البدع التكفيرية المستحدثة

القرضاوي أميرا للإستحداث

عبد الرحمن أبو عوف مصطفى

 

لقد تم كتابة الكثير من المقالات والتحليلات ووضعت العديد من المعالجات حول الارهاب المقيت من قبل الاقلام الحرة وقد تم فضح الدول الممولة للإرهاب في المنطقة بالأموال والأسلحة الفتاكة وكذلك فضح الحواضن التي توفر ملاذات آمنة للعناصر الارهابية والتي مهدت لهم طرق اختراق الأجهزة الأمنية، وقد طلبنا في مقالات سابقة ولا زلنا ككل المراقبين السياسيين الحكومة العراقية الضرب بيد من حديد لأولئك الخونة الذين يسهلون طرق دخول الارهابيين للأماكن التي يتم استهدافها.

ان الارهاب فجيعة كبيرة وبلية سرطانية وان المفخخات الشيطانية والأحزمة الناسفة والعبوات اللاصقة، وقد استحدث بعض علماء السوء هذا الاسلوب الدموي لقتل الأبرياء على يد المنظمات الارهابية الحاملة لأسماء شتى من مثل (داعش- جبهة النصرة - انصار الشريعة ولواء كذا والخ) وهؤلاء جميعا من حملة الأفكار التكفيرية والتخريبية وأنهم الفاسدون في الأرض والفاسقون وأكلة قلوب وأكباد البشر، ولم يكتفوا بهذه الأفعال الشنيعة من قتل للأبرياء شيوخا ونساءاً وأطفالا وهدم لدور وأماكن العبادة وحسب، بل استحدث لهم علماء السوء من أمثال القرضاوي والعرعور وبقية العلماء الموتورون قد استحدثوا لهم جهاد المناكحة لإستقطاب الشباب للإنخراط في الأنشطة الارهابية وليكونوا وقودا بعد تفجير انفسهم حتى في بيوت الله في عملية انتحارية لقتل العلماء الذين كانوا ينادون بالإعتدال والوسطية كما حدث للشهيد السعيد الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي (رحمه الله).

لقد جعلوا علماء السوء من الحلال حراما ومن الحرام حلالا رغم أنهم ممن لادين لهم بل هم ألد أعداء الدين الاسلامي الحنيف الذين أهلكوا الحرث والنسل ودمروا البنى التحتية للدول التي عبثوا فيها اضافة الى قتلهم الأبرياء في كل من العراق وسوريا بذريعة السعي لتطبيق الشريعة الاسلامية.. مع أن واقع الحال المتجسد في سلوكياتهم يعكس مدى الانحطاط الفكري والاخلاقي الذي تعاني منه هذه المجاميع الارهابية وعلى رأسها التنظيم المسمى بـ (دولة العراق والشام الاسلامية).. ولا يمكن وصف طروحاتهم الدينية سوى انها دين جديد لايمت الى الاسلام بصلة تم استحداثه من قبل القرضاوي ومن لف لفه من شذاذ الآفاق ممن يقتلون الناس وهم ينادون بأعلى أصواتهم بعبارة (الله أكبر) دون أن يدركوا معنى هذه العبارة.

وأمام هذا الوضع تقفز الى الأذهان أسئلة ينبغي على الدول الممولة للإرهاب في المنطقة الاجابة عليها، فالضمير العالمي يسأل ويقول .. أين الانسانية إزاء القتل العشوائي وهدم دور العبادة وإزاء التطهير الاثني لسكان المنطقة من الأخوة المسيحيين والإيزيديين الذي استهدفوا بالذبح والتهجير؟ وإزاء الاستهداف الجماعي للشيعة؟ على يد حاملي الأفكار الأموية الارهابية المقيتة.

هنا ينبغي الاشارة الى ان في 22 ديسيمبر 2013 وفي موقف أميركي لافت للنظر دعت واشنطن في بيان لوزارة الخارجية الأميركية دول المنطقة إلى اتخاذ إجراءات عملية لمراقبة تمويل وتجنيد تنظيم داعش وجبهة النصرة الإرهابيتين. كما دعا البيان إلى منع تسرب المرتزقة الأجانب إلى الداخل السوري لأنهم يتسللون لاحقاً إلى العراق ويقومون بتفجيرات انتحارية ضد المدنيين الأبرياء.

ويعكس مثل هذا البيان تفهما دوليا كبيرا لمدى الخطر الذي تشكله هذه المجاميع الارهابية التي تسعى وبدعم تركيا وبعض دول الخليج لملأ الفراغ الذي أحدثته ثورات الربيع العربي في المنطقة. وكما لايخفى على الجميع فإن حكومة اردوغان وحزب العدالة والتنمية التركي كان قد جعل من تركيا، دولة ممولة وداعمة للإرهاب في المنطقة وعلى وجه الخصوص لهاتين المنظمتين الارهابيتين (داعش والنصرة) تدريبا وتمويلا لإرسالهم فيما بعد الى كل من العراق وسوريا تحت ذريعة نشر الديمقراطية في الوقت الذي تراجعت فيه التطبيقات الديمقراطية وبشكل ملحوظ في الداخل التركي وفي ظل حكم حزب العدالة والتنمية الحاكم. وبما ينطبق عليهم القول القرآني (َأتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ).. البقرة 44.

فكما هو معلوم للجميع العداء المتأصل في نفوس الحكومات التركية تجاه الأكراد وخاصة تجاه المنادين منهم بالحرية ووحدة الموقف ومحاربة العمالة والارتزاق.. وضرب المظاهرة السلمية للأكراد في 22/12/2013 بالأسلحة وخراطيم المياه هو خير دليل على ذلك العداء وانعدام الحرية في تركيا. وقد حاولت الحكومة التركية تصدير عدائها للأكراد الى الدول الأخرى التي تتمتع فيها بنفوذ سياسي، فقد صرّح رئيس ما يسمى بـ (الإئتلاف السوري المعارض) أحمد الجربا الذي يتخذ من تركيا مقر له، قائلا بالحرف الواحد من قلب مدينة أربيل في اقليم كردستان العراق بأنه أي الجربا "لا يقبل بحكم ذاتي لأكراد سوريا".. وهي لهجة تعبر بشكل مباشر عن التوجه السياسي التركي. وما يؤسفنا أن مثل هذا التصريح لم يجابه بردة فعل تستنكر هذا القول الصادر من معارض يناضل من فنادق الدرجة الأولى في اسطنبول وقطر، وليس له وزن سياسي داخل سوريا لكي يتفوه بهذه التصريحات التي هي أكبر من حجم الجربا ومن لف لفه من الداعمين له سياسيا وماليا.

ختاما نقول الجربا وأردوغان وأمثالهما والمنظمات الإرهابية التابعة لهما والمؤتمرة بأوامرهما ماهي الا ظواهر مستحدثة أسهمت العقول المتخلفة من شاكلة القرضاوي في استحداثها والترويج لها في المنطقة حتى بات القرضاوي أميرا لهذا الإستحداث بإمتياز. وكما قال الرسول (ص) : إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 1/كانون الثاني/2014 - 28/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م