فيديو التحرش فضيحة للنظام الأمني

علي ال غراش

 

في البداية نريد التأكيد على أهمية دولة القانون والنظام واحترام إرادة الشعب والتعددية والتنوع لكافة المواطنين، وإن أجهزة الدولة والمسؤولين فيها وأفرادها وبالخصوص الأجهزة الأمنية في خدمة الشعب، وليس لخدمة وتحقيق إرادة المسؤول المزاجية أو الأفكار والانتماءات الشخصية للعسكري، واننا مع تطبيق العدالة ومحاسبة ومحاكمة المعتدين والمقصرين والمستهترين وبالخصوص لمن يعمل في الجهات الحكومية ومنها الأمنية للكبير قبل الصغير.

لقد تسبب مقطع فيديو لعدد من أفراد القوات المسلحة - الشغب - في مدينة العوامية وهم في سيارة أمنية مدرعة مصفحة - من شدة الخوف والرعب والهلع-، بردة فعل قوية واستنكار من المواطنين الاحرار والشرفاء، والبعض استغرب من ذلك التصرف الذي كشف عن حقيقة وواقع العسكر بأنهم جبناء في المواجهات إلا من خلال المدرعات المصفحة وبالكلمات النابية، إذا حاولوا إظهار بطولتهم الخارقة من داخل المصفحة عبر السب والشتم والإساءة والطعن وانتهاك أعراض المواطنين ومعاكسة الفتيات والتفوه بألفاظ بذيئة جارحة والإساءة المذهبية!!.

 الحكومة حاولت التهرب وقلب الحقائق ولكنها لم تتمكن، وبعض المواطنين حاولوا التقليل من الحدث بأنه عمل فردي، ولا يمثل مؤسسة وقادة تلك المؤسسة وهي الوزارات الأمنية بحجة انها مؤسسات العفة والشرف والاخلاق النبيلة والرحمة!!.

وهناك سؤال: لماذا الاستغراب، والمبادرة السريعة بإستنكار ما جاء في مقطع الفيديو واعطاء صك براءة للاجهزة الأمنية من قبل بعض المواطنين قبل أن تقوم السلطة والوزارات الامنية وبالخصوص وزارة الداخلية ووزيرها بالتحديد باثباث براءتها!.

أليس هؤلاء العسكر الذين قاموا بالفعل الشنيع يحملون من قوة الحماقة الكثير بأنهم جاهروا بحقيقتهم وحقيقة بعض أفراد الوزارات الامنية الرسمية - لا نريد ان نقول الكل للموضوعية - وقدموا المقطع كدليل مادي على التصرف المخزي؟.

وكما هو معروف في الدول الإستبدادية إن العسكر ينفذون ما يطلب منهم، فهم في خدمة السلطة وتحقيق أهدافها ولو أدى ذلك لقتل المواطنين والإساءة لهم وانتهاك الأعراض بحجة انهم خونة وعملاء كما تدعي السلطة. وإن العسكري - الذي لا يفكر وليس لديه مشاعر أو ثقافة، ويحمل أجندة دينية تجبره على طاعة ولي الامر ولو جلد ظهره - ينفذ أوامر السلطة بأمانة شرعية، فيثق بالسلطة ثقة مطلقة فيتعلم منها ما هو مطلوب منه معرفته، فاذا قيل له بان هناك جماعة ما في منطقة ما من مناطق الوطن ضد السلطة - لانها تطالب بحقوقها والحرية – وتم شحنه ضد تلك الجماعة فانه يقوم بواجبه الجهادي ضد أبناء الوطن الأصليين الذي لا يعرف هو عنهم شيء إلا ما قيل له من قيادته.

لقد كشف المقطع حقيقة عقلية وثقافة بعض رجال الأمن في الوطن، وانهم بعيدون كل البعد عن تحمل الدور الحقيقي لرجل الأمن وهو حماية وخدمة الشعب، بل العكس من ذلك فالبعض منهم يفتقد البعد الاخلاقي وكأنه تربى للعيش خارج المدن وبعيدا عن الناس، بل وحوش يرتدون الزي العسكري لاستغلال مهنتهم لتحقيق مآربهم الشيطانية، كما حدث بارتكابهم جرائم كبرى كالاعتداء على الأعراض في وقت العمل الرسمي وباستخدام السيارات الحكومية، وانتشار الفساد بينهم، بل أصبح العسكر بيئة لنشر الخراب والدمار في المجتمع، وبالخصوص العزاب الذين يقمون في مناطق بعيدة عن عوائلهم، وهذا الموضوع مؤلم يخجل المرء من ذكره...، وقد نشرت وسائل الاعلام المحلية عن بعض تلك الحالات، كالخبر الذي نشرته جريدة الرياض تحت عنوان" القصاص من رجل أمن استغل سيارة رسمية وارتكب الفاحشة بوافد وسلبه تحت تأثير المسكر" في عدد رقم 14810.

 إن الجهة المسؤولة عن تفشي الفساد بين العسكر هي الوزارة؛ فالعسكر هم تربية القادة في الوزارة وهم ضحية للكبار، ومن الاولى توجيه الإتهام للقادة، وأن يتم محاسبة كبار المسئولين في وزارة الداخلية، وليس فقط محاكمة المذنبين من الأفراد البسطاء والعسكر الصغار.

وقد كشف هذا المقطع ان الوزارة هي كبقية مؤسسات الدولة بل كبيرتهم التي يعشعش فيها الكراهية والحقد والطائفية البغيضة والتفريق بين المواطنين، لدرجة أن يفتخر رجل الأمن بمعاكسة النساء المواطنات والتلفظ بألفاظ نابية وقذف المحصنات، والاساءة الطائفية البغيضة، وتصوير ذلك التصرف ونشره!.

لا يكفي محاكمة الافراد الذين قاموا بالتسجيل للمقطع، فهم ضحية الفساد الامني والحكومي وأوامر قادة عمله، ولهذا ينبغي محاسبة القادة لانهم غرروا بالشباب العسكر بمطاردة وملاحقة وقتل والاساءة لمواطنين نتيجة الشحن الطائفي البغيض، فدورهم كم يفعل بعض مشايخ التكفير الذين يشجعون الشباب بالذهاب إلى الجهاد في الدول المجاورة؛ ولا فرق بينهما بل ما تقوم به قادة وزارة أمنية من تشجيع شباب العسكر للإساءة للمواطنين بهذه الطريقة والتعامل معهم حسب موقف طائفي بغيض هو أسوأ وأشد خطورة على الوطن والمواطنين.

إن مقطع الفيديو للقوات الامنية هو فعل خطير وتصرف شنيع، وإساءة وتهديد للوطن والوحدة الوطنية من قبل فئة من المفترض ان يحافظوا على سلامة المواطنين، ولهذا ينبغي أن تكون العقوبة رادعة للمسؤولين في الجهات العليا في الجهات الامنية التي من المفترض أن تسهر لحماية الناس.

وقد حان الوقت لرفع الحصار الأمني عن العوامية والمنطقة، والافراج عن كافة المعتقلين في ارجاء الوطن، لان الجهة التي تقوم بالحصار والاعتقال ليست محل الثقة كما ان افرادها غير مؤهلين لإدانة المواطنين الشرفاء السلميين - بسبب خروجهم للمطالبة بحقوقهم والتعبير عن آرائهم -، فالعسكر يتعاملون بنفسية مريضة مليئة بالحقد والكراهية والطائفية البغيضة، كما جاء في مقطع الفيديو.

من يحاسب من؟.

احذر ايها المواطن والمقيم ان تثق بجميع العسكر فبعضهم في الحقيقة ذئاب متوحشة خطيرة!!.

وفي النهاية هل نسلم أعراضنا لهؤلاء العسكر الخونة للأمانة وحماية الناس، بعدما كشف وأكد مقطع الفيديو الحقيقة التي يعرفها الجميع بان بعض العسكر غير جديرين لهذه المهنة الوطنية لانهم يفتقدون الروح الوطنية والمشاعر الإنسانية؟.

الله يحمي أهلنا وبلادنا من هذه العقليات والأفكار والأيدي الخبيثة التي تتستر كل يوم خلف رداء ما تارة برداء العسكر وتارة أخرى برداء الجهاد.

الشعب يريد تطبيق العدالة، وما حدث جريمة ولا بد من محاسبة المسؤولين "الكبار قبل الصغار" المتلاعبين بالنظام وتجاوز القوانين والاعراف والتقاليد وتحطيم القيم والاخلاق، واثارة النعرات الطائفية البغيضة.

........................................................

مقطع الفيديو :

http://m.youtube.com/watch?v=88dEKqUTsU8&desktop_uri=%2Fwatch%3Fv%3D88dEKqUTsU8

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 1/شباط/2014 - 30/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م