إعتقالات ومحاكمات وترهيب لقتل التغيير

علي ال غراش

 

لقد قلنا إن الإصلاح الشامل والتغيير السلمي هو مطلب الشعوب، وهو مرهون بطريقة وأسلوب السلطات الحاكمة في التعاطي مع الحراك، - فهي التي تحول مسار أي حراك شعبي مطلبي سلمي إلى دموي - وعندما يتحرك الشعب مطالبا التغيير والإصلاح في ظل وجود قيادة تتبنى وتتصدى وتقدم التضحيات للمطالبة بحقوقه، بالإضافة إلى وجود سلطة غير دموية، فالتغيير سيكون سلميا.

ولكن إذا كانت السلطة لا تحترم الإرادة الشعبية، ولا تريد أن تتنازل للشعب وتسليمه السلطة، ولا تؤمن بتداول السلطة بشكل سلمي والاحتكام لصندوق الانتخاب، وتتعاطى بإن الوطن أرضه وشعبه ملك لها، وكرسي السلطة احتكار لها، وان أي حراك شعبي للمطالبة بالحقوق الوطنية والحرية والكرامة ضد نظامها تصنفه خيانة وعمالة وإرهاب،.. وتستخدم العنف والطرق البوليسية لمواجهة الحراك الشعبي، من خلال الاعتقال والسجن والتعذيب والقتل للمتظاهرين والمحتجين، والتنكيل بالقيادات، وتصرف المليارات لشراء أسلحة وقنابل لمواجهة الحراك والتظاهر الشعبي، وتشويه سمعة القادة والنشطاء وشباب الحراك والتغيير عبر وسائلها الإعلامية ووصفهم بالإرهابيين والمخربين..، فحتما التغيير سيكون للاسف الشديد بلون الدم، وسيسقط العديد من الشهداء والجرحى، وربما سيتدمر الاقتصاد، ويتعرض الوطن لمخاطر كبرى.. وكل ذلك بسبب سياسة السلطة.

هل الإصلاح الحقيقي - القادم لا محالة - إلى دول الخليج، سيكون بلون الدم؟. ام إن الأنظمة ستبادر بإنتقال الحكم للشعب بصورة سلمية للمحافظة على الدماء وعدم الزج بالوطن في بحر المخاطر؟.

إرهاب السلطة الرسمية

للأسف الشديد إن بعض السلطات الحاكمة في دول المنطقة التي شهدت وتشهد نشاطا وحراكا وثورات، يظهر انها غير متعاونة وغير مستعدة للتنازل أو تفهم مطالب الشعب، بل انها تستخدم أسلوب "ارهاب السلطة الرسمية" المواجهة بعنف ودموية مع اي حراك شعبي سلمي، اي انها سلطات مستعدة لقتل المواطنين وتدمير الوطن وحرق الأخضر واليابس، لتبقى على كرسي السلطة ولو على جثث وإشلاء المواطنين واطلال الوطن، وقد شاهد العالم صور من إرهاب السلطة ضد الشعب عبر أستخدام القوة الأمنية المفرطة والرصاص والغازات القاتلة..، مما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا كما حدث في السعودية والبحرين، والحكم على النشطاء والحقوقيين وشباب وأطفال الحراك بأحكام غريبة وعجيبة، ولم تسلم النساء من الإعتقال والسجن والإنتهاك!.

السلطات البوليسية خطر

إن بعض السلطات في الخليج مصرة على التصعيد البوليسي مع الشعب، واستخدام العصا والعنف – إرهاب السلطة - فها هي قد كشرت عن أنيابها واطلقت العنان لجلاوزتها لزرع الرعب في نفوس المواطنين، عبر حملات الإعتقال الواسعة والسجن والتعذيب، وتقديم المواطنين المعتقلين الشرفاء للقضاء ومحاكمتهم بسبب إنتقاد سياسة السلطة ومحاربة الفساد المنتشر في كافة انحاء الوطن، والمطالبة بالاصلاح والعدالة وأحترام حقوق المواطنين أو الانتقال إلى نظام المملكة الدستورية؛ ولأجل أن تحقق السلطة هدفها بزرع الخوف والرعب في نفوس المواطنين ولعدم قيام اي مواطن بإنتقاد سلطتها، والخروج على نظامها بمظاهرات سلمية، قامت السلطات عبر المحاكم الخاصة بها بإنزال أشد الاحكام والعقوبات على المواطنين النشطاء والحقوقيين، ولم تخلو هذه الأحكام من الغرابة والاستهجان والاستنكار من المواطنين ومن قبل العديد من المؤسسات الحقوقية في العالم، كسحب الجنسية، والسجن لسنوات طويلة -عقود من الزمن-، والحكم بحد الحرابة "القتل"، والمنع من السفر..!!.

محاكمات المعتقلين ترهيب جديد

بعض المتابعين والباحثين يتساءلون: هل المحاكم والأحكام القاسية ضد النشطاء والحقوقيين رسالة تخويف وترهيب للشعوب من قبل السلطات التي تريد كسر إرادة الشعوب بمحاكم صورية وإستعراضية، حيث إن الجلاد والمدعي والقاضي واحد يمثل إرادة السلطة الحاكمة (كما يقول البعض)؟!.

الحكومة في هذه المرحلة تقوم باعتقال من تريد وتقديمه للمحكمة والحكم عليه - بعد سنين من الإعتقال المخالف للقوانين- بأحكام قاسية، وتحاول أن تبسط إرادتها وقوتها وهيبتها على الشعب عبر الاستعراض بالقوة والإستعانة بالقضاء لتصوير كل المعتقلين النشطاء والحقوقيين الوطنيين بالمجرمين وأصحاب السوابق، وهذا تطور خطير وسيكون له تداعيات أخطر!!.

ولهذا على الشعب أن يتحلى بالوعي والإيمان أنه صاحب الإرادة الأقوى - إنها الإرادة الشعبية - التي إذا تحركت على الأرض ليس هناك قوة تستطيع الوقوف أمامها، ولهذا على أبناء المجتمع عدم السكوت "الصمت" حول الإنتهاكات التي تحدث وبالخصوص المحاكم وتشويه سمعة النشطاء، وإنما عليه الإهتمام والشعور بالمسؤولية وتحويل تلك إلى قضية إجتماعية ساخنة يتفاعل معها الجميع، فالصمت السلبي جريمة ضد الوطن والمواطنين، ومشاركة مع أعداء الوطن ومساعدة للحاكم الجائر الظالم ليستمر في ظلمه وعدوانه وحرمان الشعب من حقوقه، وغير مستبعد أن يكون المواطن الصامت هو الضحية القادمة للسلطة الظالمة، ولهذا لابد لكل شخص حر شريف أن يكون له موقفا مشرفا عبر القول والفعل بشكل سلمي لمحاربة الفساد والظلم والعدوان وحرمان المواطنين من حقوقهم والدفاع عن المعتقلين المظلومين، وإيقاف مسلسل المحاكم الصورية التي تمثل تلاعب بالقضاء.

القوة للشعب المطالب المتماسك

 يكفي سكوت وصمت ولابد من نزول المواطنين للساحات والشوارع بسلمية للتعبير عن حالة الرفض لسياسة السلطات والإعتقالات والإنتهاكات والمحاكم الهزلية.

وكما قال أحد الرموز ورجال الساسة في الخليج عندما سئل من قبل الأهالي عن الطريقة الناجعة للأفراج عن ذويهم المعتقلين.

أجاب بسؤال: من أين اعتقلوا؟

قالوا: من الساحات والشوارع.

قال: أنزلوا جميعا هناك (أي في الساحات والشوارع) وطالبوا بما تريدون.

هل سيفعلها المجتمع وسينزل للشوارع والساحات نساء وأطفال يتقدمهم كبار السن والرموز والشخصيات والوجهاء المخلصين والعلماء والساسة والمثقفين من الرجال والنساء، ليظهروا مدى قوة الشعب المتماسك صاحب اللحمة الواحدة لفرض إرادة الشعب؟.

ما ضاع حق وراءه مطالب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 29/كانون الأول/2013 - 25/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م