الإيرانيون يجيدون كتابة الرسائل

هادي جلو مرعي

 

لكن لايبدو واضحا إن السعوديين مهتمون كثيرا بقرائتها والتمعن فيها، ولايبدو إن لديهم الوقت لذلك بعد تفرغ طهران لدعم النظام الرسمي في العراق وسوريا ولبنان وبوسائل مختلفة، فإن الخيارات المتبقية للسعوديين وعلى المستوى السياسي محدودة للغاية وإن كانت أكبر بقليل في لبنان التي تتوزع ولاءات السياسيين فيها وليس من كفة راجحة على أخرى، وأقله في موضوعة تشكيل الحكومة، بينما يتقوى الحكم السوري أكثر بالموقف الروسي المتماسك، وقدرة إيران على الدعم والنصح والتخطيط، وتوفير المهارات لإستمرار مقاومة دمشق لكل الضغوط التي تتهاطل عليها.

 على هذا فإن للرياض متسعا يعتمد المجموعات الجهادية التي يمكن أن تكون عاملا مساعدا في تغطية تراجعها السياسي في مواجهة إيران، ونكوص مشروعها في سوريا ولبنان، وحتى اليمن، عدا عن ضعف السياسيين والمنظومة المذهبية التي تدعمها في بلاد الرافدين رغم تقديمها معونات هائلة لمجموعات سياسية وإعلامية وعشائرية ودينية، وبقي النظام السياسي المحكوم من مجموعات شيعية صامدا، ولم تخف إيران دعمها المباشر له وبكل الوسائل، ولعل تصريحات الرئيس حسن روحاني من مدة قريبة في مؤتمر الوحدة الإسلامية الذي نظمته طهران والتي قال فيها ( إن محاولات إسقاط حكومات في المنطقة عن طريق العنف لن تنجح) تمثل رسالة قوية في هذا الصدد، ونحن لسنا بحاجة لنفكر كثيرا لنعرف إن روحاني يوجه الخطاب الى المملكة العربية السعودية التي نفذت الى مجموعات سنية في سوريا والعراق ولبنان عبر جهاز إستخباراتها النشيط للغاية هذه الأيام، ويعني ذلك إن الإيرانيين يستشعرون خطورة السلوك السعودي لأنه يفرض معادلة عنفية شرسة تتطلب من الطرف الآخر التحضير والتنسيق مع بغداد وبيروت ودمشق مستغلا التغيير في الإستراتيجية الغربية تجاه الأحداث في المنطقة وتبدل المصالح، والإنتقال الى وجهة أخرى تبعا لمصالح حيوية لواشنطن وحليفاتها الغربيات وهو مامكن الروس والإيرانيين من الإمساك بخيوط اللعبة أكبر من السابق وتوجيه الدفة.

مايقوله السعوديون وحلفائهم في المنطقة من تبعية بعض التنظيمات السنية المتطرفة لإيران والنظام السوري، وحتى لنظام المالكي بمستوى من المستويات يشكل خطورة بالغة لأن ذلك يعني لو صح إن طهران تمكنت من المجموعات السنية وإخترقتها لتوجيهها الوجهة التي تفيد في ضمان صناعة المتغيرات على الأرض وإضعاف المناوئين وهم حلفاء السعودية في العراق وسوريا ولبنان ومصر واليمن وفي غيرها من بلدان الفصول العربية الأربعة.

ومثلما نجح الإيرانيون في فرض معادلة سياسية وعسكرية في سوريا، ولم يمكنوا الأطراف الساعية الى إسقاط الأسد من هدفها، فإن رسالة روحاني واضحة في دوام الإستراتيجية الإيرانية الرامية الى حماية الأنظمة المهددة من السعودية، وليس خفيا موقف المملكة من التغيير السياسي الذي حصل في العراق العام 2003 حيث قاطعت النظام وواجهته بكل الوسائل المتاحة، ولم تسمح بإرسال سفير لها الى بغداد، وكان التطور اللافت منع بغداد صدور صحيفة الشرق الأوسط السعودية في العراق، وهي الصحيفة التي غالبا ماتهاجم المالكي وتصفه بالطائفي، وتتهم إيران بدعم المجموعات الشيعية لحساب مشروعها التوسعي في المنطقة عموما.

واضح للغاية إن الرياض ستستمر في دعم التنظيمات الجهادية، بالمقابل فإن إيران ستواصل دعمها لأنظمة الحكم في بغداد ودمشق، ولن تتخلى عن حزب الله في لبنان، وعن مجموعات سياسية ودينية في بقية البلدان.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 21/كانون الثاني/2014 - 19/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م