فنانون... مزيج من التقليد والإبداع والربح

 

شبكة النبأ: الفن موهبة خاصة تحتاج الى مهارات وقدرات هائلة يستطيع الفنان من خلالها انتاج اعمال مهمة ومميزة لها قيمة جمالية وابداعية يكون لها تأثير خاص في نفسية المتلقي، والفنان وكما تشير بعض المصادر هو ذلك المبتكر ذو الأفكار الغريبة عن التقليد، فالفنان غالبا ما يكون سابقا لعصره أين ما يضن بقية الناس أنه شبيه بذلك المجنون نظرا لتميز أفكاره. لكنه في الواقع يعتبر الأكثر خيالا وإحساسا.

فدخوله لأي مجال عملي أو علمي قد يحوله من العالم المعقول إلى العالم اللامعقول، وفيما يخص بعض الاخبار الفنية واخر الإبداعات الخاصة فقد اختار الفنان التشكيلي الفلسطيني الشاب جهاد مظلوم ان يمنح المكفوفين فرصة لمشاهدة لوحاته الفنية برسمها بنظام برايل. وقال مظلوم خلال مشاركته في المعرض الفني (ابداعات طموحة) الذي تنظمه وزارة الثقافة في رام الله "أردت ان اقدم شيئا جديدا للمكفوفين يمكنهم من رؤية اللوحات الفنية من خلال لمسها برسمها بنظام برايل."

وقدم مظلوم خريج كلية الفنون الجميلة من جامعة القدس عمله الفني الجديد (حسن في كل مكان) الى جانب اعمال متنوعة لسبعة عشر فنانا مثلت مشاريع تخرج لهم من كليات الفنون في الجامعات الفلسطينية. وقال "اخترت كتاب الفنان التشكيلي الراحل حسن حوراني (حسن في كل مكان) الذي يضم نصوصا ورسومات للأطفال لتقديمه بنظام برايل بكل ما فيه." واضاف "انها محاولة جادة رأيت انها تستحق التحقيق فهي ربما ستفتح بابا مهما على طريق الدمج المجتمعي واشراك المكفوفين في التأمل والتذوق."

وبدا عمل مظلوم الفني كواحد من الاعمال البارزة في المعرض وكتب الى جانبه "لوحة ترسمها الكلمات وتخفق بنبضها الحروف وتعزف ألحانها معاني الكلمات وتنشر ألوانها السطور وترفرف في فضاء الذاكرة لتنير الفكرة في العقل الكبير بعدما أظلمت من حوله الفضاءات عله يحيا بسحر تلك اللوحات." وتعددت الاعمال الفنية المشاركة في المعرض ما بين الرسم والنحت والتشكيل اضافة الى الفيديو.

وشاركت الفنانة التشكيلية نور الفارس خريجة كلية الفنون من جامعة النجاح الوطنية بلوحة فنية (الخلاص) استخدمت فيها الالياف الزجاجية والفيبرجلاس يظهر في جزء منها رجل وامرأة يحاولان شق جدار للمرور منه وفي الجزء الاخر رجل يحاول تسلق الجدار. وكتبت حول عملها "منذ هبوط ادم وحواء الى هذه الارض بدأت الصراعات فحياتنا كنزنا نسعى لاجتياز هذا الواقع الذي اصبحنا فيه لكل منا صراعاته الخاصة نهرب عندما نشعر بالخوف ستراني اشق الجدار الى ما اريد."

وقدمت الفنانة رند الطاهر خريجة كلية الفنون الجميلة في جامعة النجاح قسم الخزف منحوتة فنية من السيراميك (ملحمة جلجامش في رحلة البحث عن الخلود). وقالت فيما كانت تقف الى جانب عملها الفني "استخدمت الصلصال والزجاج وحولته الى السيراميك باستخدام درجة حرارة عالية وهو عمل يتحدث عن الكون والوجود." ويظهر في العمل الفني رأس انسان يتربع على ما يشبه قلعة جلجامش بما فيها من تفاصيل كثيرة وكتابات على جدرانها. وكتبت حول عملها "الفكرة الاساسية لطرح المشروع هي عرض فكرة الاسطورة حيث تخاطب العقل البشري من عدة مبادئ للخلق والتكوين وصولا الى انعكاس الروح الخاص باتجاه هذا الموضوع في اطار فلسفي يصب في اتجاه الفن الحديث."

وشكل المعرض فرصة لتبادل الافكار بين الفنانين القادمين من مدارس مختلفة. وقالت رند "المعرض فرصة كبيرة لتبادل الخبرات والاطلاع على تجارب الاخرين اضافة الى تقديم اعمالنا للجمهور." وقال انور ابو عيشة وزير الثقافة خلال افتتاحه المعرض "ان الانتاج الفني الفلسطيني حقق تألقا واضحا ولقي اضواء مستحقة في المشهد الثقافي العالمي في أكثر من جانب وشكل مساحة جيدة في المشهد الثقافي العربي والدولي.

ويرى الفنان التشكيلي خالد الحوارني ان هناك مجموعة من الفنانين الواعدين في مجال الفن التشكيلي. وقال خلال تجوله بالمعرض "لا شك اننا امام مجموعة من الاعمال الفنية المتميزة التي تشكل اضافة الى الفن التشكيلي الفلسطيني التي يحتاج اصحابها الى مزيد من الدعم والرعاية ليقدموا مزيدا من الابداعات." وقال القائمون على المعرض انه سيجري نقله إلى مدن القدس ونابلس وبيت لحم وجنين بعد عرضه في رام الله لإتاحة الفرصة لا كبر عدد من الجمهور لرؤية هذه الاعمال الفنية. بحسب رويترز.

الى جانب ذلك يقدم الفنان التشكيلي الفلسطيني بشار الحروب نتاج اربع سنوات من العمل في معرضه (طبيعة العقل) الذي يقدم فيه لوحات صور فيها نفسه في إطار رحلة البحث عن الذات. وقال الحروب خلال افتتاح في مركز خليل السكاكيني في رام الله "طبيعة العقل تجربة مترابطة. خلال كل هذه السنوات تعاملت مع الهوية الذاتية في معظم الاعمال المطروحة والبحث عن الهوية وعلاقة الفرد مع المجتمع والسياسة بطريقة بعيدة عن النمط التقليدي." واضاف "الاعمال التي في المعرض تبحث في الاشياء الداخلية من خلال ذاتي عن الاخر واقدم جسدي كوسيط لأعمالي الفنية كمادة للعمل."

وتستوقف الزائر للمعرض صورتان بورتريه في مدخله إحداهما لبشار الحروب نفسه والأخرى للسيدة العذراء بعنوان (انا المسيح ومريم العذراء امي). وكتبت رولى خوري مديرة المعرض عن هذه اللوحة التي رسمها بشار وهو مسلم تبني صورة المسيح في سياق غير ديني يقصد به تسليط الاضواء على معاناة الفلسطينيين. فالفكرة الرئيسية ان كل فلسطيني مسيح ولا يزال يحمل معاناته وعذاباته. وتضيف "ان هذا العمل يمثل تحديا للأفكار المتطرفة والتي تتسبب بالحروب الطائفية.

واختار الحروب ان يجسد تجربة المكوث في نيوريورك لمدة 36 يوميا عبر عدد مشابه من اللوحات الفنية باستخدام اوراق الصحف والمجلات التي عمل على جمع قصاصات منها وركبها على هيئة رجل. وقال "عملت على تجسيد ذاكرتي خلال وجودي في نيويورك من خلال المواد الخام من الشوارع مثل الصحف والمجلات الامريكية وكنت اقص تلك العناوين المتعلقة بالشرق الاوسط." واضاف "كنت اجمعها مع بعضها على شكل انسان. والعمل يهدف الى بناء يومي للهوية الذاتية من خلال المؤثرات اليومية."

ويضم المعرض مجموعة من الاعمال الفنية المتنوعة من رسم وتصوير وفيديو قال الحروب انه يبتعد فيها عن النمط التقليدي في الحديث عن الهوية الذاتية. وجاء في كتيب حول المعرض انه "يتناول لحظة اعتبار كافة الاشياء اما في طور النشوء او دور التحلل نحو اللاشيء وهذا العدم ليس مساحة فارغة ... والمساحات البيضاء التي لا تنفك عن الظهور هي طاقة كاملة من الضوء."

تجربة الغرق

على صعيد متصل وفي غرفة شبه مظلمة لا يظهر فيها إلا امتداد لا متناه للبحر مع صوت موجه المتكسر على حافة قارب، يشعر الداخل إلى الغرفة أنه ضائع في عرض البحر، ولا يعرف في أي اتجاه يمضي القارب، وكأنها تجربة في الغرق، أو التأرجح على حافة الغرق، في ما يحاكي الواقع السياسي المضطرب الذي تعيشه المنطقة. هذه هي اجواء العمل الفني "اتجاهات 2005-2013" الذي يقدمه الفنان الإماراتي محمد كاظم في معرض "تعابير إماراتية، رؤية تتحقق" الذي تنظمه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة للعام الثالث على التوالي في منارة السعديات.

ويقوم المعرض هذا العام على فكرة تقديم الدعم لستة اماراتيين من رواد الفن المفاهيمي، القائم على كسر الاشكال التعبيرية التقليدية، لاستكمال مشاريع فنية متوقفة إما لحجمها الكبير أو لاعتبارات لوجستية. وقال محمد كاظم "في هذه المرحلة من العمل يشعر المشاهد وكأنه جزء من العمل حيث يخترق الحدود الجغرافية والسياسية مثل لوح خشبي مفقود في البحر" مشيرا الى ان اللوح الخشبي المتأرجح على سطح الماء يرمز إلى عدم الاستقرار السياسي الذي تعيشه المنطقة.

ويحاكي كاظم في هذا العمل تجربة حقيقية خاضها بنفسه عندما سقط من قارب دون أن يشعر به رفاقه، وظل تائها في البحر عدة ساعات حي عثروا عليه. واستخدم كاظم في عمله هذا رمالا وصخورا مجمعة من اربعة اماكن مختلفة في الامارات، وسجل عليه بأحرف وأرقام مسبوكة الاحداثيات الاصلية لأماكن التقاطها، بالعودة الى جهاز تحديد المواقع الجغرافية "جي بي اس".

ويعد "اتجاهات" 2002 الخطوة الأولى لمشروع على المدى البعيد يلقي فيه الفنان مجموعة من الألواح الخشبية في البحر، تحمل احداثيات مناطق في الإمارات، ليتركها تطفو بحرية فوق المياه الإقليمية للدولة. ويحاول كاظم في أعماله عموما اظهار اهتمامه وتفاعله الشخصي مع البيئة سواء الجغرافية أو الاجتماعية، ويطرح تساؤلات عميقة عن الهوية في ظل التحولات المتسارعة في المدن.

ويعتقد كاظم "أن هذا النوع من الأعمال قد تعرضها دور العرض، لكنها لا تتبناها، في حين أن المؤسسات هي المعنية بتبنيها لتعرض مثلا في الميادين العامة، وفي الغرب تكلف المؤسسات الرسمية الفنانين لتنفيذ أعمال عالية التكلفة في الأماكن العامة، فالبنوك والمطارات والموانئ لابد أن تتبنى الفكر الفني المعاصر وتعكسها للناس، واعتقد أن هناك تصورات قادمة في هذا الاتجاه مع قرب افتتاح المتاحف العالمية الكبرى في البلاد".

ويقول كاظم ذلك في رده على عدم تقبل الفن المفاهيمي من قبل العامة، فرغم انتشار هذا النوع من الفن المعاصر في الإمارات أكثر من دول الخليج الأخرى إلا أن المتلقي يقف حائرا أحيانا في المعارض التشكيلية المتكاثرة التي أصبحت تتجه إلى الفنون الحديثة أكثر من غيرها. بحسب فرانس برس.

وتشهد دولة الامارات إقبالا على الفنون المعاصرة حتى وان كان تفاعل الجمهور معها ما زال خجولا، فإلى جانب الفن المفاهيمي، تنتشر الآن الفنون الرقمية، وهي الأخرى محل جدل بين مشجعيها ورافضيها. ويقول كاظم "اعتقد أن الامور تتجه للتغيير".

مرحلة فرانكو

من جهة اخرى يتعمد النحات الاسباني اوجينيو ميرينو تحدي بقايا انصار الديكتاتور فرانكو من خلال اعماله، متعرضا بذلك لموضوع ما زال يعد حساسا في اسبانيا رغم مرور عقود على انقضاء تلك المرحلة المظلمة من تاريخ البلاد. وهذا الفنان البالغ من العمر 36 عاما هو من جيل الفنانين الشباب الذين ولدوا بعد وفاة فرانكو في العام 1975، وهم يتناولون في اعمالهم مرحلة حكم هذا الديكتاتور الذي ولد في العام 1975. ويقول "يبدو لي ان الذين عانوا من قمع نظام فرانكو لم تنصفهم العدالة. هذه الاعمال هي نوع من التعبير عن ذلك الظلم".

ويعرض اوجينيو عمله المسمى "بانشينغ فرانكو"، وقوامه رأس من السيليكون يحاكي رأس فرانكو تماما، مثبت في مكان كيس ملاكمة، وعليه نظارة احدى عدساتها غير موجودة. ويقول "ليس امامك في اسبانيا الا ان تعبر عن نفسك بهذه الطريقة، اذ لا شيء آخر يحصل هنا". غير ان مؤسسة فرانشيسكو فرانكو المعنية بإحياء تراث الديكتاتور، تقدمت بدعوى قضائية ضد الفنان على خلفية اعماله هذه.

ويقول جايم الونسو نائب مدير المؤسسة "اضافة الى ما يشكله هذا العمل من تهجم واهانة، انه سيء من ناحية الذوق". وسبق ان اعترضت هذه المؤسسة ايضا على عمل آخر اطلق عليه اسم "اولوايز فرانكو" وهو منحوتة للفنان نفسه تظهر فرانكو في ثلاجة، باللباس العسكري ونظارات الشمس، عرضت في معرض الفن المعاصر "اركو" في شباط/فبراير من العام 2012.

لكن القضاء الاسباني رفض الدعوى معتبرا ان المنحوتة لا "تتعرض لذكرى شخصية تاريخية بالسوء بقدر ما هي تنتقد وتدعو الى التفكير". وبحسب اوجينيو، فان عمله الثاني الجديد "بانشيغ فرانكو" هو رد على الدعوى القضائية الاولى. وعرضت هذه المنحوتة اثناء نشاط اطلق عليه اسم "ايام ضد فرانكو" قام به جمع من الفنانين المعادين للفاشية. ويعبر هؤلاء الفنانون عن "الاسف" لان اسبانيا "ما زالت غير قادرة على تقييم مرحلة الاستبداد العسكري الذي حكم البلاد اربعين عاما".

ويقول خورخي لاغونا محامي اوجينيو حول الدعوى القضائية الجديدة ان مؤسسة فرانكو "تحاول من جديد ان تمارس ضغوطا على الحقوق التي يضمنها الدستور الاسباني، ولاسيما حرية التعبير، والابداع الفني". ويضيف "هذا يثبت ان المحرمات ما زالت موجودة في اسبانيا، وان هناك شخصيات سياسية ما زالت تدافع عن هذا الشخص"، مشيرا في السياق نفسه الى رفض السلطات الاسبانية التحقيق في الجرائم التي ارتكبت في عهد فرانكو استنادا الى قانون عفو صدر في العام 1977، والى الضغوط التي اطاحت بالقاضي بالستار غارثون الذي كان يريد التحقيق في ذلك، بحسب المدافعين عنه. بحسب فرانس برس.

ويقول اوجينيو "انه امر ضروري جدا ان يكون الفنان متصلا مع ما جرى في الماضي". ويشير الى الاعمال التي ينفذها، منها رأسان للزعيم الكوبي السابق فيديل كاسترو، والرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز، ومنخوتة لكيم جونغ ايل، نجل مؤسس النظام الشيوعي في كوريا الشمالية، ووالد الزعيم الحالي للبلاد. وستوضع هذه المنحوتة ايضا في ثلاجة..

لوحة فخر النساء

في السياق ذاته تعرض دار كريستيز للمزادات في دبي لوحة للأميرة التركية الاردنية فخر النساء زيد للبيع، هي الاغلى لفنان عربي من حيث قيمتها التقديرية. وقدرت الدار اللندنية ثمن اللوحة الفخمة بما بين ثلاثة ملايين دولار واربعة ملايين، وهي بطول 210 سنتيمترات وعرض 540 سنتيمترا. وقالت خبيرة الفنون في دار كريستيز ديدي ناز زابيه ان "فخر النساء كانت ومن دون شك ابرز فنانة عربية عرفت بحياتها غير النمطية، ان سيرة الفنانة ملفتة بقدر اعمالها، ونحن سعيدون اننا اتينا بهذا العمل المهم الى مزادنا في دبي".

وتعد فخر النساء زيد (1900-1991) اهم الفنانات التشكيليات من العالم العربي، الا ان شهرتها في الغرب تفوق بكثير شهرتها في العالم العربي. والاميرة التركية المولد والمتزوجة من عضو في الاسرة المالكة الهاشمية التي حكمت العراق وتحكم الاردن، كانت اول امرأة عربية تعرض اعمالها في الغرب. وعرفت فخر النساء بأسلوب حياتها غير الاعتيادي، وابتعدت عن الصورة النمطية لأبناء الاسر الحاكمة. بحسب فرانس برس

وتأثرت فخر النساء بالتيارات الرئيسية في باريس حيث تلقت دروسها لا سيما تيار "ايكول دو باري" او مدرسة باريس، اضافة الى تأثرها بالمدارس السوريالية والتكعيبية. وستباع اللوحة الى جانب عشرات الاعمال لفنانين عرب واتراك وايرانيين في مزاد جديد تنظمة كريستيز في دبي. وباعت كريستيز منذ بدء مزاداتها في دبي اعمالا ب200 مليون دولار، تضمنت الفي عمل لفنانين من الشرق الاوسط، وساهمت في ازدهار الطلب على هذه الاعمال واسعارها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 2/كانون الثاني/2014 - 29/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م