أسبوع التعدي على حرمات الله

خضير العواد

 

تعتبر الأيام الأولى أو الأسبوع الأول لوفاة الرسول (ص) من أهم وأخطر الأيام في التاريخ الإسلامي، هذه الأيام التي تأسس عليها كل ما تعانيه الأمة الإسلامية من شر وضعف وهوان وتمزق، في هذه الأيام انطلق الشر ليوقف الرسالة المحمدية السمحاء ويبطل كل العهود والمواثيق والبيعات التي أعطتها الأمة لرسولها الكريم (ص)، من ولاية أمير المؤمنين عليه السلام والمودة لأهل بيته عليهم السلام والحفاظ على تعاليم الإسلام الحنيف والتمسك بحبل أهل بيته عليهم السلام.

 في هذه الأيام تركت الأمة جثمان نبيها واتجهت الى حطام الدنيا وهو أفضل الخلق وأطهرها بل أكرمها على الله سبحانه تعالى مسجى بدون غسل وتكفين وهو الذي أخرجها من الظلمات الى النور لولا الثلة الطاهرة من أهل البيت عليهم السلام يتقدمهم سيد الأوصياء علي بن أبي طالب عليه السلام وأصحابه الميامين رضوان الله عليهم كأبي ذر وسلمان وعمار والمقداد.

 في هذه الأيام انقلبت الأمة على أعقابها وأمر ربها ورسوله الكريم صلوات الله عليه عندما سرقت الخلافة من صاحبها الشرعي الذي نصبه رسول الله (ص) في يوم الغدير وأعطت الأمة قاطبة البيعة له واعترفت بولايته وخلافته، في هذه الأيام انطلق الإنحراف من سقيفة بني ساعدة ليبعد الأمة عن دين الله القويم الذي رسمه وبينه رسول الله (ص)، ومن هذه الإنطلاقة الإنحرافية نتجت كل مآسي الأمة من ظلم وانحطاط وتمزق وضعف، من هذه الإنحراف استولى على منصة القيادة لهذه الأمة الطلقاء (بني أمية) وهم الذين دخلوا الإسلام خوفاً من السيف وطمعاً بالمال والجاه الذي جلبه الإسلام لهذه الأمة.

 في هذه الأيام ظهرت الجرأة الشيطانية في بعض شخصيات الأمة التي نتج منها التعدي على بيت الرسالة بل الهجوم على البيت الذي لم يدخله رسول الله (ص) إلا بعد الاستئذان، وهو الذي كان في بعض الروايات يقف لمدة ستة أشهر وبعضها تقول تسعة أشهر على باب بيت فاطمة وعلي عليهما السلام وهو يقول السلام عليكم يا أهل البيت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) أتأذنون لمحمد (ص) بالدخول، وهو الذي أظهر حقيقة موقع فاطمة عليها السلام المقدس والحساس والخطر في كل مناسبة وظرف حينما كان يقول صلوات الله عليه وأله (فاطمة بضعةٌ مني فمن أغضبها أغضبني)، (أن ألله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضا فاطمة) (إنما فاطمة بضعةٌ مني يؤذيني ما أذاها)، وعن مجاهد أنه قال خرج النبي (ص) وهو أخذ بيد فاطمة، فقال : (من عرف هذه فقد عرفها، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد، وهي بضعة مني وهي قلبي، وهي روحي التي بين جنبي، من أذاها فقد أذاني، ومن أذاني فقد أذى ألله)......

 ولكن هذه الأمة أدارت بظهرها لكل هذا وتركت بيت الرسالة وحيداً يواجه الحكومة الجديدة ومن دعمها من قبائل العرب كبني أمية وبني مخزوم وأسلم وبني زهرة وغيرها من القبائل التي فضلت إغراءات الدنيا على تعاليم دينها وآخرتها، بل هذه الأمة سمحت لهؤلاء أن يحاصروا بيت الوحي ويضرموا النار في بابه ويحطموها ويكسروا ضلع سيدة النساء الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام ويسقطوا جنينها المحسن عليه السلام، وأخذوا سيد الأوصياء مكتوف بحمائل سيفه لكي يرغموه على بيعة من سرق الخلافة وخالف الأوامر الإلهية.

 في هذه الأيام اغتصبوا أرض فدك من الصديقة فاطمة عليها السلام التي أعطاها لها رسول الله (ص) في ايام حياته بل منعوها حتى من إرثها صلوات الله عليها، في هذه الأيام أصبح بيت الرسالة وحيداً يعيش في غربة شديدة بين الأمة التي كانت تبذل المستحيل من أجل التقرب لهم قبل أيام أي في حياة سيد الرسل (ص)، هذه الأيام من أشد الايام التي مرت على سيدتنا فاطمة عليها السلام وهي التي فقدت أبيها رسول الله (ص) واغتصاب الخلافة من زوجها والتعدي على بيتها وكسر ضلعها وأسقاط جنينها واغتصاب حقها وأرثها.

 في هذه الأيام أظهرت الأمة حقدها وضغينتها وحسدها من أمير المؤمنين عليه السلام وهو الذي قتل أبطال وصناديد قريش والعرب واليهود، هذه الأيام من أشد الأيام وأصعبها على أمير المؤمنين عليه السلام وهو الذي فقد حبيبه رسول الله (ص) واغتصب حقه في الخلافة وتعدى المنافقون على بيته وكسروا ضلع زوجته فاطمة عليها السلام واغتصاب ارثها وحقها في فدك، لهذا يجب على الأمة تذكر هذه الايام من كل سنة بالحزن واللوعة، لأنها الأيام التي جلبت لهم كل شر وظلم وابعدتهم عن كل خير وعدل، هذه الأيام التي جرأت ممن يدعي الاسلام على ارتكاب الموبقات والكبائر كقتل فاطمة عليها السلام وقتل جميع المعصومين عليهم السلام وفي مقدمتهم سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين عليه السلام وما جرى على أهل بيته وصحبه في كربلاء، وكل ما يعانيه الموالين لأهل البيت عليهم السلام كانت إنطلاقته وبدايته من هذه الأيام السوداء الحزينة.

 لهذا يجب على كل صاحب رأي أو كلمة أو خطيب أن يبين حقيقة هذه الأيام للأمة لكي تتعظ وتستيقظ من سباتها وظلمتها لكي تلتحق بطريق الهدى، هذه الأيام شملت بأحزانها الجميع فمنهم من عانى الحزن والعذاب في دنياه وهم الموالين لأهل البيت عليهم السلام والقسم الأكبر سيعاني في أخرته وهم من تبع الذي فعلوا كل هذه الموبقات، لهذا فالجميع يجب أن يدرك خطورة هذه الأيام على الأمة الإسلامية، وهذا يتم من خلال تبني أو اعتبار الأسبوع الأول من ربيع الأول (أسبوع التعدي على حرمات الله) من كل عام، ويكون أسبوع حزن ومأساة ويتم فيه شرح وإظهار وتبيان الأحداث التي وقعت فيه على الأمة وابعدتها عن طريق الله القويم وهو طريق محمد وأل محمد صلى الله عليه واله وسلم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 8/كانون الثاني/2014 - 6/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م