حزب الله... بين العدو التقليدي والعدو الخفي

معارك تسقيط لإثبات الوجود

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: خمسة انفجارات هزت مناطق تعتبر المعقل الرئيسي والحصين لحزب الله في الضاحية الجنوبية من لبنان، آخرها قبل أيام، وخلفت الكثير من الضحايا، إضافة الى الاغتيالات التي شملت قادة امنيين بارزين لدى الحزب منهم اللقيس الذي اغتيل امام منزلة.

العمليات التي استهدفت حزب الله وأنصاره مؤخراً لم تكن من عدوه التقليدي "إسرائيل"، وان اشير اليه في بعض عمليات الاغتيال، وانما من عدو اخر دخل في خط المواجهة المتبادل مع الحزب بعد ازمة سوريا وقرار الحزب الاشتراك في الحرب لمنع انهيار سوريا او على الأقل الشريط الحدودي الذي يجمعها بسوريا، وابتداء من معركة القصير، كما وصفها الحزب.

أشار الأمين العام لحزب الله ان "تدخل حزب الله في سورية قاطع ونهائي وحاسم، لأن معركة سورية في نظرنا هي معركة وجود"، وأضاف "إن وجودنا في سورية سياقه كبير واستراتيجي"، فيما وصفت بالمقابل، السعودية، وعلى لسان وزير خارجيتها "سعود الفيصل" في مؤتمر صحفي جمعه مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الوضع في سوريا عقب تدخل من اسمتهم بالميليشيا الأجنبية "حزب الله" وقوات الحرس الثوري" إيران" والدعم القوي بالسلاح "روسيا"، بانها "ارض محتلة"، أي شبيهة (بفلسطين)، وأضاف "هذا امر خطير لن نسكت عليه".

بين مسألة "الوجود" و"الأرض المحتلة" و"عدم السكوت" تختفي اجندات يترشح منها القليل ويختفي ورائها الكثير من الاحداث، الأوراق السياسية التي يملكها كل طرف ويمارس من خلالها الضغط على الطرف الاخر تبدأ مع الصراعات المصيرية من اجل حسم المواقف، كما الحال في الازمة السورية.

ان الاستراتيجية التي دفعت بحزب الله الى الدخول في معركة مباشرة مع من وصفهم "الفكر التكفيري في سورية" والخوف من امتداده الى لبنان، دفعت الطرف الاخر الى تبني استراتيجيته الخاصة، ايضاً، للتدخل في لبنان بصورة مباشرة من خلال حرب الأسير والسيارات المفخخة والاغتيالات، لإيصال رسائل فورية كما حدث في محاولة تفجير سفارة الجمهورية الإسلامية في إيران.

الكل يعرف الوضع في لبنان هش بما يكفي لاستيعاب التباين في الاستراتيجيات، وهو بيئة ملائمة لتنوع المصالح السياسية وإيجاد من يخدمها، لكن هذا الامر ربما سيكون على حساب ديمومة لبنان كدولة، وعلى حساب نسيجها الاجتماعي وتجنب إراقة الدماء إذا ما الت الأمور نحو هاوية أكثر خطورة تثار معها نعرات الحرب الطائفية.

أحد تلك الجماعات صاحبة "الفكر التكفيري" هي كتائب "عبد الله عزام" التي دخلت في خط المواجهة المسلحة مع حزب الله، لكن ليس في سوريا وانما في مناطقه الأمنه، وقد فقدت الكتائب مؤخراً قائدها السعودي الجنسية "ماجد الماجد" في عملية امنية نفذتها القوات اللبنانية.

صراعات قادمة

فقد توعدت كتائب عبد الله عزام في لبنان، بشن هجمات ضد إيران وحزب الله وإسرائيل، وكانت هذه المجموعة هددت بمواصلة عملياتها ضد حزب الله المدعوم من إيران حتى انسحابه من سوريا حيث يقاتل إلى جانب قوات النظام.

وذكرت في بيان نشر على الإنترنت، في إشارة إلى زعيمها، "هكذا قضى الشيخ نحبه، ولقي ربه، بعد أن أرسى قواعد مشروع طموح، وبعد أن ربَّى في سنوات رجالا قادرين -بعون الله- على إدارته من بعده على نفس منهجه"، وأضاف "سيستمر مشروعه في ضرب إيران وحزبها، واستهدافِ اليهود المعتدين، والدفاع عن أهل السنة والمستضعفين من كل ملة".

وبعد أن استهجن البيان "الاعتقالات العشوائية" في لبنان بحق الجهاديين قال "تولى كِبرَ هذه الهجمة الجائرة على شباب أهل السنة حزب إيران المسيطر على مخابرات جيش لبنان يحركها كيف يشاء، بل كيف تشاء إيران الصفوية أمُّ الحزب، تحركه وما تحت يدِه من أجهزة الدولة اللبنانية لمصالحها ومصالح حليفها البعثي في سورية".

وأنشئت كتائب عبد الله عزام المدرجة على لائحة وزارة الخارجية الأمريكية للمنظمات الإرهابية، في 2009، وتمت مبايعة الماجد "أميرا لكتائب عبد الله عزام" في حزيران/يونيو 2012 في سوريا، بحسب ما أوردت مواقع إلكترونية إسلامية في حينه.

وفي وقت سابق اعلنت الكتائب ايضاً ان القيادي في حزب الله حسان اللقيس قتل في التفجيرين الانتحاريين، وليس اغتيالا كما أعلن حزب الله، بحسب ما جاء في شريط مسجل نشر على الانترنت. بحسب فرانس برس.

وتضمن الشريط الصوتي تسجيلا لاحد قياديي مجموعة عبد الله عزام الشيخ سراج الدين زريقات وقد نشر على حسابي المجموعة على "يوتيوب" و"تويتر" وتناقلته الصفحات والمواقع الاسلامية المتطرفة، واكد استمرار العمليات ضد حزب الله في لبنان ردا على مساندته النظام السوري.

وجاء في الشريط المنسوب الى زريقات "نبشر اهل السنة في الشام عامة وفي لبنان خاصة ان مقتل القائد العسكري في حزب الله حسان اللقيس لم يكن اغتيالا على يد اليهود الذين يحرس الحزب حدودهم -كما زعم الحزب- بل قتله الله تعالى على يد البطلين الاستشهاديين في غزوة السفارة الايرانية".

وأعلن حزب الله في الرابع من كانون الاول/ديسمبر ان مجهولين اغتالوا اللقيس بإطلاق رصاص عليه في مرآب المبنى الذي يقطنه في الضاحية الجنوبية لبيروت، واتهم الحزب اسرائيل بتنفيذ العملية، الامر الذي نفته الحكومة الاسرائيلية.

وتضمن الشريط صورا للشابين الانتحاريين اللذين نفذا الهجوم على السفارة الايرانية في بيروت في 19 تشرين الثاني/نوفمبر، ما أسفر عن مقتل 25 شخصا.

وكتب تحت صور أحدهما "الاستشهادي ابو اويس الصيداوي (معين ابو ظهر) تقبله الله"، وهو لبناني من صيدا، وتحت صور الثاني "الاستشهادي ابو سفيان الشامي (عدنان المحمد) تقبله الله"، وهو فلسطيني.

وقال زريقات ان الشابين "دكا بتفجيرين استشهاديين صرح الاحتلال ومعقل الطغيان والاجرام، سفارة إيران الفارسية على ارض بيروت وفي قلب وجود ذراعها حزب الله وفي مكان من اشد امكنة تحصينه في بيروت".

واضاف ان "تعليق عملياتنا في لبنان منوط بتحقق مطلبين عادلين: الاول خروج عساكر حزب إيران من سوريا وكف ايديهم عن المسلمين، والثاني اخراج شباب اهل السنة من السجون اللبنانية الظالمة"، ويشير زريقات بذلك الى عشرات الموقوفين الاسلاميين الذي اعتقلوا في لبنان في 2007 إثر معركة نهر البارد في شمال لبنان بين الجيش اللبناني وحركة فتح الاسلام المتطرفة، وبعد المعركة في صيدا في الجنوب اخيرا بين الجيش وأنصار رجل الدين السني احمد الاسير.

العدو القديم

من جهته تعهد الأمين العام لجماعة حزب الله اللبنانية حسن نصر الله بالانتقام من إسرائيل لمقتل قائد كبير في الجماعة في بيروت في وقت سابق، وفي ذلك الوقت أعلنت جماعة لم تكن معروفة من قبل تدعى لواء احرار السنة بعلبك مسؤوليتها عن قتله لكن حزب الله سارع إلى إلقاء اللوم على إسرائيل التي خاض معها حربا استمرت 34 يوما في 2006.

وقال نصر الله في أول ظهور علني له منذ الهجوم "كل المؤشرات والقرائن تدفع بأصابع الاتهام باتجاه العدو الإسرائيلي"، واضاف في تصريحات تلفزيونية وجهها لأنصاره في جنوب بيروت "قاتلنا معروف وعدونا معروف وخصمنا معروف، عندما يكون الاسرائيلي والمعطيات تؤشر اليه نتهمه هو".

ونفت إسرائيل أي ضلوع لها في قتل اللقيس ولمحت إلى أن الدافع ربما كان دعم جماعة حزب الله للرئيس السوري بشار الأسد في حربه ضد المعارضة التي تتكون في أغلبها من السنة، لكن نصر الله قال إن هذا لن يمنع الجماعة من الثأر لمقتل اللقيس.

وقال "نحن في حساب مفتوح بيننا وبين الإسرائيلي، في حساب قديم وفي حساب جديد وفي حساب يتجدد، إذا الاسرائيلي يظن، ان حزب الله مشغول وهذا يجعل الاسرائيلي خارج الحساب أنا اليوم أقول لهم أنتم مخطئون".

وتابع قوله "القتلة سيعاقبون عاجلا أم آجلا ودماء شهدائنا كبيرهم وصغيرهم لن تذهب هدرا في يوم من الأيام، الذين قتلوا إخواننا لن يأمنوا في أي مكان من العالم لن يأمنوا والقصاص آت".

لكن نصر الله سخر ممن قال إنهم يلقون باللوم في مشكلات لبنان -من التوتر الطائفي إلى عدم اجراء الانتخابات وتشكيل حكومة وسوء الوضع الاقتصادي وصولا إلى سيول غمرت أحد الطرق خلال عواصف شتوية- على تدخل الجماعة في سوريا واصفا تلك الاتهامات بأنها غير منطقية.

واكد نصر الله ان اللقيس كان "أحد العقول المميزة واللامعة" في الحزب، من دون ان يقدم تفاصيل اضافية عن مهامه، مؤكدا في الوقت نفسه انه كان على صلة ب "شؤون الجهوزية والاستعداد والتطوير". بحسب رويترز.

ويقول النظام السوري وحلفاؤه ان النزاع الدامي المستمر في البلاد منذ 33 شهرا هو ضد "ارهابيين" متطرفين في غالبيتهم.

وكانت إسرائيل أجرت مؤخراً ثاني تجربة ناجحة لإطلاق صواريخ آرو الاعتراضية المتطورة لتحرز تقدما في منظومتها الدفاعية الرامية إلى مواجهة أي تهديدات قد تشكلها الصواريخ الباليستية التي يمتلكها حزب الله اللبناني وكذا إيران وسوريا.

ومن شأن نظام صواريخ آرو 3 الذي تدعمه الولايات المتحدة نشر أقمار صناعية تتعقب الصواريخ الباليستية وتعترضها فوق الغلاف الجوي للأرض على ارتفاع كاف يسمح بتدمير أي رؤوس حربية كيماوية أو بيولوجية أو نووية بشكل آمن.

وتمتلك إيران وسوريا مثل هذه الصواريخ منذ فترة طويلة وتعتقد إسرائيل أن هناك بعضا منها في حوزة حليفهما حزب الله، وينشغل بال الإسرائيليين بترسانة حزب الله المتنامية في لبنان والتي أمدته سوريا بجزء منها.

وقال مسؤولون بوزارة الدفاع الإسرائيلية إن إطلاق الصاروخ آرو 3 الاعتراضي فوق البحر المتوسط هو ثاني تجربة للنظام الصاروخي ولكنها لم تتضمن اعتراض أي أهداف، ونشرت إسرائيل الطراز السابق آرو 2 قبل أكثر من عشر سنوات وتقول إنه حقق نجاحا بنسبة 90 بالمئة تقريبا في التجارب الحية.

وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية في بيان "أطلق الصاروخ الاعتراضي آرو 3 بنجاح وانطلق في مسار خارج الغلاف الجوي في الفضاء"، وتتوقع إسرائيل أن يتم نشر صواريخ آرو 3 بحلول العام القادم، وتشارك وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) وشركة بوينج الأمريكية في مشروع صواريخ آرو الذي تديره شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية.

وتمثل صواريخ آرو الجزء طويل المدى في الدرع الصاروخية الإسرائيلية المؤلفة من ثلاث شعب، وتتضمن الدرع أيضا نظام "القبة الحديدية" الذي تم نشره بنجاح ويستهدف الصواريخ القصيرة المدى وقذائف المورتر التي يستخدمها المسلحون الفلسطينيون في غزة كما يتضمن صواريخ ديفيدز سلينج (مقلاع داود) المتوسطة المدى التي مازالت قيد التطوير.

وتعكف الولايات المتحدة وإسرائيل على تطوير آرو منذ عام 1988، وتقول واشنطن إن مساعدة إسرائيل على اكتساب القدرة على إسقاط الصواريخ تساهم في الحيلولة دون نشوب حروب في الشرق الأوسط.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون على موقع تويتر "تطوير مثل هذه الأنظمة سيسمح لإسرائيل بالحفاظ على الحياة الروتينية رغم التهديدات التي نواجهها وسيساعد جيش الدفاع الإسرائيلي على الانتصار في القتال بسرعة وكفاءة إذا تطلب الأمر".

وتشعر إسرائيل بالقلق من الصواريخ الباليستية الإيرانية التي يقدر عددها بنحو 400 خصوصا وأن طهران قد تنتج في النهاية رؤوسا نووية لها، وتنفي إيران السعي وراء تصنيع قنبلة وتخوض محادثات مع القوى العالمية بخصوص الحد من برنامجها النووي المثير للخلاف.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير إنه يقدر أن حزب الله يمتلك حاليا ما بين 60 ألفا و70 ألف صاروخ منتشرة في أرجاء لبنان من بينها عشرات من صواريخ سكود دي التي حصل عليها من سوريا ويصل مداها إلى 700 كيلومتر، وأضاف المسؤول متحدثا عن صواريخ حزب الله "إنها أخطر تهديد يواجه إسرائيل اليوم".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 22/كانون الثاني/2014 - 20/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م