السكري.. اعتى داء مزمن يقتل الإنسان بصمت!

 

شبكة النبأ: يعد مرض السكري من أكثر الأمراض انتشارا في جميع أنحاء العالم حيث وصلت اعداد المصابين بهذا المرض إلى ارقام قياسية، والسكري مرض مزمن يحدث عندما يعجز البنكرياس عن إنتاج مادة الأنسولين بكمية كافية، أو عندما يعجز الجسم عن استخدام تلك المادة بشكل فعال. والأنسولين هرمون ينظّم مستوى السكر في الدم. وارتفاع مستوى السكر في الدم من الآثار الشائعة التي تحدث جرّاء عدم السيطرة على السكري، وهو يؤدي مع الوقت إلى حدوث أضرار وخيمة في الكثير من أعضاء الجسد ويتسبّب السكري، مع مرور الوقت، في إلحاق أضرار بالقلب والأوعية الدموية والعينين والكليتين والأعصاب.

ولهذا المرض العديد من الاسباب منها السمنة الزائدة التي يعاني منها الكثير من البشر هذا بالإضافة الى الاسباب الوراثية وامراض عضوية قد تصيب البنكرياس وكذلك تأثيرات الحالة النفسية السيئة التي يمكن ان تكون احدى اسباب هذا المرض. وفي هذا الشأن قال خبراء إن العالم يخسر المعركة ضد مرض البول السكري حيث قفز عدد المصابين بالمرض إلى مستوى قياسي بلغ 382 مليون مصاب هذا العام. والاغلبية الساحقة للمرضى مصابون بالنوع الثاني من البول السكري المرتبط بالسمنة ونقص الحركة.

وتنتشر الإصابة مع اتباع المزيد من الناس في البلدان المتقدمة انماط الحياة الغربية والحضرية. والتقدير الأحدث من الاتحاد الدولي لمكافحة البول السكري يساوي معدل انتشار عالمي نسبته 8.4 بالمئة من عدد البالغين في العالم ويزيد عن العدد المسجل في عام 2012 وهو 371 مليون مصاب. ويتنبأ الاتحاد بان يقفز العدد بنسبة 55 بالمئة ليصل إلى 592 مليون مصاب بحلول عام 2035.

وقال الاتحاد في النسخة السادسة من اطلس البول السكري "معركة حماية الناس من الإصابة بمرض البول السكري ومضاعفاته المعوقة والمهددة للحياة تمنى بالفشل." واشار الاتحاد إلى ان الوفيات بسبب المرض تبلغ حاليا 5.1 مليون وفاة سنويا. وقال ديفيد ويتينج المتخصص في الصحة العامة بالاتحاد "يبدو ان الأرقام تزداد سوء عاما تلو الآخر." وخلص الاتحاد إلى ان مرض البول السكري يكبد العالم انفاقا سنويا على الرعاية الصحية قيمته 548 مليار دولار وان هذا الرقم سيزيد على الأرجح إلى 637 مليار دلاور بحلول عام 2035.

الى جانب ذلك كشف بحث حديث عن تزايد حالات الإصابة بمرض السكري في الولايات المتحدة بـ5 ملايين إصابة جديدة العام الماضي، ما رفع تكلفة علاج الداء، الذي يعاني منه نحو 350 مليون شخص حول العالم، إلى 245 مليار دولار عام 2012. وقال د. جون أندرسون، رئيس الجمعية الأمريكية لمرضى السكري: "لا علم لي على الإطلاق بمرض يرتفع بنحو 8 في المائة خلال عام.. الأمر لا يثير الدهشة فحسب، بل القلق." وارتفع عدد المصابين بمرض السكري ، من الفئتين الأولى والثانية، خلال العام الماضي إلى قرابة 22.3 مليون أمريكي من 17.5 مليون عام 2007.

وتلعب عدة عوامل دوراً في تزايد الإصابة بالسكري، أبرزها ظاهرة السمنة المنتشرة بالولايات المتحدة، التي تزيد من مخاطر الإصابة بالفئة الثانية من المرض، الذي تتوقع منظمة الصحة العالمية ارتفاع معدلات الإصابة به العالم بواقع الثلثين خلال الفترة من 2008 و2030، ويبلغ عدد المصابين بالمرض حالياً قرابة 350 مليون شخص.

دول الخليج

من جانب اخر وفي إطار مؤتمر ومعرض الصحة العربي (أراب هيلث) بمركز دبي الدولي للمؤتمرات والمعارض عقد مؤتمر خاص لمناقشة تزايد معدلات الإصابة بمرض السكري في دول مجلس التعاون الخليجي. وتشير بيانات المؤسسة الدولية لمرض السكري التي تضم أكثر من 200 جمعية محلية في مختلف أنحاء العالم إلى أن الإمارات تحتل الترتيب الحادي عشر بين دول العالم في معدلات الإصابة بالمرض الذي يعاني منه 18.9 في المئة من سكانها. كما تشير بيانات المنظمة إلى أن الكويت وقطر والسعودية والبحرين من أعلى دول العالم في معدلات الإصابة بالسكري.

وقال الدكتور كريم ميران الأستاذ في إمبريال كوليدج بلندن "السكري في هذه المنطقة بين 18 و19 في المئة. عندما جئت قبل ثلاث سنوات كان هذا البلد الثاني في العالم في معدلات انتشار السكري. مشكلة السكري في تزايد في بقية أنحاء العالم." ويؤدي السكري إلى مشاكل لشرايين القلب وإلى العمى والسكتة الدماغية وأمراض الكلى. بحسب رويترز.

ويقول الخبراء إن زيادة معدلات الإصابة بالمرض في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ترجع إلى الوفرة الغذائية وتزايد الاعتماد على السيارات في الانتقال. وشدد ميران على ضرورة أن يهتم الطبيب بتوضيح العلاقة بين أسلوب الحياة المترف والإصابة بالسكري. وقال "عقد مؤتمر من هذا القبيل يعني أن الممارس العام الذي يفد إليه مرضى كثيرون بعضهم مصاب بالسكري والبعض بأمراض أخرى. أود أن أدعو هؤلاء الأطباء إلى توعية مرضاهم بأهمية الرياضة البدنية لأن كثيرا من الأطباء يعتقد ألا فائدة من تقديم النصح للمرضى بممارسة الرياضة لأنهم يعرفون ذلك بالفعل. لكننا نعلم أن الطبيب عندما يقول للمريض أن يمارس مزيدا من الرياضة فمن المرجح أن يستجيب."

بعض مسببات المرض

في السياق ذاته رجحت دراسة نفذت مؤخراً بأن كثرة الجلوس قد يزيد من احتمالية الإصابة بالسكري، واستنتج البحث إلى أن تجنب الجلوس لفترات طويلة قد يكون أكثر فعالية في تفادي خطر الإصابة بالسكري مقارنة بالقيام بممارسة المزيد من التمارين الرياضية، علماً أن والدراسة، هي الأخيرة ضمن سلسلة بحوث علمية خلصت إلى أن الحركة تساعد في حماية الصحة. ورغم النصائح الطبية بممارسة التمارين البدنية للمحافظة على الرشاقة وتجنب الإصابة بمرض السكري والبدانة، غير أن الدراسة أشارت إلى أن التقليل من مدة الجلوس قد يقدم فوائد صحية جمة.

وأوضح جوزيف هينسون، رئيس وحدة أبحاث مرض السكري بجامعة ليستر، وهو الذي قاد الدراسة "يبدو أن الجلوس لفترات طويلة من الوقت له تأثير سلبي حقيقي على الصحة ككل." وتتوقع منظمة الصحة العالمية ارتفاع معدلات الإصابة بالسكري حول العالم بواقع الثلثين خلال الفترة من 2008 و2030.

على صعيد متصل نصح باحثون سنغافوريون كل من يريدون تفادي الإصابة بالسكري من النوع الثاني، بتفادي تناول اللحوم الحمراء. وذكر موقع هيلث داي نيوز الأميركي أن باحثين من كلية الصحة العامة في جامعة سنغافورة الوطنية أجروا دراسة على نحو 149 ألف رجل وامرأة ليخلصوا إلى أن اللحوم الحمراء تزيد خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني.

ووجد الباحثون أن زيادة استهلاك اللحوم الحمراء يزيد خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني بنحو 48٪. كما اكتشفوا أن الأشخاص الذين خففوا من تناول اللحوم الحمراء كانوا 14٪ أقل عرضة للمعاناة من السكري من النوع الثاني. وقال المعد الرئيس للدراسة، ساو سوي هوك لا داعي للإكثار من اللحوم الحمراء، فهي تزيد خطر السكري، وأضاف من الأفضل التقليل من استهلاك اللحوم الحمراء واستبدالها بخيارات صحية مثل الخضراوات ومنتجات الصويا والمكسرات والأسماك والحبوب الكاملة. يشار إلى أن نتائج الدراسة نشرت في أميركا.

من جانب اخر حذرت دراسة جديدة من أن عدم تناول النساء البدينات وجبة الفطور تزيد خطر إصابتهن بالسكري. ونقل موقع هيلث دي نيوز الأميركي عن المعدة الرئيسية للدراسة الدكتورة إليزابيث توماس من جامعة كولورادو قولها إن عدم تناول النساء وجبة الفطور، يتسبب بحالة تعرف بمقاومة الإنسولين تؤدي عندما تصبح مزمنة إلى المعاناة من السكري. وعمدت توماس وفريقها إلى قياس نسبة الأنسولين ومعدل السكر في الدم، عند مجموعة من النساء البدينات أو اللواتي لديهن وزن زائد، ويبلغن من العمر 29 سنة، يوماً بعد تناول الفطور، ويوماً من دون تناول هذه الوجبة الصباحية. بحسب يونايتد برس.

وتبين أن معدلات الإنسولين والغلوكوز كانت أعلى في اليوم الذي لم تتناول فيه النساء الفطور. وفسرت توماس الأمر قائلة "عندما لم تتناول النساء الفطور، احتاجت اجسامهن لمعدلات أعلى من الأنسولين لتقبل الوجبة عينها من الطعام التي تناولنها عند الغداء". ولفتت إلى أنه لا بد من إجراء مزيد من الأبحاث قبل إصدار نتيجة حازمة وإصدار توصية بضرورة تناول الفطور.

الأدوية المضادة للاكتئاب

الى جانب ذلك حذر باحثون بريطانيون من أن المرضى الذين يصف لهم الأطباء أدوية مضادة للاكتئاب أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. وحلل فريق البحث في جامعة ساوثهامتون نحو 22 بحثا تضمنت دراسة لآلاف الحالات لمرضى يتعاطون هذه الأدوية. لكن في الوقت الذي وجد الباحثون فيه دراستين تشيران إلى هذا الارتباط، إلا أنه ليس هناك دليل على وجود ارتباط مباشر بين تعاطي العقار والإصابة بالمرض.

وقال البروفيسور ريتشارد هولت إنه يتعين القيام بالمزيد من الأبحاث للتحقق من مدى وجود ارتباط فعلي. والنوع الثاني من مرض السكري يتسم بمقاومة مضادة لمفعول الأنسولين بالإضافة إلى أن مستقبلات الأنسولين الموجودة في الأغلفة الخلوية لمختلف أنسجة الجسم لا تستجيب بصورة صحيحة له.

وطرح الفريق البحثي لدورية (ديابيتيز كير) احتمالا آخر، وهو أن الاكتئاب قد يؤدي إلى زيادة الوزن، وبالتالي تزيد مخاطر الإصابة بمرض السكري أو أن العقارات المضادة للاكتئاب تغير مستوى السكر في الدم. وقال القائمون على البحث إنه على الأطباء مراقبة العلامات المبكرة لمرض السكري لدى مرضاهم الذين يتعاطون تلك الأدوية.

وأعربوا عن قلقهم من أن هذا الاحتمال يثير القلق مع ارتفاع عدد الوصفات الطبية التي تتضمن تلك الأدوية التي يصل عددها في المملكة المتحدة إلى نحو 46 مليون سنويا. وأضاف هولت "النتائج قد تكون مجرد مصادفة لكن ثمة مؤشرات على أن من يعالجون بمضادات الاكتئاب أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالسكري". بحسب بي بي سي.

وأضاف "نحن بحاجة لمزيد من الفحوص والعمل على تقليل مخاطر الإصابة بالمرض التي تتمثل أهمها في تبني تغييرات في أسلوب الحياة اليومية". لكن ماثيو هوبس في مركز أبحاث مرض السكري في المملكة المتحدة يرى أنه لا يوجد دليل على الارتباط المباشر بين العقار والمرض، مضيفا أن حدوث ذلك قد يكون بمحض الصدفة أو بسبب مضادات الاكتئاب في زيادة الوزن.

علاجات وابحاث

من جانب اخر قال باحثون ان دراسة في مرحلة مبكرة اظهرت ان مصلا تجريبيا قد يكون قادرا على ترويض اجزاء من الجهاز المناعي تتصرف بفوضوية في المصابين بمرض السكري من النوع الاول مما يبعث الامل في اسلوب جديد لتأخير او منع المرض المرتبط بالمناعة الذاتية. وعلى مدى اكثر من اربعة عقود يجرب العلماء طرقا مختلفة لعلاج الجهاز المناعي لمنع تدمير الخلايا المنتجة للانسولين والذي يتسبب في الاصابة بالسكري من النوع الاول. ويؤثر المرض على ما يصل الى ثلاثة ملايين امريكي.

وتسببت محاولات سابقة في قمع اجزاء مرغوبة من النظام المناعي مما ترك الافراد في وضع ضعيف امام الاصابة بالعدوى والسرطان. وتحاول فرق عديدة الان تجربة اساليب اكثر تحديدا في اهدافها سعيا لتأخير السكري من النوع الاول او تحقيق الشفاء منه. ويكون على المصابين بهذا النوع من السكري الان مراقبة مستوى السكر في الدم وتعاطي الانسولين عدة مرات في اليوم.

ويحمل العلاج بالانسولين مخاطر اذ يمكن ان يسبب غيبوبة او الموت في اي وقت ويمكن ان يؤدي الى مرض القلب وتلف الاعصاب والعمى والفشل الكلوي مع مرور الوقت. وقال ريتشارد اينسل كبير المسؤولين العلميين في مؤسسة بحوث السكري لدى صغار السن "ما يريد المرء عمله فعلا هو ترويض او تنظيم الجوانب المعينة من الجهاز المناعي التي تصاب بانحراف وعدم المساس بباقي الجهاز المناعي."

وفي احدث جهد في هذا المجال والذي نشر في مجلة ساينس للطب المتعدد اختبر فريقان من المركز الطبي بجامعة ليدن في هولندا ومن جامعة ستانفورد في كاليفورنيا مصلا انتج بالهندسة الوراثية لاغلاق خلايا الجهاز المناعي التي تسبب الضرر فقط في حين يترك باقي الجهاز المناعي سليما. وقال لورانس ستينمان البروفسور بجامعة ستانفورد واحد كبار واضعي الدراسة والمشارك في تأسيس شركة تولريون حديثا بغرض تسويق المصل "الفكرة هنا هي اغلاق الخلايا المناعية المارقة فقط التي تهاجم البنكرياس وتقتل خلايا بيتا التي تفرز الانسولين."

وشملت الدراسة 80 فردا شخصت حالاتهم كمصابين بالسكري من النوع الاول ويحصلون على جرعات من الانسولين. وصممت الدراسة لاختبار مدى سلامة المصل المعروف باسم تي.او.ال-3021. ويتألف المصل المعروف باسم مصل الحمض النووي الديوكسي من قطعة دائرية صغيرة من الحمض النووي تسمى البلازميد انتجت بالهندسة الوراثية لاضعاف رد الفعل المناعي على الانسولين والحفاظ على خلايا بيتا المنتجة للانسولين.

ويستهدف المصل بروتينا في الدم يسبق ظهور الانسولين ويسمى بروانسولين. وقال ستينمان "انها سلسلة معقدة من عمليات القص والقطع في الحمض النووي تسلب القدرة على حفز الجهاز المناعي." واضاف "يتسبب هذا فعليا في اغلاق." وبعد 12 اسبوعا من تناول جرعات تعطى مرة كل اسبوع اظهر المرضى الذين حصلوا على المصل اشارات على ان الجرعات ساعدت في الحفاظ على بعض خلايا بيتا المتبقية في البنكرياس دون التسبب في اعراض جانبية خطيرة.

وساعد المصل ايضا في خفض عدد الخلايا المناعية القاتلة المعروفة باسم الخلايا تي. وكانت لدى المرضى الذين حصلوا على المصل مستويات اعلى من ببتيدات-سي وهي اثر لانتاج الانسولين في الدم يشير الى وجود المزيد من خلايا بيتا العاملة. وسلم ستينمان بأن المصل ما زال بعيدا عن الاستخدام التجاري لكن الدراسة مبشرة بما يكفي لاجراء دراسة اكبر.

ورخصت جامعة ستانفورد بحقوق المصل لشركة تولريون ومقرها كاليفورنيا والتي تصمم دراسة اطول تشمل ما يصل الى 200 مريض لاختبار ما اذا كان المصل يمكنه ابطاء او وقف تقدم المرض في المرضى الصغار قبل ان يلحق بهم ضرر اكبر يتجاوز امكانية التعامل معه. بحسب رويترز.

وقال اينسل ان العمل واحد من جهود عديدة تهدف الى تطوير مصل للسكري من النوع الاول. ويمكن لمثل هذا المصل ان يساعد المرضى على الحفاظ على ما تبقى لديهم من خلايا بيتا ومنحهم سيطرة افضل على مرضهم وربما منحهم القدرة على الاستغناء عن الانسولين. والامل ان يمكن في نهاية الامر تطوير مصل فعال يعطى للافراد ذوي الاستعداد الوراثي لظهور المرض. وتقول منظمة الصحة العالمية ان حوالي عشرة في المئة من 350 مليون مريض بالسكري في العالم مصابون بالنوع الاول. واغلب المرضى مصابون بالنوع الثاني المرتبط بالسمنة وقلة اداء التمارين الرياضية.

على صعيد متصل اشارت بحوث علمية الى أن عقار ميتفورمين المستخدم لعلاج مرض السكري عند البالغين له خاصية مقاومة الشيخوخة ويطيل عمر الفئران المختبرية. ويعتقد العلماء أن العقار قد يقلد التأثيرات الناتجة عن تحديد كمية السعرات الحرارية المتناولة. ويعتقد ان هذه الحمية، التي تعتمد على تناول وجبات قليلة السعرات، تساعد في ضمان شيخوخة صحية.

ولم تتضح التأثيرات المحتملة لهذا الاكتشاف على الانسان، حسبما قال الباحثون في مقال نشروه في دورية (Nature Communications). وقال الباحث رافائيل دي كابو من المعهد الوطني للشيخوخة في بالتيمور بولاية ماريلاند الامريكية إن تحديد كمية السعرات الحرارية التي تتناولها الحيوانات المختبرية يطيل من عمر هذه الحيوانات. ويحاول الفريق الذي يقوده دي كابو التوصل الى سبل، ومنها العقاقير، تحاكي هذه التأثيرات.

يذكر ان عقار ميتفورمين هو احد اوسع العقاقير استخداما لعلاج مرض السكري من الفئة الثانية (او سكري البالغين) الذي يصيب المرضى الذين تتعدى اعمارهم الاربعين، كما يستخدم في علاج ما تسمى بالمتلازمة التمثيلية التي هي عبارة عن خليط من السكري وارتفاع ضغط الدم والسمنة.

واشارت بحوث اجريت سابقا الى ان عقار ميتفورمين بإمكانه اطالة عمر الكائنات البسيطة كالديدان، ولكن البحوث التي اجريت على الذباب وبعض اللبائن عادت بنتائج متضاربة. وقام العلماء في البحث الاخير بإعطاء جرعتين مختلفتين من ميتفورمين لفئران ذكرية في منتصف اعمارها، ووجدوا ان الجرع القليلة تطيل اعمار الفئران بمعدل 5 بالمئة كما تؤخر اصابة هذه الفئران بأمراض الشيخوخة. اما الجرعات المرتفعة فتؤدي الى التسمم وتقصر من اعمار الفئران. وقال دي كابو إنه يتطلب اجراء المزيد من البحوث للتأكد من ان لميتفورمين نفس التأثير على البشر. واضاف ان افضل نصيحة يستطيع ان يقدمها في الوقت الراهن لكبار السن تتلخص في تناول الغذاء الصحي وممارسة الرياضة.

الماريغوانا والألياف الغذائية

في السياق ذاته تبعد الماريغوانا متعاطيها عن البدانة كما أنها قد تقلل مخاطر إصابتهم بمرض السكري، هذه هي خلاصة دراسة جديدة تلمح بأن المخدر ربما يكبح جماح معدل السكر في الدم. وتقول الدراسة المنشورة في "الدورية الطبية الأمريكية" إنه رغم ما يعرف عن الماريغوانا بأنها فاتحة الشهية إلا أن للمخدر تأثير مزدوج متناقض عندما يتعلق الأمر بزيادة الوزن، فقد وجدت ثلاث دراسات مختلفة بأن مستخدمي المخدر نادراً ما يصابون بالبدانة، كما تتراجع بينهم مخاطر الإصابة بمرض السكري، بجانب تدني معدل مؤشر كتلة الجسم BMI.

وتوضح موري ميتلمان، الاستاذ المساعد بكلية طب جامعة هارفارد الأمريكية التي قادت الدراسة "أهم ما وجدنا بأن مستخدمي الماريغوانا يبدو أن معدل أيض الكاربوهايدرات لديهم أفضل عن أولئك الذين لا يستخدمون المخدر." وأضافت ميتلمان، وكما نقلت مجلة "التايم" "كما أن معدلات الأنسولين عند الصوم لديهم منخفضة، كما يبدون أقل مقاومة للأنسولين الذي تفزره أجسامهم للحفاظ على معدلات السكر طبيعية في الدم."

وأظهرت نتائج الدراسة وضمت 4600 مشاركا من الجنسين، 48 في المائة منهم دخنوا الماريغوانا مرة واحدة على الأقل، و12 في المائة منهم ما زالوا يتعاطونها، بأن الفئة الأخيرة تراجعت لديهم معدلات الأنسولين عند الصوم بواقع 16 في المائة عن المدخنين السابقين وأولئك الذين لم يتعاطوا المخدر مطلقاً، كما تدنى لديهم معدل مقاومة الانسولين بنسبة 17 في المائة. علماً أن معدل الاثنين مرتبط بالفئة الثانية من داء السكري، وهو له صلة كذلك بالسمنة.

كما بينت الدراسة أن ارتفاع معدلات HDL، أو كما يعرف بالكوليسترول الجديد، المعروف بخصائصه في الحماية من أمراض القلب، لدى مدخني الماريغوانا. ويشار إلى أن الدراسة غير حاسمة نظراً لعدم تمكن الباحثون من تحديد تلك الروابط، كما أنها لم توضح إذا ما كانت الماريغوانا ذاتها أو النمط المعيشي لمتعاطيها هما الأسباب في الفوائد التي أظهرها البحث. بحسب CNN.

على صعيد متصل أوصت الجمعية الألمانية لمساعدة مرضى السكري بضرورة الإكثار من تناول الألياف الغذائية عن المعدل الذي يتناوله الأشخاص الأصحاء إذ يسهم ذلك في تحسين عملية التمثيل الغذائي للسكر، إذا ما تم تناول 40 غراماً من الألياف الغذائية يومياً بدلاً من المعدل اليومي الذي يُوصى به الأصحاء وهو 30 غراماً فقط.

وأضافت الجمعية الألمانية، أن الفوائد الناتجة عن الإكثار من الألياف الغذائية لا تعود فقط على مرضى السكري، إنما يستفيد منها أيضاً الأشخاص الأصحاء إذ يُمكنهم بذلك وقاية أنفسهم من الإصابة بالسكري من النوع الثاني، وفي الوقت ذاته تنخفض لديهم نسبة الكوليسترول بالدم، إلى جانب تحسين عملية الهضم.

وأوضحت الجمعية أن هناك نوعين من الألياف الغذائية، هما الألياف القابلة للذوبان وغير القابلة للذوبان، لافتةً إلى أن كل من الفاكهة والخضراوات تحتوي على الألياف القابلة للذوبان كمادة البكتين أو الأنسولين. بينما توجد الألياف غير القابلة للذوبان كالسليولوز والهيميسيلولوز في الحبوب. وأوصت الجمعية الألمانية مرضى السكري بتناول السلطة والخضراوات النيئة والبقوليات والتوت والمكسرات وبذور الكتان، وكذلك المنتجات المصنوعة من الحبوب الكاملة.

إنسان نياندرتال

من جانب اخر تفيد إحدى الدراسات إن نوعا من الجينات المسؤولة عن ارتفاع إحتمالات الإصابة بمرض السكري لا سيما بين سكان أمريكا اللاتينية قد تم وراثتها من الإنسان البدائي المعروف باسم "نياندرتال." ومن المعروف أن الإنسان المعاصر قد تزاوج مع طائفة من النياندرتال بعيد ارتحاله من أفريقيا قبل نحو 60 إلى 70 الف سنة.

مما يعني أن إنسان نياندرتال المنقرض قد ترك آثاره الجينية في كل إنسان معاصر غير أفريقي. وقد نشرت هذه الدراسة فى صحيفة نيتشر. وقد تم اكتشاف هذا النوع من الجينات فى إطار دراسة جينية واسعة المجال شملت أكثر من 8 آلاف شخصا من المكسيك وأمريكا اللاتينية. واعتمدت الدراسة علي مقارنة جينات الأشخاص محل الفحص لمعرفة إذا ما كانت تجمعها خصاص مشتركة.

وتزيد إحتمالات الإصابة بمرض السكري بنسبة 25 بالمئة عند الأشخاص الحاملين للنسخة الأكثر خطورة من هذا الجين، وبنسبة 50 بالمئة عند أولئك الذين ورثوه عن الأبوين مجتمعين. ويطلق على تلك النسخة الخطرة من الجين إسم (SLC16A11) وقد تم اكتشافها فى نصف المبحوثين من حديثي الأصول في الأمريكتين. بحسب بي بي سي.

وقد وجد هذ الجين لدى نحو 20 بالمئة من الشرق آسيويين فى حين يندر وجوده لدى سكان اوروبا وأفريقيا. ويسمح هذا الجين بتفسير حوالي 20 بالمئة من حالات الإصابة بمرض السكري المتفشي بين شعوب أمريكا اللاتينية، لا سيما من الدرجة الثانية هذا المرض والتي يصعب التوصل الي أسبابها المعقده. ويقول جوزيه فلوريز المدرس المساعد بكلية الطب بجامعة هارفارد- ماساسوستش "تعتمد الأبحاث الجينية حتى يومنا هذا على عينات من البشر ذات جذور أوروبية وآسيوية، وهو ما قد يعيق التوصل إلي نوعيات أخرى من الجينات التي تسبب المرض والتى قد تكون تطورت بمعدلات مختلفة عند شعوب أخرى." ويضيف فلوريز "ولذلك فعندما وسعنا نطاق البحث ليشمل عينات من المكسيك وأمريكا الاتينية تمكننا من اكتشاف أحد أخطر عوامل الإصابة بالمرض المعروفة حتى الآن. وقد يسمح لنا ذلك بفهم أعمق للمرض وبطرق أبواب جديدة فى علاجه الدوائي."

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 9/كانون الثاني/2014 - 7/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م