رابعة الإشارة الرمز الايقونة

اعداد: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: كل مكان له دلالاته الجغرافية او السياسية او الثقافية والدينية، التي تاتي نتيجة لموقع متميز، او لحدث سياسي معين او لحضور في الوعي الجمعي للشعوب...

كمثل للدلالة الأولى، قناة السويس او قناة بنما او الخليج العربي او مضيق هرمز او راس الرجاء الصالح سابقا، انها أماكن تحيل الى موقع جغرافي متميز بسبب طبيعة وجوده او اصطناعها، هذه المواقع الجغرافية، اخذت دلالات رمزية سياسية واقتصادية نتيجة للكثير من الاحداث التي كانت محورا لها..

وكمثل للدلالة الثانية ساحة التحرير او الفردوس في بغداد، الأولى ترمز الى الحراك السياسي العراقي قبل العام 2003 والثاني بعد ذلك العام..

وكمثل للدلالة الثقافية، شارع أبو نواس او شارع المتنبي في بغداد أيضا، والذي حمل اكثر من دلالة رمزية بسبب النشاطات التي تقام في كل واحد منهما..

وكمثل للدلالات الدينية، بعض المساجد والحسينيات في العراق، والتي اكتسبت دلالات رمزية عميقة مثل مسجد الكوفة في النجف الاشرف او جامع أبو حنيفة في بغداد..

هذا الحضور الرمزي المكثف لا ينفصل عن الاحداث او المواقف التي ارتبطت بتلك الأماكن، وأصبحت في الكثير منها مستقلة عن المكان، الا ان مجرد ذكرها يستدعي تلك الأماكن بالضرورة الى الذاكرة..

السياسة باعتبارها فاعل مؤثر شديد الحضور في حياتنا كثيرا ما تعمل على تأسيس وصناعة دلالات رمزية لاحداثها ولفاعليها السياسيين بغض النظر عن مصداقية الحدث او جدارة الفاعل..

وكمثل على ذلك عراقيا، تظاهرات ساحة التحرير في بغداد والتي اكتسبت تسمية انتفاضة شباط او فبراير وأصبحت لها منصاتها على الفيس بوك وبقية المواقع الالكترونية.. ومن ذلك أيضا تظاهرات الانبار، والتي أصبحت تسمى بساحات العزة والكرامة...

كل حدث يمكن ان يمر مرورا عابرا، لا يترك خلفه شيئا او اثرا، الا ان ما يجعله حاملا للدلالة هو توظيفه من قبل القائمين عليه ومن قبل المشاركين فيه..

عربيا يمكننا ان نذكر درعا في سوريا، ودوّار اللؤلؤة في البحرين، ورابعة العدوية في مصر، وأماكن أخرى شهدت الكثير من الاحداث في السنوات القليلة السابقة، والتي اثرت في وعي الناس نتيجة لتوظيفها ربما في وقت سابق للحدث او حتى بعد وقوعه..

في موضوع (رابعة) المكان والحدث والدلالة الرمزية، المكان يشير الى مسجد رابعة العدوية في مصر، وما جاوره من شوارع وساحات اتخذها الاخوان المسلمون ومناصريهم مكانا لتجمعهم واحتجاجهم على ما يعتبرونه انقلابا على الشرعية الثورية والسياسية التي اوصلتهم الى الحكم..

بدأ اعتصام الاخوان يوم 28 يونيو / حزيران 2013 وانتهي في يوم 14 آب / أغسطس من نفس العام. كانت بدايته ردا على اعتصام ميدان التحرير المنددة بسياسات مرسي ومطالبته بالتنحي، وبالتالي خرج آلاف من جماعة الإخوان لتأييد محمد مرسي، واتخذوا من رابعة العدوية مقرا لاعتصامهم، لحين تنفيذ مطالبهم وهي عودة الرئيس محمد مرسي إلى الحكم مرة أخرى. وازداد الأمر اصرارًا منهم بعد خطاب الفريق أول عبدالفتاح السيسى الذي جاء تلبية للجماهير الغفيرة التي خرجت منذ يوم 30 يونيو، بجانب ذلك أيضا يعتبر ميدان رابعة العدوية، أحدى المناطق الراقية في مدينة نصر، زادت شهرته في الأونة الاخيرة ليس لرقيّه، وإنما لانه أصبح نداء قويا مضادا لميدان التحرير، بل ورمز إخواني مدافعًا عن الشرعية.

اختلفت الأراء تجاه فض اعتصام رابعة العدوية ما بين فض الاعتصام باى طريقة، وما بين فض الاعتصام بطريقة سلمية، وتعددت الأراء لذلك..

وقد حذر الكثيرون من فض الاعتصام بالقوة لانه حسب رأي الدكتور ياسر الغرباوى، مدير مركز التنوع للدراسات على سبيل المثال، ان فض اعتصام رابعة العدوية بالقوة، سيولد موجات من الغضب، والتي ستمتد أثارها إلى خارج مصر، وهذه الآثار الكارثية ستعيد الأفكار الدموية المتشددة، لأن الإنسان مهما كان عاقلاً فإنه أمام ضغط الإعلام والإشاعات المتكررة والانسداد السياسي سيلجأ إلى الخيار الصفري فإما أن يقتل أو يُقتل.

بعد فض الاعتصام تحول المكان الى رمز للاخوان المسلمين ومناصريهم، واستعاضوا عن (رابعة) والتي هي اسم علم يشير الى (رابعة العدوية)، او رقما يأتي بعد الثلاثة في ترتيب الأرقام، الى إشارة تقوم بها أصابع اليد المرفوعة..

ماهو الرَّمْزُ؟ انّه الإيماءُ والإشارة، وهو ( في علم البيان ) الكناية الخفيَّة.

لكنها أيضا كناية ظاهرة للعيان عند رفع الأصابع على شكل أربعة..

انتشر استخدام هذا الشعار بعد قيام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، برفع يده مشيراً بأصابعه الأربعة زاعما أنها أشارة الصمود والعزة، في دلالة على تأييده لاعتصام أنصار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي بميدان رابعة العدوية بالقاهرة.

وحول أسباب استخدامه تلك الإشارة، قال أردوغان في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية إنها ترمز إلى اعتصام الإخوان في ميدان رابعة العدوية، نسبةً إلى السيدة التي تُعد رمزاً لـ"التقوى والورع والزهد" لدى المسلمين.

وألهم رئيس الوزراء التركي الكثيرين من مؤيديه لاستخدام هذا الشعار، عندما تساءل عما إذا كانت هذه العلامة ستصبح إشارة جديدة للتعبير عن النصر في العالم الإسلامي، بدلاً من الإشارة الأخرى التي تستخدم برفع أصبعين.

تعليقا على الإشارة التي رفعها رئيس الوزراء التركي قال محمد حسنين هيكل، في احد حواراته إن أردوغان رجل حقق نجاحات وأصبح ذا رمزية وقيمة، ثم طال بقاؤه في الحكم، فانقطعت صلته بالحقائق، أصبحت الأساطير أقرب لذهنه من الحقائق، ويتحدث بما هو أقرب للأساطير، والدليل عند رفعه إشارة “رابعة”.

في المقابل، بدأ آخرون من مناهضي جماعة الإخوان في إضافة بعض التعديلات على الشعار المميز باللون الأصفر، منها وضع بنادق وأسلحة بدلاً من الأصابع المرفوعة، في إشارة إلى اتهام معتصمي رابعة باستخدام الأسلحة بمواجهة الأمن.

لم تقف الأمور عند هذا الحد، بل وصلت الخلافات السياسية إلى الملاعب الرياضية إذ أوقف الاتحاد المصري للكونغ فو لاعباً مصرياً تُوّج بذهبية في دورة الألعاب القتالية التي أقيمت في مدينة سان بطرسبوغ الروسية بعد رفعه "إشارة رابعة" على منصات التتويج إلى جانب ظهوره بقميص أصفر اللون يحمل العلامة ذاتها.

وفاجأ مهاجم الأهلي القاهري أحمد عبد الظاهر الجميع برفعه "إشارة رابعة" بعد إحرازه هدفاً في نهائي مسابقة دوري أبطال إفريقيا في المباراة التي أقيمت على ملعب المقاولون العرب.

وانتقلت تلك الإشارة الرمزية الى سجالات دينية وعقائدية أيضا، فقد طالب الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، بمحاكمة كل من يرفع شارة رابعة فوق جبل عرفات بتهمة ازدراء الأديان، وقد تصل عقوبته إلى الإعدام لارتداده عن الإسلام بسبب تغييره وتبديله للشريعة، وسنه لسنة جديدة يأتي إليها عبدة الشيطان وكل من على شاكلتهم، بحسب ما أكد.

ورأى اخرون وهم من معارضي الاخوان المسلمين، ان اشارة اليد باربعة اصابع هي علامة اساسية في الماسونية وتعني أن الإله يراكم وقوته فوق قوتكم.

وهي ترمز للعين الواحدة وهي الأساسية في عبادات الماسونية وتعتبر من أهم العلامات لديهم حيث تكون اليد بها عين من الداخل والمقصود بها هي العين الواحدة، وعلامة الكف و العين الواحدة تعني أنه يراكم و سوف يتصرف عندما تستنجدون به

إشارة الأصابع الأربعة أصبحت تقود الى السجن لمدة خمس سنوات بعد اعتبار جماعة الاخوان المسلمين جماعة إرهابية..

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 9/كانون الثاني/2014 - 7/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م