نفط إيران.. انتعاشات لاحقة لتعويض خسائر سابقة

 

شبكة النبأ: تسعى إيران الى الاستفادة من اتفاق تخفيف العقوبات وذلك من خلال اعتماد خطط جديدة ومهمة تهدف الى زيادة إنتاجها النفطي في سبيل تعزيز اقتصادها وتعويض بعض خسائرها السابقة، من خلال توسيع فرص الاستثمار وطرح عقود جديدة أكثر جاذبية للشركات العالمية الكبرى هذا بالإضافة استعدادها لخفض الأسعار كما يقول بعض الخبراء، الذين توقعوا ارتفاع صادرات الخام الإيراني الى كبار المشترين في آسيا وباقي الدول الاخرى، وفي هذا الشأن

قال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه إن إيران سترفع انتاجها إلى أربعة ملايين برميل يوميا بنهاية العام المقبل حتى إذا انخفض سعر البرميل إلى عشرين دولارا للبرميل.

وصرح لصحفيين ايرانيين بالفارسية "تحت أي ظروف سنصل إلى رابعة ملايين برميل يوميا حتى إذا هوت الأسعار إلى 20 دولارا للبرميل. "لن نتخلي عن حقوقنا في هذا الشأن." وقال زنغنه "اوبك اكثر وعيا" وعادة ما تفسح المجال امام الدول التي يتعرض انتاجها لانتكاسات. وانخفض إنتاج النفط الإيراني نحو مليون برميل يوميا بعد فرض عقوبات على قطاعات تجارة النفط والبنوك والتأمين البحري العام الماضي.

وتوصلت إيران وست قوى عالمية إلى اتفاق نووي لمدة ستة أشهر قد يتم تثبيته في العام المقبل إذا التزمت إيران بتعهداتها بتقليص قدرات تخصيب اليورانيوم. وبلغ إنتاج النفط الإيراني 2.65 مليون برميل يوميا في نوفمبر تشرين الثاني بحسب تقديرات.

في السياق ذاته حددت إيران أسماء سبع شركات نفطية غربية تريد عودتها للعمل في حقولها الضخمة للنفط والغاز إذا تم رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها وقالت إنها ستضع شروط الاستثمار في أبريل نيسان العام القادم. وقال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنة إن الشركات السبع هي توتال الفرنسية ورويال داتش شل وإيني الإيطالية وشتات أويل النرويجية وبي.بي البريطانية وإكسون موبيل وكونوكو فيلبس الأمريكيتان.

وقال زنغنة إنه أجرى بالفعل محادثات مع بعض الشركات لكن ليس من بينها حتى الآن شركات أمريكية. وتابع "لا توجد لدينا قيود فيما يتعلق بالشركات الأمريكية. كانت هناك قيود عليها منذ عشرين عاما من الحكومة الأمريكية. لا توجد لدينا قيود بالنسبة للقيام بمشروعات في إيران."

من جانب اخر قال مسؤول كبير بقطاع النفط الإيراني إن طهران تريد من شركات النفط الغربية تجديد حقولها النفطية العملاقة المتقادمة وإقامة مشاريع جديدة للنفط والغاز عقب رفع العقوبات. وقال مهدي حسيني المسؤول عن مراجعة عقود الاستثمار النفطي الإيرانية إن شركات النفط لن تستطيع تجاهل فرص الاستثمار الإيرانية "منخفضة التكلفة منخفضة المخاطر" التي ستعرض بشروط تجارية مغرية وتعلن أوائل ابريل نيسان خلال مؤتمر للطاقة في لندن.

وقال حسيني وهو نائب سابق لوزير النفط الإيراني بيجن زنغنة "سنعرض العديد من المشاريع الواعدة على شركات النفط العالمية .. حقول قديمة وحقول جديدة ورقع تنقيب في النفط والغاز على حد سواء." وقال حسيني إن شركات النفط العالمية قد تضطلع بدور في إعادة تأهيل حقول النفط البرية المتقادمة الأهواز وكجساران ومارون وهي العمود الفقري للإنتاج الإيراني وحقلي آغاجاري وبي بي حكيمة الأصغر حجما. بحسب رويترز.

وقال "نحتاج إلى التكنولوجيا والاستثمار من شركات النفط العالمية لمساعدتنا على زيادة إنتاج تلك الحقول الآخذ بالتناقص." ويقول زنغنة ومسؤولن إيرانيون كبار آخرون إن إنعاش تلك الحقول وغيرها سيسمح بزيادة الإنتاج إلى أربعة ملايين برميل يوميا في غضون ستة أشهر من رفع العقوبات. ويبدي الخبراء الغربيون تحفظا ويقولون إن الرقم الأرجح بين ثلاثة ملايين و3.5 مليون برميل يوميا.

شركة إيني الإيطالية

على صعيد متصل التقى الرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية باولو سكاروني بوزير النفط الإيراني بيجن زنغنة ليصبح أول رئيس تنفيذي لشركة غربية يعقد لقاء علنيا مع الوزير منذ التوصل إلى اتفاق نووي مرحلي. ويأتي الاجتماع بعد أن ذكر زنغنة اسم إيني بين سبع شركات غربية يريدها أن تستثمر في قطاع الطاقة الإيراني إذا تم رفع العقوبات الدولية.

وقال سكاروني للصحفيين عقب الاجتماع إن المحادثات شملت أيضا الديون المستحقة على إيران لشركة إيني عن استثمارات سابقة والشروط التي ستطبق على أي شركات أجنبية تساعد في إنعاش قطاع النفط والغاز الإيراني في المستقبل. وأضاف سكاروني "عقدنا اجتماعا طويلا بعض الشيء ووديا للغاية مع الوزير وهو شخص نعرفه جيدا." وأعاد الرئيس الإصلاحي الإيراني الجديد حسن روحاني تعيين زنغنة وزيرا للنفط بعد ثمانية أعوام من تركه المنصب.

وقال سكاروني تباحثنا بخصوص الأنشطة الجديدة المحتملة لإيني في إيران. وكل ذلك قطعا متوقف على رفع العقوبات. تلك هي القضية الرئيسية." وذكر أن الاستثمارات الجديدة قد تتضمن مشروعات نفط وغاز. وقال "نأمل بالتأكيد في أن يتم رفع العقوبات في الأشهر الستة المقبلة أو في المستقبل القريب."

وزار رؤساء تنفيذيون غربيون آخرون جناح زنغنة ومن بينهم جيرهارد رويس الرئيس التنفيذي لشركة أو.إم.في النمساوية للطاقة والذي رفض التعقيب للصحفيين. وقال مصدر مطلع أن مسؤولين من شركة رويال داتش شل وشركة فيتول لتجارة النفط التقوا أيضا بالوزير الايراني. ورفضت شل التعقيب. ورفضت فيتول ايضا التعقيب لكنها قالت أن موقفها بشأن ايران لم يتغير وأنها أوقفت كل التعاملات التجارية مع هذه الدولة. بحسب رويترز.

وأشار سكاروني إلى أن نظام الاستثمار عن طريق إعادة الشراء الذي تتبعه إيران مع الشركات الأجنبية يجب أن يتغير لجذب استثمارات كبيرة جديدة. ولا يسمح هذا النظام للشركات بالاستحواذ على حصص من الإنتاج في المشروعات. وأضاف أن المناقشات شملت أيضا المدفوعات المعلقة المستحقة لإيني عن استثمارات سابقة. وقال "نعتزم البقاء في إيران وربما نزيد أنشطتنا إذا تم رفع العقوبات. هناك فرص كثيرة في إيران في قطاعي النفط والغاز اللذين سنجد فيهما بالتأكيد مجالا للاهتمام المشترك."

شركات النفط الأمريكية

الى جانب ذلك ومع تصاعد الجدل في واشنطن بشأن أول انفراجه في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة خلال عقود تلجأ شركات النفط الكبرى إلى أسلوب غير معتاد وتؤثر التزام الصمت. ويمكن لشركات نفط مثل إكسون موبيل وكونوكو فيليبس أن تحقق أرباحا ضخمة إذا خففت الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية على إيران بما يتيح لها استغلال حقول النفط والغاز هناك والتي تعد من أكبر الحقول في العالم وأقلها من حيث تكلفة الإنتاج.

لكن حتى الان فضلت شركات الطاقة الأمريكية الاكتفاء بدور المتفرج بينما كان الكونجرس يدرس فرض مزيد من القيود على صادرات طهران من النفط. وهذا موقف غير معتاد لصناعة عرفت بحضورها القوي داخل أروقة الكونجرس في شتى القضايا - من قوانين التلوث في تكساس إلى التجارة العالمية. لكن هذا الأمر على وجه الخصوص قد يكون أكثر سخونة.

وبحسب مركز السياسات المتجاوبة الذي مقره واشنطن أنفقت صناعة النفط والغاز 105 ملايين دولار على حملات الضغط في الأشهر التسعة الأولى من العام ولم يتفوق عليها إلا قطاعا التأمين والبتروكيماويات. وقدمت شركات القطاع وموظفوها تبرعات قيمتها الإجمالية 20.5 مليون دولار إلى المرشحين في انتخابات العام الماضي ليحتلوا المركز التاسع.

ولم يتضح بعد ما إذا كان اتفاق الستة أشهر الذي أبرم مع إيران سيؤدي إلى تقييد شامل لقدراتها النووية وهو ما قد يفضي بدوره إلى رفع كامل للعقوبات. وبمقتضى الاتفاق المؤقت تحد إيران من تخصيب اليورانيوم مقابل فك محدود لأموال مجمدة بموجب القانون الأمريكي. وقدم فوز الرئيس حسن روحاني في الانتخابات الإيرانية التي جرت في يونيو حزيران دلالة واضحة على أن 2013 قد يكون أفضل عام في العلاقات بين واشنطن وطهران منذ الثورة الإيرانية عام 1979.

لكن الكونجرس مازال على موقفه المؤيد لمزيد من الإجراءات بحق إيران. وصوت مجلس النواب الأمريكي في يوليو تموز بأغلبية 400 عضو مقابل 20 لصالح استهداف تمويل برنامج إيران النووي من خلال خفض صادراتها النفطية بدرجة أكبر من العقوبات التي سرت في 2010.

ويدعم مجلس الشيوخ أيضا اتخاذ مواقف صارمة من إيران إلا أن الرئيس باراك أوباما ضغط لإرجاء الموافقة على مشروع قانون من أجل إعطاء الفرصة لإنجاح اتفاق جنيف. وتأمل وزارة النفط الإيرانية في أن إبرام إتفاق كامل سيشجع شركات الطاقة الأمريكية على القيام باستثمارات جديدة في البلاد. وأعلن وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه أسماء سبع شركات طاقة غربية تريد العودة لتطوير مكامن إذا رفعت العقوبات ومن بينها إكسون وكونوكو.

وقال آلان جيفرز المتحدث باسم إكسون إن شركته تبحث دائما عن فرص للتطوير لكن القوانين الأمريكية الحالية تمنع العمل في إيران. وقال متحدث باسم كونوكو إن الشركة لا تجري محادثات بشأن مشاريع حاليا مع إيران. وبحسب السجلات لا تمارس الشركتان ضغوطا على الكونجرس هذا العام بخصوص العقوبات على إيران. وليست هناك ضغوط من شركتي شيفرون وهاليبرتون الأمريكيتين أيضا.

وكانت الشركات الأربعة مارست ضغوطا على الكونجرس في 2010 بشأن نسخة أولية لمشروع قانون العقوبات الذي استهدف صادرات إيران النفطية. وقال المتحدث باسم كونوكو إن شركته مارست ضغوطا في 2010 في إطار تحالف أطلق عليه يو.اس.ايه انجيدج لمخاوف من تأثير العقوبات على مشاريع مشتركة في دول أجنبية. وأضاف "تشريع 2013 ليس له مثل هذا التأثير ولذا لم يتطلب أي ضغوط." وامتنعت ثلاث شركات أمريكية أخرى عن التعليق.

ويتفق مساعدون في الكونجرس على أن شركات النفط تضيع وقتها إذا حاولت حث المشرعين على إسقاط العقوبات الحالية أو عدم تفعيل عقوبات جديدة. ويبدو أن الشركات التي حاولت الضغط على الكونجرس هذا العام كانت فروعا أمريكية لشركات نفطية عالمية كبرى مثل بي.بي أمريكا وشل أويل الوحدة الأمريكية لرويال داتش شل. وأظهرت السجلات أن بي.بي ضغطت على الكونجرس بين ابريل نيسان وسبتمبر أيلول هذا العام بخصوص مشروع قانون لمجلس النواب يتعلق بإيران بينما ضغطت شل في "مسائل عامة متعلقة بطهران" بين يناير كانون الثاني ومارس آذار. بحسب رويترز.

وقال سكوت دين المتحدث باسم بي.بي "ليس غريبا أن تناقش بي.بي مشاريع قوانين جديدة مقترحة مع المشرعين لكي تعرف الغرض منها ومداها كي نستطيع . أن نلتزم بها لدى إقرارها." وقال خبير بصناعة النفط إن معهد البترول الأمريكي مارس ضغوطا بشأن مادة في مشروع القانون كانت تشكل تهديدا على خطوط الشحن البحري الأمريكية لكن ليس بخصوص العقوبات نفسها. وأحجم المعهد عن التعليق.

مشاريع ومدفوعات

من جانب اخر أعلنت باكستان أنها اتفقت مع إيران على الإسراع بتنفيذ مشروع خط أنابيب لنقل الغاز تأجل كثيرا ويهدف لربط حقل الغاز بارس الجنوبي بباكستان. وتعارض الولايات المتحدة مشروع خط الأنابيب الذي يتكلف 7.5 مليار دولار لأنه قد يخرق العقوبات التي تفرضها واشنطن على إيران بسبب برنامجها النووي. وقالت باكستان إن الجانبين سيعجلان بالعمل على إنهاء مد خط الأنابيب.

وقالت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان "جرى الاتفاق على عقد اجتماع بين الخبراء من الجانبين قريبا لاستعراض سبل تسريع العمل في خط الأنابيب." ولم يذكر البيان توقيت استكمال مد الخط. وتحتاج باكستان إلى خط الأنابيب من جارتها إيران صاحبة أكبر احتياطيات للغاز الطبيعي في العام لتخفيف حدة عجز الطاقة الذي يكبل الاقتصاد. لكنها لم تحرز تقدما يذكر في الجزء الخاص بها من الخط بسبب نقص التمويل وتحذيرات من انتهاك العقوبات الأمريكية. وأنفقت إيران مئات الملايين من الدولارات وأوشكت على الانتهاء من الجزء الخاص بها من خط الأنابيب الذي يمتد لمسافة 900 كيلومتر حتى الحدود الباكستانية. وبموجب العقد تصدر إيران 21.5 مليون متر مكعب من الغاز يوميا إلى باكستان بداية من العام المقبل.

على صعيد متصل يجتمع مسؤولون هنود وإيرانيون لبحث كيفية فك تجميد أول دفعة من مدفوعات النفط لإيران منذ تخفيف العقوبات على طهران. وقال ارفيند مايارام المسؤول الكبير في وزارة المالية الهندية ان الهند لن تفرج الآن عن مدفوعات بالدولار تحتجزها وتمثل قيمة ورادات من ايران. وأضاف ان الاجتماع ركز على تأثيرات الاتفاق الجديد على قضايا التأمين وهي مشكلة تواجه النقل البحري في ظل العقوبات وكذلك سبل زيادة واردات النفط من ايران والصادرات الهندية.

وطلبت ايران من شركات التكرير الهندية في منتصف اكتوبر تشرين الأول -قبل ابرام الاتفاق مع القوى العالمية بشأن البرنامج النووي- استئناف سداد قيمة الواردات باليورو من خلال بنك خلق التركي لكن الشركات مازالت تنتظر توجيهات الحكومة. وكانت الهند بدأت تسوية 55 بالمئة من مدفوعات واردات الخام الايراني باليورو من خلال البنك التركي في منتصف عام 2012 والباقي بالروبية من خلال بنك يو.سي.أو الهندي.

لكن الترتيبات الخاصة ببنك خلق توقفت في فبراير شباط الماضي عندما حالت عقوبات جديدة دون استرداد ايران لثمن ما تمكنت من بيعه من النفط. ومنذ ذلك الحين تحتجز شركات التكرير الهندية ثمن 55 في المئة من وارداتها من النفط الإيراني في حين تبحث طهران عن سبل بديلة للحصول على اموالها بعملات صعبة مثل الدولار واليورو.

وذكرت مصادر في قطاع التكرير أن المبالغ المستحقة لايران لدى الشركات الهندية بلغت 2.2 مليار دولار. وقال آرون كول رئيس مجلس ادارة بنك يو.سي.او ان ما يعادل نحو ثلاثة مليارات دولار بالروبية دفعتها شركات التكرير مودعة في حساب طهران في البنك. والهند ثاني اكبر مشتر للنفط الايراني لكن بيانات شحن أظهرت ان واردات الهند من النفط الإيراني انخفضت الى نحو 170 ألف برميل يوميا في الفترة من ابريل نيسان وحتى اكتوبر تشرين الاول أي بنسبة 40 في المئة تقريبا مقارنة معها قبل عام. بحسب رويترز.

وقال مسؤول بوزارة المالية الهندية إن الهند ستواصل تسوية جزء من قيمة النفط بالروبية من خلال بنك يو.سي.او لحين تلقي المزيد من المعلومات بشأن رفع عقوبات الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة عن إيران. وترغب الهند في ضبط الخلل في ميزانها التجاري مع ايران الذي يميل حاليا لصالح الجمهورية الإسلامية بسبب مشتريات النفط حيث تسعى لتعزيز صادراتها لطهران عن طريق السماح لايران بشراء بضائع وسداد الثمن من حسابها الذي يضم مليارات الروبية في بنك يو.سي.أو.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 30/كانون الأول/2013 - 26/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م