المرجع الشيرازي: الأمة تعيش الويلات بسبب التحريف بعد استشهاد النبيّ (ص)

ان العار الذي حملته تلك الجماعة قد خيّم على المسلمين جميعاً

 

شبكة النبأ: قال المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله بمناسبة ذكرى استشهاد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، إنّ كل المظالم التي تحدث في العالم هي نتيجة تحريف الإسلام من مسيره الصحيح الذي بيّنه النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وعمل به وطبّقه في حياته. وإنّ منشأ كل المظالم التي يتعرّض لها الناس إلى يومنا هذا هو ذلك التحريف الذي وقع بعد استشهاد رسول الله صلى الله عليه وآله. فالإنسان ليعجب من الاضطرابات الموجودة حالياً في الجوانب الاجتماعية والأخلاقية والفردية والعائلية. فالإدمان على المخدرات، والجرائم، وعمليات الاختطاف، والغش والحيل، والنزاعات العائلية، والطلاق، وأمثال ذلك، تراها على رأس القائمة في الدول الإسلامية، أما في جانب التقدّم، ومداراة الناس، والحريّات، فهذا لا تراه إلاّ في آخر قائمة هذه الدول الإسلامية! وفضلاً عن السجناء السياسيين، ترى سجون هذه الدول مليئة بسجناء ارتكبوا أنواع الجرائم أيضاً! وأضاف سماحته: من الباعث على الأسى والتأسّف ان أرقام إحصائيات الفقر في الدول الإسلامية هي أكثر من الدول غير الإسلامية. هذه الحالة المزرية الموجودة في الدول الإسلامية، يقيناً وقطعاً، ليست من الإسلام ولا من القرآن ولا من عمل ولا من سيرة النبيّ صلى الله عليه وآله، بل هي بعيدة عن ذلك كلّه. فاليوم، عندما يُعزل أو يموت فلان الوزير، أو فلان الرئيس وأمثالهما من حكّام الدول الإسلامية، تراه يخلّف أرقاماً خيالية في الثروات، وهي ثروات نهبها من ثروات الشعوب المستضعفة المسلمة. إنّ عدم وجود الكفاءة السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية للحكّام المسلمين من بعد استشهاد رسول الله صلى الله عليه وآله والإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، جرّت المجتمع الإسلامي إلى الابتلاء بمصير مشؤوم، واتّسع هذا الابتلاء بحيث لا يخلو أيّ بلد من البلدان الإسلامية من حالات الطلاق والاضطرابات والأزمات الاقتصادية، والجرائم، والإعدام، وغيرها من هذه الشذوذ. وهذا كلّه نتيجة الانحراف عن مسير الإسلام الصحيح الذي ظهر بعد استشهاد رسول الله صلى الله عليه وآله، وأخبرت عنه وأنبأت به الصدّيقة السيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، وقالت: (باقية العار).

جاء ذلك في كلمة قيمة القاها سماحته في جموع غفيرة من المؤمنين والمعزّين في بيته الموقر، بمدينة قم المقدّسة عصر يوم الثامن والعشرين من شهر صفر المظفّر 1435 للهجرة، أحيت مراسم ذكرى استشهاد سيّد الكائنات، مولانا الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، بحسب نقل موقع مؤسسة الرسول الاكرم الثقافية.

فقال سماحته:

أرفع التعازي إلى مولانا بقيّة الله الإمام المهديّ الموعود عجّل الله تعالى فرجه الشريف وصلوات الله وسلامه عليه، بمصابنا بذكرى استشهاد مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله، وإلى المؤمنين كافّة، وإلى المظلومين بالعالم، من المسلمين وغير المسلمين.

النبيّ.. شهيداً

لقد ذكرت الروايات المتواترة عن الشيعة وغيرهم، بأن النبيّ صلى الله عليه وآله لم يرحل عن الدنيا بالموت الطبيعي، بل استشهد صلى الله عليه وآله. ففي الحديث القدسي، أن الله تعالى خاطب النبيّ عيسى على نبيّنا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام حول رحيل خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله، وقال: (ويقضى شهيداً).

إنّ كل المظالم التي تحدث في العالم هي نتيجة تحريف الإسلام من مسيره الصحيح الذي بيّنه النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وعمل به وطبّقه في حياته. وإنّ منشأ كل المظالم التي يتعرّض لها الناس إلى يومنا هذا هو ذلك التحريف الذي وقع بعد استشهاد رسول الله صلى الله عليه وآله. ولهذا أعزّي المظلومين بالعالم جميعاً بهذا المصاب الجلل.

الشكر للمشاية

هنا أرى أن أقدّم شكري إلى كل الذين بذلوا الجهود وقدّموا الخدمات في شهري محرّم وصفر، في كل نقطة من نقاط العالم، وفي الحسينيات، والبيوت، والذين أقاموا وشاركوا في السير نحو كربلاء المقدّسة بمناسبة الأربعين الحسيني صلوات الله عليه، وكل الذين أقاموا المسيرات المشابهة في الدول الإسلامية وغير الإسلامية، وتحمّلوا المتاعب والأذى، بالأخصّ الذين قدّموا الخدمات المختلفة في مناسبة الأربعين الحسيني صلوات الله عليه، الذي يعدّ ظاهرة تاريخية كبرى، وأشكر جميع الزوّار الذي انسابوا من داخل العراق ومن الدول الإسلامية وغير الإسلامية، إلى كربلاء المقدسة، وشاركوا في الزحف المليوني.

في الحديث الشريف عن مولانا الإمام الصادق صلوات الله عليه، أنه: (من خرج من منزله يريد زيارة قبر الحسين بن علي صلوات الله عليه، إن كان ماشياً... أتاه مَلَك فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله يقرئك السلام ويقول لك استأنف العمل فقد غفر لك ما مضى).

فضلاً عن ان الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم قد رغّبوا وشجّعوا الناس على زيارة الإمام الحسين صلوات الله عليه، مشياً على الأقدام. ولذا أرى من واجبي أن أشكر الزوّار جميعاً، وأدعو لهم.

عليكم بخطبة السيدة الزهراء

بالنسبة إلى استشهاد مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله، أقول:

لقد قالت السيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، في خطبتها الشريفة، كلمات ذات محتوى قيّم وثمين جدّاً، وهي خلاصة ومجموعة الإسلام. فقد بيّنت السيدة الزهراء صلوات الله عليها في هذه الخطبة: التولّي والتبرّي، وأحكام الإسلام وعقائده، وفلسفة الأحكام، والأخلاق الإسلامية، بشكل ملخّص، ولكن جامع وشامل. فيجدر بالشباب أن يحفظوا هذه الخطبة الشريفة، وعلى الآباء والأمّهات أن يشجّعوا أبناءهم على حفظ هذه الخطبة وتعلّمها.

إذا تم الامتثال لمضامين هذه الخطبة الشريفة، وطبّقت عملياً في أي نقطة من نقاط العالم، فتلك النقطة ستكون المدينة الفاضلة بلا أدنى شكّ، وستزول الرذائل الإخلاقية منها إلى الأبد، كالكذب، والغيبة، والتهمة، والتخصام والاختلافات العائلية والاجتماعية، والطلاق الذي يدّمر العائلة ويشتتها.

أَلا إنّ هذه الخطبة الشريفة هي عصارة الإسلام، وخلاصة آيات القرآن الكريم، وخلاصة باقي الكتب السماوية، وعصارة أقوال وأعمال رسول الله صلى الله عليه وآله. ولذا يجدر بالشباب جميعاً، سواء في الدول الإسلامية وغير الإسلامية، أن يهتمّوا بهذه الخطبة الشريفة، وأن يسعوا إلى حفظها.

هذه الخطبة الشريفة ألقتها السيدة الزهراء صلوات الله عليها بجمع من المهاجرين والأنصار. وفيها البلاغة والفصاحة كبلاغة وفصاحة نهج البلاغة بعينها، وهي دون كلام الله تعالى، وفوق كلام البشر. وفي هذه الخطبة، خاطبت السيدة الزهراء صلوات الله عليها، المهاجرين والأنصار، بالأخصّ الذين حرّفوا نهج وأسلوب النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله، وقالت: (فاحتقبوها باقية العار).

خلافة القبح والعار

إنّ كلمة (العار) كلمة حادّة وعنيفة، ولم تأت في القرآن وفي الآلاف من الأحاديث الشريفة إلاّ قليلاً، ولقد استعملتها السيّدة الزهراء صلوات الله عليها، لتكشف عن مدى الفضيحة وقبح العمل الذي قامت به تلك الجماعة. وفي الواقع أن العار الذي حملته تلك الجماعة قد خيّم على المسلمين جميعاً، ولن يزول. وهذا العار الذي أشارت إليه السيّدة الزهراء صلوات الله عليها، هي الخلافة التي أوجدوها بعد استشهاد النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله.

على الباحثين والمثقّفين، في أيّ عمر كانوا، أن يقرأوا التاريخ من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، إلى هذا اليوم، عدا السنين الأربع من حكومة مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه التي هي بمثابة مجوهرة لامعة تسطع بنورها وسط حلقة سوداء مظلمة، ليروا الفضيحة والقبح اللذين ملئا تاريخ باقي الحكّام في عالم الإسلام، خلال القرون التي مرّت. فعلى سبيل المثال: إنّ الإنسان ليعجب من الاضطرابات الموجودة حالياً في الجوانب الاجتماعية والأخلاقية والفردية والعائلية. فالإدمان على المخدرات، والجرائم، وعمليات الاختطاف، والغش والحيل، والنزاعات العائلية، والطلاق، وأمثال ذلك، تراها على رأس القائمة في الدول الإسلامية، أما في جانب التقدّم، ومداراة الناس، والحريّات، فهذا لا تراه إلاّ في آخر قائمة هذه الدول الإسلامية! وفضلاً عن السجناء السياسيين، ترى سجون هذه الدول مليئة بسجناء ارتكبوا أنواع الجرائم أيضاً! فهل حكّام هذه الدول قد حكموا بلدانهم كما حكم رسول الله صلى الله عليه وآله خلال حكومته المشرقة؟

نبيّ السلام والمحبّة

لقد تعرّضت حكومة النبّي صلى الله عليه وآله إلى مشاكل داخلية وخارجية كثيرة من المشركين والمنافقين الذين قال عنهم القرآن الكريم بأنهم: (فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ)، ولكن مع ذلك لو تمّ عرض وتعريف أسلوب وتعامل وتصرّف النبيّ صلى الله عليه وآله في فترة حكومته بشكل صحيح، وتعامله مع كل الحوادث التي وقعت فيها، فستتغيّر الدنيا إثر معرفتها لهذه السيرة المشرقة والجميلة للنبيّ صلى الله عليه وآله، وستتّضح للدنيا الصورة الحقيقية للإسلام. فعلى سبيل المثال: من إحدى نتائج أسلوب النبيّ صلى الله عليه وآله هو أنه غيّر الوضع الذي كان سائداً بين الأوس والخزرج من الحب والاقتتال إلى السلام والمحبّة والصداقة. وكما تعلمون ان الحرب والاقتتال بين الأوس والخزرج طال لمدّة ثلاثمائة سنة، كما نقل المؤرّخون. فهل يعرف الشباب المسلم هذه الأمور وأمثالها؟

هذه الأمور قد ذكرها المرحوم العلاّمة المجلسي في بعض أجزاء موسوعة بحار الأنوار الشريفة، وذكرها المرحوم الشيخ عباس القمّي في منتهى الآمال، وذكرها غيرهما أيضاً في مؤلّفاتهم.

حكّام العار

هنا نسأل: بأيّ دليل، ومن الذين، غيّروا أسلوب وطريقة حكم رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فعدا فترة حكومة النبيّ صلى الله عليه وآله وحكومة الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، هل هناك ما يستحقّ أن نعرضه للعالمين؟ فهل نعرض عليهم ونعرّف لهم حكومة هارون، أم المأمون، أم البهلوي، أم صدام، أم القذافي؟ فإذا عرّفنا للعالمين أيّ حاكم ممن حكموا في البلاد الإسلامية، عدا النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله والإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فسيكون ذلك مدعاة على العار والخجل، فإنّ حاصل ما خلّفه أولئك الحكّام هو تحريف الدين وتحريف مسيرته.

إنّ النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله أسّس حكومته في المدينة، فتعالوا وانظروا كيف كان يعيش وهو الحاكم الأعلى والرئيس الأكبر لهذه الحكومة؟

رئيس يبيت جائعاً!

لقد عاش صلى الله عليه وآله، بصفته كحاكم ورئيس، ومع كثرة الأعمال والمسؤوليات وإدارته للحكومة والناس، وقيادته للحروب، وحلّه للمشاكل والنزاعات التي لم تك بالأمر الهيّن، عاش صلى الله عليه وآله عيش المستضعفين، وكان يبيت جوعاناً لكي لا يبيت الشعب جائعاً، وكان يقسّم بين الناس كل ما يحصل عليه من الغنائم، وكان عشاؤه مقداراً من اللبن. فقد ذكرت الروايات الشريفة (عن الرضا عن آبائه صلوات الله عليهم أنه قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: كنّا مع النبيّ صلى الله عليه وآله في حفر الخندق إذ جاءت فاطمة ومعها كسيرة من خبز، فدفعتها إلى النبيّ صلى الله عليه وآله، فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما هذه الكسيرة؟ فقالت: خبزته قرصاً للحسن والحسين، جئتك منه بهذه الكسيرة. فقال النبيّ صلى الله عليه وآله: يافاطمة أما إنه أول طعام دخل جوف أبيك منذ ثلاث!).

كان رسول الله صلى الله عليه وآله يشدّ على بطنه الحجر من الغرث يعني الجوع لكي لا يؤلمه ألم الجوع، وهو حينها الحاكم الأعلى الذي كانت بين يديه وتحت اختياره كل ثروات وممتلكات الحكومة!

تبعات تحريف الإسلام

إنّ هذا الأسلوب العادل في الحكم والراقي والباعث على الفخر، قد غيّره الحكّام من بعد مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله ومن بعد الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وحوّلوه إلى عار كبير، وكلّنا نشهد ذلك. فمن الباعث على الأسى والتأسّف ان أرقام إحصائيات الفقر في الدول الإسلامية هي أكثر من الدول غير الإسلامية. فالجوعى في الدول الإسلامية هم أكثر من الدول غير الإسلامية. فقد قرأت إحصائية في جريدة إحدى الدول الإسلامية أن ثمانين بالمائة من شعبها يعيشون تحت خطّ الفقر!

هذه الحالة المزرية الموجودة في الدول الإسلامية، يقيناً وقطعاً، ليست من الإسلام ولا من القرآن ولا من عمل ولا من سيرة النبيّ صلى الله عليه وآله، بل هي بعيدة عن ذلك كلّه. ففي الفترة المشرقة لحكومة رسول الله صلى الله عليه وآله التي امتدّت لعشر سنين، وفي فترة حكومة الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه التي لم تدم سوى أربع سنوات وبضعة أشهر، ومع كثرة المشاكل التي واجهتهما صلوات الله عليهما، قد حكما حكماً عادلاً وحكيماً، بحيث اجتثّا الفقر والجوع من رقعة الدولة الإسلامية الواسعة ذلك الحين، حتى قال الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه بطمأنينة وثقة كاملتين: «وَلَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوْ الْيَمَامَةِ مَنْ لا طَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْصِ وَلا عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ». ومع كثرة الأعداء للإمام عليّ صلوات الله عليه في التاريخ وإلى يومنا هذا، ترى ـ أي الأعداء ـ أنهم لم يأخذوا على الإمام قوله صلوات الله عليه: «وَلَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوْ الْيَمَامَةِ مَنْ لا طَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْصِ وَلا عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ». فلم يخرج أحدهم ويقول: بالتأكيد كان هناك جائع في ظل حكومة الإمام صلوات الله عليه، لأنهم يعلمون جيّداً بأن الناس في ظل حكومة الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه عاشوا برفاه ورخاء.

رؤساء أم حرامية!

في الرواية عن الأصبغ بن نباتة: (قال عليّ صلوات الله عليه: دخلت بلادكم بأشمالي هذه ورحلتي وراحلتي ها هي، فإن أنا خرجت من بلادكم بغير ما دخلت فإنني من الخائنين. وفي رواية: ياأهل البصرة ما تنقمون منيّ؟ أن هذا لمن غزل أهلي، وأشار إلى قميصه). ولكن ومع الأسف الشديد ان ما سمعه ورآه غير المسلمين، هو عكس ذلك، حيث شاهدوا التاريخ القبيح والسيئ لأسلوب وتصرّف بني أمية وبني مروان وبني العباس وبني عثمان.

اليوم، عندما يُعزل أو يموت فلان الوزير، أو فلان الرئيس وأمثالهما من حكّام الدول الإسلامية، تراه يخلّف أرقاماً خيالية في الثروات، وهي ثروات نهبها من ثروات الشعوب المستضعفة المسلمة.

هذا الإسلام قطعاً هو ليس الإسلام الذي أتى به رسول الله صلى الله عليه وآله وطبّقه هو والإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، ودعيا الناس إليه. ولهذا عندما يرى وينظر غير المسلمين والكفّار إلى هذا الإسلام الذي أتى به الحكّام، فسيرون أن ماعندهم خير منه.

من مخازي الحكّام

من موارد العار الذي أشارت إليه السيّدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها في خطبتها الشريفة، هو لجوء المسلمين إلى البلدان غير الإسلامية، وذلك نتيجة سوء تصرّف حكّام الدول الإسلامية. فبسبب التصرّف السيئ للحكّام خرج الكثير والكثير من المسلمين من بلادهم ولجأوا إلى الدول غير الإسلامية، وهذا الأمر هو بخلاف تعاليم الإسلام، لأن القرآن الكريم أمر المسلم بأن يجير الكافر، حيث خاطب النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله: (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكينَ اسْتَجَارَك فَأَجِرْهُ). فهل رأيتم أن أحداً من المشركين أو من غير المسلمين قد التجأ إلى إحدى الدول الإسلامية؟ ولكن بالعكس نرى أن الملايين من المسلمين من الدول الإسلامية، فرّوا من جور حكّامهم، والتجأوا إلى الغرب، وهذا يعني العار والخزي الكبيرين للمسلمين.

حكومتا العدل والرفاه

لقد حكم من المعصومين الأربعة عشر صلوات الله عليهم، مولانا النبيّ صلى الله عليه وآله والإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وكانت فترة حكومته قليلة. وعن حكومة النبيّ والإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليهما، وعن كيفية تقسيمهما لبيت مال المسلمين، نقلت المصادر كالبحار والوافي والكافي ومن لا يحضره الفقيه وغيرها، بأنهما صلوات الله عليهما كانا يعطيان من بيت المال للمحتاجين والمعوزين، وبالأخصّ لأجل توفير أوليات المعيشة لكل إنسان، كالعمل، والمأكل، والملبس، والسكن، والزواج، والتعليم، والعلاج، كل حسب شأنه، وإن بقي شيئاً من بيت المال فكان النبيّ أو الإمام صلوات الله عليهما أو المأمور من قبلهما يوزّعه على الناس.

ورد في الزيارة الغديرية: (القاسم بالسوية) وهذا يعني أن الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يوزّع بيت المال على الجميع بالسوية. وهذا ما ذكرته الشيعة والعامّة وغير المسلمين أيضاً. ولهذا اعترض بعض الصحابة الذين كانوا منافقين وأظهروا نفاقهم بعد استشهاد رسول الله صلى الله عليه وآله، وبعضهم صار من المنافقين بعد ذلك، اعترضوا على الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه لتقسيمه المال بالسوية، وأشعلوا نار الفتن والحروب الداخلية.

حكّام بلا كفاءة

إنّ عدم وجود الكفاءة السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية للحكّام المسلمين من بعد استشهاد رسول الله صلى الله عليه وآله والإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، جرّت المجتمع الإسلامي إلى الابتلاء بمصير مشؤوم، واتّسع هذا الابتلاء بحيث لا يخلو أيّ بلد من البلدان الإسلامية من حالات الطلاق والاضطرابات والأزمات الاقتصادية، والجرائم، والإعدام، وغيرها من هذه الشذوذ. وهذا كلّه نتيجة الانحراف عن مسير الإسلام الصحيح الذي ظهر بعد استشهاد رسول الله صلى الله عليه وآله، وأخبرت عنه وأنبأت به الصدّيقة السيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، وقالت: (باقية العار).

واجب الحاكم

من المسلَّم به ان مما أقرّه دين الإسلام المبين هو أن على الحاكم الإسلامي أن يلبّي ويضمن كل الاحتياجات الأولية لكل مواطن، وأن لا يبقى حتى فرد واحد من أفراد الأمة الإسلامية بلا سكن أو بلا زواج أو بلا عمل أو بلا دواء وعلاج. وهذا ما عمل به رسول الله والإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليهما وطبّقاه في حكومتهما. ولكن وبسبب التحريف الذي أوجدوه في مسير الإسلام بعد استشهاد النبيّ صلى الله عليه وآله، بدأت الأمم المظلومة بالعالم، وليس الأمة الإسلامية وحدها، تعيش الظروف الصعبة والويلات.

يجب علينا أن نتّبع رسول الله صلى الله عليه وآله، وليس أبو سفيان أو اللات وعزّى ومن على شاكلتهم. فالناس بالعالم يجهلون هذه الأمور ولا يدرون بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته صلوات الله عليهم هم فقط من يقيمون العدل وينشرون الرحمة الإسلامية التي أمر الله تعالى بهما.

السعادة في علوم آل محمد

لذا يجب أن نعرف السيرة المشرقة والباعثة على الفخر لرسول الله صلى الله عليه وآله، وسياسة المداراة الجميلة والعادلة التي طبّقها النبيّ صلى الله عليه وآله، والسيادة التي حصلت عليها الأمة الإسلامية بفضل سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسيرة الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه. يجب أن نعرف ذلك كلّه وأن نبلّغه للعالمين أجمع، وهذا ما أمر به مولانا الإمام الرضا صلوات الله عليه، حيث قال: (رحم الله من أحيا أمرنا. قيل: كيف يحيى أمركم؟ قال: يتعلّم علومنا ويعلّمها الناس، فإنّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتّبعونا).

علوم أهل البيت صلوات الله عليهم وكلامهم وسيرتهم، تشمل الأحكام، والعقائد، والعلاقات الفردية والاجتماعية، والأخلاق، والآداب الإنسانية، والكفاءة السياسية والاقتصادية. ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله هو المثل والقدوة الأعلى.

حكومة العفو والصفح

لقد تعرّض النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله خلال 21 سنة إلى المواجهات من قبل مشركي مكّة، فحاربوه، ولم يتوانوا عن أيّ أسلوب وطريقة في محاربته صلى الله عليه وآله ومواجهته، وأشعلوا نار الكثير من الحروب كبدر وأحد والأحزاب وغيرها، ولكنه صلى الله عليه وآله عندما فتح مكّة عفا عنهم جميعاً، وكان صلى الله عليه وآله حينها في قمّة القوة والقدرة. وهذا العمل هو أفضل وأجمل دلالة على الكفاءة السياسية. وفي قبال هذا التصرّف والعمل الإنسانيين والإسلاميين انظروا إلى أفعال الطغاة وغير الكفوئين من الحكّام كالبهلوي وصدام، فكم قتلوا وشرّدوا. فأفعال أمثال هؤلاء الحكّام لا تعدّ فنّاً في إدارة الحكم بل إنّ فن الحكومة هو الفنّ المقرون بالأخلاق. ولكن البعض يدّعي ويقول بأنه لا يمكن الحكم بالأخلاق وبالمداراة. فنقول لهم: ألم يكن هكذا رسول الله صلى الله عليه وآله والإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه؟ بل اليوم يمكن ممارسة الحكم بالأخلاق وبالمداراة بشكل أفضل، لأن الأجواء اليوم مفتوحة ومعرفة الناس ورؤيتهم للأمور وأسلوب تفكيرهم قد تغيّر ولم يعد كالسابق.

علماً بأن الناس اليوم يواجهون مشكلة، وهي أنه يصعب عليهم التمييز بين التعامل العادل والرحيم لحكومة مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وحكومة وصيّه وخليفته بالحقّ الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، والتعامل الظالم لحكّام الدول الإسلامية الذين حكموا من بعد النبيّ صلى الله عليه وآله، وإلى يومنا هذا.

من الواجب اليوم

إذن يجب علينا جميعاً أن نشمّر عن سواعدنا وأن نقوم بعرض التاريخ المشرق والجميل للإسلام الحقيقي الذي عرضه مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله والإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وطبّقاه، ودعا إليه سائر المعصومين صلوات الله عليهم، وأن نعرّفه للبشرية جمعاء. واطمئنوا بأنه إذا قمنا بهذا العمل فسيسلم الكثير من الوثنيين، وسيستحكم ويترسّخ إسلام المسلمين أكثر وأكثر.

إنّ أباذر، وسلمان، وعمار، والخبّاب، وعثمان بن مظعون، كل هؤلاء كانوا يعبدون الأوثان والأصنام، وكانوا كفّاراً أو نصارى أو يهود أو مجوس، ولكن بسبب الكفاءة السياسية لرسول الله صلى الله عليه وآله، رضوا بالإسلام وصاروا مسلمين صالحين. فهذه الأمور وأمثالها هي نتيجة الكفاءة السياسية لرسول الله صلى الله عليه وآله حيث بيّن الإسلام الحقيقي بتطبيقه للتعاليم والأوامر الحكيمة والعادلة. فالكفاءة الاقتصادية، والأخلاق، وإزالة الفقر والظلم بأعلى مستوى لا يوجد إلاّ في الإسلام الحقيقي الذي يعتبر مداراة الناس، والحلم والصفح والعفو، معيار وملاك العمل السياسي والحكومي. ولكن لا تجد في الحكومات التي تحكم باسم الإسلام وحكومات الدول الإسلامية من بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وإلى هذا اليوم، إلاّ الظلم، والجور، والقمع، وخنق أصوات المعارضة في نطفتها.

الإسلام في الغرب

إننا نرى اليوم في الدول غير الإسلامية وجود الحريّة لشعوبها، فلهم حقّ الاعتراض على حكوماتهم عبر وسائل الإعلام المقروءة والمكتوبة، ولا يتعرّض لهم أحد. فمن أين أتوا بهذه الحريّة؟ فهذه الدول غير الإسلامية كانت مبتلاة بالوضع المأساوي الذي تعيشه الدول الإسلامية اليوم قبل قرابة قرن ونصف قرن، ولكنهم أخذوا القليل من الإسلام وعملوا به في بلدانهم، فكان نتيجة هذا العمل هو ان الملايين من المسلمين تركوا بلدانهم ومسقط رأسهم ولجؤا إلى البلدان غير الإسلامية. ولا شكّ ان هذه الحرية وحقّ الاعتراض قد أخذوها وتعلّموها من الإسلام، سواؤ عن علمهم بذلك أو عن غير علم.

(كان الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه جالساً ذات مرّة في أصحابه, فوعظهم, فقال رجل من الخوارج: قاتله الله كافراً ما أفقهه. فوثب القوم ليقتلوه, فقال صلوات الله عليه: رويداً فإنّما هو سبّ بسبّ أو عفو عن ذنب).

إنّ الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه بهذا القول منه يذكّرنا بأن الإسلام لم يعطه حقّ القمع والمواجهة بالقوّة. علماً بأن الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه هو ليس كسائر الناس، بل إنّه من قال بحقّه مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله: (ياعلي، حربك حربي). وقال: (من سبّ علياً فقد سبّني).

مسؤولية الشباب

إذن يجب على الشباب أن ينتهزوا الفرص ويستفيدوا منها في تعريف الإسلام المرتكز على تعاليم وتعامل وسيرة وطريقة وأسلوب أهل البيت صلوات الله عليهم، إلى العالمين أجمع، بالأخصّ تعريفه في الدول غير الإسلامية لغير المسلمين، حيث يمكنهم هناك العمل في هذا المجال بشكل أحسن وأكثر حريّة وأبلغ تأثيراً بسبب وجود الحرية في تلك البلدان وبسبب الانفتاح الموجود فيها. فكل شابّ مسؤول في هذا المجال، وعليه أن يبيّن الحقيقة عبر وسائل الإعلام وقنوات التواصل الاجتماعي الحديثة، كالقنوات الفضائية وغيرها، وأن يهدي الناس إلى الإسلام ويعرّفه لهم. وليعلم أنه إذا لم يحصل على نتيجة مثمرة في مدة قصيرة لكنه لا محالة سيجني ثمار هذا العمل في المستقبل.

وصيّتان مهمّتان

هنا، أوصي الجميع بوصيتين:

الأولى: أنتم ياأصحاب الحسينيات والمواكب، بالأخصّ في الدول غير الإسلامية، صمّموا من اليوم ومن ساعتكم هذه على تأسيس قناة فضائية باسم حسينيتكم أو موكبكم، واعلموا أن تبليغ وتعريف محاسن الإسلام وفضائله، وكذلك تعريف التاريخ المشرق للمعصومين الأربعة عشر صلوات الله عليهم، للعالمين، واجب.

لقد أمر الله تعالى رسوله الأكرم صلى الله عليه وآله، بقوله عزّ من قائل: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ).

أهميّة القنوات الفضائية

من إحدى وسائل التبليغ اليوم هي القنوات الفضائية، فيجب عليكم أن تستفيدوا من هذه التكنولوجيا لتبليغ الإسلام، وثقافة القرآن الجميلة، وثقافة الرسول الأعظم وأهل بيته الطيبين الطاهرين. واعلموا ان غير المسلمين سيهتدون لأنهم سيرون النفع في الإسلام. فالدول الكافرة وغير الإسلامية ليست جنّة، بل هي أكثر راحة من الدول الإسلامية في جوانب. فهذه الدول تعاني من مشاكل، ورفع هذه المشاكل وحلّها يرتبط بمعرفة تاريخ وسيرة النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسيرة الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه، وكذلك يرتبط بما تقدّمه أيديكم وألسنتكم وفعالياتكم.

إن لم يكن عندكم المال وكنتم تفتقدون الإمكانيات المالية، فاستقرضوا، ولا تهابوا هذا الأمر، فقد ذكرت الروايات الشريفة في كتاب الكافي الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يستقرض ويستدين للآخرين، وإذا حلّ موعد تسديد الدَين ولم يك عنده مالاً كان يستقرض ويستدين من آخر لأداء دَينه. فقد قال الله تبارك وتعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ).

عبر القنوات الفضائية يمكن إيصال المفاهيم الصحيحة للإسلام إلى العالمين، وكذلك المضامين الراقية للقرآن الكريم وتفسيره، وهكذا نهج البلاغة وتفسيره، والصحيفة السجّادية، وتاريخ المعصومين صلوات الله عليهم، وكلامهم القيّم وأقوالهم الثمينة. فقوموا بهذا العمل سريعاً كي لا يسبقكم إليه غيركم، فتنتابكم الحسرة وتأسفون على عدم إسراعكم في القيام بهذا العمل.

لا شكّ أن هذا العمل يحتاج إلى جهود كثيرة، لكن يحلو القيام به لأنه لأجل نبيّ الإسلام والمعصومين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين.

تأمّلوا بالتاريخ

الثانية: على الجميع، بالخصوص الشباب، مهما كان عملهم ومقامهم الاجتماعي، أن يخصّصوا ساعتين أو ثلاث من أوقات فراغهم لمطالعة تاريخ الإسلام، وأن ينقلوا ما يستنتجونه في هذا المجال إلى الآخرين عبر وسائل الاتصالات الحديثة الموجودة في عالم اليوم. فعليكم أن تسعوا كثيراً إلى تبليغ استنتاجاتكم الدينية من التاريخ، عبر القنوات الفضائية العالمية. فاعلموا ان أصحاب الأعمال ومن له مقام اجتماعي، كالتجّار، وأهل السياسة، والمنتجين، والمثقّفين، وغيرهم، لديهم قنوات فضائية يبلّغون فيها متاعهم وبضاعتهم، فأيّ بضاعة أكثر ربحاً من تبليغ أحكام دين الإسلام، وهي أحكام توجب السعادة في الدارين؟

التجارة المربحة

كما عليكم أن تعلموا بأن التيارات الضالّة والمضلّة في العالم اليوم لهم المئات من القنوات الفضائية، ولا يبغون منها إلاّ تشويه الصورة النورانية للإسلام الحقيقي، بل هذا هو هدفهم. وأما أنتم فعندكم أهل البيت صلوات الله عليهم، فتعريفكم لهم صلوات الله عليهم وبذلكم المساعي في هذا السبيل هو في الواقع ما قاله القرآن الكريم، أي: (تِجَارَةً لَّن تَبُورَ).

ثم انه في الظروف الحالية، ومع الشبهات التي يثيرها الأعداء على مدرسة أهل البيت صلوات الله عليهم، يكون القيام بهذا العمل واجب كفائي، حيث إن لم يقم به من يحقّق الكفاية يصبح واجباً عينياً على الجميع.

في الختام، أشكر جميع من خدم في مراسم الأربعين الحسيني صلوات الله عليه، ومسؤولي القنوات الفضائية الشيعية الذين قاموا بتغطية المراسم العظيمة بمناسبة الأربعين الحسيني صلوات الله عليه، وأدعو الله تعالى أن يديم عليهم هذه الخدمات وأن يجعلها في ذريّتهم.

كما أسأل الله عزّ وجلّ أن يوفّقكم أنتم يا أصحاب الحسينيات والمواكب والشباب في هذا الطريق أكثر وأكثر.

وصلى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 7/كانون الثاني/2014 - 5/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م