لماذا ينجو المسؤولون من الحساب؟

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: أوجد المفكرون السياسيون، والمبادئ الإنسانية الراقية، عملية الانتخاب، من اجل اختيار القائد السياسي الكفؤ، ومعاقبة القادة او المسؤولين الفاشلين، من خلال عدم إعادة انتخابهم مرة اخرى، بسبب فشلهم في الدورة الماضية في اداء واجباتهم حيال الدولة والمجتمع والمواطن، ولم يتحدد فعل الانتخابات في قضية انتخاب الافضل، بل صارت عملية الانتخاب في الشعوب الواعية المتحضرة، وسيلة رادعة لمعاقبة الساسة الفاشلين، وطردهم خارج الساحة السياسية، كونهم فشلوا في تحقيق أهداف الشعب، ولم يصونوا أو يحافظوا على حقوقه ولم يحرصوا على حاضره ولا مستقبله!.

وبهذا اصبحت الانتخابات ذات اهداف مزدوجة، لا تكتفي – كما يُشاع- باختيار المرشحين، والصعود بهم الى الكراسي والمناصب في ادارة الدولة، إنما ينتهز الناخب الواعي المتميز هذه الفرصة لكي يعاقب المسؤول الذي خان ضميره، وخان القسم الذي اقسم به وهو يفوز بمقعد في مجلس النواب، فلم يؤدي أمانته تجاه المواطن والشعب والدولة معا، بل انشغل بمصالحه ومنافعه هو وعائلته والمقربين منه ونسي واجباته تجاه الناخبين الذين اوصلوه الى مقعده!

ولعل الامثلة كثيرة في هذا المجال، وكلنا او معظمنا سمعنا بالاموال التي نهبها مجموعة من النواب البرلمانيين بحجة العلاج خارج البلاد، حيث صرف بعضهم على نفسه عشرات الملايين تصل الى 70 و60 و59 مليون دينار، من ميزانية الدولة واموال الفقراء العراقيين، في وقت يحتاج كثيرون من المرضى العراقيين الى مليون واحد كيف يشفوا من امراضهم وآلامهم، ولكن النواب سرقوا اموالهم في وضح النهار، وبتشريع ومباركة بعضهم لبعض تحت قبة البرلمان.

والآن نتساءل بوضوح، لاسيما أننا مقبلون على دورة انتخابية جديدة للبرلمان، في نهاية الشهر الرابع من العام الجاري، تُرى هل سينسى الشعب العراقي والناخبون العراقيون هؤلاء المسؤولين والنواب الذين سرقوا اموالهم وضحكوا على ذقونهم وخدعوهم بألف طريقة وطريقة، هل سينتخبونهم مرة اخرى؟، وهل سيلدغ المؤمن جحر مرتين؟ وعندما نطرح هذا السؤال، نريد أن نذكر الناخب العراقي انه أخطأ فعلا عندما اعاد انتخاب اسماء معروفة للبرلمان لم تقدم له أية خدمة تذكر، بل لم يكتفوا بذلك انما سرقوا اموال الشعب وافسدوا، فضلا عن التلكؤ الذي حصل في تشريعهم للقوانين المهمة التي تنفع شريحة الفقراء الواسعة، لهذا نتساءل هل سينجو هؤلاء المسؤولون ونواب البرلمان من العقاب؟ وهل سينسى الشعب العراقي ويعيد انتخابهم مرة ثالثة؟ علما ان الادلة التي تدينهم واضحة كل الوضوح، ونحن هنا لا نتحدث عن المسؤولين والنواب الذي نجحوا في خدمة الشعب، حتى لو كانت الخدمة بنسبة متدنية، بل الكلام يتعلق بمن يحاول منذ الآن ان يشتري اصوات الناخبين بالخداع والكذب والتزييف، إذ بدأ بعض المسؤولين منذ الان بشراء ذمم البسطاء والفقراء من الناخبين، لكي يعيدوا انتخابه، إذ يستغل هؤلاء المسؤولون حاجة الناس وفقرهم، فيمنحونهم شيئا عينيا او نقديا (تافها)، ليخدعوهم ويشتروا اصواتهم، علما أن هذا السلوك مرفوض رفضا قاطعا، سواء بالنسبة للمسؤول أو المواطن الفقير او غيره، ولابد من محاسبة فورية لمن يخدع الناس الفقراء بهذه الاساليب.

علما أن دور الناخب في الانتخابات القادمة بعد أشهر، تنظيف البرلمان من الاعضاء الفاشلين، وذلك من خلال معرفة سيرة المرشح او المسؤول السابق، وهل قام بدوره كما يجب، وهل خدم الشعب فعلا، أم أنه تعامل بأنانية مفرطة وتجاوز على المال العام بألف حجة وحجة تشريعية او غيرها؟، إن حساب المسؤولين لابد أن يتصدر اهتمام جميع الناخبين العراقيين، فلا يمكن أن يُخدع الناخب اكثر من مرة، ولابد من معاقبة الوجوه البرلمانية التي لم تفلح في دورها، ولم تصن الامانة التي تعهدت بها، ولم تلتزم بأغلظ الايمان التي اقسمت بها!، أما العقاب العادل لهؤلاء، هو إهمالهم تماما، وعدم منحهم أي صوت عقوبة لهم على ما اقترفوه، من ذنوب واخطاء بحق الشعب في الدورة الماضية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 26/كانون الثاني/2014 - 24/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م