أسباب ودوافع لإضعاف العراق

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: ثمة محاولات مستميتة تتواصل بشكل حثيث، للإبقاء على العراق دولة ضعيفة، وهناك دوافع وأسباب، تقف وراء ذلك، تتلخص بأجندات خارجية دولية وإقليمية، وتدخل ضمنها - كعوامل مساعدة- بعض الظواهر المجتمعية التي تعيق بناء الدولة العراقية المدنية القوية، بمعنى أوضح، هناك دوافع خارجية، وأسباب داخلية، تلتقي فيما بينها، وتتحد بصورة تلقائية أو مخطط لها، لتعطي مفعولا قويا لإضعاف العراق، وجعله دولة مخلخلة البناء، تعاني من الضعف، وتتعرض للاختراق، ويصعب على مؤسساتها النهوض بدورها، لإرساء وتطوير أسس ومستلزمات الدولة المدنية المستقرة.

يستطيع المتابع المتفحص أن يميز بين الدوافع والاسباب المذكورة آنفا، فالدوافع تكاد تكون واضحة، على الرغم من أساليب التمويه والتخفّي وخلط الاوراق التي تتبعها الدول الاقليمية وسواها، في سعيها الحثيث لكي تبقى الدولة العراقية ضعيفة، بمعنى أن الدوافع تنطلق من حسابات دولية واقليمية، تهدف الى إعاقة تطور العراق في مناحي الحياة كافة، وهذه الدول البعيدة والقريبة من العراق، ليس في صالحها أن تكون الدولة العراقية مكتملة البناء، لأنها ستخسر مصالحها التي تتمثل قبل كل شيء، باستنزاف خيرات وموارد هذا البلد وشعبه الذي يعاني من الفقر، والافتقار المؤلم لأبسط الخدمات والحاجات الاساسية للعيش بكرامة.

ولا تنحصر الدوافع الخارجية عند هذا الهدف، ولا تتوقف عند هذا الحد، فهناك اهداف اخرى غير الطمع بالثروات العراقية، أي هناك دافع سياسي يجعل بعض الدول لاسيما الاقليمية، تحارب العراق سياسيا، وتحاول أن تضعفه اقتصاديا، حتى لا يشكل نظامه السياسي الديمقراطي عندما ينجح، خطرا عليها من ناحية الرفض الشعبي للانظمة الدكتاتورية في المنطقة، بمعنى اوضح اذا تُرك العراق لشأنه، سوف يتقدم ويبني الدولة المدنية المأمولة، ويتطور النظام السياسي الديمقراطي فيها، وينعم الشعب بحرياته المدنية وحقوقه، وهذا يشكل خطرا على الانظمة التي تصادر حرية شعوبها، كما هو الحال في بعض الدول المجاورة للعراق، لذلك لا يمكن ان تسمح هذه الانظمة، بنجاح الدولة العراقية في تطوير نظام سياسي ديمقراطي، يتم فيه تداول السلطة وفق ضوابط السلم والدستورية المنضبطة، عند ذاك سوف تثور الشعوب المجاورة للعراق، وسوف تطالب بحقوقها، كما جرى فعلا في بعض الدول، وهكذا سوف تستميت هذه الانظمة، من اجل كبح جماح التجربة العراقية، والحد من تأثيراتها عبر هدف واضح، هو إضعاف العراق.

أما الوسائل التي تلجأ إليها تلك الانظمة السياسية، والدول التي تخشى قيام دولة عراقية مدنية قوية، فهي وسائل واساليب وطرق متعددة، أكثرها خبثا وخطرا، استخدام الارهاب، ودعم التشدد والتطرف، وتمويل الفرق والمجاميع المتشددة التي تسعى الى القتل والتدمير ونشر الرعب والخراب، في مدن العراق بحجة المقاومة الاسلامية وما شابه، فضلا عن زج مخابراتها في هذه اللعبة، أي في تأجيج الصراع المذهبي وبث الفتنة، وتضخيم الاحتقان بين ابناء الشعب الواحد، كي يبقى ضعيفا بسبب التناحر الطائفي والمذهبي والعرقي وما شابه.

أما الاسباب الداخلية التي تساعد وتشترك في إضعاف العراق، فهي واضحة للجميع، تتمثل بتأثير أفكار الكراهية على الوحدة الشعبية والانسجام بين ابناء البلد الواحد، لذلك يجد الارهاب بعض الحواضن التي تقدم له الدعم والاستمرار والتكاثر، على حساب بناء الدولة العراقية القوية، وهكذا يشترك الخارج والداخل في الهدف والسعي عن قصد او من دونه! لتحقيق هدف الإبقاء على العراق ضعيفا على مستوى الشعب والدولة.

مطلوب أن تسعى الجهات المعنية لفهم هذه القضية، وأن تدرك بوضوح مدى خطورتها، لكي يتعاون المعنيون جميعا، مؤسسات وأفراد، لاتخاذ الخطوات الفاعلة التي تحجّم هذا الخطر القائم، على ان يسعى المعنيون الى خطوات حازمة ومدروسة منها:

- حتمية استئصال الكراهية بكل السبل والطرق المتاحة.

- كبح العنف في أرجاء البلد كافة، بالوسائل والطرق المتفق عليها.

- تنمية وتطوير دور المنظمات الشعبية في نشر روح الألفة، والانسجام والتعاون بين مكونات الشعب العراقي كافة.

- يقع على الحكومة الدور الاكبر في هذا المجال، كونها المؤسسة الاكبر والاقوى، والاكثر قدرة ماديا ومعنويا وقانونيا، على دعم وترسيخ أسس السلم الاهلي.

- لا تستثنى النخب كافة، دينية، ثقافية، فكرية، من واجباتها المعروفة في نشر روح السلم، وزيادة الوعي الشعبي.

- نشر دعائم التعايش بين جميع المكونات العراقية.

- تركيز الجهود كافة على الصعيدين الشعبي والحكومي، لبناء الدولة العراقية المدنية المستقرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 18/كانون الثاني/2014 - 16/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م