مصداقية البرامج الانتخابية للمرشحين

د. ضياء الجابر الاسدي

 

البرامج الانتخابية التي يعلن عنها المرشحون كجزء من حملة الدعاية الانتخابية ويعمدون القيام بها للتأثير في جمهور الناخبين وصولا لإقناعهم وكسب تأييدهم وبالتالي الحصول على أصواتهم الانتخابية بطريقة مشروعة وقانونية، هي المناهج التي يطرحها المرشحون ويحاولون العمل على تنفيذها إيفاء بتلك البرامج التي غالباً ما نجد فيها العديد من التداخلات أو التشابه، والذي قد يصل إلى حد النسخ أو التطابق وان كان جزئياً.

 فالبرنامج الانتخابي للمرشح أو الكتلة السياسية أو الحزب السياسي أو الأحزاب المؤتلفة تشكل مسألة مفصلية في تفعيل الأداء السياسي والحزبي ومن ثم البرلماني، وانعكاس ذلك على السلوك والأداء الفعال والايجابي كونها المصدر الذي يغذي السلوك والأداء البرلماني، وقياس مصداقية البرامج الانتخابية تعتمد على أمور عدة في مقدمتها هذه البرامج واعتمادها على أيدلوجيات معروفة وواضحة والعمل على إظهارها في أفضل وأوضح صورة.

 وتركيز تلك البرامج على أهم المشاكل والمعوقات التي يعاني منها المجتمع بصورة عامة والأفراد بصورة خاصة، كما أن وحدة الرؤية والتوجه لمرشحي الحزب أو الائتلاف الواحد بغض النظر عن الخلفية الاجتماعية والوظيفية والتحصيل العلمي، وان كانت تلك الأمور تظهر مؤثرة بشكل فعال بالنسبة للمرشح الفرد (كيان فردي).

 وعندما يتم التطرق لبرنامج سياسي يتطلب الأمر وجود مرجعية أو خلفية فكرية يقوم ويستند عليه ذلك البرنامج، والذي يعد المرشح من أدواته الفاعلة من اجل الإقناع وكسب التأييد من اكبر عدد ممكن لهيأة الناخبين، وعدم وجود مثل هكذا مرجعية يمكن أن يسير الحزب السياسي في هداها وكنفها يزيل أهم خصيصة في مجال التنافس الحزبي المبنى على أيدلوجيات ورؤى وأفكار متصارعة أو بكلمة أدق متنافسة ليختار الناخب الأفضل والأنسب من بينها وفقاً لوجهة نظره التي تتأثر بالعديد من العوامل والظروف، ونجد مثل هكذا شروط أو خصائص محدودة فيما طرح ويطرح من برامج انتخابية للمرشحين من جهة، ومن جهة ثانية محدودية وضعف تأثير مثل هكذا أمور بالنسبة لقناعات هيأة الناخبين في العراق، تلك القناعة التي تساهم فيها عوامل عديدة (سياسية، دينية، اجتماعية، اقتصادية، عشائرية، طائفية).

وبعد التأسيس للبرنامج الانتخابي والعمل على إعداده وصياغته بالشكل الذي يجعله مقبولاً ومؤثراً في هيأة الناخبين يتم الإعلان عنه بمختلف الطرق والوسائل الإعلامية التقليدية والحديثة، ويبقى مصير هذه البرامج منوط بمن طرحها في فرضيتين: الأولى- الفوز بالمقعد النيابي فيتم ترجمة ذلك البرنامج النظري إلى واقع عملي في أغلب فقراته أو جميعها، وهذا ما نراه حاصل في العديد من الدول الغربية، ونادر أو معدوم في الدول العربية ومنها العراق، وقد لا يوفق المرشح الفائز إلى تنفيذ والوفاء بالعديد من فقراته لاصطدامها بعوائق كثيرة منها ما هو قانوني ومنها ما هو سياسي ومنها ما هو فني، أما الفرضية الثانية والتي لا محل لبحثها إلا من حيث التقييم لمعرفة أسباب عدم الفوز، للوقوف على السلبيات ومحاولة تجاوزها، فما يهم المواطن (هيئة الناخبين) ما يقدمه المرشح أو الحزب السياسي من خدمات لدائرته الانتخابية أو محافظته التي رشح عنها.

كما يظهر تأثير البرنامج الانتخابي من خلال شخصية المرشح ومكانته في المجتمع، فمتى اقتنع الناخب بالمرشح وقدرته على تحقيق ما يطمح إليه، وتمثيله في البرلمان خير تمثيل، فمجتمعنا وناخبنا العراقي يتأثر بمثل هكذا أمور بعيداً عن البرنامج الانتخابي المطروح، الذي تتضاءل أهميته أمام شخصية المرشح وتأثيره في هيئة الناخبين.

* باحث ومستشار في مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 11/كانون الثاني/2014 - 9/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م