الفيتامينات.. مغذيات حيوية تفتح ابواب المخاطر

 

شبكة النبأ: الفيتامينات والمكملات الغذائية التي يستخدمها الكثير من البشر لأجل التغلب على بعض المشاكل الصحية، لاتزال محط اهتمام ودراسة من قبل الكثير من العلماء والباحثين الساعين الى معرفة فوائد وأضرار هذه المنتجات والعناصر التي ازداد استهلاكها من قبل الأفراد كما يقول بعض الخبراء، والمكملات الغذائية وبحسب بعض المصادر هي مستحضرات هدفها تكملة النظام الغذائي بمواد تغذوية مثل الفيتامين والمعادن والألياف والأحماض الدهنية والأحماض الامينية التي قد تكون مفقودة في النظام الغذائي للشخص أو قد تكون لا تستهلك بكميات كافية.

لكن وعلى الرغم من الفوائد المتداولة لهذه المنتجات فقد أكدت بعض البحوث والدراسات الحديثة احتمال أن تكون الفيتامينات والمكملات الغذائية سببا لكثير من المشاكل الصحّة. وفي هذا الخصوص فقد وجد في دراسة مطوَّلة أُجريت على 60.000 عجوزٍ سويدية أن أولئك اللاتي يتناولن مكملات الكالسيوم بجرعات عالية أكثر عُرضةً لمرض القلب والموت. وهذا يناقض الاعتقاد الشائع بأن مكملات الكالسيوم الغذائية ذات فائدة صحّية للمسنّين.

وفي دراسة أُخرى نُشرت في المجلة الطبية البريطانية على الإنترنت وجد أن النساء اللاتي يستهلكن 1400 مللي جرام فأكثر من الكالسيوم يومياً في هيئة أقراص يكنّ أكثر عُرضةً للموت بمرض القلب بما يجاوز الضعف. وإن مجموع الكالسيوم المطلوب امتصاصه للجسم حسب التوصيات في استراليا لمن هم في سنّ 51 عام فأكثر هو 1300 مللي جرام في اليوم.

من جانب آخر وجدت دراسة جديدة أن تناول المتممات الغذائية التي تحتوي على الفيتامين سي يومياً، يضاعف خطر الإصابة بحصى الكلى. وذكرت صحيفة ديلي ميل البريطانية أن الباحثين في معهد كارولينسكا السويدي، وجدوا أن الرجال الذين يتناولون متممات الفيتامين سي يومياً يتضاعف لديهم خطر الاصابة بحصى الكلى. ويعاني 12 من الرجال و4 من النساء في بريطانيا من حصى الكلى.

وقالت الباحثة المسؤولة عن الدراسة لورا توماس، انه كان يُشتبه بأن الجرعات العالية من الفيتامين سي قد تزيد خطر الإصابة بحصى الكلى، لأن بعض من هذا الفيتامين الذي يمتصه الجسم يخرج في البول على شكل أوكسالات، وهو مكوّن أساسي لحصى الكلى. وقد راقب لمدة 11 عاماً 907 رجالاً قالوا انهم يتناولون الفيتامين سي بشكل منتظم وما يزيد عن 22 ألف لا يستخدمون المتممات الغذائية. ومن بين مستخدمي متممات الفيتامين سي أصيب 3.4 بحصى الكلى لأول مرة خلال الدراسة، مقابل 1.8 من غير المستخدمين للمتممات.

الإفراط في التناول

على صعيد متصل يتهافت الملايين من الناس على تناول المكملات الغذائية من الفيتامينات. إلا أن طبيب التشريح والجراحة كريس فان توليكين يرى أن العديد منهم يضيعون وقتهم في هذه الأمور وقد يلحق بعضهم الضرر بأنفسهم جراء الإفراط في اللجوء إلى تلك المكملات. ففي نوفمبر/تشرين الثاني عام 1912، بدأ فريق من ثلاثة رجال وستة عشر كلبا رحلتهم من قاعدة نائية تقع شرقي القارة القطبية الجنوبية لاكتشاف سلسلة من الأخاديد التي تقع على بعد بضعة مئات من الأميال.

وبعد ثلاثة أشهر من بداية تلك الرحلة، لم يعد سوى رجل واحد منهم يدعى دوغلاس موسون، وكان جلده آخذا في التقشير وبدأ شعره بالتساقط، وكان قد فقد نصف وزنه تقريبا. وروى موسون تفاصيل هذه الرحلة التي وصفها السير إيدموند هيلاري فيما بعد بأنها "أروع قصة في تاريخ الاكتشافات القطبية التي نجا فيها فرد واحد فقط". فبعد شهر واحد من بدء الرحلة، انزلق أحد الرجال الثلاثة مع ستة من الكلاب في أحد الأخاديد مع الخيمة وأغلب المعدات التجهيزية الاحتياطية للرحلة، ولم يعثر لهم على أثر.

وبدأ موسون بعد ذلك وزميله خافيير ميرتز الذي نجا معه من ذلك الحادث رحلة العودة إلى القاعدة، وكانوا يتغذون فيها على ما تبقى معهم من الكلاب. وبعد بضعة أسابيع، بدأ ميرتز يعاني من إسهال وآلام في المعدة، وبدأ جلده في التقشير وشعره في التساقط، ليلقى حتفه بعد عدة أيام وهو يعاني من سلس البول والهذيان. فيما كان موسون يعاني أيضا من أعراض مشابهة، حيث تقشر باطن قدميه بطريقة بدت من خلالها طبقات الجلد في تلك المنطقة "متآكلة وغير ناضجة" حسب وصفه.

لذا، فقد كانت المعاناة التي عانا ها قدماء المستكشفين والبحارة هي الدافع لإجراء أولى الأبحاث والدراسات حول الفيتامينات والأمراض التي تصيب الإنسان جراء نقص تلك الفيتامينات لديه. ومع إلقاء النظرة الأولى عليها، تبدو رواية موسون وكأنها تحكي قصة أخرى عن الجوع المقترن بنقص في المكونات الغذائية الضرورية.

 إلا أنه وفي الحقيقة، فإن وصف موسون لأعراضه تلك ينطبق تقريبا على وصف أعراض تناول جرعة زائدة من فيتامين أ، وهو ما يبدو أنه حدث جراء تناوله كبد الكلب، حيث إن تناول أقل من 100 غرام من كبد كلب الإسكيمو قد يكون بمثابة جرعة قاتلة لمستكشف يتضور جوعا. ومع أن موسون عاش بعد تلك الرحلة حتى بلغ 76 عاما، إلا أن قصته تلك تعطينا تحذيرا أن الفيتامينات قد تشكل خطورة على صحتنا.

ويتناول هذا التقرير كل ما عرفناه عن المكملات الغذائية من الفيتامينات خلال الأعوام القليلة الماضية. فإذا ما كان الإنسان يتمتع بصحة جيدة ويعيش في بلد كبريطانيا، فإن تناول الأقراص متعددة الفيتامينات وجرعات زائدة من موانع الأكسدة قد يتسبب في قصر حياته. ففي أغلب الأحيان وبالنسبة للغالبية منا، لا تكون تلك المكملات الغذائية من الفيتامينات صحية لنا، على الرغم من أن الكثير منا ينفق أموالا طائلة عليها، وقد يعتمد البعض عليها اعتمادا كبيرا بدءا من تقوية الشعر وحتى حياة الفرد الجنسية.

وأود أن أدخل في ذلك بشيء من التفصيل، فمن المؤكد أن الشركات التي تعمل على تصنيع تلك المكملات الغذائية من الفيتامينات لا تتفق معي في ذلك. فلماذا إذن نعتقد أن تلك المكملات مفيدة جدا لنا ومن ثم نتناولها؟ وتعتبر الفيتامينات أمرا أساسيا في حياتنا، وهناك أعداد كبيرة من الناس حتى في بريطانيا أيضا يستفيدون من أنواع معينة من تلك المكملات الغذائية من الفيتامينات. إلا أن أقراص الفيتامينات العامة التي تظهر في السوق ولا تخضع للرقابة هي أكثر من أن تكون مجرد إهدار للمال.

وتكمن المشكلة في أننا نهتم كثيرا بالفيتامينات، ابتداء بالقصص المروعة التي نسمعها عن مشكلات النقص في الفيتامينات، ومرورا بقراءة ما يكتب على ظهر علبة غذاء الحبوب "الكورن فليكس" من قيم غذائية، وانتهاء بلينوس بولينغ، عالم الكيمياء الحيوية الأمريكي الذي حصل مرتين على جائزة نوبل والذي كان يدعو إلى تناول فيتامين سي بجرعات كبيرة للغاية. ويزيد الطين بلة من يبيعوننا تلك المكملات الغذائية من الفيتامينات في المتاجر ويسوّقونها لنا بتلك الفكرة الخاطئة التي تقول إنه إذا كان القليل من تلك الفيتامينات مفيدا، فمن المؤكد أن الإكثار منها سيكون أفضل.

وكنت ملمًّا بأسماء الفيتامينات غير المعروفة حتى قبل دراستي للطب بفترة طويلة، حيث كنت مولعا دائما بمتابعة أنواع حبوب الإفطار "الكورن فليكس" الصناعية ذات الألوان والنكهات المتعددة التي يجري التسويق لها باستخدام حيوانات الكرتون والتأكيد في تلك الإعلانات على كونها "غنية بالفيتامينات والمعادن". ويجب الاعتراف بأن حبوب الإفطار هذه الغنية بالفيتامينات والمعادن كانت واحدة من بين أهم التدخلات الشائعة الصحية تأثيرا في التاريخ، حيث إن لها تأثيرا إيجابيا واضحا حتى في أوروبا.

لذا، فعندما لا يكون على الإنسان أن يتناول كبد الكلاب في القطب الجنوبي، فإن النقص في فيتامين أ من الجسم يزيد وبشدة من مخاطر الإصابة بالعمى، ووفاة العديد من الأطفال متأثرين بإصابتهم بالحصبة والإسهال في الدول النامية. ومن أجل ذلك، تنصح منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة بأن تؤخذ جرعات محددة للغاية من ذلك الفيتامين، كما تحذر من أن زيادة الجرعات يمكنها أن تحدث تشوهات في الأجنة في المراحل الأولى من الحمل إلى جانب مشكلات صحية أخرى؛ لذلك، فإن الفيتامينات يمكن أن تحدث في بعض الحالات تغييرا كبيرا في متوسط العمر المتوقع.

وتسهم مثل تلك الأمور في وضع تصور عام لمدى فائدة الفيتامينات الصحية. وسواء ما إذا كنت قد سمعت به أم لا، كان للينوس بولينغ تأثير كبير في ثقافة الفيتامينات والمغذيات، ومن المستحيل تخيل أن يكون هناك شخص آخر له سلطة أكبر أو مصداقية أكثر منه. فقد ربح جائزتي نوبل، وكتب كتابا عام 1970 يرى فيه أن الجرعات العالية من فيتامين سي يمكن أن تكون مؤثرة في مجابهة أمراض الإنفلونزا والسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية، إلى جانب مشكلات العدوى والانتكاسات.

وكان بولينغ يتناول جرعات ضخمة من ذلك الفيتامين تفوق الجرعات المطلوبة بمئات المرات، وعاش إلى مرحلة متقدمة من العمر ليرى العديد من أحفاده حوله. كما كان هو بطل إعلانات الفيتامينات، وهو ما ساهم في نمو تلك الصناعة التي يدعمها الاعتقاد بأن تكميل تلك الجزيئات في نظامنا الغذائي أمر مفيد بشتى المقاييس. إلا أنه وبدلا من الاعتماد على ما يقوله شخص واحد فقط، على الرغم من أن لديه مصداقية في ذلك، إلا أن علينا أن ننظر في نتائج الدراسات التي تعمل على فحص ما يحدث لمن يتناولون تلك المكملات الغذائية من الفيتامينات لفترات طويلة من حياتهم.

فالنظر في دراسة واحدة لن يكون من شأنها الإجابة على السؤال حول ما إذا كانت المكملات الغذائية من الفيتامينات مفيدة للصحة. فتلك الدراسات تركز بشكل مكثف على الخلفيات العلمية، وقد يكون من الصعب تسليط الضوء على تعارض المصالح ما بينها. وللإجابة على ذلك، يجب علينا النظر في ما يعرف "ببحوث المراجعة المحكمة"، التي يقوم فيها علماء مستقلون بجمع كل البيانات المتاحة وإعادة تحليلها للإجابة عن الأسئلة الكبيرة.

وقال اثنان من أولئك العلماء "توصلنا إلى عدم وجود دليل يدعم تناول المكملات الغذائية المضادة للأكسدة من أجل وقاية أولية أو ثانوية من أي نوع من الأمراض. حيث يبدو البيتاكاروتين وفيتامين إي يساعدان في زيادة معدلات الوفيات، كما هو الحال أيضا مع الزيادة في الجرعات من فيتامين أ. وأضاف العالمان ومن الضروري أيضا أن تعتبر المكملات الغذائية المضادة للأكسدة منتجات طبية يجب إخضاعها للتقييم الكافي قبل عرضها في السوق."

وتعتبر تلك المكملات تركيبات لمنشطات حيوية قوية، إلا أنه لا تخضع لإجراءات تنظيمية مشابهة لتلك التي تفرض على الأدوية، حيث ينبغي أن يكون هناك بيان تحذيري على العلبة، إذا ما كانت هناك بيانات تقول إن تلك المكملات ضارة لنا. أما السؤال التالي فيدور حول السبب وراء كون تلك المكملات ضارة على صحتنا. فمن الصعوبة بمكان أن نقوم بتحليل البيانات الموجودة لتلك المكملات، ويرجع السبب في ذلك بشكل جزئي إلى أن الفيتامينات تمثل مجموعة متنوعة من المواد الكيميائية.

وسنضع ما يطلق عليه الناس كلمة "المعادن" ضمن تصنيف "الفيتامينات"، فهي مطلوبة لأن تكون ضمن النظام الغذائي ليس للإمداد بالطاقة، بل لتقوم بالوظائف الكيميائية للإنزيمات في عملية الأيض في الجسم، وإنتاج الخلايا وإصلاح الأنسجة وغيرها من العمليات الحيوية الأخرى.

كما أن ثمة علاقة تربط ما بين فيتامين أ وزيادة الإصابة بسرطان الرئة عند المدخنين. فزيادة الزنك له علاقة بتراجع وظيفة المناعة. كما توجد علاقة بين طول فترة الافراط في تناول المنجنيز وحدوث اعتلالات في العضلات والأعصاب عند كبار السن.

ويصبح الأمر أكثر تعقيدا عندما يتعلق بتناول مزيج من كل شيء في حبة دواء واحدة. فعلى سبيل المثال معادن مختلفة تتنافس فيما بينها من أجل الامتصاص. فلو حدث وتجرعت كميات كبيرة من الكالسيوم فلن تكون قادرا على امتصاص الحديد. واذا تجرعت كميات كبيرة من الحديد فلن تكون قادرا على امتصاص الزنك. واذا تناولت فيتنامين سي، فسيؤدي ذلك الى خفض مستوى الحديد.

ولا تكمن خطورة الأمر في الافراط في تناول كميات كبيرة من شيء واحد، بل قد يؤدي إلى تراجع خطير لشيء حتى لو كان الامر بالنسبة لك مجرد جرعة تكميلية. لكن متى يوصى الأطباء بتناول عقار تكميلي؟ يوصي المعهد الوطني للتفوق الصحي والسريري بتناول مكملات لبعض الفئات من الناس يعانون من خطر القصور في اداء الوظائف من بينها: حمض الفوليك بالنسبة لجميع السيدات اللائي يفكرن في الانجاب والحوامل حتى الأسبوع ال12 من الحمل.

فيتامين دي بالنسبة للحوامل والأمهات اللائي يرضعن أطفالهن والأطفال من سن ستة أشهر وحتى خمس سنوات، وأولئك من سن 65 عاما وكذا أولئك الذين لا يتعرضن للشمس كثيرا على سبيل المثال ممن يغطون جلودهم لدواعي ثقافية، أو من لا يبرحون منازلهم لفترة طويلة من الوقت. وأخيرا يوصى بتناول جميع الأطفال لمكمل يحتوي على فيتامين أ و سي و دي من سن ستة أشهر الى سن أربع سنوات. وهذا لدواعي الحيطة من احتمال أن يكون نمو الأطفال غير كاف، لاسيما أولئك ممن يأكلون نظاما غذائيا متنوعا.

كما يمكن أن يوصي الطبيب المعالج بتناول مكملات إن كنت بحاجة لها لدواعي طبية. فإن قررت تناول مكملات، فعليك الالتزام بالجرعات الموصى بها، إلا إذا كان لديك توجيه اخر من خبير تغذية معتمد رسميا يوصي بزيادة الجرعة. وإن كان لديك بعض الشكوك في مستويات الجرعات، فعليك استشارة خبير تغذية معتمد رسميا.

فيتامين (د)

في السياق ذاته ألقى باحثون شكوكا على الاعتقاد السائد بأن مكملات فيتامين (د) يمكن ان تقي الانسان من الاصابة بإمراض مثل السرطان والبول السكري وامراض القلب قائلين ان نقص الفيتامين ربما يكون نتيجة وليس سببا لتلك الأمراض. وقد يكون للنتائج التي توصل إليها الباحثون مغزى لملايين الاشخاص الذين يتناولون اقراص فيتامين (د) وغيرها من المكملات الغذائية للوقاية من الامراض حيث ينفق الامريكيون نحو 600 مليون دولار سنويا على هذه المكملات وحدها.

وينتج الجسم فيتامين (د) الذي يعرف باسم "فيتامين اشعة الشمس" عندما يتعرض الجلد لضوء الشمس ويوجد في اطعمة مثل زيت كبد الحوت والبيض والأسماك الدهنية. ومن المعروف انه يساعد على امتصاص الكالسيوم ويقوي العظام. وتربط بعض الدراسات بين انخفاض فيتامين (د) وزيادة مخاطر الاصابة بالكثير من الامراض الخطرة والمزمنة.

لكن ليس واضحا ما اذا كانت هناك علاقة متلازمة بين انخفاض فيتامين (د) والاصابة بهذه الامراض ولذا اجريت تجارب متنوعة لاختبار مدى تأثير مكملات الفيتامين في الحد من مخاطر الإصابة بالأمراض. وحلل باحثون بقيادة فيليب اوتيه من المعهد الدولي لابحاث الوقاية من الامراض بفرنسا بيانات مئات من دراسات الملاحظة والتجارب السريرية التي اجريت لتحديد الاثار الصحية لمستويات فيتامين (د) غير المتعلقة بالعظام ومنها ارتباطها بأمراض مثل السرطان والبول السكري وامراض القلب.

ووجد الباحثون ان فوائد المستويات العالية لفيتامين (د) التي ظهرت في بضع مئات من دراسات الملاحظة ومنها انخفاض خطر امراض القلب والبول السكري والسرطان لم تتكرر في تجارب عشوائية اعطي فيها المشاركين فيتامين (د) لمعرفة ما اذا كان ذلك يقي من الأمراض. وقال اوتيه "ما يشير اليه هذا التناقض هو ان انخفاض مستويات فيتامين (د) علامة على تدهور الصحة." وأوضح ان أمراضا مثل السرطان والبول السكري ربما تقلل تركيز فيتامين (د) في الجسم لكنها لا تعني بالضرورة ان زيادة مستويات الفيتامين ستمنع حدوث الاصابة بتلك الامراض. بحسب رويترز.

الى جانب ذلك أفادت دراسة نشرت في مجلة "ذا لانسيت" الطبية بأن البالغين ممن يتمتعون بصحة جيدة ليسوا في حاجة لتناول حبوب غذائية مكملة من فيتامين "د". وتوصلت الدراسة إلى أن تلك الحبوب المكملة ليس لها تأثير مفيد على كثافة العظام، الذي يكون مؤشرا على وجود هشاشة العظام. لكن الخبراء يقولون إنه يمكن الاعتماد أيضا على عوامل أخرى عديدة، ولا ينبغي أيضا التوقف عن تناول تلك الحبوب المكملة .

وعمل الباحثون من جامعة أوكلاند على تحليل 23 دراسة أجريت على ما يزيد عن أربعة آلاف شخص يتمتعون بصحة جيدة. وتوصي الحكومة البريطانية بأن يتناول الأطفال إلى جانب الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 سنة حبوبا غذائية مكملة. واستعرض فريق البحث من نيوزيلندا نتائج تحاليل جميع التجارب العشوائية التي أجريت والتي تعمل على فحص تأثيرات المكمل الغذائي لفيتامين "د" على كثافة العظام لدى البالغين الأصحاء.

وتناول المشاركون في هذه الدراسة تلك المكملات الغذائية على مدار ما يقرب من عامين. ويقيس اختبار كثافة العظام مقدار قوتها، كما يعمل على قياس كمية المعادن الموجودة في أنحاء متفرقة من الجسم، وغالبا ما ينظر إلى ذلك على أنه مؤشر لقياس إمكانية الإصابة بهشاشة العظام، والذي قد يؤدي في النهاية إلى تزايد مخاطر الإصابة بكسور. وأجريت تلك التجارب في عدد من الدول ضمت بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا وهولندا وفنلندا والنرويج.

وعلى الرغم من أن تلك الدراسات لم تتمكن من رصد أية فوائد تعود على الأشخاص الذين تناولوا فيتامين "د"، فإنها توصلت إلى أن هناك زيادة ذات أهمية ولو بمقدار قليل في كثافة العظام في عنق عظم الفخذ قريبا من مفصل الورك. وطبقا للقائمين على الدراسة، من المستبعد أن يكون هذا التأثير قويا من الناحية الطبية.

ويرى إيان ريد، كبير الباحثين في هذه الدراسة والأستاذ بجامعة أوكلاند، أن تلك النتائج أظهرت أن البالغين ممن يتمتعون بصحة جيدة لم يكونوا بحاجة لتناول المكملات الغذائية من فيتامين "د". وقال ريد"تظهر البيانات التي قمنا بجمعها أن التركيز على توفير جرعات منخفضة من مكملات فيتامين "د" الغذائية فقط للأفراد الذين من المرجح أن يكونوا يعانون من نقص (في هذه الفيتامينات) قد يكون سببا في توفير موارد كبيرة أخرى من شأنها أن تستخدم في مجالات أخرى من الرعاية الصحية."

وفي حديثه عن هذه الدراسة، يرى كليفورد جي روزين من معهد مين للأبحاث الطبية أن ما توصل إليه العلم حول تأثير فيتامين "د" يدعم النتائج التي جرى التوصل إليها لدى البالغين الأصحاء، لكن ذلك لا ينطبق على الجميع. وقال روزين: "ليس لنا أن نجزم بأن مكملات فيتامين "د" الغذائية يمكنها أن تعمل على منع الإصابة بهشاشة العظام لدى البالغين الأصحاء. إلا أن الإبقاء على كميات من فيتامين "د" لدى كبار السن مع الإبقاء أيضا على كميات كافية من الكالسيوم في الغذاء يبقى هو الطريق الفعالة للوقاية من الإصابة بالكسور التي تحدث في منطقة الورك."

وتنصح وزارة الصحة البريطانية حاليا بأن تكون هناك جرعة يومية من المكمل الغذائي لفيتامين "د" في 10 مايكروغرام تتناولها الحوامل والمرضعاتن ومن تتجاوز أعمارهم 65 عاما، بينما يحتاج الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين ستة أشهر إلى خمسة أعوام لأن يتناولوا يوميا جرعات فيتامين تؤخذ عن طريق الفم تتراوح ما بين سبعة إلى ثمانية ونصف مايكروغرام. وأكدت لورا تريبكوفيتش، زميلة الأبحاث في قسم علوم التغذية بجامعة سري البريطانية، على أهمية الدراسة، إلا أنها قالت إنها محددة جدا.

وقالت تريبكوفيتش"لم أستغرب من أنهم لم يتمكنوا من التوصل إلى أي دليل على تأثير فيتامين "د" على كثافة العظام، لأن هناك العديد من العوامل الأخرى التي تؤدي إلى هشاشة العظام، ومنها الجينات والنظام الغذائي والبيئة. فمن الصعب ربط تلك المشكلة الصحية بفيتامين د." وأضافت تريبكوفيتش أن تناول المكملات الغذائية لفيتامين "د" لا يعد أمرا جيدا إذا لم يحافظ متناولوه على نظام غذائي صحي ومتوازن يحوي الكالسيوم، وما لم يمارسوا أيضا قدرا كافيا من التمارين الرياضية.

وقالت تريبكوفيتش إنه ينبغي للأفراد الذين يتمتعون بأفضل صحة أن يكونوا قادرين على امتصاص قدر كاف من فيتامين "د" بشكل طبيعي، وذلك من خلال التعرض لأشعة الشمس وتناول نظام غذائي معين. لكنها اعتبرت أنه "إذا ما ساور القلق البعضَ حول مستويات فيتامين "د" لديهم، فسيكونون بحاجة لتناول أقراص تحوي فيتامينات متعددة. وإذا ما كنت تعاني من ألم في العظام أو العضلات، فينبغي عليك حينها أن تتوجه إلى طبيبك الممارس وتناقش ذلك الأمر معه."

وتابعت "إلى جانب حصولنا على أغلب كميات فيتامين "د" من أشعة الشمس على بشرتنا، نجد ذلك النوع من الفيتامينات في أطعمة بعينها، مثل الأسماك الزيتية والبيض والحبوب التي يجري تناولها على طعام الإفطار. إلا أن تناول جرعات زائدة من فيتامين "د" في شكل مكملات غذائية يمكن أن يكون ضارا، حيث يمكن لذلك أن يزيد من معدلات الكالسيوم في الجسم مما قد يؤثر على الكليتين. وينصح الخبراء بعدم تناول ما يزيد على 25 ميكروغراما في اليوم.

علاج الخرف

من جانب اخر وجدت دراسة طبية حديثة أن جرعة يومية من فيتامين "هـ" يمكن أن تساعد الأشخاص الذين يعانون من تدهور وظائف الدماغ العقلية (الخرف). ويوجد فيتامين "هـ" في أطعمة مثل البيض والمكسرات والزيوت. وتوصلت دراسة نشرتها مجلة الجمعية الطبية الأمريكية إلى أن جرعة يومية من فيتامين "هـ" يمكن أن تساعد الأشخاص الذين يعانون من الخرف.

وأشارت الدراسة إلى أن الأشخاص الذين يعانون من أعراض خفيفة، أو معتدلة، من مرض الألزيمر، أو الخرف، تتراجع حالتهم بصورة أبطأ إذا تناولوا جرعات من فيتامين "هـ" مقارنة بالأشخاص الذين يحصلون على حبوب وهمية. وقال باحثون أمريكيون إن المرضى الذين يتناولون جرعات من فيتامين "هـ" أصبحوا قادرين على القيام بإجراءاتهم اليومية لمدة أطول، كما أصبحوا أقل حاجة إلى مساعدة الآخرين. وقالت جمعية الألزيمر إن الجرعة كانت كبيرة للغاية، وقد لا تكون آمنة.

وكانت الدراسة قد أجريت على 613 شخصا يعانون من أعراض تتراوح بين الخفيفة والمعتدلة من مرض الألزيمر أو الخرف. وأعطي هؤلاء الأشخاص جرعة يومية من فيتامين "هـ"، أو عقار لعلاج الخرف يسمى "ميمانتاين"، أو مزيج من فيتامين "هـ" وعقار "ميمانتاين"، أو العلاج المموه (بلاسيبو). وقيست التغيرات التي طرأت على قدرة هؤلاء المرضى على تنفيذ المهام اليومية مثل الاستحمام أو ارتداء الملابس على مدى نحو عامين.

ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين تناولوا فيتامين "هـ" قد تراجعت حالتهم بصورة أبطأ من المرضى الذين تناولوا عقاقير العلاج المموه، إذ انخفض المعدل السنوي لتراجع الحالة بنسبة 19 في المئة. أما الأشخاص الذين حصلوا على جرعات من فيتامين "هـ" (المعروف أيضا باسم ألفا-توكوفيرول) فقد أصبحوا بحاجة أقل لمساعدة مقدمي الرعاية، بحسب الدراسة. وقال فريق طبي بقيادة الدكتور موريس دايسكن من هيئة الرعاية الصحية في مينيبوليس "تشير النتائج إلى أن ألفا-توكوفيرول مفيد للمرضى الذين يعانون من أعراض تترواح بين الخفيفة والمعتدلة من مرض الألزيمر، إذ يعمل على إبطاء التدهور الوظيفي ويحد من عبء الرعاية".

وقال الدكتور دوغ براون، مدير قسم البحث والتطوير بجمعية الألزيمر، في تعليقه على تلك الدراسة، إن العلاج الذي يمكن أن يساعد الأشخاص الذين يعانون من الخرف في تنفيذ المهام اليومية يمكن أن يساعد أيضا هؤلاء المرضى على العيش بشكل جيد أطول فترة ممكنة. ومع ذلك، أشار براون إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لمعرفة إن كان فيتامين "هـ" مفيدا حقا للأشخاص الذين يعانون من الخرف، وإن كان الإقدام على تناول هذه الجرعة الكبيرة يوميا شيئا آمنا أم لا.

وقال براون: "من الأهمية أن يستشير الشخص الطبيب قبل تناول المكملات الغذائية". وأضاف: "في هذه الحالة، كانت جرعة فيتامين "هـ" التي حصل عليها المشاركون في الدراسة أعلى بكثير من الجرعة اليومية التي ينصح بها ووصلت لمستوى كان من الممكن أن يكون ضارا بشكل ملحوظ بالنسبة للبعض". وقال الدكتور اريك كارين، مدير الأبحاث في مؤسسة أبحاث الألزيمر بالمملكة المتحدة، إن تلك التجربة تشير إلى أن فيتامين "هـ" قد يؤدي الى إبطاء بسيط في تراجع حالة المرضى الذين يعانون من أعراض تتراوح بين الخفيفة والمعتدلة من المرض، ولكن دون وجود تأثير على الذاكرة ومهارات التفكير.

وأشار كارين إلى أنه من السابق لآوانه التوصية بتناول فيتامين "هـ" كعلاج. وأضاف، "حتى تتأكد النتائج المستخلصة من هذه التجربة، لا يمكننا تشجيع الناس على تناول جرعات عالية من فيتامين "هـ" في محاولة لمنع أو علاج مرض الألزيمر". واختتم كارين حديثه قائلا "يجب استشارة الطبيب إذا كان هناك قلق من تناول فيتامين أو غذاء معين".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 11/كانون الثاني/2014 - 9/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م