الذوبان في القطيع

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: الفكرة الجديدة شذوذ عن الاجماع السائد.

اول ما يتبادر الى الذهن لكلمة القطيع ورودها ضمن النقد الموجه الى الدين والسياسة.

وكثيرا ما يشار اليها بالعقل الجمعي، الذي يشد المجموعة نحو فكرة او هدف معين، او التفكير الجمعي، في مقاربة المجموع لظاهرة معينة والبحث عن حلول لها.

ما الذي يجعل الفكرة تبدو شاذة عن الاجماع السائد، ولا يتفاعل معها؟

الجدة وربما الغرابة.

هل هي حقا جديدة وغريبة، ام اننا نراها كذلك لأننا تعودنا على نمط او نسق معين من الأفكار؟

الاحتمالان واردان.

عند كتابة هذا الموضوع على صفحة الوورد، نبهني أحد الزملاء حول الخطوط الحمراء والزرقاء التي تكون تحت بعض الكلمات، كثيرا ما تمر عليّ اثناء الطباعة، لا اعرف ما المقصود منها تحديدا رغم اعتقادي انها تشير الى خطأ املائي في الكلمة، لكن لا وجود لمثل هذه الأخطاء بعد مراجعتها.

اكتشفت بعد إشارة هذا الصديق الى انها نوع من النمط الكتابي الذي يفرضه عليّ (المدقق الاملائي) والذي يريد لكلماتي ان تنسجم مع قواعده وقوانينه الكتابية.

رغم عدم امتلاك الصفحة او الجهاز مشاعر او عواطف الا انها تمتلك عقلا مبرمجا وفق معطيات ونماذج وحسابات ادخلها عليه الصانع.

أي أن هناك نوع من (القطيع) الكتابي – الالكتروني في هذه العملية، والتي تعتمد على العقل فقط، مع استبعاد للمشاعر والعواطف عنها.

الانسان يمتلك الاثنين، العواطف والعقل، وهو سيكون اكثر تأثرا بنمط او نسق القطيع الذي ينتمي اليه.

هل القطيع يفكر، او هو مفكر عنه؟

دائما ما تكون الثانية هي المتحكمة، وهي المسيطرة والموجهة.

ما الذي يمنع القطيع من التفكير؟

الخوف والاستسلام لهذا الخوف.

الخوف يرد ضمن جملة من الأسباب، سابق لموضوع التفكير، وهو يحاصر العقل، تلك المحاصرة تخلق التردد والخوف من التقدم خطوة نحو الامام.

الاستسلام مرحلة لاحقة، متحققة منذ لحظة التوقف والتردد، دون وعي بها، لكنها حاضرة وان متأخرة.

الصورة المرافقة للموضوع، وهي سبب كتابته، فيها أكثر من حركة متدفقة بالمعاني والدلالات.

يطغى عليها أربعة ألوان، كل لون يحيل الى حالة شعورية وعقلية.

الأزرق للاختلاف وهو الشاذ هنا، الرمادي للقطيع او المجموع المتشابه، وهو لون اللّا لون.

الأصفر للفكرة المتوهجة. الأحمر للصراخ ضد الفكرة والرفض لها.

الجمع المتطامن المتشابه والذي ليس له ملامح، يحاصر المختلف عنه، الجميع ضد الواحد.

المتفرد والشاذ، يأخذ لونه بالتحول والتغير، تبعا لارتفاع مستويات الحصار ومناسيب التخويف، المتفرد لا يبقى هكذا طويلا، يتخلى عن لونه الأزرق ويصطبغ بلون اللا لون، ويشابه من اختلف عنهم. انه يستسلم.

لماذا لا نقاتل دفاعا عن افكارنا؟

لأننا محبطون في الغالب.

في كل فكرة جديدة نبحث عن التشجيع، بدونه نشعر بالإحباط ومشاعر اليأس.

هل نحتاج الى التشجيع؟  ليس بالضرورة.

انطلق بفكرتك أولا، ستثير الضجيج والغبار من حولك، سيطالبك الاخرون بالتوقف، بالركون الى السائد مما تعودوا عليه واستراحوا اليه. لا تلتفت خلفك، فالجميع يرميك بالحجارة، اجعل كل حجارة هي الدافع للتقدم نحو الامام.

نجاح فكرتك سيجعل الاخرين يدفعون بك الى الامام، لا تتوقف، فلحظة النجاح يمكن ان تكون وحيدة ويتيمة.

ابحث عن نجاح اخر ضمن الفكرة نفسها او فكرة جديدة أخرى.

الاستمرار هو التشجيع الذي تحتاجه، وهو ضد الإحباط والاستسلام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 23/كانون الثاني/2014 - 21/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م