اقتصاد القارة العجوز.. بين تجربة المعالجات وهواجس الأزمات

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: عندما سعت الدول الاوربية الى الاتحاد منذ خمسينات القرن الماضي وحتى نجاحها بتشكيل نواة هذا الاتحاد في مدينة ماسترخت الهولندية في ديسمبر 1991، كان الاتحاد الاقتصادي شغلها الشاغل وهمها الأول، وهذا ما نلحظ وجوده في اتفاقات الشراكة السابقة للاتحاد القومي او السياسي التي تطمح الى تحقيقه في نهاية المطاف مثل تشكيل الجماعة الأوروبية للفحم والصلب عام 1951، والتي أدت لاحقاً الى تشكيل سوق مشتركة لعدد من دول اوربا، وصولاً الى توحيد هذا السوق تحت عملة موحدة (اليورو) والذي تبنته 18 دولة من أصل 28 يضمها الاتحاد الذي وضع شرط "وجود نظام اقتصادي فعال يعتمد على اقتصاد السوق وقادر على التعامل مع المنافسة الموجودة ضمن الاتحاد" حتى يتمكن من الانضمام اليه.

في الآونة الأخيرة تعرضت هذه الركيزة "الاقتصادية" الصلبة الى هزات وازمات اقتصادية كادت ان تقضي حتى على حلم الاتحاد الكبير، عشرات الشركات والمصارف أعلنت افلاسها، ارتفاع قياسي في نسب البطالة والركود والتضخم، عجر كبير أصاب اغلب دول الاتحاد الأوربي إضافة الى تباطؤ النمو بشكل مخيف، مما دفع الاتحاد الأوربي بكافة مؤسساته الى النفير العام لإنقاذ ما يمكن انقاذه ومنع سقوط الجميع في هاوية الإفلاس الاقتصادي وربما السياسي.

يبدوا ان الدرس القاسي الذي تعرضت له الدول الاوربية وما زالت تتجرع صعوباته حثها على وضع قواعد جديدة وإعادة صياغة الكثير من قراراتها وافكارها بما يتناسب والوضع الجديد من اجل الوقوف على ركائز أفضل واقوى من السابق، وقد حققت حتى الان بعضاً من هذه النجاحات.

توافق مصرفي

حيث توصل وزراء المال الاوروبيون مؤخراً الى توافق هام حول الاتحاد المصرفي، المشروع المعقد الذي كان موضع جهود حثيثة بهدف تجنيب منطقة اليورو ازمة جديدة، واعلن وزير الاقتصاد والمال الفرنسي بيار موسكوفيسي مبديا ارتياحه بعد مفاوضات استمرت اكثر من 12 ساعة في بروكسل "انه اتفاق هام، اتفاق حاسم، اتفاق ذو ابعاد تاريخية"، من جهته قال وزير المال الالماني فولفغانغ شويبله باسلوب اكثر تحفظا "انه يوم جميل" فيما تحدث المفوض الاوروبي المكلف الخدمات المالية ميشال بارنييه عن "يوم مشهود" و"تغييرات ثورية في القطاع المالي الاوروبي"، وسيسمح الاتفاق بإنشاء الية فريدة لاتخاذ القرار تكلف تنظيم الافلاس المحتمل لمصارف في منطقة اليورو، وستشكل هذه الالية الركيزة الثانية للاتحاد المصرفي ويفترض ان تسمح بتفادي انعكاس الازمات المصرفية على مالية الدول في منطقة اليورو، اما الركيزة الاولى، فهي حق الاشراف الفريد الذي منح الى البنك المركزي الاوروبي والذي سيدخل حيز التنفيذ في نهاية 2014 وقد تطلب هو ايضا مفاوضات مطولة وشاقة قبل عام بالتمام، وتنطلق آلية القرار عام 2015 وتطبق مباشرة على المصارف ال130 الاهم في منطقة اليورو كما على المصارف عبر الحدود، ويتم انشاء مجلس قرار مهمته البت في اعادة رسملة مؤسسة معينة او تصفيتها، وتستكمل الالية بانشاء صندوق وحيد يستخدم بصورة اساسية لتنظيم افلاس مصرف او تمويل كلفة اعادة هيكلته، على ان يبدأ العمل تدريجيا اعتبارا من العام 2016، وسيكون ممولا من القطاع المصرفي الا انه لن يعمل بشكل كامل قبل عشر سنوات، وهذا الصندوق الذي لم تكن برلين على الدوام موافقة على مبدأ وجوده حتى، سينطلق "مقسما"، وكل قسم منه ممول من مصارف بلد معين ولا يسمح سوى بدعم مصارف هذا البلد، غير ان الاقسام ستزول تدريجيا بعدها لقيام صندوق وحيد بعد عشر سنوات، وقبل اجتماع وزراء مالية الدول ال28 التقى وزراء مالية منطقة اليورو حصرا مساء الثلاثاء للاتفاق بشأن "شبكة امان" عامة يتعين اقرارها من اجل ان يتمكن النظام من العمل في انتظار ان يستكمل الصندوق قدراته التي يفرض ان تبلغ 55 مليار يورو عام 2026. بحسب فرانس برس.

وستشارك آلية الاستقرار الاوروبية، صندوق الاغاثة الخاص بمنطقة اليورو، في هذا النظام في حين كان الحل يصطدم حتى الان بمعارضة المانيا، لكن مشاركتها ستكون على اساس شكلها الحالي ولن يكون بوسعها بالتالي اقراض المصارف بشكل مباشر، وقال وزير المال الاسباني لويس دي غيندوس "المهم ان صندوق القرار سيكون الأداة الفعلية التي سنستخدمها، وهذه الأداة سيشكلها القطاع المصرفي نفسه"، وتطلب الامر العديد من الاجتماعات بين الوزراء واحيانا في لجان صغيرة للتغلب على نقاط التعثر المتواصلة واوضح موسكوفيسي انه "كما في كل تسوية قام كل فريق بحصته من التنازلات"، ومن بين هذه النقاط الصعبة تحديد الجهة التي تتخذ القرار الرسمي بتصفية مصرف، ومن المفترض لأسباب قانونية ان تكون هذه الجهة مؤسسة اوروبية وليس مجلس القرار غير ان المانيا كانت تعارض تكليف المفوضية الاوروبية وهو ما كانت فرنسا تدعو اليه، وفي نهاية الامر تم الاخذ برأي برلين وعلى هذا الاساس ستدخل قرارات مجلس القرار قيد التطبيق بعد 24 ساعة على صدورها ما لم يعارضها مجلس الاتحاد الاوروبي الذي يمثل الدول بناء على اقتراح من المفوضية. وهذه السرعة في التجاوب ستسمح بحسم مصير مصرف خلال عطلة نهاية اسبوع، قبل اعادة فتح الاسواق المالية، ومن النقاط الاخرى التي تعثرت عندها المفاوضات لوقت طويل القاعدة القانونية للآلية بمجملها، وامام اصرار برلين فان صندوق القرار سيقوم على اساس معاهدة بين الحكومات وحددت مهلة لمنطقة اليورو للتفاوض بشأنها حتى 1 اذار/مارس 2014، اما باقي الالية، فسيكون موكلا الى الاتحاد الأوروبي، وقال وزير المال السويدي اندرس بورغ الذي لا تنتمي بلاده الى منطقة اليورو انه "اتحاد مصرفي معقد" مبديا "شكوكا في ان يسمح بإحلال الثقة في الانتعاش الاقتصادي الاوروبي"، وكان من الضروري التوصل الى اتفاق قبل نهاية السنة من اجل ان تتم مناقشة النص مع البرلمان الاوروبي واقراره بشكل نهائي قبل الانتخابات الاوروبية في ايار/مايو 2014، كما كان الوزراء يخضعون لضغوط من رؤساء الدول والحكومات للتوصل الى اتفاق قبل انعقاد القمة الاوروبية في بروكسل، وهي الاخيرة للعام الجاري.

خطر تفشي الأزمات

من جهته قال وزير المالية الألماني فولفجانج شيوبله إنه لم يعد هناك أي مخاطر لتفشي الأزمة المالية في منطقة اليورو فيما شدد رئيس الوزراء اليوناني أنتونيس ساماراس على أن بلاده لا تحتاج إلى حزمة إنقاذ جديدة، وقال شيوبله إن الإنجازات التي حققتها اليونان على مدى الثمانية عشر شهرا الماضية جديرة بالاحترام بما فيها تحقيق نمو فاق التوقعات وإحراز تقدم في تقليص العجز في ميزانيتها، وأشار أيضا إلى انخفاض الفارق بين عوائد السندات الألمانية واليونانية، وأضاف شيوبله أن الأزمات الحكومية ومفاوضات تشكيل الائتلاف لم تعد تهدد بتفشي العدوى في منطقة اليورو ككل دون أن يوضح الدولة أو الدول التي يشير إليها، وقال شيوبله في مؤتمر نظمته صحيفة سودويتشه تسايتونج الألمانية في برلين "اليورو مستقر والأسواق المالية لم تعد قلقة على مستقبل منطقة اليورو ولم يعد هناك أي خطر لانتشار العدوى"، وأكد رئيس الوزراء اليوناني في المؤتمر أن بلاده ليست بحاجة إلى حزمة إنقاذ جديدة بل كل ما تحتاجه هو الوفاء بشروط برنامجها الحالي، وتقول أثينا إنها ستخرج العام القادم من ركود اقتصادي استمر ست سنوات وضاعفت توقعاتها لفائض الميزانية هذا العام قبل استقطاع مدفوعات الفائدة، ويعكف المقرضون الدوليون على إجراء أحدث مراجعاتهم لأداء اليونان بخصوص تلبية أهداف الإصلاح، ومن شأن تسجيل فائض في الميزانية قبل مدفوعات الفائدة أن يفسح المجال أمام اليونان لطلب تخفيف أعباء ديونها، وقال ساماراس "أعتقد أن هذا كاف، لا نحتاج إلى شيء آخر، لسنا بحاجة إلى برنامج جديد وإنما علينا فقط الالتزام بهذا البرنامج"، وبعد مراجعة الاقتصاد اليوناني على مدى أكثر من شهرين لم يوافق المقرضون بعد على تقديم الشريحة التالية من حزمة الإنقاذ المخصصة لليونان حيث اختلفوا مع أثينا بشان حجم الفجوة المالية للفترة 2014-2015 وكيفية سدها، ومن المقرر أن يعود مسؤولون من المقرضين الدوليين -وهم المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي- إلى اليونان في أوائل ديسمبر كانون الأول، وقال ساماراس "أعتقد أننا نحتاج في هذه المرحلة إلى استكمال العمل بحلول نهاية العام بالحصول على موافقة الترويكا (المقرضين الدوليين) على الشريحة التالية"، وشدد رئيس الوزراء على أن اليونان ليست بحاجة إلى مزيد من الوقت لتقليص ديونها، وقال "في هذه المرحلة أسير بخطى سريعة للغاية، لا أحتاج وقتا للانتظار"، وتواجه أثينا مدفوعات سندات قيمتها 1.85 مليار يورو (2.5 مليار دولار) في مطلع يناير كانون الثاني، وقالت اليونان إنها ستسجل فائضا أوليا في الميزانية قبل مدفوعات الفائدة هذا العام يعادل 0.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، لكن بموجب شروط حزمة الإنقاذ الدولية يجب على اليونان زيادة الفائض إلى 4.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2016، وكانت أثينا قالت إنها ستفي بهذا الهدف بدون اتخاذ المزيد من إجراءات التقشف التي لا تلقى قبولا شعبيا بفضل تعافي الاقتصاد وتحسن نظام تحصيل الضرائب، غير أن المقرضين الدوليين يشددون على ضرورة ان تتبنى أثينا المزيد من التخفيضات لشكهم في مدى إمكانية تحسن الوضع المالي اليوناني بفعل التعافي الاقتصادي ومكافحة التهرب الضريبي، وقال بول تومسن رئيس بعثة صندوق النقد الدولي الي اليونان إن هناك مجالا لتبني حل وسط لأن اليونان ومقرضيها متفقان على ضرورة تجنب الإجراءات الشاملة التي قد تضر باقتصاد البلاد، ونقل عن تومسن قوله في مقابلة مع صحيفة كاثيميريني "ستكون هناك حاجة الي مزيد من الإجراءات في 2014-2016 لكنها ستكون على نطاق أضيق بكثير مما سبق"، ويفهم من الإجراءات المالية "الشاملة" بصفة عامة أنها إجراءات مالية تؤثر على جميع السكان دون تمييز مثل الزيادات في الضرائب او تخفيضات في أجور العاملين بالقطاع العام ومعاشات التقاعد. بحسب رويترز.

كذلك خرجت اسبانيا في الفصل الثالث من حالة الانكماش الاقتصادي الغارقة فيها منذ عامين، مع نمو بنسبة 0,1 بالمئة، على ما رأى البنك المركزي، ما يعكس التحسن الطفيف المسجل في اوروبا على الرغم من انه لا يزال غير كاف لإنعاش العمالة والاستهلاك، وتأتي هذه الزيادة في اجمالي الناتج الداخلي "بعد تسعة فصول متتالية من الانخفاض"، كما ذكر البنك المركزي الاسباني الذي تؤكد المعطيات الرسمية المتوقع صدورها في 30 تشرين الاول/اكتوبر توقعاته عموما، ويشهد رابع اقتصاد في منطقة اليورو الذي تعرض في 2008 لازمة الرهنيات العقارية واندلاع الازمة المالية الدولية معا، ثاني حالة انكماش في غضون خمسة أعوام، لكن "الاقتصاد الاسباني واصل في الفصل الثالث تحسنه التدريجي الذي لوحظ منذ بداية العام في بيئة تميزت ببعض الانفراج في التوترات المالية وبتحسن الثقة"، كما اكد البنك المركزي الذي اوضح ان النهوض الاقتصادي يستفيد من حافز الصادرات، ورد المحلل هولغر شميدينغ من بنك برنبرغ في مذكرة على الوضع بالقول "الاسوأ ولى"، مشيرا الى ان "الدول الغارقة في ازمات في منطقة اليورو تستعيد النمو واحدة تلو الاخرى على اثر انكماش قوي للغاية"، وعودة اسبانيا الى الحالة الايجابية "ياتي بعد الانباء السارة الواردة من اليونان وايرلندا والبرتغال التي استأنفت النمو في الفصل الثاني" وفقا لوتيرة 0,6 بالمئة و1,1 بالمئة و0,4 بالمئة على التوالي، بحسب المحلل الذي توقع خروج ايطاليا من الانكماش في الفصل الرابع على ابعد تقدير وحتى اعتبارا من الفصل الثالث، وعلى الرغم من ان البنك المركزي الاسباني لفت الى ان "النهوض" في منطقة اليورو "سيتعزز شيئا فشيئا"، الا انه حذر من انه سيكون "فقط متواضعا وهشا وعرضة للتدهور مجددا"، وتبقى الديون العامة والخاصة مرتفعة جدا، كذلك يبقى خفض العجز العام اولوية وتبقى الظروف المالية صارمة الامر الذي يقلص التسليفات للأفراد والشركات: وهذه ثلاثة عوامل قد تنسف النمو المستقبلي بحسب البنك المركزي، وفي اسبانيا، سيكون النهوض متواضعا جدا مع توقع انخفاض اجمالي الناتج الداخلي بواقع 1,3 بالمئة هذه السنة ليعود الى الارتفاع بواقع 0,7 بالمئة في 2014، كما تتوقع الحكومة، وقال المحللون في قطاع المال "نتوقع ان يستمر تراجع مديونية القطاع الخاص والظروف المالية الصارمة والتصحيح الجاري في القطاع العقاري، في الحد من اي نمو اقتصادي كبير في اسبانيا في السنوات المقبلة"، ولن تكون اسبانيا وحيدة في تسجيل نمو ضعيف، فكتبت وكالة ستاندارد اند بورز للتصنيف الائتماني بشان فرنسا التي خرجت هي الاخرى من الانكماش، تقول ان "اسس نهوض متين وطويل الامد لم تتوافر بعد"، وذلك بسبب بطالة مرتفعة وصادرات خجولة جدا خصوصا، وتبقى العمالة بالفعل أكبر ورشة ينبغي تحسينها: في اسبانيا يتوقع البنك المركزي بالتأكيد ان خسارة الوظائف في الفصل الثالث كانت الاقل "منذ بداية الازمة"، لكن معدل البطالة يبقى قريبا من رقمه القياسي التاريخي (26,3 بالمئة في الفصل الثاني)، ورأى البنك المركزي الاسباني ان "الاحتمالات التي لا تزال غير مشجعة في سوق العمل" ستحول دون تحسن الاستهلاك على المدى القصير، وعلى الرغم من ان الحكومة تؤكد ان البلد سيبدأ مجددا في ايجاد وظائف في الفصل الثاني من 2014، فان المحللين متشائمون من جهتهم، فقد اعتبرت مؤسسة موديز اناليتيكس اخيرا ان "ايجاد الكثير من الوظائف في اسبانيا لن يحصل قبل 2016"، وقال بن ماي من كابيتال ايكونوميكس هو ايضا "نشك في امكانية الاقتصاد على تحقيق نمو قوي جدا لتسجيل خفض كبير في معدل البطالة والدين العام في السنتين المقبلتين"، ولا تتوقع الحكومة نفسها سوى انخفاض طفيف في معدل البطالة من 26,6 بالمئة في نهاية 2013 الى 25,9 بالمئة في 2014، والتشاؤم نفسه يسري بالنسبة الى منطقة اليورو التي ستستأنف النمو في الفصل الثالث مع اجمالي ناتج داخلي توقعت المعاهد الاوروبية الثلاثة، المعهد الوطني للإحصاءات الاقتصادية (فرنسا) وايفو (المانيا) وايستات (ايطاليا)، ارتفاعه بواقع 0,1 بالمئة، وحذرت هذه المعاهد من ان "سوق العمل لن تتحسن الا بشكل محدود" من الان وحتى بداية 2014 وان "القوة الشرائية ستبقى واهنة" على الرغم من هذه الانطلاقة.

نقطة تحول

من جهته أخرى قالت المفوضية الأوروبية إن الاقتصاد الأوروبي وصل إلى "نقطة تحول"، لكن منطقة اليورو ستحقق نموا بسرعة أقل مما كان متوقعا، وقالت المفوضية إن هناك "بوادر أمل" كانت قد بدأت في التحول إلى "نتائج إيجابية ملموسة"، لكن المفوضية الأوروبية توقعت نموا اقتصاديا في منطقة اليورو التي تضم 18 دولة بنسبة 1.1 في المئة العام المقبل، ويمثل ذلك تراجعا للمرة الثانية في توقعات النمو الاقتصادي لمنطقة اليورو لعام 2014، بعد أن انخفضت تلك التوقعات من 1.4 في المئة إلى 1.2 في المئة في مايو/آيار الماضي، وتوقعت المفوضية الأوروبية أن تحقق منطقة اليورو نموا بنسبة 1.7 في المئة عام 2015، وفي دول الاتحاد الأوروبي عموما، توقعت المفوضية أن يصل النمو إلى 1.4 العام المقبل، وإلى 1.9 في المئة في عام 2015، وقال جوناثان لوينز، كبير الخبراء الاقتصاديين الأوروبيين بمؤسسة كابيتال إيكونومكس للاستشارات الاقتصادية، إن تلك التوقعات المنخفضة تعكس "البطء العام" للاقتصاد في منطقة اليورو، وأضاف: "إن وضع منطقة اليورو لا يزال مخيفا حقا، وحتى هذه التوقعات من المحتمل أن تكون متفائلة جدا"، ورفعت المفوضية الأوروبية توقعاتها للنمو الاقتصادي في المملكة المتحدة بشكل كبير، وذلك من 0.6 في المئة إلى 1.3 في المئة لهذا العام، ومن 1.7 في المئة إلى 2.2 في المئة لعام 2014، وقال أولي رين، مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الاقتصادية والمالية، إن المفوضية تتوقع عجزا محتملا في الميزانية لدى كل من فرنسا واسبانيا، مما قد يضطرهما إلى بذل مزيد من الجهود لتصحيح ذلك الوضع، وأضاف رين: "لقد منحنا مهلة لمدة عامين لإعطاء هذين البلدين فرصة لالتقاط الأنفاس، ولكي يباشرا إصلاحات اقتصادية جادة"، وقال رين إن تفاصيل أخرى ستعلن الأسبوع المقبل خلال مناقشة ميزانيات دول منطقة اليورو لعام 2014، وقال المفوض الأوروبي: "هناك إشارات متزايدة على أن الاقتصاد الأوروبي قد وصل إلى نقطة تحول"، لكن رين حذر في الوقت نفسه من أن معدلات البطالة في دول منطقة اليورو ستظل مرتفعة، وأضاف: "من السابق لآوانه أن نعلن الانتصار، فالبطالة لا تزال عند معدلات مرتفعة بشكل غير مقبول"، وتتوقع المفوضية الأوروبية أن تظل البطالة في منطقة اليورو العام القادم عند معدلاتها الحالية التي تصل إلى 12.2 في المئة، وهو ما يمثل ارتفاعا طفيفا عن التوقعات السابقة التي كانت تقدرها بنسبة 12.1 في المئة، كما توقعت أن تظل معدلات البطالة في إطار المستوى الحالي للعامين القادمين، لتبلغ 11.8 في المئة عام 2015، كما حذرت المفوضية أيضا من أن الانتعاش الاقتصادي المتوقع سيكون تدريجيا كذلك، وقال رين: "بالرغم من تحسن وضع الأسواق المالية بشكل ملحوظ، وانخفاض معدلات الفائدة في الدول الضعيفة اقتصاديا، لم يُجد ذلك نفعا حتى الآن في تحقيق تحسن في الاقتصاد الحقيقي"، وتتوقع المفوضية أيضا أن يكون الركود الاقتصادي في اليونان أقل حدة مما كانت عليه التوقعات السابقة، حيث تتوقع أن يبلغ 4 في المئة مقارنة بـ 4.2 في المئة في السابق.

فيما اكد الاتحاد الاوروبي في بيان ان المؤسسات التابعة له توصلت لاتفاق بشأن ميزانية 2014 بعد مفاوضات شاقة ليلا، وبموجب اتفاقية التسوية، تتضمن الميزانية 135,5 مليار يورو (181,5 مليار دولار) بشكل مدفوعات و142,6 مليار يورو بشكل تعهدات، بحسب البيان، وتواصلت المفاوضات حتى ساعة مبكرة لحل خلاف بشأن نفقات السنة القادمة بين هيئات الاتحاد الثلاث، دول الاتحاد ال28 والبرلمان الاوروبي والمفوضية الاوروبية التنفيذية، والحكومات المؤيدة للتقشف ارادت ان تبقي المدفوعات دون 135 مليار يورو، والتي كانت اقل بمليار يورو ومليار ونصف المليار يورو عن تلك التي طالبت بها المفوضية والبرلمان على التوالي، وقال الغيمنتاس ريمكوناس نائب وزير مالية ليتوانيا الرئيس الدوري الحالي للاتحاد الاوروبي "اتفقنا على تعزيز تمويل اولويات مثل النمو الاقتصادي والوظائف والابتكار والمساعدات الانسانية"، وقال في بيان "تمت تقوية وكالات الاتحاد الاوروبي المسؤولة عن الهجرة واللجوء وضبط الحدود وكذلك سلطات الاشراف المالي الاوروبية"، وميزانية 2014 تقل بأكثر من تسعة بالمئة عن مثيلتها العام الماضي: الانفاق اقل بنسبة 9.4 بالمئة والمدفوعات اقل ب9,5 بالمئة عن ميزانية 2013، ومن المرتقب ان يوافق الوزراء والمشرعون على الميزانية الجديدة يومي 19 و20 تشرين الثاني/نوفمبر، ويمهد اتفاق الميزانية ايضا الطريق امام البرلمان الاوروبي لتبني الميزانية الاوروبية الطويلة الامد البالغة ترليون يورو للاعوام 2014-2020، وتم تأجيل التصويت على ميزانية السبع سنوات المعروفة باسم "الاطار المالي المتعدد السنوات" الى 19 تشرين الثاني/نوفمبر بسبب الخلاف على ميزانية 2014.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 28/كانون الأول/2013 - 24/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م