الشعب السوري.. مأساة إنسانية يفاقمها العجز الدولي

 

شبكة النبأ: مع استمرار الأزمة وتصاعد الصراع في سوريا التي دمرتها المعارك المستمرة، تزداد معاناة الشعب السوري وسط غياب الدعم والرعاية الدولية التي عجزت عن تأمين ابسط الحقوق الانسانية لهذا الشعب الذي يواجه الموت بصور مختلفة، بسبب المخططات الإجرامية والتآمرية التي تقوم بها بعض الدول والتي تسعى الى تأجيج الصراع بأهداف طائفية لضمان مصالحها في المنطقة كما يقول بعض المراقبين، الذين أكدوا على خطورة الموقف الذي ينذر بحدوث كارثة إنسانية لامثيل لها، خصوصا مع ازدياد أعداد الضحايا والمهجرين وغياب الخطط وضعف المساعدات والمعونات المقدمة.

حيث يعاني ملايين السوريين من أوضاع إنسانية صعبة بسبب القتال المستمر والمعارك الطاحنة التي أودت بحياة الكثير من المدنيين. وفيما يخص تلك الاوضاع فقد دعا مديرو وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى "وقف إنساني لإطلاق النار" في سوريا للسماح لقوافل الإغاثة بنقل المساعدات إلى المناطق التي يعجز عمال الإغاثة عن الوصول إليها.

وحث المسؤولون جميع أطراف الحرب السورية على السماح لجماعات المساعدات الإنسانية بالوصول إلى المناطق دون معوقات وقالوا إنه ينبغي ألا تكون المساعدات رهنا لاعتبارات سياسية أو عسكرية. ووصف مديرو وكالات الإغاثة الصراع السوري بأنه "أكبر مأساة إنسانية في زمننا" وقالوا إنهم يخشون الأسوأ حيث يهدد برد الشتاء القارس بتفاقم المعاناة.

وأصدر البيان فاليري آموس منسقة الإغاثة الطارئة بالأمم المتحدة وانتونيو جوتيريس مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين ومدير منظمة الأمم المتحدة للطفولة أنتوني ليك ومديرة برنامج الأغذية العالمي ارثارين كازين ومسوؤلة المساعدات بالاتحاد الأوروبي كريستالينا جورجييفا. وكان مديرو وكالات الاغاثة في بروكسل لتوقيع عقود ألزمت المفوضية الأوروبية بتقديم 147 مليون يورو (202 مليون دولار) مساعدات للمتضررين من الحرب السورية.

وقال بيان مسؤولي وكالات المساعدات بالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي "الوقف الإنساني لإطلاق النار من شأنه السماح لقوافل المساعدات بتقديم العون للتجمعات التي لا يمكن الوصول إليها" دون أن يحدد ما إذا كانوا يدعون إلى وقف لإطلاق النار على المستوى الوطني أو المحلي. وأضاف البيان أن قرابة 9.3 مليون سوري يحتاجون للمساعدة وأن عدد النازحين ارتفع إلى 6.5 مليون شخص في حين فر أكثر من 2.2 مليون آخرين إلى خارج البلاد.

ووجهت الأمم المتحدة مناشدة لجمع مساعدات قياسية تبلغ 6.5 مليار دولار لسوريا وجيرانها لمساعدة 16 مليون شخص يعاني كثيرون منهم من الجوع أو التشرد نتيجة للصراع. وقال الاتحاد الأوروبي إن المفوضية الأوروبية ودول الاتحاد الثمانية والعشرين تبرعوا بأكثر من ملياري يورو منذ بدء الأزمة السورية مما يجعلهم أكبر المانحين.

وقالت كازين المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي إن الوضع الإنساني في سوريا يواصل التدهور. وأضافت "التحدي الرئيسي هو المناطق التي بها صراع مستمر." وتابعت تقول "نعمل على إيجاد سبل مبتكرة بقدر الامكان العثور على طرق قد يتعذر الوصول إليها يوما ما بسبب الحصار. لكن يمكن الوصول إليها في اليوم التالي.. لذا فنحن نفعل كل ما بوسعنا للوصول لأكبر عدد ممكن من الناس."

على صعيد متصل نجح برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في توصيل حصص غذائية لعدد قياسي من المحتاجين في سوريا بلغ 3.3 مليون شخص في أكتوبر تشرين الأول ارتفاعا من 2.7 مليون في الشهر السابق لكنه ابدى قلقه الشديد على مدنيين يعيشون في مناطق محاصرة لا يمكنه الوصول إليها.

وقال برنامج الأغذية العالمي إنه لم يتسن الوصول منذ شهور عديدة إلى المناطق المحاصرة في دمشق وريفها حيث يحتدم القتال وإنه يعتقد أن الحالة الغذائية لهؤلاء المحاصرين متدهورة إلى حد كبير. وقالت اليزابيث بيرس المتحدثة باسم البرنامج "برنامج الأغذية العالمي قلق بشأن مصير العديد من السوريين المحاصرين في مناطق الصراع الذين لا يزالون بحاجة لمساعدات غذائية عاجلة. ونحن نراقب التقارير المقلقة عن انتشار سوء التغذية بين الأطفال في المناطق المحاصرة."

وقال صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) التابع للأمم المتحدة إن المزيد من الأطفال ينقلون إلى المستشفيات في دمشق ومناطق أخرى من البلاد للعلاج من سوء التغذية وهي حالة تصيبهم بالضعف وتجعلهم عرضة للإصابة بأمراض أخرى. وقالت المتحدثة باسم اليونيسيف ماريكسي مركادو "هناك زيادة في عدد الأطفال الذين ينقلون للمستشفيات وهم يعانون من حالات معتدلة أو حادة من سوء التغذية. وجرى الإبلاغ عن معظم هذه الحالات من مستشفيين في دمشق مستشفى الأطفال ومستشفى دمشق."

وأضافت أن وكالات المعونة الشريكة مع اليونيسيف في حماة وحمص وحلب وريف دمشق والقنيطرة ودير الزور وريف درعا وإدلب أكدت هذا الاتجاه المتصاعد في عدد حالات سوء التغذية بين الأطفال. وقالت مركادو "هناك نقص في الأطباء المهرة الذين يتعاملون مع حالات الإصابة الحادة بسوء التغذية وهي حالة تحتاج إلى علاج طبي." ومضت تقول "هؤلاء معرضون للإصابة بالمرض والوفاة بدرجة أكبر من الأطفال الذين لا يعانون من سوء التغذية."

وقال اليونيسيف إنه كان هناك ما يقرب من عشر الأطفال السوريين يعانون من سوء التغذية في عام 2009 وهو آخر عام أجرى فيه الصندوق مسحا عائليا على مستوى سوريا. وعانت المناطق الواقعة في شمال شرق البلاد من الجفاف لعدة سنوات قبل بدء الحرب في مارس آذار 2011 . ولم يصل برنامج الأغذية العالمي إلى المستوى المستهدف البالغ أربعة ملايين يحصلون على مساعدات غذائية في الشهر في سوريا التي ارتفعت فيها أسعار الغذاء وفر الملايين من بيوتهم بحثا عن ملاذ آمن.

وأضافت بيرس أن القتال والافتقار للأمن حدا من قدرة البرنامج على الوصول إلى مناطق في محافظتي حلب والحسكة. وتابعت "وفي مناطق أخرى وبخاصة في دمشق وريف دمشق لم يكن ممكنا الوصول إلى مزيد من المناطق بسبب احتدام الصراع." وقالت بيرس انه في ظل الحرب الأهلية الدائرة في سوريا لم يتمكن البرنامج من توصيل حصص الغذاء إلى 38 موقعا منها المعضمية على مشارف دمشق والتي حاول موظفو الاغاثة دخولها تسع مرات على مدى عام دون جدوى. ومكنت لحظة تعاون نادرة بين الحكومة السورية ومقاتلي المعارضة 1800 شخص من الفرار من البلدة المحاصرة لكن الألوف بقوا محاصرين لا يملكون سوى القليل من الطعام والماء والدواء. بحسب رويترز.

من ناحية اخرى تعهدت دمشق بإيصال لقاح شلل الاطفال، وهو المرض الذي عاود الظهور في شرق البلاد، الى "كل طفل سوري"، متهمة مقاتلي المعارضة بإعاقة وصول المساعدات الى المناطق المتضررة من النزاع. وقال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ان "حكومة الجمهورية العربية السورية مسؤولة عن كل طفل سوري، ونحن ايضا معنيون بان يصل اللقاح (شلل الاطفال) الى كل طفل سوري اينما كان، بغض النظر عن المنطقة التي يتواجد فيها، سواء كانت منطقة ساخنة او منطقة تتواجد فيها قوات الجيش".

اكثر من 130 الفا

في السياق ذاته ارتفع عدد القتلى في سوريا الى اكثر من 130 الفا بنهاية العام 2013، كما يدخل هذا البلد العام 2014 من دون ان تتمكن الامم المتحدة ومنظمة حظر الاسلحة الكيميائية من الالتزام بجدولها الزمني بإخراج الاسلحة الكيميائية الاكثر خطرا الى خارج سوريا قبل نهاية العام 2013. وقبل اسابيع من انعقاد المؤتمر الدولي حول سوريا في سويسرا بهدف التوصل الى حل سلمي للازمة، لم ترسل الامم المتحدة بعد الدعوات الى الاطراف الذين يفترض بهم المشاركة، بحسب ما ذكرت صحيفة مقربة من السلطات السورية، عازية السبب الى "تعثر تشكيل وفد المعارضة السورية".

ودعت منسقة البعثة المشتركة للامم المتحدة ومنظمة حظر الاسلحة الكيميائية في سوريا سيغريد كاغ "جميع الاطراف" الى تكثيف جهودها من اجل التوصل الى تدمير الترسانة الكيميائية السورية ضمن المهل المحددة. وقالت كاغ "كنا قد صرحنا بان التقيد بالمهلة المحددة امر مستبعد، الا اننا اعلنا ايضا ان تقدما ثابتا متواصلا قد حصل"، مضيفة "ندعو جميع الأطراف، إلى تكثيف الجهود اللازمة للمباشرة بإزالة العناصر الكيميائية". وافاد متحدث باسم القوات المسلحة النروجية ان سفينتين عسكريتين مكلفتين مواكبة نقل الترسانة الكيميائية السورية من مرفأ اللاذقية السوري في اتجاه ايطاليا تمهيدا لتدميرها على متن باخرة اميركية في البحر، عادتا الى قبرص بسبب تأخير في العملية.

وبدأت البعثة المشتركة المؤلفة من خبراء من منظمة حظر الاسلحة الكيميائية ومن الامم المتحدة عملها في سوريا في الاول من تشرين الاول/اكتوبر بموجب قرار من مجلس الامن الدولي. وجاء القرار بعد اتفاق روسي اميركي وافقت عليه سوريا وقضى بتفكيك الترسانة الكيميائية السورية، وذلك بعد هجوم بالسلاح الكيميائي في ريف دمشق اوقع مئات القتلى واتهمت الدول الغربية والمعارضة السورية النظام بتنفيذه. وبموجب هذا الاتفاق، يفترض ان يتم التخلص من الاسلحة الكيميائية السورية التي تقدر بألف طن بنهاية حزيران/يونيو 2014.

وقال المتحدث باسم منظمة حظر الاسلحة الكيميائية كريستيان شارتييه ان "هذا التاريخ الاخير هو الاهم"، مشيرا الى ان "لا شيء يدل على انه لن يتم الالتزام به". وقال شارتييه "خلال ثلاثة اشهر، تم وضع الترسانة الكيميائية السورية خارج الخدمة، والمواد والتجهيزات الكيميائية مختومة بالشمع الاحمر". واضاف "حتى لو اراد السوريون اعادة وضع اليد على بعض المنتجات الكيميائية، لا توجد لديهم اسلحة لإدخالها فيها".

ووصف رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي قرار انضمام سوريا الى منظمة حظر الاسلحة الكيميائية الذي اتخذه الرئيس السوري بشار الاسد بانه "الاهم والتاريخي والحكيم"، مشيرا الى انه ادى الى "تجنيب سوريا عدوانا محتما وهو عدوان مدمر كان يراد منه تدمير الدولة السورية والوصول الى دولة فاشلة". واشار الى انه تم "تدمير اماكن تخزين هذه الصناعة الكيميائية والخلط"، والى البدء ب"تجميع هذه المواد ليصار الى نقلها الى المرافىء السورية ثم الى اماكن اخرى ليصار الى تدميرها".

دبلوماسيا، نقلت صحيفة "الوطن" السورية عن مصدر في وزارة الخارجية تأكيده "ان الدعوات لحضور مؤتمر جنيف-2 لم ترسل كما كان محددا نتيجة تعثر تأليف وفد يمثل المعارضة، علما ان المهلة الأخيرة لإعلان الوفدين السوريين المشاركين في المؤتمر الدولي كانت في ٢٧ من الشهر الماضي". واعلن الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون في 23 كانون الاول/ديسمبر انه سيرسل قبل نهاية السنة الحالية الدعوات الرسمية لمؤتمر السلام في سوريا الذي اطلق عليه جنيف-2 .

ولم تعلن المعارضة السورية بعد من سيمثلها في المؤتمر الذي سيشارك فيه الامين العام للأمم المتحدة وممثلون عن الدول الخمس الكبرى في مجلس الامن (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا)، والامين العام لجامعة الدول العربية ودول اخرى. ولن تدعى ايران الى المؤتمر بحسب ما اعلن الموفد الدولي الخاص الى سوريا الاخضر الابراهيمي، بسبب اعتراض الولايات المتحدة على مشاركتها. علما ان دمشق اعلنت تمسكها بحضور حليفتها الاقليمية النافذة. بحسب فرانس برس.

ويفترض ان يعقد المؤتمر الموسع في مونترو في 22 كانون الثاني/يناير، على ان تستأنف المفاوضات بين الوفدين السوريين (النظام والمعارضة) في 24 كانون الثاني/يناير في جنيف في حضور الابراهيمي وعرابي الوفدين (ممثلون عن موسكو وواشنطن). واشاد وائل الحلقي ب"التنسيق على المستوى السياسي" مع حلفاء دمشق، وعلى راسهم روسيا وايران، ما سمح لبلاده بتحقيق "انجازات دبلوماسية" أملا ان تستمر هذه الانجازات من خلال مؤتمر جنيف-2".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 7/كانون الثاني/2014 - 5/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م