الاقتصاد العالمي بين أزمات الماضي وتفاؤل المستقبل

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: في نهاية كل عام وبداية اخر يمني الاقتصاديين النفس من خلال خبراتهم ورؤاهم التحليلية بتغير الواقع الاقتصادي العالمي نحو الأفضل ووضع حد للازمات والتقلبات المالية التي انعكست سلباً على العالم والاقتصادات الكبرى وفاقمت من الوضع السيء اصلاً مع تباطئ النمو وارتفاع التضخم ونسب البطالة والركود الاقتصادي.

ازمة الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الامريكية هي الأبرز على المستوى الاقتصادي لعام 2013، فالأولى كادت ان تطيح بالاتحاد الأوربي وحلم مشروع اكمال توحيد اوربا بعد ان عصفت بها الازمة المالية والركود الاقتصادي والتي عبر عنها رئيس المفوضية الأوروبية خوسي مانويل باروزو في سياق كلامه أن "خطر تفكك منطقة الأورو قد ولى"، فيما أشارت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد الى الدخول في "في فترة انتقالية كبيرة" خصوصاً في اليونان وقبرص ومن قبلها اسبانيا وإيطاليا وايرلندا والبرتغال ومنذ بدايات عام 2008.

اما الولايات المتحدة صاحبت الاقتصاد الأقوى عالمياً بحجم اقتصادي من العيار الثقيل (16.7 تريليون دولار) وبفارق كبير عن المركز الثاني "الصين" (8.94 تريليون دولار)، في الأخرى عانت من هزة مدمرة تراكمت منذ سنين حتى انفجرت مؤخراً لتسبب حرجاً سياسياً واقتصادياً كبير اجلت فيه المواجه الى الأشهر القادمة.

التفاؤل جميل ولكن الحذر أولى، من نافلة القول ان الاقتصاد العالمي مر بمرحلة اختبار قوية تمكن من اجتيازها وان لم يعبر بعد الى بر الأمان، لكن تمكن من اجتيازها، المؤشرات الأولية المقدمة من قبل المنتديات والمنظمات الاقتصادية العالمية تدعوا الى التفاؤل بالعام الجديد والتحسن الذي قد يطرأ عليه، لكن في نفس الوقت هناك حاجة فعلية الى إعادة صياغة النظام العالمي والمالي في ظل الازمات والاخطاء المتكررة التي وقعت فيها دول العالم واكبر تكتلاتها الاقتصادية من اجل تجنب الكوارث الاقتصادية المستقبلية وعواقبها الوخيمة عالمياً.

نهاية للأزمة الاقتصادية

فمع اقتراب نهاية 2013 والتطلع لعام جديد، فأول سؤال قد يتبادر للذهن هو: هل سنشهد نهاية للأزمة المالية العالمية بعد خمسة أعوام من الركود؟.

ورغم مؤشرات التعافي البادية على الاقتصاد العالمي، إلا أن الجواب قد يكون سلبيا، فمنذ انهيار "ليمان برازرس" في 2008، يتوق العالم لإجابة إيجابية، إلا أن كل عام جديد يحمل آمالا جديدة دون تحقق أي منها بنهايته، فهل سيكون 2014 مختلفا؟

أحدث التقارير الاقتصادية تشير إلى استرداد أكبر اقتصاد بالعالم لعافيته، فمعدل نمو إجمالي الناتج المحلي، خلال الربع الثالث بأمريكا، ارتفع بواقع 3.6 في المائة، وسط تعاف لسوق العمل بتراجع معدلات البطالة بنسبة 7 في المائة، وهي الأدنى خلال 5 سنوات، أما في أوروبا، فقد هدأت الأزمة المالية الناجمة عن الديون السيادية، بجانب أسوأ فترة ركود تشهدها دول محيط اليورو، وسط توقعات مبشرة بعودة إيجابية لمؤشرات النمو، بالإضافة إلى الصين، حيث التوقعات تشير إلى نمو بطئ - لكن يحسد عليه - للعملاق الآسيوي، وهاهي اليابان تعود إلى "الحياة" بفضل سياسات رئيس الحكومة، شينزو آبي. بحسب سي ان ان.

وعموما يتوقع صندوق النقد الدولي ارتفاع معدلات نمو الاقتصاد العالمي إلى 3.6 في المائة العام المقبل، من 2.9 في المائة هذا العام، وتكمن المخاطر من احتمال عودة الاحتياط الفيدرالي (المصرف المركزي الأمريكي) إلى برنامج عمليات شراء السندات الواسعة بغرض تحفيز النمو، إلا أن عواقب ذلك على الأسواق المالية العالمية تظل غير معروفة.

وفي أكبر الاقتصادات العالمية، ينبغي على الحكومة اليابانية الضغط للمضي بإصلاحات جذرية، وسط مخاوف متزايدة من حدوث انكماش اقتصادي في أوروبا، وتباطؤ بعض الاقتصادات الناشئة كالصين والهند، رغم نجاحها باجتياز أسوأ فترات "الركود العظيم" فاقتصاد الثانية يشهد أبطأ نمو خلال عقد، ومع اقتراب الانتخابات العامة، تزداد صعوبة تحديد موعد بدء إصلاحات السوق الحرة الضرورية لتحفيز النمو بسبب الخلافات السياسية.

وفي الصين، يسعى صناع القرار لكبح ارتفاع الدين وتبني إصلاح جذرية لفتح الأسواق المالية وتحسين الشركات المتخمة المملوكة للدولة، وهي عملية سياسية معقدة وحساسة، قد تحد من معدل نمو اقتصاد البلاد، المتوقع أن يتقلص إلى 7 في المائة العام المقبل، لأول مرة من 1990.

حصاد اقتصاد 2013

فيما طالت كارثة مصنع رنا بلازا أصحاب المصنع، والحكومة البنغالية وشركات الملابس العالمية والمستهلكين في الدول الغني، تصدرت مأساة صناعة الملابس في بنغلاديش أخبار الاقتصاد والأعمال في عام 2013، وذلك بعد إخفاقٍ لَحِق بقطاع العقود الاشتقاقية وكان يهيمن على عناوين الأخبار الاقتصادية لسنوات، ففي إبريل/نيسان الماضي، قُتل أكثر من 1100 شخص في حادث انهيار مصنع "رنا بلازا" في بنغلاديش، حيث كان العمال يعكفون هناك على صنع الملابس للعديد لتوكيلات الملابس العالمية.

وسرعان ما تبين لاحقاً أن المبنى غير مهيأ لتحمل تلك الآلات والمعدات الثقيلة إلى جانب المئات من العمال، بالإضافة إلى الطابقين الذين جرى بناؤهما فوق طوابقه الستة، إذ أن المبنى كان معداً في الأساس ليكون سوقاً تجارياً، كما تبين ظهور تصدعاتٍ كبيرة في المبنى قبل وقوع الحادث بيومٍ واحد، وقال العمال إنه تم تهديدهم باقتطاع أجزاء كبير من رواتبهم إذا ما رفضوا استكمال العمل داخل المبنى.

وطالت تبعات تلك الكارثة أصحاب ذلك المصنع، والحكومة البنغالية والشركات صاحبة ماركات الملابس العالمية بالإضافة إلى مستهلكي الملابس رخيصة الثمن في الدول الغنية، حيث كشفت هذه الفضيحة عن أنه وحتى في القرن الحادي والعشرين، ما زالت سلامة البشر تُعالَج بهذا القدر من الإهمال.

ويأتي السؤال هنا حول من يتحمل المسؤولية والإجراءات التي يمكن اتخاذها لتحسين هذه الأوضاع، سمح الاتفاق الذي وقعته الشركات أن يناقش العمال ظروف العمل والرواتب، من جانبها، تؤكد جماعات حقوق العمال على أن الحل ليس في مقاطعة هذه المنتجات من قبل المستهلكين، حيث قالت كالبانا أكتار، من مركز بنغلاديش للتضامن العمالي في العاصمة البنغالية دكا، إنه يجب على المستهلكين الاستمرار في شراء الملابس المصنوعة في بنغلاديش "لأن هذه الوظائف مهمة للعاملات بهذه الصناعة"، وأضافت: "هناك نحو أربعة ملايين فتاة ممن هن بحاجة إلى هذه الوظائف للاستقلال المادي، إلا أن هذه الوظائف لابد أن تراعي كرامة العاملين فيها، من توفير بيئة العمل الآمنة، والرواتب المناسبة والصوت النقابي".

ودعت كالبانا المتسوقين في الدول الغنية إلى مخاطبة تجار التجزئة ومحاولة إقناعهم بالمشاركة في اتفاق جرى وضعه عقب الحادث يُلزم بعضهم قانونيا بتمويل حملات التفتيش على معايير السلامة في المصانع، وإعطاء العمال الفرصة للتفاوض بشأن ظروف العمل والأجور، وتضم قائمة الموقعين شركات الماركات العالمية اتش آند ام، وسي آند ايه، وزارا، وبرايمارك، وتيسكو، في حين وضعت بعض الشركات الأمريكية خطة بديلة لتحسين أوضاع العمال، تعرف باسم التحالف، وتضم عددا من سلاسل بيع التجزئة المعروفة مثل وولمارت، وتارغيت وغاب.

وأدت حملات التفتيش الأولية التي أطلقت بموجب ذلك إلى تحسن في الالتزام بمعايير السلامة في بعض مصانع بنغلاديش، إلا أن كالبانا ترى أن ذلك التحالف "ليس قوياً بما يكفي"، مضيفة أنه وبعد ثمانية أشهر من تلك المأساة، لم تقم الحكومة البنغالية أو أصحاب المصانع بأي تغييرات ملحوظة من شأنها تحسين معايير السلامة، وكانت الشركات أصحاب ماركات الملابس العالمية قد نقلت مصانعها إلى بنغلاديش في السنوات الأخيرة لتمتعها بالملايين من العمال المهرة ممن يقبلون العمل بأقل الأجور عالميا، حيث يبلغ إنتاج بنغلاديش من الملابس نسبة تقارب الخمسة في المئة من الإنتاج العالمي. بحسب بي بي سي.

ويبدو أن التعاقد بالباطن مع مصانع ذات معايير أقل من القياسية يجرى إبرامه دون علم شركات الماركات العالمية، حيث أن المصانع المجهزة في بنغلاديش لا تكفي لتغطية الطلب على الإنتاج، لذا، يرى مراقبون أنه يتوجب على تلك الشركات مراقبة ظروف تصنيع منتجاتهم، وعلى الرغم من نمو صادرات بانغلادش من الملابس، إلا أن الصين لا تزال تمثل أكبر الدول المصدرة في هذه الصناعة لعام 2013، حيث حافظت على نسبة نمو تقدر بأكثر من سبعة في المئة وفقاً للتقارير الرسمية، إلا أن التغييرات التي طرأت على قيادات الحزب الشيوعي الصيني الحاكم، والتي تتم كل عشر سنوات، كانت هي التي استحوذت على الاهتمام.

وفي العام الماضي، أحكم النظام الجديد قبضته على السلطة، ولم تكن هناك سوى مؤشرات قليلة تدل على أن تلك القيادة مستعدة للسماح بمزيد من الانفتاح، وقامت الحكومة أيضا بحجب مواقع الإعلام الأجنبية بعد نشرها تقارير عن قضايا الفساد في الصين، بينما يتزايد القلق من أن تكون الصين هي الاقتصاد التالي الذي سيعاني من آثار تضخم في أسعار العقارات، حيث تقول آن ستيفنسون-يانغ، من مركز أبحاث "جيه كابيتال" في بكين، إن مستقبل الاقتصاد الصيني غير مبشر، حيث إن الصين "زادت من استثماراتها بشكل جنوني".

كما أن الطلب على المنتجات الصينية بدا واحدا من الأسباب الرئيسية التي جعلت العملة الافتراضية الإلكترونية "بيتكوين" تأتي ضمن الاستثمارات المتصدرة في عام 2013، حيث ارتفعت قيمة هذه العملة من 13 دولار في يناير/كانون الأول إلى أكثر من ألف دولار، قبل أن تنخفض قيمتها إلى النصف عقب ورود تقارير بعدم قبولها في التعاملات الصينية.

أما بالنسبة لبعض الأسواق التقليدية كان هذا العام عاما جيدا جدا، فمعدلات النمو ازدادت في الولايات المتحدة، وحققت شركة "ذا دوو" للكيماويات معدلات قياسية من الأرباح تقدر بحوالي 25 في المئة في هذا العام، وهي معدلات أرباح كبيرة بعد ركودٍ اعترى أسعار أسهمها لمدة 13 عاماً، إلا أن مخاوف المستثمرين لم تنته، فالسياسة الأمريكية مرت بحالات جمود متكررة، أدت إلى إغلاق الحكومة الأمريكية بشكل جزئي ومؤقت لخدماتها، واستمرت قيمة دين الحكومة الأمريكية الذي بيع لمواطنيها في الارتفاع لتصل إلى 12.7 ترليون دولار.

أما أوروبا فلم تشهد تغيرات كبرى خلال العام، وذلك على الرغم من أن إسبانيا، وهي واحدة من أكثر الاقتصادات اضطراباً، قد نجحت في إحراز بعض معدلات النمو على الرغم من أن البطالة لا تزال نسبتها تتخطى نسبة 25 في المئة هناك، إلا أن المخاوف بشأن ديون البنوك والحكومات في الدول الغربية قد بدأت في التراجع، وهو ما سيعطي الساسة بعض الأمل في أن يمهد ذلك الطريق لمشروعات ومستهلكين أكثر ثقة في عام 2014.

ازمة الاقتصاد الامريكي

بدورهم دعا قادة المالية العالمية الاحتياطي الفدرالي الاميركي الى الاحتراس لدى تحركه من اجل سحب الدعم للاقتصاد في وقت تواجه الدول الناشئة مرحلة اضطرابات مالية، واعلنت عدة دول خلال الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ان التحرك المرتقب من جانب البنك المركزي الاميركي لجهة تشديد سياسته بات يضيف تحديات جديدة الى اقتصاداتها التي تواجه اساسا مصاعب، متسببا بخروج الرساميل منها وتراجع قيمة عملاتها.

ودعت اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية، الهيئة القيادية لصندوق النقد الدولي، الاحتياطي الفدرالي والمصارف المركزية الاخرى في الاقتصادات المتطورة الى توخي الحذر لدى الشروع في تعديل نسب فوائدها المتدنية الى حد كبير وسياساتها النقدية المتساهلة لإعادتها الى مستويات اعتيادية، وقالت اللجنة ان "الانتقال في نهاية المطاف نحو تطبيع السياسة النقدية، يجب ان يتم وفق توقيت مناسب وان يدرس بعناية ويفصح عنه بشكل واف".

كما وردت مواقف أكثر صراحة بعدما واجهت بعض الدول تبعات ارتفاع كبير في نسب الفوائد خلال الاشهر الخمسة التي انقضت منذ ان أعلن الاحتياطي الفدرالي انه على وشك وقف برنامجه القاضي بشراء أسهم بقيمة 85 مليار دولار في الشهر، وأعرب ممثلو صندوق النقد الدولي في افريقيا والبنك الدولي عن "قلقهم حيال الغموض" الذي يحيط بإمكانية التخلي عن السياسات النقدية التي توصف بغير التقليدية والتي ادت الى تدفق الرساميل بالدولار واليورو والين الى الاقتصاد العالمي منذ حوالي خمس سنوات.

وقال وزير المالية الروسي انتون سيلوانوف انه لا يتوقع سوى المزيد من الاضطرابات في الاسواق حين يقبل الاحتياطي الفدرالي على مثل هذه الخطوة، وقال سيلوانوف متوجها الى اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية ان "الافتراض بان تصحيح اسعار الاصول الذي بدأ هذا الصيف استكمل بشكل كبير لا يبدو لنا افتراضا ذا مصداقية"، وتابع "حتى التلميح الاول الى الانسحاب من السياسات النقدية غير التقليدية في الاقتصادات المتطورة تسبب منذ الان بصعوبات جمة بالنسبة لاقتصادات السوق الناشئة".

من جهته لفت حاكم البنك المركزي البرازيلي الكسندر تومبيني الى انتشار التشاؤم بالنسبة للاقتصاد نتيجة ترقب تشديد سياسة الاحتياطي الفدرالي، وحذر يي غانغ نائب حاكم بنك الصين الشعبي من تقليص برامج الدعم الاقتصادي بشكل "عشوائي"، وقال "فيما ساعدت السياسات النقدية غير التقليدية في تثبيت النمو والاسواق المالية في الاقتصادات المتطورة بعد ازمات كبرى، ينبغي ان نولي اهمية اكبر للمخاطر المرتبطة بتطبيق مثل هذه السياسات لفترة مطولة والخروج منها بطريقة عشوائية"، ورأى ان "التنسيق في السياسات والاعلان بشكل واف عن الخطوات المتخذة سيكون امرا اساسيا لضمان خروج سلس ومنتظم من السياسات النقدية غير التقليدية".

وشهدت نسب الفوائد الاميركية ارتفاعا مفاجئا وحادا خلال الاشهر الثلاثة منذ ايار/مايو حين أعلن الاحتياطي الفدرالي انه يتجه نحو الحد من برنامج الدعم المالي، متوقعا وضع حد كامل لهذا البرنامج بحلول منتصف 2014، وسجلت حركة خروج للرساميل مفاجئة في الاقتصادات الناشئة التي تعاني تباطؤا من اندونيسيا الى تركيا والبرازيل، وفي اقتصادات أكثر فقرا في افريقيا واميركا اللاتينية، ما ادى الى تراجع اسواق الاوراق المالية فيها وتدني قيمة عملاتها، وأرغم على تدخل الدولة لإرساء الاستقرار في اسواقها. بحسب فرانس برس.

ولم يباشر الاحتياطي الفدرالي خفض دعمه اذ رأى ان الاقتصاد الاميركي غير مستعد لذلك حتى الان، لكن العديدين يتوقعون ان يباشر خفض الدعم خلال الاشهر القليلة المقبلة.

ودعا محافظ البنك المركزي الاسترالي ايوالد نوفوتني وهو من حكام البنك المركزي الاوروبي، الاحتياطي الفدرالي الى الافصاح بشكل اوفى عن المنحى الذي يتبعه في سياسته النقدية للحد من وطأة خفض الدعم حين يحصل.

وتحدث نوفوتني باسم النمسا وتركيا وست بلدان من اوروبا الشرقية في صندوق النقد الدولي داعيا الاحتياطي الفدرالي الى "الدخول في حوار دولي من اجل الحد من التبعات السلبية غير المبررة التي ستتحملها الدول الاخرى نتيجة الخروج من سياساته النقدية غير التقليدية".

وبموازاة ذلك حذر صندوق النقد الدولي بشكل متكرر الاقتصادات الناشئة الى ضرورة تحصين أنفسها مع توقع المزيد من البلبلة والارتفاع في نسب الفوائد فيما ينتقل الاقتصاد العالمي الى وضع مالي "طبيعي" أكثر، وقال رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم ان قرار الاحتياطي الفدرالي في ايلول/سبتمبر عدم الشروع في خفض الدعم أمهل الدول الاخرى المزيد من الوقت لترتيب اوضاعها الداخلية، وقال "ان قرار الاحتياطي الفدرالي الاميركي عدم الحد من عمليات شراء السندات منح الاسواق الناشئة مهلة شهرين على اقل تقدير".

وتابع ان "النصيحة في غاية الوضوح" مضيفا "اننا نحض بقوة اقتصادات هذه الاسواق الناشئة على التحرك بسرعة لتنفيذ هذه الاصلاحات التي نعرف جميعا انه يترتب عليها القيام بها"، لكنه حذر من انه في حال عمد الاحتياطي الفدرالي وغيره من المصارف المركزية الى التحرك بسرعة أكبر مما ينبغي فقد يتسبب ذلك بانهيار النمو العالمي، وقال بهذا الصدد "إذا سجلت نسب الفوائد الفعلية على المدى البعيد ارتفاعا حادا أكثر مما ينبغي فان الانتعاش الاقتصادي الاميركي قد يتعثر والتأثيرات السلبية قد ترتد على العالم باسره".

ازمة مصرفية

من جهة أخرى اعتبر صندوق النقد الدولي في تقرير نشر مؤخراً ان الاقتصاد العالمي مازال يواجه "مخاطر" افلاس جديد لعملاق مصرفي بعد خمس سنوات من انهيار بنك ليمان براذرز في الولايات المتحدة، واكد الصندوق في هذا التقرير الذي نشر كمقدمة لتوقعاته للاقتصاد العالمي الاسبوع المقبل "مازال هناك العديد من المؤسسات المالية الضخمة التي يشمل نطاق عملها العالم كله".

وبعد خمس سنوات من افلاس المصرف الاميركي العملاق ليمان براذرز الذي كان الشرارة التي اشعلت الازمة اشار الصندوق الى ان التقدم على طريق اصلاح المنظومة المالية العالمية "لم ينجز" بعد، واضاف "لذلك فان الاقتصاد العالمي ما زال عرضة لمخاطر افلاس واحدة من هذه المؤسسات المالية المهمة عالميا".

ومنذ الازمة المالية في الولايات المتحدة تخضع المصارف العملاقة لاختبارات مقاومة سنوية وسيكون عليها قريبا زيادة نسبة رأسمالها في إطار الاصلاح المصرفي الدولي الذي يطلق عليه "بازل 3"، الا انها مازالت مصدر قلق وحتى البنك المركزي الأميركي، واستنادا للصندوق فان اي صدمة مالية واسعة النطاق ستؤثر على مجمل اقتصاديات العالم التي تتطور حاليا بشكل متفاوت بين منطقة يورو في انحسار ودول ناشئة في توسع.

وتناول التقرير ايضا انعكاسات الصدمات الاقتصادية على المستوى الجغرافي، وحسب الصندوق فان التوترات الجديدة في القطاع المصرفي الاميركي سيكون "تأثيرها الاكبر" في اوروبا واسيا، كما ان عودة الشكوك في منطقة اليورو، التي خرجت مؤخرا من أكبر حالة انكماش في تاريخها، ستؤثر اولا على باقي الدول الاوروبية واميركا اللاتينية حسب توقعات الصندوق، واعتبر الصندوق ان البطء الاكبر من المتوقع للنمو في الصين، التي يرى انها تشكل حاليا "مصدر قلق كبير"، سيحدث تأثيره الاكبر في اسيا واميركا اللاتينية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 4/كانون الثاني/2014 - 2/ربيع الأول/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م