إيران.. صفقة المعجزة بحاجة الى وفاء متبادل

متابعة: كمال عبيد

 

شبكة النبأ: بعد مرور اكثر من عشر سنوات على  الأزمة النووية الإيرانية التي شكلت خلال تلك الفترة الزمنية قضية دولية جدلية مستعصية، اثارت خطر اندلاع حرب على نطاق أوسع في الشرق الأوسط، لكن في الأشهر القليلة الماضية زادت التحركات الحثيثة والليونة الدبلوماسية غير المسبوقة بين طرفي النزاع وخاصة من لدن الجانب الإيراني، مما خلق مناخنا ايجابيا نتج عنها اتفاق مرحلي في جنيف بين ايران ومجموعة الدول الست الكبرى، ويلحظ هذا الاتفاق عدم فرض عقوبات جديدة على طهران لستة اشهر مقابل موافقة الجمهورية الاسلامية على تجميد تطوير برنامجها النووي المثير للجدل تمهيدا للتوصل الى اتفاق اشمل.

ففي الاونة الأخيرة دخل الاتفاق المرحلي حيز التنفيذ وقد استطاعت من خلاله اطراف الاتفاق الى وقف الانزلاق على ما يبدو نحو حرب كبيرة في الشرق الأوسط بسبب طموحات إيران النووية وتفاقم العقوبات الاقتصادية على الجمهورية الإسلامية.

لكن على الرغم من ان المشهد مهيئاً للدبلوماسية من خلال المبادرات إلايرانية التصالحية بشأن برنامجها النووي واستعداد واشنطن للتعامل مع طهران دبلوماسيا، الا انه لا يتوقع حدوث انفراجة كبرى ما لم تقرن الأقوال بالافعال، حيث يرى الكثير من المحللين انه لن يكون من السهل تنفيذ الاتفاق بالنظر إلى حالة انعدام الثقة التي اتسم بها النزاع القائم منذ عشرة اعوام، ويرى هؤلاء المحللين ان النزاع النووية بين الجانبين جسد في مختلف مراحله وتطوراته السابقة صورة مرسخة من عدم الثقة والعداء المتبادل الممزوجة بالمناورات السياسية والأجندة المجهولة، حيث شكلت جل هذه العوامل عقبات كبرى أمام تسوية تاريخية للقضية النووية في السنوات القليلة الماضية، مما يشير إلى ان الشكوك العميقة بين إيران والغرب كانت تشكل الأساس للمفاوضات المطولة التي جرت بين الجانبين.

في حين يرى بعض المراقبين ان من ابرز المعوقات التي يمكن ان تسهم في هدم الجهود الدبلوماسية النووية هي مواقف المحافظون المتشددون في مجلس الشيوخ الأمريكي من جهة، وتشدد البرلمان الايراني من جهة أخرى، حيث يحبذ كثير من المشرعين في مجلس الشيوخ فرض عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامجها النووي وهي خطوة يخشى البيت الأبيض أن تفسد الجهود الدبلوماسية مع طهران التي أدت في الآونة الأخيرة إلى اتفاق مؤقت، فلا مؤشرات على قرب إجراء تصويت بمجلس الشيوخ على مشروع قانون عقوبات ايران، في المقابل يتبنى البرلمان الإيراني موقفا أكثر تشددا من موقف الرئيس الايراني الجديد حسن روحاني فيما يتعلق بالقضية النووية رغم أن البعض يرى ان مشروع القرار الذي طرح الشهر الماضي جاء ردا على مشروع طرحه محافظون في مجلس الشيوخ الأمريكي لفرض عقوبات جديدة على إيران.

بينما يرى محللون آخرون ان المحادثات النووية اصطدمت بعقبة بسبب اعمال البحث والتطوير بخصوص طراز جديد لاجهزة طرد مركزي متقدمة للاستخدام النووي تقول ايران انها تقوم بتركيبها، ومثل هذه الاعمال للبحوث والتطوير ستهدف الى تحسين تكنولوجيا اجهزة الطرد المركزي الحالية لدى الجمهورية الاسلامية كي يمكنها تخصيب اليورانيوم بصورة اسرع واكثر كفاءة وهو احتمال يقلق الغرب.

حيث يرى أغلب المحللين ان من غير المؤكد ان تكون ايران مستعدة الان بدرجة اكثر لتحقيق مطالب القوى الدولية بالوقف الفوري لتخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 20 في المئة ووقف العمل في منشأة فوردو، فعلى الرغم ان مفتشي الوكالة الطاقة الذرية كثيرا ما يسافرون الى ايران للتحقق من عدم تحويل مواد نووية لاغراض عسكرية فليس لديهم أي قاعدة من هذا القبيل يديرون منها عملهم.

ومن غير الواضح ما اذا كانت الوكالة قد اثارت الامر بالفعل مع ايران التي يتعين ان توافق عليه، وقد يثير تكثيف أنشطة الرقابة لوكالة الطاقة الذرية الجدل داخل الجمهورية الاسلامية التي سبق ان اتهمت الوكالة ومقرها فيينا بالعمل كوكالة مخابرات يديرها الغرب وبتسريب معلومات سرية لخصوم يسعون الى تقويض برنامجها النووي، إذ يجيء تكثيف انشطة وكالة الطاقة الذرية في اطار اتفاق انتقالي بين ايران والقوى الست الكبرى ومفتشوها هم المناط بهم التأكد من وفاء طهران من جانبها بالاتفاق الذي يستمر ستة اشهر لوقف انشطتها النووية الحساسة.

لذا معظم المحللين إن اي فشل جديد في العملية التفاوضية من شانه ان يعزز موقف رافضي الاتفاق سواء في العواصم الغربية او في طهران، وفي هذا الاطار، قد يخسر روحاني الذي تسلم مهماته في اب/اغسطس دعم المرشد الايراني الاعلى اية الله علي خامنئي اذا لم تؤت سياسة الانفتاح التي ينتهجها ثمارها، وعدم التوصل الى اتفاق سيعقد ايضا مهمة الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي يسعى الى اقناع الكونغرس بعدم تبني عقوبات جديدة ودعا الاعضاء الاكثر نفوذا في مجلس الشيوخ الى البيت الابيض ليحضهم على عدم تشديد تلك العقوبات ما دام الاتفاق النووي مستمرا.

وعليه تطرح المعطيات والتكهنات آنفة الذكر سؤالا هاما هو كيف ستتطور الأمور بشأن الملف النووي الإيراني في ظل عدم الثقة المتبادلة بين طرفي الاتفاق؟، وهو ما قد يقلص فرصة تسوية الأزمة المستعصية كي تؤتي ثمارها على المدى القريب.

الاتفاق النووي حيز التنفيذ

في سياق متصل يدخل اتفاق يقضي بأن تجمد إيران اجزاء من برنامجها النووي مقابل تخفيف للعقوبات المفروضة عليها حيز التنفيذ في 20 يناير كانون الثاني مما يتيح للقوى العالمية وطهران ستة أشهر للاتفاق على نهاية كاملة لأزمة اثارت خطر اندلاع حرب على نطاق أوسع في الشرق الأوسط.

وحذر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من ان المرحلة المقبلة في المحادثات ستكون "صعبة جدا" بعد أن أعلنت إيران وواشنطن والاتحاد الأوروبي عن البدء في 20 يناير كانون الثاني في تنفيذ الاتفاق المؤقت الذي أبرم في جنيف في نوفمبر تشرين الثاني.

وقال مسؤول أمريكي كبير إنه سيتم تخفيف بعض العقوبات الاقتصادية عن إيران اعتبارا من 20 يناير كانون الثاني ومنها تعليق القيود على صادرات إيران البتروكيماوية، وأضاف المسؤول أن التخفيف الفوري للعقوبات والذي سيتوقف على تأكيد مفتشي الأمم المتحدة أن إيران تحد من تخصيب اليورانيوم سيشمل واردات طهران لقطاع صناعة السيارات والتجارة في الذهب والمعادن النفيسة الأخرى.

وقال مسؤول إيراني إنه عقب دخول الاتفاق المؤقت حيز التنفيذ سيبدأ الجانبان التفاوض حول تسوية نهائية لخلافاتهما المتعلقة بأنشطة تشتبه الدول الغربية في انها تهدف إلى اكتساب القدرة على صنع أسلحة نووية.

وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما انه سيستخدم حق الاعتراض ضد اي عقوبات جديدة يوافق عليها الكونجرس الأمريكي اثناء المحادثات للتوصل لاتفاق طويل الاجل مع إيران لكنه قال إن واشنطن ستكون مستعدة لزيادة عقوباتها اذا لم تلتزم إيران بالاتفاق.

ونقلت وكالة انباء مهر الإيرانية شبه الرسمية عن المتحدثة باسم الوزارة مرضية افخم قولها "صدقت العواصم على نتيجة المحادثات في جنيف... اتفاق جنيف سينفذ من 20 يناير"، وأكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون ايضا الموعد وقالت إن الجانبين سيطلبان الان من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التحقق من تنفيذ الاتفاق، وقالت اشتون في بيان "سنطلب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية القيام بالأنشطة اللازمة للتحقق والمراقبة ذات الصلة النووية"، وتمثل اشتون القوى الست الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين والمانيا في الاتصالات الدبلوماسية مع ايران فيما يتعلق بالازمة بخصوص برنامج طهران النووي.

واجتمع مسؤولون من الاتحاد الأوروبي وإيران في جنيف لتسوية المسائل العملية المتبقية ذات الصلة بتطبيق اتفاق 24 نوفمبر تشرين الثاني والذي وافقت إيران بمقتضاه على الحد من مستوى تخصيب اليورانيوم مقابل تخفيف بعض العقوبات.

وحسب التقديرات الامريكية يعادل التخفيف الاجمالي للعقوبات المقدم لايران بموجب الاتفاق حوالي سبعة مليارات دولار، ويشمل هذا المبلغ 4.2 مليار دولار من خلال الوصول إلى الإيرادات الايرانية المجمدة حاليا في الخارج. بحسب رويترز.

وقال المسؤول "الوصول الى جزء من هذه الاموال سيرتبط بتقدم ايران في عملية التخفيف لليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة"، وكان يشير الى التزام ايران بخفض النصف من مخزونها من اليورانيوم المخصب لتلك الدرجة الى يورانيوم لا تزيد درجة تخصيبه عن خمسة في المئة وهو التركيز القياسي للوقود اللازم لمحطات الطاقة النووية.

وقال المسؤول "ايران لن تصل الى الدفعة الاخيرة من مبلغ 4.2 مليار دولار حتى اليوم الاخير من فترة الشهور الستة"، ويستتبع برنامج التخفيف ايضا السماح بأن تبقى مشتريات دولة ثالثة من النفط الايراني عند المستويات الحالية.

وقال المتحدث باسم الاتحاد الاوروبي مايكل مان ان اي اتفاقات ستحتاج للتصديق عليها من حكومات ايران والقوى الست، وقال نائب الخارجية الايراني عباس عراقجي للتلفزيون الحكومي متحدثا عن الاتفاق الاولي إن التزامات كل طرف ستنفذ "في يوم واحد"، واضاف "بعد اتخاذ الخطوة الاولى.. حينئذ في فترة قصيرة من الوقت سنبدأ مجددا اتصالاتنا لاستئناف المفاوضات لتنفيذ الخطوة النهائية"، وتابع "نحن لا نثق بهم.. كل خطوة صممت بطريقة تسمح لنا بالتوقف عن تنفيذ التزاماتنا اذا رأينا ان الطرف الاخر لا ينفذ التزاماته".

لكن على اكبر صالحي رئيس هيئة الطاقة الذرية الايرانية قال انه لن يكون امامه خيار سوى تكثيف التخصيب الى مستوى 60 في المئة اذا اقر البرلمان مشروع قرار معروضا عليه الآن رغم انه لا توجد حاجة حاليا لمثل هذا اليورانيوم عالي التخصيب.

ويقول مؤيدو مشروع القرار ان اليورانيوم المخصب لدرجة تركيز 60 في المئة سيستخدم كوقود لغواصات تعمل بالطاقة النووية. وسيضع ذلك ايران على الحافة التكنولوجية لتركيز 90 في المئة الانشطاري الذي يكفي لصنع اساس قنبلة نووية، وعبر 218 على الاقل من اعضاء البرلمان البالغ عددهم 290 عضوا عن تأييدهم لمشروع القانون الذي يمكن في حالة اقراره ان يهدد التقدم تجاه حل للنزاع النووي، واثار عراقجي موضوعا ربما ما يزال بحاجة الى حل نهائي اذ نقلت عنه وكالة انباء الطلبة شبه الرسمية قوله ان ايران لا تتوقع اي قيود على اعمال البحوث والتطوير لديها. وقال "لا نتوقع اي قيد على انشطتنا للبحوث والتطوير في اطار اتفاق جنيف".

عواقب مستدامة

على الصعيد نفسه قال رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية على أكبر صالحي إن إيران لن يكون أمامها خيار سوى رفع درجة تخصيب اليورانيوم إذا وافق البرلمان على مشروع قانون يناقشه الآن رغم انها لا تحتاج حاليا الي مثل هذا النوع من اليورانيوم العالي التخصيب.

وأبدى 218 على الأقل من إجمالي أعضاء البرلمان وعددهم 290 نائبا تأييدهم لمشروع القرار وفي حالة إقراره فانه قد يهدد التقدم الذي أحرز نحو حل لنزاع طويل الأمد بين ايران مع المجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي. وتوصل الجانبان الى اتفاق مؤقت في نوفمبر تشرين الثاني الماضي، وتخزن إيران كميات من اليورانيوم المخصب الى درجة نقاء 5 في المئة وهي درجة كافية للاستخدام في محطات الطاقة النووية إضافة الى كميات بدرجة نقاء 20 في المئة وهو ما يثير قلقا شديدا لدى القوى الكبرى لأنه يضع طهران على بعد خطوة فنية قصيرة من درجة النقاء اللازمة لصنع أسلحة نووية.

وسيطلب مشروع القانون تخصيب اليورانيوم الى درجة نقاء 60 في المئة وهو ما يكفي للاستخدام في تشغيل الغواصات النووية. وتقول إيران إنها تعتزم بناء غواصة من هذا النوع لكن موقع جلوبال سكيورتي وهو مركز ابحاث على الإنترنت قال ان هذا الأمر سيتطب قفزة هائلة في قدرات التصنيع الإيرانية. بحسب رويترز.

وقالت وكالة انباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية ان صالحي أبلغ شبكة جام جم الاعلامية الإيرانية في مقابلة ان إيران ليست في حاجة الآن الي مثل هذا النوع من اليورانيوم العالي التخصيب، لكنه اضاف "إذا رأى أعضاء البرلمان أن ذلك في مصلحة البلاد وأن التخصيب الى 60 في المئة يمكن أن يكون مفيدا وحولوا هذه الرغبة الى قانون فعندئذ لن يكون أمامنا من خيار سوى أن نطيع"، وقالت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية ان من المقرر أن يبحث أعضاء البرلمان مشروع القرار خلال ايام، وبموجب بنود الاتفاق المؤقت الموقع مع الولايات المتحدة وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا يتعين على إيران أن تقيد التخصيب الى درجة نقاء عالية لمدة ستة اشهر مقابل تخفيف بعض العقوبات الدولية المفروضة عليها، وقال صالحي الذي عينه روحاني انه يفضل التوصل الى اتفاق عن طريق التفاوض، واضاف قائلا "عموما لا خيار سوى التوصل الى اتفاق. الخيار الآخر سيكون عدم الاتفاق وهو ما لا يفيدنا ولا يفيدهم ولا يفيد المنطقة أو أي أحد آخر".

وفي تطور منفصل قال نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لوكالة أنباء مهر إن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف دعا مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون -التي تقود وفد مفاوضي القوى الست الكبرى- لزيارة إيران، وقال مايكل مان المتحدث باسم اشتون انها "لاحظت باهتمام" التقارير عن دعوة محتملة مضيفا أن اشتون "اشارت بالفعل الي انها تنوي زيارة طهران بينما يسير العمل قدما نحو اتفاق شامل".

تحقق وكالة الطاقة الذرية

من جهتهم قال دبلوماسيون إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تدرس تكثيف وجودها في ايران للتعامل بصورة افضل مع حجم عمل اكبر فيما يخص التحقق من تنفيذ طهران لاتفاق تاريخي مع القوى الكبرى للحد من برنامجها النووي.

واضافوا ان الوكالة التابعة للامم المتحدة التي تجابه دورا موسعا نتيجة اتفاق 24 نوفمبر تشرين الثاني ستحتاج على الارجح الى عدد اكبر من المفتشين في ايران كما تبحث ما اذا كانت ستنشئ مكتبا صغيرا مؤقتا هناك. بحسب رويترز.

وقال دبلوماسي غربي في العاصمة النمساوية "لا اعتقد ان ذلك سيكون حساسا،  يجب ان ينظر اليه كنتيجة مباشرة طبيعية للزيارة اليومية (للمواقع). اذا وجد الفريق هناك كل يوم فيجب ان يكون لديه مكتب"، وتقول الوكالة انها تحلل ماذا سيعني هذا فيما يتعلق بالتكاليف والقوة البشرية الاضافية لكن لم تعط تفاصيل بعد. ولا يزال من غير الواضح متى سيبدأ التنفيذ لكن دبلوماسيين يقولون ان الموعد المستهدف في وقت لاحق هذا الشهر.

ولدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ما بين فريق الى فريقين يتألف كل منهما من مفتشين اثنين على الارض في ايران في كل ايام العام بشكل فعلي ويقيمون في فنادق لكن من المنتظر ان يزيد هذا العدد الان، وقال دبلوماسي آخر مقيم في فيينا "فريق آخر على الاقل سيتعين ان يكون هناك"، وقال دبلوماسيون معتمدون لدى الوكالة ان المكتب في ايران قد يساعد في تذليل العقبات الادارية وتلك الخاصة بالامداد والنقل المتعلقة بالقيام بعمليات تفتيش اكثر تواترا لموقعي نطنز وفوردو الايرانيين للتخصيب ومنشآت اخرى.

وقد يخفض ذلك على سبيل المثال من الوقت والمال الذي ينفق على السفر من ايران واليها ويسهل كذلك التعامل مع المعدات المتخصصة. وقال احد الدبلوماسيين "سيجعل (انشطة الوكالة) اكثر فاعلية"، ورفضت وكالة الطاقة الذرية التعليق على القضية. كما لم يتسن الحصول على تعليق من بعثة ايران لدى الوكالة.

ومن المتوقع ان يعقد مجلس محافظي الوكالة الذي يضم 35 دولة اجتماعا استثنائيا في اواخر يناير كانون الثاني لبحث العمل الاضافي للوكالة بموجب الاتفاق بين ايران الولايات المتحدة وفرنسا والمانيا والصين وروسيا وبريطانيا.

وكان دبلوماسيون قالوا الشهر الماضي ان الوكالة قدرت بشكل مؤقت انها ستتكلف نحو خمسة ملايين يورو وان جزءا من هذا المبلغ ستغطيه مساهمات دولة عضو متطوعة.

ووافقت ايران على وقف اكثر انشطتها النووية الحساسة وهو تخصيب اليورانيوم لمستوى نقاء انشطاري يبلغ 20 في المئة وستحد من اجزاء اخرى من البرنامج مقابل تخفيف محدود للعقوبات التي تضر باقتصادها المعتمد على النفط.

ولضمان قيام ايران بهذه الخطوات ستزور الوكالة نطنز وفوردو بشكل يومي مقارنة بزيارة واحدة اسبوعيا في الوقت الحالي. كما ستفتش المنشآت التي تجمع فيها ايران اجهزة الطرد المركزي المستخدمة في تخصيب اليورانيوم.

وشدد الدبلوماسيون على ان اي مكتب للوكالة في ايران لن يكون مكتبا اقليميا آخر كالموجود في طوكيو وتورونتو لكن ربما يكون مشابها للموجود في ريو دي جانيرو حيث يمكن لطاقمه العمل وتخزين المواد في مكتب في فندق.

وقال اولي هاينونين الرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية "قد تكون هناك بعض الفوائد من امتلاك مساحة مكتبية صغيرة في ايران"، واضاف هاينونين الذي يعمل الان بمركز بلفر للعلوم والشؤون الدولية بجامعة هارفارد "غير ان من الاكثر اهمية هو ان يكون هناك نظام تحقق قوي وموثوق فيه لمراقبة عدد اجهزة الطرد المركزي المخزنة والتي تنتج في ايران".

صراع البيت الابيض وإرادة طهران

الى ذلك قلل البيت الابيض من اهمية تصريحات الرئيس الايراني حسن روحاني بان الاتفاق النووي مع الدول الكبرى يظهر انها تذعن لارادة طهران، وذلك قبل بضعة ايام من بدء تطبيق الاتفاق المرحلي الذي وقع في جنيف، وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني "ليس مفاجئا بالنسبة الينا ويجب ان لا يكون مفاجئا لكم ان يصف الايرانيون الاتفاق بطريقة معينة موجهة الى الجمهور الداخلي .. لا يهم ما يقولونه، المهم ما يفعلونه".

وكتب روحاني على موقع تويتر ان "علاقاتنا مع العالم تستند الى مصالح الامة الايرانية، ان اتفاق جنيف يشكل اذعان القوى العالمية لارادة الامة الايرانية"، واضاف كارني ان الايرانيين "قاموا بهذا الامر لدى اعلان الاتفاق في تشرين الثاني/نوفمبر وكنا نتوقع ان يفعلوا الامر نفسه هذه المرة".

وفي السياق نفسه، يحاول الرئيس باراك اوباما ثني الكونغرس عن التصويت على عقوبات جديدة بحق طهران تدخل حيز التنفيذ في حال اخفقت المفاوضات الحالية.

وقال اوباما "ما نريده هو اعطاء فرصة للدبلوماسية وفرصة للسلام (...) لم يحن الوقت لفرض عقوبات جديدة"، وفي منتصف كانون الاول/ديسمبر حذر البيت الابيض من ان الرئيس سيلجأ الى الفيتو ضد اقتراح قانون مماثل، لكن هذا الامر قد يضعف موقفه امام الراي العام وخصوصا اذا لم تفض المفاوضات الى نتيجة. بحسب فرانس برس.

في موازاة ذلك، هاجم عضوا مجلس الشيوخ الجمهوريان والمتخصصان في السياسة الخارجية جون ماكين وليندسي غراهام معلومات افادت ان اتفاق تشرين الثاني/نوفمبر يتضمن بنودا لم تنشر، وقال ماكين وغراهام المعروفان بانتقادهما لسياسة اوباما حيال ايران، في بيان مشترك "ندعو ادارة اوباما الى كشف حقيقة هذا الوضع في شكل فوري بهدف التأكد من اطلاع اعضاء الكونغرس في شكل كامل وسريع على موضوع الدبلوماسية النووية مع ايران"، واضاف النائبان "اذا كانت صحيحة، فان هذه المعلومات تضفي طابعا ملحا على دعوات وجهها عدد متزايد من اعضاء الكونغرس لتبني عقوبات جديدة (...) في اسرع وقت ممكن".

لكن كارني نفى وجود "اتفاق سري"، وقال ان "الوثائق المرتبطة بتفاصيل التطبيق تندرج تماما ضمن النهج الذي وصفناه، اي انها وثائق تقنية تم ارسالها الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، واذ شدد على وجوب التشاور مع اطراف اخرين غير الولايات المتحدة، كون الاتفاق متعدد الطرف، وعد كارني بان يعلن نص الاتفاق في النهاية "امام الكونغرس والراي العام".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 20/كانون الثاني/2014 - 18/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م