افغانستان.. بين انسحاب الناتو وعودة طالبان

 

شبكة النبأ: مرحلة حرجة وحساسة تدخلها افغانستان مع اقتراب موعد خروج قوات حلف الناتو التي دخلت حرب مكلفة دامت لسنوات تكبدت خلالها الكثير من الخسائر المادية والبشرية كما يقول بعض المراقبين، الذين اكدوا على ان الكثير من الدلائل والمعطيات تشير الى ان الاوضاع في افغانستان ستكون أسوأ في بلد لا زال يعاني الكثير من المشاكل الاقتصادية والأمنية الخطيرة بسبب تفشي الفساد وضعف قوات الأمن الأفغانية.

وهو ما قد يسهل عودة حركة طالبان التي سعت الى تعزيز نفوذها وزيادة انشطها العسكرية، هذا بالإضافة الى باقي المشاكل الاخرى منها تصاعد حدة الخلاف وتبادل الاتهامات بين بين امريكا والحكومة الافغانية والتي تسببت بتأخير إبرام الصفقة الامنية التي تنص على بقاء قوات دولية قوامها 15 ألف جندي، مهمتها تدريب ومساعدة الجيش الأفغاني هذا إضافة إلى قوات خاصة تقود عمليات مكافحة الإرهاب.

وفي هذا الشأن فقد توقع تقرير جديد للمخابرات الامريكية ان تتقوض بشكل كبير بحلول عام 2017 المكاسب التي حققتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في حرب افغانستان خلال السنوات الثلاث الماضية حتى اذا بقيت بعض القوات الامريكية وذلك حسبما نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين على اطلاع على هذا التقرير.

وقالت الصحيفة ان التقييم الوطني للمخابرات يتوقع ايضا ان تسقط افغانستان بسرعة في الفوضى اذا لم توقع واشنطن وكابول على اتفاقية امنية للحفاظ على وجود عسكري دولي هناك بعد عام 2014. ويتعين التوقيع على الاتفاقية حتى تقدم الولايات المتحدة وحلفاؤها مساعدات يبلغ حجمها مليارات الدولارات لافغانستان. ونقلت الصحيفة هذه المعلومات عن مسؤولين قرأوا هذا التقرير السري الذي يتضمن معلومات من 16 وكالة مخابرات الامريكية او تم اطلاعهم على نتائجه.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول امريكي مطلع على التقرير قوله في "ظل عدم التواجد المستمر والدعم المالي المستمر" فان تقييم المخابرات "يشير الى ان الوضع سيتدهور بسرعة جدا"، ولكن الصحيفة قالت ان بعض المسؤولين شعروا ان هذا التقرير بشأن النتيجة المحتملة لاطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة مفرط في التشاؤم ولم يأخذ في اعتباره التقدم الذي احرزته قوات الامن الافغانية. بحسب رويترز.

ونقلت الصحيفة عن احد المسؤولين قوله "اعتقد اننا ما سوف نراه هو اعادة تقويم للسلطة السياسية والاراضي وهذا النوع من الامور. "لن يكون صعودا حتميا لطالبان." ويماطل الرئيس الافغاني حامد كرزاي في التوقيع على اتفاقية امنية من شأنها السماح للقوات الامريكية بالبقاء في افغانستان بعد عام 2014 وقال مسؤولون امريكيون انه اذا لم يتم التوصل لاتفاق على ابقاء ربما ثمانية الاف جندي امريكي فان مقاتلي طالبان قد يحققون عودة رئيسية وقد تستعيد القاعدة الملاذات الامنة.

ضحايا وهجمات

في السياق ذاته اعلن رئيس بعثة الامم المتحدة في افغانستان ان اعمال العنف في هذا البلد خلفت العام 2013 عددا اكبر من الضحايا المدنيين مقارنة ب2012، وبحسب ارقام ابلغها يان كوبيس الى مجلس الامن، فان الفين و730 مدنيا قتلوا خلال 11 شهرا من 2013، ما يفوق عدد قتلى 2012 بنسبة عشرة في المئة، فيما اصيب خمسة الاف و169 اخرون.

واعتبر كوبيس ان "السكان المدنيين ما زالوا يدفعون ضريبة النزاع"، لافتا الى ان مجموعات المعارضة المسلحة على غرار طالبان هي المسؤولة عن مقتل العدد الاكبر من المدنيين. ولاحظ ايضا ان الولايات الغربية والشمالية الاكثر استقرارا عموما من بقية انحاء البلاد شهدت "تصاعدا" في اعمال العنف. وينهي 46 الف جندي اميركي و27 الف جندي من دول اخرى انسحابهم من افغانستان في 31 كانون الاول/ديسمبر 2014.

وراى كوبيس ان الدول المجاورة لافغانستان تخشى مرحلة ما بعد 2014 "اذا ما نشأ فراغ من شانه تشجيع انتشار شكل من الارهاب الدولي مرتبط بالقاعدة". واكد كوبيس ايضا الاهتمام "العام" الذي يبديه الناخبون الافغان مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في نيسان/ابريل 2014، لافتة الى ان 3,2 ملايين بطاقة انتخابية تم تسليمها حتى الان ثلثها لنساء.

من جانب اخر قالت الشرطة ان ما يصل الى 15 شخصا اغلبهم اجانب قتلوا في افغانستان حين فجر انتحاري نفسه خارج مطعم لبناني في العاصمة كابول. وأعلنت حركة طالبان على الفور مسؤوليتها عن الهجوم الذي وقع في حي وزير أكبر خان الذي يضم الكثير من السفارات والمطاعم التي تخدم المغتربين. وقالت الأمم المتحدة ان اربعة من موظفيها مفقودون.

وقال الجنرال ايوب سالانجي نائب وزير الداخلية الافغاني إن ما بين 13 و15 شخصا معظمهم اجانب قتلوا لكن جنسياتهم لم تعرف بعد. وقال متحدث باسم طالبان إن القتلى المان. وفي برلين قالت وزارة الخارجية الالمانية إنها لا تستطيع تأكيد مقتل مواطنين المان. ووقع الهجوم قرب وقت العشاء في الحي الذي يتمتع بحراسة مشددة ويعيش به كثير من الأثرياء الأفغان. وأعقب الهجوم إطلاق رصاص.

وقال مصدر أمني "في البداية وقع هجوم انتحاري قرب مطعم يرتاده الأجانب حيث فجر رجل متفجرات وضعها حول جسده ثم دخل متمرد أو اثنان المطعم." وقال المتحدث باسم الامم المتحدة فرحان حق في نيويورك انه لم يتسن معرفة مصير عدد من موظفي المنظمة الدولية. وأضاف "اربعة موظفين مدنيين بالامم المتحدة افادت تقارير بانهم ربما كانوا موجودين على مقربة من موقع هجوم اليوم في كابول. مازالوا مفقودين. تبذل الامم المتحدة جهدها لاستيضاح وضع موظفيها."

وقالت مصادر امنية ان بعد التفجير الانتحاري الاول اقتحم مسلحان المطعم وبدأوا يطلقون النار على من كانوا يتناولون طعامهم هناك مضيفة انه تم نقل مصابين اجانب الى معسكر دولي في شرق كابول. وقال حشمت ستانكزاي المتحدث باسم شرطة كابول في وقت سابق إن عملية تطهير المبنى لاتزال جارية. بحسب رويترز.

وقوات الامن التابعة لنا لم تدخل المطعم بعد... ربما يكون هناك بعض المتمردين في الداخل لذا علينا التحرك بحذر لتفادي وقوع خسائر بشرية محتملة." واستمر اطلاق النار حوالي 20 دقيقة بعد الانفجار وأغلق الطريق الرئيسي المؤدية إلى المنطقة. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية صديق صديقي إن ثلاثة انتحاريين اقتربوا من المبنى وإن أحدهم فجر قنبلته بينما قتلت قوات الامن الاثنين الآخرين.

الرئاسة تتهم واشنطن

من جهة اخرى اتهمت الرئاسة الافغانية القوات الاميركية بقتل ثمانية مدنيين هم امرأة وسبعة اطفال في قصف جوي في ولاية بروان بشمال كابول. وقالت الرئاسة في بيان ان الرئيس الافغاني حميد كرزاي "يدين باشد العبارات قصف القوات الجوية الاميركيةالذي ادى الى مقتل امراة وسبعة اطفال".

اقرت القوة الدولية التابعة للحلف الاطلسي في افغانستان (ايساف) بانها شنت "غارة جوية" خلال عملية مشتركة مع الجيش الافغاني ضد متمردين ينتمون الى طالبان، ولكن من دون ان تحدد ما اذا كانت هذه الغارة تسببت بقتل مدنيين. لكن القوة تداركت انها "على علم بمعلومات" مفادها ان مدنيين "اثنين" قتلا "عرضا".

واضافت ان "ايساف تأسف لسقوط اي ضحية مدنية ونحن نعمل مع حلفائنا الافغان لتحديد ظروف هذا الحادث"، لافتة الى ان جنديا من القوة الدولية قتل في المعارك مع المتمردين. واوضحت ايساف ان المواجهات حصلت فيما كانت قوة الاطلسي والجيش الافغاني ينفذان عملية تهدف الى القضاء على مواقع للمتمردين في اقليم سياهغيرد كانت تشن منها هجمات على قاعدة باغرام العسكرية الاميركية. ولفتت الى ان قوة الاطلسي طلبت "دعما جويا" نظرا الى صمود المتمردين.

واورد حاكم الولاية بصير سلنغي ان صاروخا اصاب منزلا يقطنه مدنيون، من دون ان يتمكن من تحديد ما اذا كان مصدره قوة الاطلسي ام المتمردون. ومن شان هذا الحادث ان يزيد في توتر العلاقات بين كابول وواشنطن فيما تحاول واشنطن اقناع كرزاي بتوقيع اتفاق امني ثنائي يشكل اطارا لانتشار الجنود الاميركين في افغانستان بعد انسحاب قوة الاطلسي مع نهاية هذا العام. بحسب فرانس برس.

ويرفض كرزاي توقيع هذا الاتفاق قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس من نيسان/ابريل المقبل والتي لا يمكنه المشاركة فيها كون الدستور يمنعه من الترشح لولاية ثالثة. ويعتبر الاميركيون ان هذه المهلة لن تفسح لهم وقتا كافيا لاعداد المهمة العسكرية لما بعد 2014 والتي تتركز على تدريب القوات الافغانية واحتواء خطر المتمردين وحلفائهم من القاعدة.

واضافت الرئاسة الافغانية في بيانها ان "الحكومة الافغانية تطالب منذ اعوام بوضع حد للعمليات التي تنفذ في القرى الافغانية، لكن الاميركيين، وعبر قصفهم مرة جديدة منطقة ماهولة وقتلهم مدنيين، يتحركون في شكل ينافي الضمانات التي قدمها" الرئيس باراك اوباما. وتوقيع الاتفاق الامني الثنائي سيتيح للقوات الافغانية التعويل على دعم اميركي بعد انسحاب عشرات الاف الجنود المنتمين الى قوة الاطلسي، في ظل مخاوف من تجدد اعمال العنف في افغانستان.

دولة جريمة ومخدرات

على صعيد متصل حذر مسؤول اميركي كبير في تقرير من ان حجم الانتاج الهائل للافيون في افغانستان الذي يغذي الفساد ويمول حركة افغانستان المتمردة يهدد بتحول هذا البلد في السنوات المقبلة الى "دولة جريمة ومخدرات". وقال جون سوبكو المفتش العام الخاص بإعادة اعمار افغانستان في تقرير موجه الى احدى لجان الكونغرس الاميركي انه "في ظل عدم وجود برامج فعالة لمكافحة المخدرات وغياب ارادة سياسية افغانية لمعالجة هذه المشكلة الخطيرة بشكل جدي، فان تحول افغانستان الى دولة جريمة ومخدرات قد يصبح امرا واقعا".

واضاف انه مع وجود 290 الف هكتار من الاراضي المزروعة بالخشخاش في افغانستان تنتج 90% من اجمالي الانتاج العالمي من الافيون فان "الفلاحين الافغان ينتجون اليوم الافيون بكميات لا سابق لها في العصر الحديث"، مشيرا الى انه في العام 2001، السنة التي اطاح فيها تدخل دولي تقوده الولايات المتحدة بنظام طالبان كانت مساحة الاراضي المزروعة بالخشخاش لا تزيد عن 8 الاف هكتار.

واكد المفتش العام ان "الوضع في افغانستان ميؤوس منه والآمال ضئيلة بحصول تحسن في العام 2014 او بعده"، مشيرا الى انه "لا الولايات المتحدة ولا الدولة الافغانية لديهما على ما يبدو استراتيجية واضحة لمكافحة تجارة المخدرات بشكل فعال". وعلى الرغم من السبعة مليارات دولار التي انفقتها الولايات المتحدة منذ 2002 على برامج لمكافحة المخدرات وثلاثة مليارات اخرى على برامج للزراعات البديلة، فان واشنطن تفتقر الى استراتيجية واضحة في هذا المجال. واعرب سوبكو عن اسفه لواقع ان الحجم الهائل لتجارة المخدرات "يسمم" القطاع المالي الافغاني و"يقوض شرعية الدولة الافغانية من خلال تعزيز الفساد والشبكات الاجرامية"، محذرا من وجود مسؤولين في القوات الافغانية يشجعون منذ الان المزارعين على زراعة الخشخاش مقابل "بدلات ايجار" يفرضونها عليهم. وبحسب ارقام الامم المتحدة والحكومة الافغانية فان تجارة المخدرات الدولية انطلاقا من افغانستان، اكبر منتج للافيون في العام، تستفيد منها بالدرجة الاولى حركة طالبان التي تحصل على ما بين 100 و400 مليون دولار سنويا من هذه المادة.

الى جانب ذلك قال وزير مكافحة المخدرات الافغاني دين محمد مبارز رشيدي ان بلاده تحتاج مساعدات مالية اضافية لحربها ضد المخدرات بعد ان وصل انتاج الافيون إلى رقم قياسي العام الماضي وذلك مع استعداد القوات الاجنبية لمغادرة البلاد بنهاية العام. ورغم جهود استمرت لأكثر من عشر سنوات لاثناء المزارعين الافغان عن زراعة الخشخاش ومكافحة الفساد وقطع الروابط بين تمرد طالبان والاتجار في المخدرات زادت مساحة زراعة الخشخاش عام 2013 بزيادة 36 في المئة عن العام السابق. بحسب رويترز.

وقال الوزير الافغاني بعد محادثات مع كبير مسؤولي الامم المتحدة لمكافحة المخدرات يوري فيدوتوف "حتى نقنع المزارع الافغاني بعدم زراعة الخشخاش نحتاج الى ان نوفر له مصدر رزق آخر." وأضاف "هناك حاجة لمزيد من الموارد المالية لمكافحة هذه الظاهرة بشكل فعال." وقدر انه خلال 12 عاما تم انفاق سبعة مليارات دولار على حملة مكافحة المخدرات.

وصرح بأن هناك حاجة أيضا "لعقوبات شديدة" لتجار المخدرات وأضاف "آمل انه في عام 2014 سنشهد تراجعا في الزراعة والانتاج معا." ولم يتضح بعد مدى استجابة المانحين لمناشدة الوزير الافغاني لكن مسؤول الامم المتحدة قال ان مؤتمرا للمانحين سيعقد في العاصمة اليابانية طوكيو في وقت لاحق من العام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 27/كانون الثاني/2014 - 25/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م