابتزاز، من اجل تحقيق اهداف ربحية مادية او سواها، يتم ذلك من خلال التخطيط لاثارة قضايا معينة، مختلقة، أي لا وجود لها في الواقع، ومن ثم تبدأ حملة الفضائح والتشهير والتسقيط، لغرض محدد ومكشوف، وغالبا ما يكون الهدف سياسي رخيص، مدفوع الثمن مسبقا!!.

وثمة أساليب معروفة تتخذ منها الصحف الورقية والالكترونية التي تنتمي الى ما يعرف بالصحافة الصفراء، لكي تصبح اكثر اثارة وتأثيرا في الرأي العام، ولكي تحقق أكبر درجة من الضغط من اجل تحقيق الابتزاز المطلوب، فتلجأ الى استخدام الاسماء المستعارة تارة، وتنشر الفضائح والاحداث المزيفة التي تقوم بفبركتها والتخطيط لها مسبقا، لكي تبدو حقيقية ومحبوكة بطريقة تقترب من الحقيقة، لكنها تبقى لا تمت للواقع بصلة، ويبقى الهدف منها واضحا، يتمثل بالتسقيط والابتزاز وتحقيق المنافع المادية والربحية غالبا، على حساب الحقيقة، والتلاعب بتوجيه الرأي، وهذه أساليب رخيصة، لا يجوز التعامل معها على انها صحافة رصينة تخضع لضوابط العمل الصحافي الاخلاقي المتفق عليه.

تشير الوقائع والادلة الى وجود مؤثر لهذا النوع من الصحافة في اوساطنا، وهي تنشط لتحقيق مآرب معروفة، لاسيما في الجانب السياسي، من خلال مضاعفة الضغط والتلاعب والابتزاز، لذلك لابد من اتخاذ التدابير اللازمة لمنع هذه الصحافة من تحقيق اغراضها، من خلال اتخاذ وسائل ردع فورية وحازمة، تتمثل اولا بالكشف عنها بالادلة، وكشف اساليبها وتعريتها أمام الرأي العام، ضمن الضوابط المتفق عليها، لاسيما اننا نجتاز مرحلة تتطلب صحافة رصينة جادة، تسعى الى نشر الحقائق، بعيدا عن اساليب الفضح والتشهير والتسقيط، التي لا تنسجم مع اهداف الصحافة الحرة، وتنسجم مع المرحلة الحساسة التي نسعى لتجاوزها بأقل الخسائر والاضرار.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 1/شباط/2014 - 30/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م