كرة القدم.. لعبة تسحر العالم وتقتاد على الفساد

 

شبكة النبأ: تعتبر كرة القدم من اقدم وأكثر الالعاب الرياضية انتشارا في العالم كانت ولاتزال محط اهتمام الكثير من الدول ووسائل الاعلام التي تسعى وبشكل مستمر النقل كل ما هو جديد ومميز من اخبار وبطولات عالمية او محلية، ويحكم كرة القدم الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا الذي يقوم بتنظيم هذه اللعبة وقوانينها حول العالم. وفقا للإحصائيات السابقة التي أعلنتها الفيفا FIFA في عام 2001 ، فإن أكثر من250 مليون شخص يلعبون كرة القدم بانتظام في أكثر من 200 بلدة في كل أنحاء العالم، وهو ما جعلها من اولويات الكثير من الحكومات التي بادرت الى رعاية ودعم الأندية الرياضية و تنظيم المنافسات الدولية والمحلية كما يقول بعض الخبراء، الذين اكدوا ايضا على ان هذه اللعبة وعلى الرغم من القوانين المعمول بها لاتزال تعاني الكثير من المشاكل والازمات والفضائح المالية والادارية، وفيما يخص اخر اخبار كرة القدم فقد دعا رئيس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم الفرنسي ميشال بلاتيني الى اجراء تحقيق داخلي بسبب امتناع الحكم عن تطبيق بنود قانون ضد العنصرية في الملاعب الاوروبية خلال مباراة سسكا موسكو الروسي وضيفه مانشستر سيتي الانكليزي في دوري ابطال اوروبا.

واعلن الاتحاد الاوروبي لكرة القدم ان بلاتيني طالب بتحقيق داخلي لمعرفة السبب الذي يقف خلف عدم تطبيق البنود التي تسمح للحكم بإيقاف المباراة لفترة او نهائيا في حصل اطلق الجمهور هتافات عنصرية او قام بتصرفات عنصرية تجاه لاعب ما. وسبق للاتحاد الاوروبي ان فتح تحقيقا بحق سسكا موسكو بسبب تصرف جمهوره وذلك بعد ان كشف لاعب وسط مانشستر سيتي الدولي العاجي يايا توريه انه كان عرضة لإهانات عنصرية (صرخات القردة).

لكن بلاتيني الذي جعل من مكافحة العنصرية في الملاعب الاوروبية اهم اولوياته، يريد ان يعلم لماذا سمح الحكم بمواصلة اللعب ولم يقم بإيقاف المباراة كما ينص قانون مكافحة العنصرية الذي يقول انه وفي حال صدور اناشيد وهتافات عنصرية من قبل الجمهور، فعلى الحكم ايقاف المباراة والتوجه الى الجمهور عبر مكبرات الصوت في الملعب من اجل الامتناع عن هذه المخالفات.

لكن اذا بقي الامر على حاله يجب ان يوقف المباراة وان يطلب من اللاعبين مغادرة ارضية الملعب قبل ان يتوجه الى الجمهور مجددا عبر مكبرات الصوت، وفي حال اصر الجمهور على اطلاق الهتافات العنصرية بعد انطلاق المباراة مجددا، فعلى الحكم ان يوقفها بشكل نهائي. ويعتزم الاتحاد الاوروبي ان يكشف علنا عن نتائج تحقيقه الداخلي بشأن هذه المسألة التي ازعجت توريه كثيرا وهو قال بهذا الصدد: انه امر لا يصدق ومحزن جدا جدا"، مضيفا في تصريح لتلفزيون "سكاي" البريطاني بعد المباراة: نريد ايقاف هذا الامر وعلى الاتحاد الاوروبي ان يكون قويا، عليه ربما ان يقفل الملعب، دون ان يستبعد فكرة مقاطعة اللاعبين السود لمونديال 2018 الذي يقام في روسيا، وذلك بسبب عنصرية الجمهور المحلي.

وكان التعليق الاول على مسألة تهديد اللاعبين السود بمقاطعة مونديال 2018 من قبل المدرب البرتغالي لتشلسي الانكليزي جوزيه مورينيو الذي رأى انه من الخطأ القيام بخطوة من هذا النوع، مضيفا انا احترم رأيه (توريه) لكني لست موافقا عليه. انا اخالفه الرأي لان تاريخ كرة القدم قد صنع من قبل لاعبين من اعراق مختلفة واللاعبون السود قاموا بمساهمة مذهلة لتصل كرة القدم الى ما هي عليه.

ونصح مورينيو في مؤتمر صحافي عشية الموقعة المرتقبة بين تشلسي وسيتي ضمن منافسات الدوري الانكليزي الممتاز، توريه بالذهاب الى كأس العالم لأنها المسرح الذي تتواجد فيه جميع الاعراق ومن كافة القارات واللاعبون السود مهمون جدا في هذه البطولة الاهم على الاطلاق. وتابع "من هو اهم؟ المليارات من الناس الذين يعشقون هذه اللعبة من حول العالم او بضعة الاف من المشجعين الذين يذهبون الى ملاعب كرة القدم من اجل التصرف بشكل مشين بحق اللاعبين السود. وواصل لو كنت لاعبا اسود لقلت بان المشجعين بالمليارات هم اهم بكثير. لنكافح الالاف (اي الجمهور العنصري) ونمنح المليارات ما يريدونه: افضل كرة قدم. كرة القدم من دون اللاعبين السود ليست في افضل حالاتها.

على صعيد متصل اعلنت المفوضية الاوروبية انها فتحت تحقيقا شاملا بحق سبعة اندية اسبانية، بينها العملاقان ريال مدريد وبرشلونة، وذلك للاشتباه بتلقيها مساعدات غير قانونية من الدولة. وقال المفوض المسؤول عن التحقيق، الاسباني خواكين المونيا، انه يجب ان تدار الاندية المحترفة بشكل جيد ولا يجب ان تناشد دافعي الضرائب، اي الحصول على مساعدات من الدولة يتم تمويلها من ضرائب الشعب. واضاف يجب على الدول الاعضاء والسلطات العامة الامتثال لقواعد الاتحاد الاوروبي بشأن مساعدات الدولة في هذا القطاع كما هو الحال في جميع القطاعات الاقتصادية.

ويطال التحقيق، الى جانب ريال مدريد وبرشلونة، كلا من اتلتيك بلباو واوساسونا وفالنسيا وهركيليس والتشي. وتسعى المفوضية التي تتخذ من بروكسل مقرا لها، الى تحديد اذا ما استفادت اندية ريال مدريد وبرشلونة واتلتيك بلباو واوساسونا من الاعفاءات في الرسوم الاجتماعية والديون الضريبية على نحو غير ملائم. كما تسعى ايضا الى التحقق من قانونية القروض الممنوحة من قبل سلطات مدينة فالنسيا الى اندية فالنسيا واليكانتي والتشي.

وتريد المفوضية ايضا التحقق من المعاملات العقارية المحيطة بالملاعب الخاصة بريال مدريد. وسبق لوزير الخارجية الاسباني خوسيه مانويل غارسيا مارغايو ان اعرب عن قلقه ازاء ما يترتب عن قرار اجراء تحقيق شامل من هذا النوع، وهو قال على هامش اجتماع في بروكسل مع نظرائه الاوروبيين: استنادا الى ما اعرفه، ليس هناك اي شيء غير قانوني. لكني قلق من الضرر الذي يمكن ان يسببه هذا الامر على الاندية. الحكومة (الاسبانية) ستدافع عن الاندية حتى النهاية.

وبدوره، ذكر ميغيل كاردينال، رئيس المجلس الاعلى للرياضة في اسبانيا، بان الضرائب التي تتحملها الاندية الكروية في اسبانيا اثقل بكثير من تلك التي تتحملها الاندية في الدول الاوروبية الاخرى مثل المانيا وانكلترا وفرنسا او ايطاليا. واضاف نحن نتحدث عن مؤسسات تدفع في بعض الحالات، وبحسب رقم حصلت عليه مؤخرا، اكثر من 170 مليون يورو. بحسب فرانس برس.

وفي حال اظهر هذا التحقيق بان هذه المساعدات تتعارض مع قوانين الاتحاد الاوروبي، فبإمكان المفوضية مطالبة الاندية بإعادة الاموال، وذلك في وقت تعاني فيه الاندية الاسبانية من الديون الطائلة المتوجبة عليها. وسبق للمفوضية الاوروبية ان فتحت تحقيقا مماثلا بحق اندية بريطانية وهولندية.

هدف عجيب

في السياق ذاته سجل مهاجم باير ليفركوزن ستيفان كيسلينغ هدفا عجيبا حيث دخلت كرته المرمى من الشباك الخارجي ما ادى الى فوز فريقه على هوفنهايم 2-1 في افتتاح المرحلة التاسعة من الدوري الالماني لكرة القدم. وجاء هدف كيسلينغ في الدقيقة 71 عندما ارتقى لمتابعة كرة من ركلة ركنية من الجهة اليسرى فارسلها قوية برأسه هزت الشباك الجانبي الخارجي ثم دخلت الى المرمى. واحتسب الحكم الهدف رغم احتجاج لاعبي هوفنهايم على اعتبار ان الكرة دخلت الى المرمى من فجوة في الشباك الجانبي. وتصدر باير ليفركوزن بهذا الهدف ترتيب الدوري الالماني مؤقتا رافعا رصيده الى 22 نقطة بفارق نقطتين امام بايرن ميونيخ المتصدر السابق.

وكان ليفركوزن افتتح التسجيل عبر سيدني سام في الدقيقة 26، وجاء هدف هوفنهايم عبر سفن شيبلوك قبل دقيقتين من نهاية المباراة. وليست المرة الاولى التي يسجل فيها لاعب في المانيا هدفا وهميا، اذ ان المدافع توماس هيلمر فعل ذلك في 23 نيسان/ابريل 1994 في المباراة التي فاز فيها فريقه بايرن ميونيخ على نورمبرغ 2-1 ايضا، علما ان كرته لم تدخل المرمى. واحتج نورمبرغ حينها على صحة الهدف، فأعاد الاتحاد الالماني المباراة وفاز بها بايرن مجددا بخماسية نظيفة.

وتقدم هوفنهايم بدوره بطلب الى الاتحاد الالماني لكرة القدم مطالبا بإعادة المباراة، وسيبدأ الاخير تحقيقاته بها الموضوع، حيث ستجتمع المحكمة الرياضية التابعة له للتحقيق في صحة الهدف. وقال مدرب كيسلينغ ماركوس غيسدول مباشرة بعد المباراة اعتقد اننا سندرس الاعادة، مضيفا لا يمكن اعادة مباراة لبايرن وعدم اعادتها لهوفنهايم ايضا. بحسب فرانس برس.

من جهته، قال كيسلينغ انه صدم في الوهلة الاولى بقوله الجميع كان يركض الي، فماذا يمكنني ان افعل؟. وتابع بصراحة، لم اكن قادرا على الحكم بما رأيت عندما كشف لاعبو هوهنهايم عن الفجوة في الشباك. وتظهر ردة الفعل الاولية لكيسلينغ انه هز برأسه بعد الكرة الرأسية، ما يدل على تحسره على اهدار الفرصة. لكن الحكم فيليكس بريتش لم يغير قراره كانت لدي بعض الشكوك، لكن ردة فعل اللاعبين كانت واضحة. واضاف تابعت الامر مع كيسلينغ، ولكن احدا لم يقل انه لم يكن هدفا، الكرة كانت في المرمى وبالنسبة لكل من كان على ارض الملعب فانه هدف شرعي. وذهب مدير نادي هوفنهايم الكسندر روسن بعيدا بالقول انها فضيحة. انه ليس هدفا".

ماركة عالمية

الى جانب ذلك كشف المدير التنفيذي لباريس سان جرمان الفرنسي جان كلود بلان بان نادي العاصمة يطمح لان يكون بين "افضل 10 ماركات" في العالم الرياضي وان ينافس اندية كروية مثل ريال مدريد وبرشلونة الاسبانيين ومانشستر يونايتد الانكليزي. ومنذ ان وصل القطريون الى سان جرمان في صيف 2011 تحول النادي الباريسي من قوة محلية اساسية الى احد اللاعبين الكبار على الساحة القارية.

لكن طموح سان جرمان لا يقف عند هذا الحد بحسب ما اكد بلان لصحيفة "لي زيكو"، قائلا: طموحنا ان نجعل باريس سان جرمان ماركة رياضية عالمية. نريد ان نصبح بين افضل 10 ماركات الى جانب ريال مدريد، برشلونة، مانشستر يونايتد، فيراري (فورمولا واحد) او اول بلاكس (المنتخب النيوزيلندي للركبي). وتابع المدير التنفيذي السابق ليوفنتوس الايطالي: في الرياضة هناك اندية، وبغض النظر عن المواهب الموجودة فيها، بالكاد معروفة خارج مدينتها او بلدها. دورتموند (الالماني) فريق ممتاز، لكن امكانياته الاعلامية محدودة بواقع الامر. نحن محظوظون لانه باستطاعتنا استغلال صورة باريس (العاصمة الفرنسية).

وفي حين ان العاصمة الفرنسية تؤمن لسان جرمان هالة خاصة، فهذا لا يعني بان هذا الامر سيكون كافيا من اجل تأمين التمويل اللازم لابقاء الفريق منافسا في ارضية الملعب. ويبدو ان الادارة القطرية لنادي العاصمة وضعت مخططا لإبقاء الفريق في دائرة الصراع مع الكبار، وذلك بحسب الوثيقة التي كانت موجهة الى الرئيس القطري لسان جرمان ناصر الخليفي وتم تسريبها مؤخرا الى وسائل الاعلام.

وتظهر هذه الوثيقة بان النادي يسعى الى رفع ميزانيته بخمسة اضعاف عما هي عليه الان، ما يعني ان مبلغ ال9ر93 مليون يورو التي انفقها النادي خلال موسم 2010-2011 ستصبح في حال نجحت الخطة 540 مليون يورو وصولا الى موسم 2016-2017، ما سيسمح له بمقارعة اكبر اندية العالم.

"يجب ان نفوز"، هذا ما قاله بلان للصحيفة الاقتصادية، مضيفا لكن علينا ايضا ان نمنح انفسنا الوسائل التي تخولنا الفوز. لهذا السبب، ومن بين الان وعام 2015، نسعى الى الوصول لميزانية من 500 مليون يورو. حينها سنكون على نفس المستوى مع فرق مثل ريال مدريد. لقد قطعنا شوطا كبيرا، ففي 2011 كانت ميزانيتنا اقل من 90 مليون يورو. وصلنا الان الى 400 مليون يورو وما زال امامنا نسبة 20 بالمئة للوصول الى ما نريده.

ولعب بلان دورا هاما في اتمام صفقات رعاية مربحة جدا للنادي الباريسي مع شركات مثل نايكي وطيران الامارات، اضافة الى التوصل لاتفاق مع مشغل الهواتف القطري "اوريدو" من اجل ان يطلق الاخير اسمه على المركز التدريبي للنادي. واشار بلان الى ان جميع الاندية تعتمد على عائدات بيع التذاكر، الاطعمة، المشروبات، مقصورة كبار الشخصيات، المتاجر المخصصة للمشجعين، الى جانب عائدات حق النقل التلفزيوني والمسابقات الاوروبية والسلع والرعاة، مضيفا بالنسبة لنا، نحن الذين نسعى الى تحقيق ما نريده بشكل سريع، يجب ان نستلهم من الامور التي تعمل حاليا، لكن علينا ايضا ان نجد مصادر اخرى للعائدات.

وسيكون القسم الاكبر من العائدات الجديدة التي سينالها النادي قادما من الاتفاق الذي اعلن مؤخرا مع الهيئة العامة للسياحة في قطر، اذ من المتوقع ان يحصل سان جرمان على 200 مليون يورو سنويا. ولم يسلم سان جرمان وصفقاته من الانتقادات وابرزها لرئيس نادي ليون جان ميشال اولاس الذي رأى بان هذه الاتفاقات التجارية مخالفة لقاعدة الروح الرياضية المالية التي يفرضها الاتحاد الاوروبي لكرة القدم على الاندية. بحسب فرانس برس.

ولم يتجاهل سان جرمان هذه القاعدة، اذ تقدم فيليب بواندريو، نائب المدير العام للنادي المتخصص بالشؤون المالية، من الاتحاد الاوروبي لكرة القدم بكشف مالي للتأكيد بان كل ما يقوم به النادي قانوني. وينتظز سان جرمان الان القرار الذي سيتخذه الاتحاد الاوروبي بهذا الشأن خلال العام الجديد.

150 عام ولقب يتيم

من جهة اخرى يتغنى الانكليز بانهم مهد كرة القدم ويفتخر الاتحاد الانكليزي للعبة بانه الاكثر "تعميرا" بين نظرائه في العالم اجمع، لكن التاريخ العريق لا يعني الكثير في معادلة الحسابات لان حصيلة المنتخب الوطني طيلة هذه الاعوام لم تكن سوى لقب يتيم توج به في مونديال 1966 بطريقة مثيرة للجدل على حساب المانيا الغربية (4-2 بعد التمديد).

وها هو الاتحاد الانكليزي يتحضر لكي يحتفل بذكرى 150 عام على تأسيسه دون ان يجد ما يعتمد عليه كإنجاز في مشواره الطويل باستثناء تلك الكأس التي احرزوها بطريقة مثيرة للجدل بعد ان منحهم الحكم السويسري غوتفريد ديينست بعد استشارة مساعده السوفياتي توفيق باخماروف هدف التقدم 3-2 في الشوط الاضافي الاول رغم ان كرة جيوف هيرست ارتدت من العارضة ثم الارض قبل ان تشتت ودون ان تتجاوز باكملها خط المرمى.

ويدرك الانكليز ان الفشل الذي مني به منتخب بلادهم من مونديال الى اخر ومن كأس اوروبية الى اخرى يشكل مصدر احراج، ما جعل الرئيس الجديد لاتحاد اللعبة غريغ دايك الذي انتخب في تموز/يوليو الماضي، يركز على موضوع المنتخب الوطني الذي عجز عن مقارعة الكبار الاخرين مثل البرازيل وايطاليا والمانيا والارجنتين او حتى فرنسا رغم بعض الاسماء الكبيرة التي مرت فيه ولا تزال على غرار غاري لينيكر والن شيرر وديفيد بيكهام وصولا الى القائد الحالي ستيفن جيرارد.

والازمة التي يعيشها المنتخب الانكليزي لا تتعلق بالماديات على الاطلاق بل هناك انحدار فني متأثر بشكل كبير بغياب المواهب الشابة الواعدة، ما دفع الرئيس الجديد للاتحاد الى وضع برنامج يهدف الى تحسين تشكيل الشبان والسماح لهم بشكل خاص في ان يشقوا طريقهم الى اعلى المستويات. لكن الاتحاد الانكليزي يواجه معضلة حقيقية خارجة عن ارادته ومتمثلة بانه ليس باستطاعته ان يفرض الاصلاحات بمفرده دون الاحتكام الى رابطة الدوري الممتاز، السلطة الكروية المستقلة في بلاد مهد كرة القدم التي وعدت اقله على الورق بان تساعده في مهامه.

وقد اظهرت دراسة حديثة ان اقل من ثلث لاعبي الدوري الذي نصب نفسه افضل دوري في العالم بسبب النجوم العالميين الذي يلعبون فيه، بإمكانهم الدفاع عن الوان "الاسود الثلاثة"، وذلك لان رابطة الدوري الممتاز تبيع بطولتها بأسعار باهظة الى العالم بأجمعه وتؤمن للاندية المداخيل اللازمة ما يمكنها بان "تتألق" في اسواق الانتقالات وتتعاقد مع افضل اللاعبين الاجانب على حساب المواهب المحلية التي تجد نفسها امام نوعين من المنافسة القاتلة: منافسة النجوم الكبار ومنافسة اللاعبين الاجانب الذين يقبلون باللعب في الدوري الممتاز مقابل مبالغ زهيدة.

وكما ان الامور النادرة تكون مرتفعة الاسعار، فان الانكليز اصبحوا نوعا معرضا للانقراض وهذا الامر يرفع من اسعارهم في سوق انتقالات الدوري الممتاز وابرز دليل على ذلك اندي كارول الذي كلف ليفربول 41 مليون يورو للتعاقد معه عام 2011 من نيوكاسل رغم انه لم يقدم شيئا على الساحة الدولية.

والمعاناة الانكليزية اصبحت معلومة لدى الجميع وحتى ان مدرب تشلسي البرتغالي جوزيه مورينيو عرض على الانكليز مشورته في هذه المسألة التي اصبحت تشكل موضوعا استراتيجيا للاتحاد المحلي للعبة ورئيسه الجديد الذي اقتصر في خطته حتى الان على تشكيل لجنة تضم شخصيات كروية مختلفة ومن كافة الوظائف (اسماء كبيرة في اللعبة، اندية، مدربون...) لتوحيد الافكار المطروحة قبل اي مقترحات.

وعاد ليظهر الى الساحة مجددا اقتراح ان يفرض على الاندية اشراك عدد معين من اللاعبين المحليين، وهو ما يؤيده مدرب المنتخب السابق وعضو اللجنة الانقاذية حاليا غلين هودل. ولكن ماذا يقول الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" ورابطة الدوري الممتاز نفسها؟ ما هو مؤكد ان المسألة معقدة فان حتى الاسماء التي تم اختيارها ضمن اللجنة الانقاذية تولد الاستياء لدى البعض الذين انتقدوا بشكل خاص غياب السود عنها مع انهم لعبوا دورا اكثر من اساسي في ولادة "اسطورة" الكرة الانكليزي، ما دفع الاتحاد الى استدراك الموقف منذ ساعات معدودة بضم مدافع مانشستر يونايتد ريو فرديناند الى هذه اللجنة. بحسب فرانس برس.

لكن اسكات المطالبين بوجود السود في اللجنة لا يعني وضع حد لمطالب "المعارضة" التي اخذت الان من غياب العنصر النسائي عنها حجة لتوجيه انتقاد اخر لها، ما سيدخل الاتحاد في المعمعة البيروقراطية التي ستلهيه عن الهم الاساسي وهو ان يرتقي المنتخب الانكليزي الى مستوى عراقته "الزمنية" وان يفرض نفسه بين كبار الكرة المستديرة.

ملحمة الفيفا

"اف 2014" رحلة عبر زمن ومحطات راسخة في تاريخ الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، فيلم يصوره فريدريك اوبورتن، سيناريو جان بول دلفينو، وينتظر ان يعرض في الصالات بدءا من ايار/مايو المقبل، اي قبل شهر من موعد انطلاق كأس العالم في البرازيل وانعقاد الجمعية العمومية للاتحاد الدولي، ويعتبره مخرجه ملحمة الـ"فيفا" من دون ان ينحصر بكرة القدم.

يتناول الفيلم قصة تبدأ في عام 1902 اي قبل عامين من تأسيس الاتحاد الدولي، وتنتهي مع الاحتفالات بالعيد المئوي عام 2004. وهي قصة رجالات ارسوا مؤسسة نجمتها المشرقة بطولة كأس العالم. مزج بين مشاهد مصورة في اماكن مختلفة ومشاهد اعيد تركيبها استنادا الى الارشيف او لقطات حقيقية منه تستخدم في سياق حبكة الفيلم وتطورات وقائعه.

وتتطرق القصة الى اجتماعات امستردام على هامش الدورة الاولمبية عام 1928، وتحرك المعنيين في الـ"فيفا" لاطلاق مسابقة او بطولة تسمح للاعبين المحترفين خوضها على عكس المنافسات الاولمبية. وقد ولدت بعد عامين النسخة الاولى من المونديال. واوبورتن الشغوف بكرة القدم و"المناخ" الذي يفيض منها "تراجيديا حياة"، يسعى لرواية التاريخ والعالم من خلال اللعبة الشعبية الاولى، مسلطا الضوء على دور "مجموعة مثاليين حاولوا توحيد الشعوب في مطلع القرن العشرين.

قبل جول ريميه الذي حملت كأس العالم اسمه، والذي خاض معارك في الحرب العالمية الاولى ووجد في المونديال وسيلة لارساء السلام العالمي، فكر روبير غيران (يلعب دوره الانكليزي نيكولاس غليفز)، الصحافي في "لوماتن" الذي ترأس الاتحاد الدولي عام 1904، في تنظيم كأس قارية جامعة، وكان معجبا بكرة القدم الانكليزية، وعبر المانش لاقناع "مخترعي كرة القدم الحديثة" بالانضمام الى مشروعه لكنه لقي استقبالا باردا.

وعلى ملاعب مدرسة الـ"بوليتكنيك" في باليزو اعيد تشييد مدرجات شبيهة بالموجودة في الملاعب الانكليزية وقتذاك، لتصوير مشاهد تعود الى تلك الحقبة. كما صورت مشاهد عن حقبة تأسيس الاتحاد الدولي، لا سيما الاجتماع الذي عقد بتاريخ 21 ايار (مايو) 1904 في الشقة الواقعة في 229 شارع سان هونوريه بباريس، بحضور مندوبي بلجيكا وسويسرا وهولندا وفرنسا. ويجسد الفرنسي جيرار ديبارديو شخصية ريميه الذي ترأس الاتحاد الدولي بين العامين 1923 و1954، بينما يؤدي النيوزيلندي سام نيل شخصية البرازيلي جواو هافيلانج، وتيم روث شخصية جوزف بلاتر.

ويعتبر الـ"فيفا" منتجا مساعدا في هذا الفيلم، تعاون ايجابيا وفتح خزائن وثائقه في زوريخ، وهي "كنز يجمع الحقيقة بالخيال" على حد تعبير اوبورتن، الذي لفت الى ان الاتحاد الدولي يشرف على مراحل التصوير لـ"ضمان الحقائق التاريخية"، علما ان العمل ليس استقصائيا، لكنه يضيء على تفاصيل ومحطات مثل اقالة بلاتر لامينه العام زفن روفينن بعد الجمعية العمومية في سيول 2002، اثر انتقاده لنهجه.

يعتبر ديبارديو ان ريميه وصل الى اهدافه بهدوء "على رؤوس اصابعه، وحمل اللعبة الى آفاق لا متناهية فبلغت بفضل جاذبيته حجما لا يقارن. ويصفه اوبورتن بـ"ستيف جوب كرة القدم"، فحين زار اميركا الجنوبية عام 1950، استقبل استقبال الابطال.

لكن هل استلهم المخرج في عمله فيلم "عربات النار" الذي يروي قصة العدائين الاولمبيين هارولد ابراهامز وايريك ليدل؟ لا ينكر اوبورتن ان المضمون العام يتناول قصصا انسانية وانفعالات، "هو فيلم عن القوة والسلطة والشغف". ويستفيد العمل من ارشيف "حي" غني متضمنا مثلا شريطا لرحلة منتخبات رومانيا وبلجيكا وفرنسا على متن الباخرة "كونت فيردي" الى اوروغواي عام 1930 والتي استغرقت اسبوعين، لخوض النسخة الاولى من المونديال. والهستيريا الجماهيرية في مونديال عام 1950 في البرازيل، حيث كان مليون شخص يحتفلون في الشارع. بحسب فرانس برس.

ومونديال الارجنتين 1978 "موشحا" بمشاهد للجنرال خورخي فيديلا الحاكم العسكري الذي تسلم السلطة اثر انقلاب على الرئيسة ايزابيلا بيرون، يسلّم منتخب بلاده كأس العالم. كما لا يغفل الفيلم "مباراة الموت" التي جمعت في كييف عام 1942 اف سي ستارت الذي يضم لاعبين قدامى في فريق دينامو مع جنود وطيارين في سلاح الجو الالماني. ويلخص اوبورتن هذه "الملحمة" بأنها "مزيج من اجواء جون هيوستن وديفيد بيكهام".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26/كانون الأول/2013 - 22/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م