المشي... ينقذ حياتك ويطيل عمرك ويجعلك فيلسوفاً

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: اكدت الدراسات الحديثة ما ذهب اليه الماضون من فوائد "المشي"، الفلاسفة والحكماء والأطباء والشعراء وغيرهم، كانوا يشعرون بشيء مختلف عندما يركبوا دابة قدميهم ويسيرو الاميال الطويلة وهم يتناولون اشعارهم وحكمهم ويناقشون نظرياتهم الفلسفية والطبية، بل ان العديد منهم كان يحث طلابه على التمتع بالتفكر والنقاش واطلاق العنان لمخيلتهم اثناء المشي وفي كثير من الأحيان كان اغلب هؤلاء الطلاب من الفقراء والمعدمين يسيرون بأقدام حافيه والتي اكدت دراسة حديثة على ان لها فوائد كبيرة في تقوية عضلات القدمين ويحميها من التشوهات.

مع تطور الحياة ولجوء الانسان الى وسائل الرفاهية الحديثة تخلى الانسان عن الكثير من العادات الصحية التي كان يتبعها الناس في السابق، ولعل المشي أحد هذه الممارسات المهملة بعد توفر وسائل النقل السريعة والمجهزة بكل وسائل الراحة والتي قلصت ساعات المشي الطويلة الى دقائق معدودة لا تكاد تذكر في اليوم الواحد، وهذا الامر انعكس سلباً على صحة الانسان وعافيته وابتلاءه بالعديد من الامراض أمثال تلف الدماغ والقلب وامراض السكري والضغط والسرطان والبدانة.

ان أحد أسباب تمتع الانسان بعمر مديد وصحة جيدة هو عدم ترك المشي والاعتماد على الوسائل الصناعية التي تقوم بالجهد بدلاً عن عضلات الانسان، ومن أراد ان يزيد عمره وينقذ حياته من براثن الامراض والعاهات فعليه بالعودة الى السير على القدمين وممارسة المشي.

المشي ينقذ الحياة

اذ تقول مؤسسات خيرية بريطانية إنه يمكن إنقاذ حياة عشرات الآلاف من الأشخاص كل عام في المملكة المتحدة إذا ترك هؤلاء الأشخاص أرائكهم ومارسوا المشي، وقال تقرير بعنوان "المشي يفيد" الصادر عن مؤسستي رامبلرز وماكميلان لمكافحة السرطان الخيرتين إن المشي نشاط حر يمكن أن يحدث تحولا في صحة الناس، ويقول التقرير إن النشاط الجسدي للأشخاص يقلل من احتمال الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، كما أن ذلك يحدث فرقا أيضا في حالات أخرى مثل مرض السكري من النوع الثاني، ومرض الزهايمر، والعديد من أمرض السرطان، وقالت الدراسة إنه إذا قام كل شخص في انجلترا وحدها بممارسة القدر المعتدل الموص به من الرياضة والذي يبلغ 150 دقيقة في الأسبوع، فإن ذلك من شأنه أن ينقذ حياة 37 ألف شخص كل عام ويقي من الإصابة بستة آلاف و700 حالة من حالات الإصابة بسرطان الثدي ويقي أربعة آلاف و700 شخص من الإصابة بمرض سرطان القولون والمستقيم ويؤدي إلى تخفيض حالات الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنحو 300 ألف حالة، وأظهرت دراسة صادرة عن المجلة الطبية البريطانية أن ممارسة الرياضة تعد علاجا جيدا مثل الأقراص الطبية في بعض الحالات، بما في ذلك أمراض القلب، كما أظهرت دراسة أخرى أن المشي لمدة ساعة يوميا على الأقل يقلل من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي بشكل كبير.

 وقال بنديكت ساوثويرث، المدير التنفيذي لمؤسسة رامبلرز: "نحن نواجه أزمة خطيرة تتعلق بالخمول، لكن هناك حلا بسيطا، فنحن نريد أن نرى استثمارا أكبر في مبادرات دعم وتشجع المشي كأفضل طريقة متاحة وغير مكلفة بالنسبة للناس ليصبحوا نشيطين"، وقال سياران ديفين المدير التنفيذي لمؤسسة ماكميلان لمكافحة السرطان: "بالنسبة لمرضى السرطان، يمكن أن تساعد ممارسة التمارين في التعامل مع بعض آثار العلاج الموهن للجسد، ويمكن أيضا أن تساعد في تقليل فرصة عودة الإصابة ببعض أمراض السرطان، وأضاف "الخمول وباء منتشر في جميع أنحاء البلاد، ويجب أن نتعامل معه الآن وقبل فوات الأوان".

 وقالت مؤسسة الصحة العامة في انجلترا إن الخمول له "عواقب مهددة للحياة"، وقال مدير المؤسسة لشؤون الصحة والسلامة كيفين فينتون "يزيد الخمول من مخاطر الإصابة بأمراض خطيرة مثل مرض السكري من النوع الثاني، ومرض القلب، وبعض أنواع مرض السرطان"، وأضاف فينتون "إن ذلك يزيد من احتمالية أن يصبح الناس أكثر وزنا أو بدانة، كما يمكن لتشجيع الناس على أن يصبحوا أكثر نشاطا من خلال المشي أن يكون جزءا رئيسيا من الحل".

المشي يزيد العمر

من جهة أخرى ثمة دراسة حديثة تفيد بأن ممارسة الرياضة تساعد على زيادة معدل عمر المرء، حتى وأن كان بدينا، وبحسب تحليل باحثين لدراسات أجريت على أكثر من 632 ألف شخص من البالغين، و40 من كبار السن، حيث تمت متابعتهم لنحو 10 أعوام، فقد تم التوصل إلى أن المشي بخطى سريعة لمدة 75 دقيقة في الأسبوع يزيد من معدل عمر الإنسان 1.8 سنة مقارنة مع أولئك الذين لم يمارسوا هذه الرياضة، أما عند البالغين، فقد تم رفع ساعات التدريب لـ150 دقيقة على الأقل بالأسبوع، وعندها لوحظ زيادة العمر المتوقع لهم بنسبة 3.4 سنوات، وذلك دون الأخذ بعين الاعتبار إن كان المرء يتمتع بوزن صحي أو يعاني من السمنة.

 كما لوحظ أن رياضة المشي ليست وحدها المساعد على زيادة عمر المرء بل تشمل جميع النشاطات الأخرى كالسباحة لمسافات طويلة، والرقص وكذلك التنس يمكن أن يطيل من عمر الإنسان، وفي الوقت الذي يقول فيه الأطباء أن السمنة يمكن أن تؤدي إلى خفض معدل عمر الإنسان، يبدو من الجيد العلم بأنه مهما كان وزن الشخص فإن الانتقال من عدم الحركة إلى البدء بأداء نشاطات والالتزام بها، من شانه أن يساعد على إطالة العمر. بحسب سي ان ان.

امراض القلب والسكري

فيما قال علماء إن الاشخاص المقبلين بالفعل على الإصابة بمرض البول السكري يمكنهم الحد بنسبة كبيرة من مخاطر التعرض للنوبات القلبية بالمشي فقط عشرين دقيقة اضافية يوميا لمدة عام، ووجدت دراسة عالمية واسعة النطاق اجريت على اشخاص مصابين باختلال مستوى سكر الدم -وهو مقدمة للإصابة بالبول السكري- إن المشي الفي خطوة اكثر يوميا لمدة عام يحد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب الخطرة بنسبة ثمانية بالمئة، ويعاني قرابة 344 مليون شخص في العالم من اختلال مستوى سكر الدم وهو ما يعادل ثمانية بالمئة تقريبا من عدد البالغين في العالم. ومن المتوقع ارتفاع هذا الرقم إلى 472 مليونا بحلول عام 2030 مع زيادة السكان والعادات الغذائية غير الصحية التي تسهم في زيادة معدلات الإصابة بالبول السكري، وقال توماس ياتس من جامعة ليستر البريطانية الذي قاد الدراسة "اشارت دراسات كثيرة سابقة إلى ان التمارين البدنية مفيدة صحيا لمن يعانون من اختلال مستوى سكر الدم لكن هذه هي أول دراسة تظهر الى اي مدى يمكن لتغيير سلوك المشي ان يحد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والنوبات القلبية والوفيات الناتجة عن هذه الأمراض"، واستخدم فريق الباحثين الذي قاده ياتس بيانات من تجربة غطت اكثر من 9300 بالغ في اربعين دولة يعانون من اختلال مستوى سكر الدم او امراض في القلب أو على الأقل يواجهون خطر الإصابة بهذه الامراض، ووجد الباحثون انه مقابل المشي الفي خطوة يوميا قل خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة عشرة بالمئة في حين قل خطر التعرض للأزمات والنوبات القلبية بنسبة ثمانية بالمئة. بحسب رويترز.

كما أظهرت دراسة أمريكية أخرى أن من بين أكثر الناس تعرضا لاحتمال الإصابة بالسكري من لا يمارسون كثيرا من النشاط البدني أما من يتمكنون من السير كثيرا على مدى اليوم فيكونون أقل عرضة للإصابة بهذا المرض، وقالت أماندا فريتس التي قادت فريق إعداد الدراسة والباحثة في جامعة واشنطن بسياتل إن دراسات سابقة كانت قد أظهرت أن المشي أكثر مرتبط بتراجع احتمال الإصابة بالسكري لكن لم تقدم دراسات تذكر مقاييس لعدد الخطوات التي يجب أن يمشيها الناس يوميا، وكتبت فريتس تقول "لم تكن النتيجة التي توصلنا لها مفاجئة نظرا لأن دراسات أخرى أظهرت أنه حتى النشاط الخفيف مرتبط بتراجع احتمال الإصابة بالسكري"، وحتى يفهم الناس بشكل أفضل المزايا المحتملة للمشي طلبت فريتس وزملاؤها من أكثر من 1800 شخص ارتداء جهاز لعد الخطوات لمدة اسبوع لحساب عدد الخطوات التي يقطعونها عادة يوميا، وكانوا جميعا من المواطنين الأمريكيين في أريزونا وأوكلاهوما ونورث داكوتا وساوث داكوتا والمعروفين بقلة معدل نشاطهم البدني وارتفاع معدلات الإصابة بالسكري، واعتبرت نحو ربع المجموعة ذات نشاط منخفض للغاية إذ كانوا يخطون أقل من 3500 خطوة يوميا في حين أن نصفهم كانوا يقطعون أقل من 7800 خطوة يوميا، ويستلزم قطع 1.6 كيلومتر السير نحو ألفي خطوة وتشير توصيات الى أنه يجب أن يخطو الإنسان عشرة آلاف خطوة يوميا كحد أدنى، وفي بداية الدراسة لم يكن أي من المشتركين مصابا بالسكري، لكن بعد خمس سنوات من المتابعة أصيب 243 شخصا بالمرض، وأصيب نحو 17 في المئة من الأشخاص في المجموعة ذات أدنى نشاط بدني مقارنة مع 12 في المئة من الأشخاص الذين قطعوا أكثر من 3500 خطوة يوميا، وبعد الأخذ في الاعتبار أعمار الناس وما إذا كانوا مدخنين وغيرها من العوامل التي تزيد من احتمالات الإصابة بالسكري حدد فريق فريتس أن الناس أصحاب أكبر معدل من المشي كانوا أقل عرضة بنسبة 29 في المئة للإصابة بالسكري من الفئة ذات أدنى معدل من المشي، ولا تثبت هذه النتائج أن المشي بمعدلات أكثر مسؤول عن تراجع احتمال الإصابة بالسكري لكن فريتس قدمت تفسيرات محتملة لكيفية مساهمة المشي في تراجع احتمال الإصابة بهذا المرض، وقالت "زيادة النشاط البدني ربما تمنع زيادة الوزن وتعزز فقده وهو عامل رئيسي يحدد مدى احتمال الإصابة بالسكري".

واكد باحثون أميركيون إن السير لمدة 15 دقيقة بعد كلّ وجبة قد يحمي الأشخاص المتقدمين في السنّ من الإصابة بداء السكري من النوع 2، وذكرت مواقع طبية أميركية أن الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة جورج واشنطن، أفادت بأن المشي بعد وجبة الطعام يساهم في تنظيم السكر في الدم، وحذرت الدراسة من أن السكر في الدم بعد وجبات الطعام يزيد خطر الإصابة بالسكري من النوع 2، لذلك فان الراحة بعد الأكل "هو الأمر الأسوأ الذي يمكن أن تقوم به"، وقالت الباحثة لوريتا ديبييترو إن السكر في الدم هو عامل خطر رئيسي يسهم في التقدم من المرحلة التي تسبق السكري إلى مرحلة السكري من النوع 2 وأمراض القلب والشرايين، وتوصل الباحثون إلى أن المشي 15 دقيقة ثلاث مرات في اليوم فعّال في تخفيف معدل السكر في الدم خلال 24 ساعة بقدر المشي لـ45 دقيقة متواصلة بوتيرة سهلة إلى متوسطة، وتبين أن المشي بعد الأكل "أكثر فعالية بشكل ملحوظ" في الحدّ من ارتفاع السكر في الدم الشائع لدى المتقدمين في السنّ، وشملت الدراسة 10 أشخاص فوق الـ60 من العمر عرضة للإصابة بالسكري من النوع 2 بسبب ارتفاع معدل السكر أكثر من المستوى الطبيعي قبل الأكل وقلة التمارين الرياضية.

المشي حافياً

الى ذلك تتسم ممارسة رياضة المشي بفوائد صحية كثيرة، ولكن ربما لا يعلم كثيرون أن المشي من دون حذاء لبعض الوقت يتمتع أيضاً بفوائد صحية، إذ يعمل على تحفيز عضلات القدم وتدريبها، وأوضحت عضو رابطة أخصائيو العلاج الطبيعي المستقلين بمدينة بوخوم الألمانية، كاثرينا شيل، أن «المشي بأقدام حافية يومياً يسهم في وقاية الإنسان من الإصابة بتشوهات القدم»، لافتةً إلى أنه يُمكن القيام بذلك في أي مكان، سواء في المنزل، أو على حشائش الحديقة، أو على رمال الشاطئ، وقالت شيل: «لا توجد مدة زمنية محددة للسير من دون حذاء، إنما يُوصى الأشخاص، الذين لا يعانون أمراضاً في قدمهم، بالمشي بأقدام عارية لقرابة ساعة يومياً»، وأضافت أخصائية العلاج الطبيعي الألمانية: «يُمكن أن يُساعد التبديل بين نوعيات مختلفة من الأحذية، وكذلك المشي على نوعيات مختلفة من الأرضيات، إلى جانب المشي بأقدام عارية، في الوقاية أيضاً من الإصابة بتشوهات القدم»، وشددت على أنه لا ينبغي على الإطلاق أن يمشي الإنسان من دون حذاء لفترات طويلة للغاية، إذ تعمل الأحذية على حماية القدمين بفضل تصميمها وقدرتها على امتصاص الصدمات، وأكدت الخبيرة الألمانية أنه «عندما يمشي الإنسان من دون حذاء يصطدم كعبه كثيراً بالأرض، وبالطبع تسري هذه الصدمات لتصل إلى العمود الفقري»، لذا تنصح شيل بعدم المشي كذلك بشكل زائد عن الحد، لاسيما بالنسبة للأشخاص المصابين في الأساس بتشوهات القدم، وأوضحت شيل أمثلة لبعض الأشخاص، الذين يعانون سوء وضعية القدم بقولها: «تُعاني النساء، اللائي يرتدين أحذية ذات كعب عال يومياً من تشوهات القدم، إذ يتسبب الكعب العالي في تقلص طول عضلات باطن الساق، لذا فإذا أردنّ هؤلاء النساء السير من دون أحذية، سيؤدي ذلك إلى إصابتهنّ ببعض الآلام»، وأرجعت أخصائية العلاج الطبيعي حدوث ذلك إلى أن عضلات الساق الخلفية أصبحت غير متهيئة لديهنّ على أن يتم فردها بكامل طولها، وأشارت إلى ضرورة الإقلال من المشي من دون حذاء بالنسبة للأشخاص، الذين يعانون أقداماً مسطحة أو متباعدة، إذ تتسبب الإصابة بتشوهات الورك والركبتين في التأثير أيضاً في الأقدام، وأكدت شيل ضرورة ألا يستغني هؤلاء الأشخاص عن ارتداء الأحذية الملائمة مع طبيعة أقدامهم والمزودة بحشوات، مشيرة إلى أن الأمر يختلف تماماً بالنسبة للأطفال، إذ لا ينبغي أن يرتدي الأطفال الرُضّع أي أحذية من الأساس خلال الشهور الأولى بعد ولادتهم، موضحةً أنه «لا يُمكن اكتمال نمو قوس القدم على نحو سليم، إلا إذا ظلت أقدام الطفل عارية». بحسب وكالة الانباء الألمانية.   

المشي وتلف الدماغ

من جهتهم ناقش المشاركون في الاجتماع السنوي لجمعية الطب الإشعاعي في أمريكا الشمالية ثلاث دراسات جديدة حول تقنيات التصوير التي من شأنها إظهار تأثير ممارسة الرياضة على الأجسام والعقول، وأظهرت الدراسات تلك أن المشي ربما يسهم في إبطاء التدهور الإدراكي لدى البالغين، الذين يعانون من تلف في أعصاب الإدراك، ومرضى الزهايمر، فضلا عن أنه مفيد جدا لأدمغة البالغين الأصحاء، ففي إحدى الدراسات التي ما تزال جارية منذ 20 عاما، تم رصد المشاركين من خلال المسافات التي يمشونها كل أسبوع، وأخذت قياسات حجم الدماغ لديهم باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي، واختبرت قدراتهم العقلية، باستخدام امتحان خاص يقيس التدهور المعرفي، وتابع الباحثون الآن 426 شخصا، منهم 299 بالغا غير معتل، و127 من البالغين المصابين بإعاقات الإدراكية، بينهم 83 شخصا يعانون الضعف الإدراكي المعتدل، و44 يعانون من مرض الزهايمر، وقال المؤلف الرئيسي للدراسة الدكتور سايروس راجي من جامعة بيتسبرغ في ولاية بنسلفانيا إن "الحجم مؤشر حيوية على حالة الدماغ، فعندما ينخفض، فإن هذا يعني أن خلايا المخ تموت، لكن عندما يكون مرتفعا، فإن صحة الدماغ تكون مصانة"، ويقول الباحثون إن كميات أكبر من المشي ارتبطت بأحجام أكبر للأدمغة، لا سيما في مناطق الذاكرة والتعلم، بينما قالت الدراسة إن الأشخاص الذين لديهم ضعف في الإدراك عليهم المشي ما لا يقل عن خمسة أميال في الأسبوع لإبطاء التدهور المعرفي والحفاظ على حجم المخ، وأضاف راجا "الزهايمر هو مرض مدمر، ولسوء الحظ، المشي ليس علاجا،" لكنه أردف قائلا إن "المشي يمكن أن يحسن مقاومة الدماغ للحد من الأمراض وفقدان الذاكرة على مر الزمن".

من جهة أخرى قالت دراسة اجريت في اسبانيا وشملت آلاف الاشخاص إن النساء اللائي يزاولن رياضة المشي ثلاث ساعات على الاقل اسبوعيا يقل لديهن على الارجح خطر الاصابة بالسكتات الدماغية مقارنة بمن تمشين لوقت اقل أو لا تمشين مطلقا، ولم تثبت الدراسة -التي نشرت في دورية (ستروك) "Stroke"- ان المشي المنتظم يقلل من خطر الاصابة بالسكتة الدماغية لكنها تعزز دليلا محدودا على الصلة المحتملة بين انواع من التمارين وخطر الاصابة بأمراض معينة، وكانت دراسات سابقة قد ربطت بين ممارسة التمارين البدنية وتراجع خطر الاصابة بالسكتات الدماغية التي قد يسببها تجلط الدم في الشرايين أو تمزق الاوعية الدموية بالمخ، وقال خوسيه ماريا هيورتا الذي قاد الدراسة من إدارة الشؤون الصحية في مرسية بجنوب اسبانيا "تظل الرسالة للناس كافة هي ان: مزاولة النشاط الترفيهي المعتدل بانتظام جيد لصحتكم"، ووجدت الدراسة أن النساء اللاتي مارسن المشي بنشاط لمدة 210 دقائق أو اكثر اسبوعيا تراجع لديهن خطر الاصابة بالسكتة الدماغية مقارنة بمن لم تمارسن المشي، كما قل خطر الاصابة مقارنة بمن مارسن رياضة ركوب الدراجات أو تمارين اخرى ذات مجهود بدني اعلى لفترة أقصر، وأجاب حوالي 33 ألف رجل وإمراه على استبيان للنشاط البدني في اطار مشروع اوروبي أوسع نطاقا عن مرض السرطان، وقال هيورتا إن النتائج بالنسبة للنساء اللاتي مارسن المشي بانتظام كانت انخفاضا بنسبة 42 بالمئة في خطر الاصابة بالسكتة الدماغية مقارنة بغيرهن في حين لم يكن هناك تراجع مسجل بين الرجال بالنظر إلى نوع النشاط الرياضي أو مدته. بحسب رويترز.

المشي وسرطان الثدي

في سياق متصل أشارت دراسة إلى أن السيدات اللاتي يمارسن المشي لنصف ساعة يوميا في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث يمكنهن تقليل فرص الإصابة بسرطان الثدي بشكل كبير، وتوصلت الدراسة التي شملت متابعة 73 ألف امرأة على مدى 17 عاما إلى أن المشي لمدة سبع ساعات على الأقل أسبوعيا قلل من الإصابة بهذا المرض، وقال فريق جمعية السرطان الأمريكية إن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الربط بين انخفاض معدلات الإصابة بسرطان الثدي وممارسة المشي، وقال خبراء بريطانيون إن هذا يمثل دليلا إضافيا على أن نمط الحياة يؤثر على خطر الإصابة بالسرطان، ووفقا لاستطلاع للرأي أجرته أخيرا جمعية "رامبلرز" الخيرية، فإن 25 في المئة من المراهقين يمارسون المشي لفترة لا تتجاوز ساعة في الأسبوع، لكن ممارسة هذا النشاط يعرف بأنه يقلل مخاطر الإصابة بعدد من أنواع السرطانات، وتضمنت الدراسة، التي نشرت نتائجها في مجلة "وباء السرطان وعلاماته والوقاية منه"، متابعة 73 ألفا و615 امرأة من بين 97 ألفا و785 امرأة تتراوح أعمارهن بين 50 و74 عاما استعانت بهن جمعية السرطان الأمريكية بين 1992 و1993 حتى يتسنى لها مراقبة معدل الإصابة بالسرطان في هذه الفئة العمرية، وطلب منهن ملء استبيانات حول حالتهن الصحية وكم الفترة التي مارسن فيها أنشطة مثل المشي أو السباحة أو الايروبكس وكم الفترة التي قضينها وهن يجلسن لمشاهدة التلفاز أو الاستماع للراديو.

 وأكملت أولئك السيدات الاستبيانات ذاتها بفاصل زمني لمدة عامين خلال الفترة من 1997 وحتى 2009، وقال نحو 47 في المئة من بين أولئك النسوة إن المشي هو نشاطهن الترفيهي الوحيد، أما اللواتي مارسن المشي لمدة سبع ساعات على الأقل أسبوعيا انخفضت لديهن نسبة الإصابة ب14% بسرطان الثدي مقارنة مع أولئك اللاتي مارسن المشي ثلاث ساعات أو أقل في الأسبوع، وقال الدكتور البا باتل كبير أطباء الأوبئة في الجمعية الأمريكية للسرطان في اتلانتا بولاية جورجيا الذي قاد فريق البحث إنه "بالنظر إلى أن أكثر من 60 في المئة من السيدات يتحدثن عن ممارسة بعض المشي يوميا، فإن تعزيز المشي كنشاط صحي في وقت الفراغ يمكن أن يكون استراتيجية فعالة لزيادة النشاط البدني بين السيدات في فترة ما بعد انقطاع الطمث".

 وأضاف "لقد سعدنا لمعرفة أنه من دون ممارسة أي نشاط ترفيهي، فإن المشي فقط لمدة ساعة يوميا له صلة بانخفاض خطر الإصابة بسرطان الثدي في هذه السيدات. والمزيد من هذه الأنشطة ولفترة أطول يقلل بصورة أكبر من هذه المخاطر"، وقالت البارونة ديليث مورغان المديرة التنفيذية لحملة مكافحة سرطان الثدي في بريطانيا إن "هذه الدراسة تضيف دليلا آخر على أن خياراتنا لنمط الحياة يمكن أن تلعب دورا في التأثير على خطر الإصابة بسرطان الثدي، وحتى عمل تغييرات بسيطة في أنشطتنا العادية اليومية يمكن أن تحدث فرقا"، وأضافت "نعلم بأن السلاح الأفضل للتغلب على سرطان الثدي هو القدرة على منع حدوثه في المقام الأول"، وتابعت "التحدي الآن هو كيف يمكننا تحويل هذه النتائج إلى إجراءات وتحديد تغييرات مستدامة أخرى في نمط الحياة من شأنها أن تساعدنا في الوقاية من سرطان الثدي".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 30/كانون الأول/2013 - 26/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م