الصبر والتنظيم من مفاتيح النجاح

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: كلنا نبحث عن النجاح ونسعى إليه، لكن ثمة أبواب معينة تؤدي الى النجاح، لهذه الابواب مفاتيح خاصة، ومن يحصل على هذه المفاتيح يمكنه أن يفتح ابواب النجاح ويحث الخطى إليه، تبدأ حياة الانسان العملية الجادة، في مرحلة الشباب، لهذا يحتاج الانسان أن ينجح في مرحلة التأسيس لحياته في هذه المرحلة الشبابية المفعمة بالحماسة والطموح، وربما يمكن للانسان السعي والنجاح في اية مرحلة عمرية كانت، ولكن البدايات لها القدرة على تنمية نجاحات الانسان بصورة دائمة، فيصبح انسانا ناجحا مدى الحياة.

من المفاتيح المهمة لفتح ابواب النجاح امام الشباب، الصبر والتنظيم، فالصبر كفيل بفتح أصعب الابواب واشدها غموضا أو قوة، إذ يمتلك الصبر خاصية المطاولة، ومن ثم الاطاحة بالتدريج بكل العقبات التي تقف في وجه نجاح الانسان، وثمة الحلم والتأني والتفكير بعمق، حيث الحلم والصبر صنوان، كأنهما متلازمان، فأينما تجد الصبر ستجد الحلم والتأني والقدرة على التعامل مع المصاعب بروح قوية وقلب حديد، هكذا يتمتع الشباب بمثل هذه القوة للتعامل مع فرص النجاح التي تتاح امامهم.

أما المفتاح الثاني المهم، فهو مفتاح التنظيم، أي كلما كان الانسان منظّما كلما كان الاقرب من غيره للنجاح، وعندما يجتمع الصبر والتنظيم ويلتقيان في شخصية واحدة، فإن النجاح يصبح امرا حتميا لهذا الانسان، والسبب قدرة الصبر على دفع الانسان نحو النجاح، فيما يسرّع التنظيم بوصول الانسان الى غاياته، فيصل إليها ويحصل عليها اسرع من الاخرين بسبب عملية التنظيم التي يعتمدها في اعماله ونشاطاته كافة.

أهمية برمجة الحياة

البرمجة والتنظيم من السبل الاساسية التي يعتمدها الانسان الناجح في حياته، لذلك ينصح اصحاب الخبرات والتجارب، وكتّاب السيرة الذاتية للاشخاص الناجحين، ينصح هؤلاء بأهمية البرمجة والتخطيط السليم.

ففي كلمة وجهها سماحة المرجع الديني، آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، للشباب خصوصا، ولكل من يهمه الامر، قال سماحته: (برمجوا حياتكم وتحلّوا بالصبر والحلم كي تنجحوا). هكذا نلاحظ مفتاح البرمجة حاضرا في كلمة سماحة المرجع الشيرازي، الى جانب مفتاح الصبر والحلم، حيث السعي الحثيث نحو النجاح.

إن تنظيم الاعمال وصولا للاهداف، يتطلب تخطيطا وتنظيما جيدا للوقت، أي من الاهمية بمكان أن يبتعد الانسان عن اهدار الزمن، وأن يبرمج وقته بالصورة الصحيحة، فيخصص لكل خطوة عملية الزمن الذي تحتاجه، بما يضمن انجازها بالدقة المطلوبة، لذلك فإن البرمجة والتنظيم تقود الى عوامل مساعدة اخرى، منها الجودة والاتقان، أي أن الانسان لا يسعى فقط الى تحقيق الهدف المطلوب، بل يحرص على اتقانه صورة وجوهرا.

لذلك يؤكد سماحة المرجع الشيرازي مخاطبا الشباب، قائلا في كلمته الموجّهة إليهم: (أنتم شباب، وأمامكم عمر طويل وبخير إن شاء الله تعالى، فبرمجوا حياتكم حتى تستفيدون من أوقاتكم أكثر. فاجعلوا للدرس ساعة، وللمطالعة ساعة، وللأكل ساعة، وللنوم ساعة، وللمباحثة ساعة، وهكذا. وحاولوا نهاية كل اسبوع.

مثلاً. أن تكتبوا ما فعلتموه في السبعة أيام الماضية، فإذا وجدتم نقصاً في أعمالكم، فحاولوا أن تسدّوا هذا النقص وتجبروه في الاسبوع التالي). وأضاف سماحته مخاطبا قائلا: إن (الإنسان الذي ينظّم حياته، يستفيد منها أكثر).

أما وجه الاستفادة من عملية التنظيم، فإنها تحافظ على الجهد الذي يبذله الانسان لتحقيق الاهداف المطلوبة، وتساعد على عدم اهدار الوقت، أو التعامل العشوائي مع الزمن، لهذا عندما يسعى الشباب والناس عموما الى تحسين حياتهم، فإنهم مطالبون اولا باحترام الزمن من خلال البرمجة والتنظيم، بعد التخطيط للوصول الى الهدف.

الشباب والانفتاح

من المخاطر التي قد يتعرض لها الشباب بحثا عن الحرية وتبشيرا بها، ما تعرضه عليهم حالة الانفتاح الاعلامي العالمي من خيارات واسعة متعددة بعضها لا يرتقي الى اخلاقنا، وعاداتنا وثقافتنا الاسلامية، لذلك عندما يسعى الشباب لاحتضان غيرهم وتنويرهم، لابد من مراعاة تصحيح الافكار المنحرفة للاخرين والتنبيه الى اهمية الصبر وعدم التسرع في تحقيق ما يطمح اليه الشباب، من هنا ينصح سماحة المرجع الشيرازي، بعد البرمجة والتنظيم، بأهمية تصحيح الافكار المنحرفة لبعض الشباب، فيوجّه ويطالب سماحته بمساعدة من يستحق النصح والتوجيه من الشباب الاخرين، حتى لا يقعوا في فخ الادّعاء المزيف للحرية الكاذبة.

يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال: (لا شكّ أن الحرية ستعمّ البلاد الإسلامية، فعليكم أن تهتموا بلملمة الشباب، وتصحيح أفكارهم)، ويؤكد سماحته على خاصية يتميز بها الشباب عمن المراحل العمرية الاخرى، وهي حالة الانفتاح التي تتلبس اذهان الشباب وتلون خيالهم، فيحلمون باجواء الحرية، وهو حق من حقوقهم، ولكن شريطة الحذر من السقوط في فخ الاشكال الكاذبة للحرية، من خلال الثقافات الوافدة التي تترك العمق وتنشغل بالسطح، وشتان بين السطح الهش، والاعماق الممتلئة!!.

لذا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي على: (أن الشباب يتمتعون بالانفتاح، ويمكن هدايتهم، حتى وإن طال زمن ذلك. فالكل لديه القابلية على الاهتداء، إلاّ النادر والشاذّ).

من قدم سماحة المرجع الشيرازي بعض الوصايا المهمة للشباب من كلا الجنسين، تتعلق بأهمية عامل الصبر في تحقيق النجاح، فضلا عن الابتعاد عن العشوائية والارتجال، واعتماد البرمجة وتنظيم الانشطة والاعمال كافة وصولا الى الهدف المتوخى، كذلك حذر سماحة المرجع الشيرازي من احتمال تحطم الانسان، في حالة ظهور حالة اليأس مع الصبر، أي لابد أن يرافق الصبر التحمل والقدرة على مواجهة المصاعب والتعامل معها بصورة صحيحة.

لذلك يقدم سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، في كلمته هذه وصية للشباب قال لهم فيها: (وصيّتي لكم أيها الشباب، بنين وبنات، ومؤمنين ومؤمنات، هي وصية القرآن الكريم، وهو قوله تعالى: *ولمن صبر وغفر إنّ ذلك لمن عزم الأمور*. فالغفر يعني التحمّل مع عدم التحطّم. فالصبر لوحده غير كاف، فالإنسان قد يتحمّل ولكنه يتحطّم، فلا يمكنه المواصلة وييأس).

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 30/كانون الثاني/2014 - 28/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م