حماس وسياسة التخبط..

أخطاء إستراتيجية تسبب رأب الصدع مع الحفاء

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: ربما تعيش حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة امام أصعب اختبار سياسي وشعبي منذ انشائها في عام 1995، فجميع المؤشرات لا تصب في صالحها، ويبدو ان الأخطاء الاستراتيجية التي قامت باتخاذها على المستوى السياسي قلبت موازين اللعبة الى مستوى اخر.

حماس ارتكبت الخطأ الأول باستعجال الامور في قضية سوريا بعد ان وقفت ضد الأسد وأغلقت مقرها هناك، بل وشاركت في القتال الى جانب المسلحين بحسب العديد من التقارير والمصادر المختلفة، الامر الذي اغضب سوريا وإيران وحزب الله أكثر الداعمين للحركة، فكانت العقوبة فورية بتقليل المساعدات وتدفق الأموال، إضافة الى الفتور الذي أصاب العلاقات المتبادلة بين حماس وإيران، ويبدوا ان الخطأ الاخر الذي وقعت فيه حماس –او سوء الطالع- عندما حاولت ان تنوع مصادر علاقاتها لتقليل الضرر الذي حاق بها بعد جمود علاقتها مع ايران والذهاب الى قطر الدولة المليئة بالغاز والدولارات –وهو ما تحتاج اليه حماس- لكن تنازل الأمير عن السلطة وتولي ولي العهد الشاب للحكم قلب الموازين وأعاد حسابات حماس من جديد.

خطأ اخر يضاف الى حكومة حماس بعد احداث مصر وتولي مرسي (الاخواني) للسلطة فيها، وهو امر ربما لم يكن حتى في أحلام حركة حماس ذات التوجه الاخواني، اذ لم تحاول مسك العصا من الوسط في مرحلة حساسة من تأريخ مصر واندفعت بعاطفة كبيرة في شأن تأنى فيه غيرها، الامر الذي انعكس ضدها لا حقاً بعد سقوط الاخوان وهدم الانفاق واتهامها من قبل الجيش بالعديد من القضايا كدعم الإرهاب وتهريب السجناء وغيرها.

الان وبعد ان ضاقت حماس ذرعاً بأخفافها السياسية التي انعكست سلباً على الشارع الفلسطيني وتردي الأوضاع الخدمية والمعيشية فيه الى حد غير مسبوق، تحاول جاهده الى رأب الصدع بينها وبين حلفاءها السابقين وتقليل الخسائر المتوالية التي عانت منها، وربما التفكير بطريقة جديدة للأحداث.

حماس وإيران

فقد صرح قيادي بارز في حركة المقاومة الاسلامية (حماس) ان العلاقات بين الحركة وإيران استؤنفت مجددا بعد فتور بسبب الموقف من الاحداث في سوريا، وقال القيادي البارز محمود الزهار في لقاء مع الصحافيين في غزة ان "العلاقة بيننا في حماس وبين إيران استؤنفت" مشيرا الى ان هذه العلاقة "كانت قد تأثرت بسبب الموضوع السوري، وخرجت حماس من سوريا كي لا تكون مع هذا الطرف او ذاك، وقد أكدنا اننا لا نتدخل بالشأن السوري او شان اي دول عربية اخرى"، وشدد الزهار "علاقتنا لم تنقطع مع ايران، ولا نريد ان نقطعها مع اي من الدول العربية حتى تلك التي تحاربنا"، واكد ان الاتصالات مع مصر مستمرة حول موضوع الوقود والمعابر والكهرباء لكنه قال انه "لا توجد اتصالات سياسية (مع القاهرة) لان النظام الحالي ضد اي اتصال سياسي بنا"، وقال الزهار "ايام (الرئيس المخلوع حسني) مبارك كانت سوداء، وما قيل اننا اخرجنا (الرئيس المعزول محمد) مرسي من سجنه وغيره فنحن امام حملة اعلامية كاذبة ومضللة لا تنسجم مع اخلاقيات وتاريخ مصر ويقودها بعض الاعلاميين وتهدف لتوريط حماس ظلما وعدوانا في الاعمال الارهابية دون ان يكون هناك اي دليل على ارض الواقع"، واوضح "لا خصومة اصلا مع مصر ولا نتدخل بالشأن المصري واثبتنا ذلك ومعركتنا فقط داخل حدود فلسطين وبندقيتنا لن تنحرف"، وفي اشارة ضمنية الى مصر وسوريا قال الزهار ان "الدول المركزية ضعيفة ومنشغلة بنفسها، لذا يمكن للقضية الفلسطينية ان تباع في اي لحظة" مشيرا الى ان الرئيس الفلسطيني محمود "عباس يفاوض الان على التنازل عن 1.9% من اراضي الضفة الغربية فيما يطلب (وزير خارجية الولايات المتحدة جون) كيري التنازل عن 7% وسوف تنفذ خيارات كيري واذا لم تصل السلطة (الفلسطينية) لاتفاق فانها قد توقع اوسلو2". بحسب فرانس برس.

ازمة الكهرباء والوقود

من جهته دعا اسماعيل هنية رئيس حكومة حماس في غزة قادة العالم للتدخل لحل أزمتي الكهرباء والوقود في غزة، وجاء كلام هنية امام عدد من الصحافيين خلال جولة تفقدية قام بها لعدد من المنازل والشوارع التي تضررت، بسبب الامطار الغزيرة والعاصفة الثلجية التي تشهدها الاراضي الفلسطينية، واشار هنية الى انه في الاربع والعشرين ساعة الاخيرة اجرى اتصالات هاتفية مع الرئيس محمود عباس ورئيسي وزراء قطر وتركيا اضافة الى وزير خارجية روسيا سيرغي لافرووف ودعاهم للتحرك في كافة الاتجاهات "من اجل تخفيف معاناة اهلنا في قطاع غزة وحل ازمتي الوقود والكهرباء وانهاء الحصار المفروض"، ونوه هنية الى ان طواقم الدفاع المدني والبلديات والطوارئ بإمكانياتهم المتواضعة، ونشطاء حركة حماس يعملون "لتقديم الاغاثة العاجلة لأبناء شعبنا المتضررين في هذا المنخفض"، والغت حماس كافة "المسيرات والفعاليات الشعبية" التي كانت تنوي تنظيمها غدا الجمعة لذكرى انطلاقتها بسبب الظروف الجوية الصعبة، ودعت عناصرها لمساعدة المتضررين، وفق بيان للحركة، وحث الدفاع المدني بغزة عشرات الاسر التي تسكن في محيط وادي غزة جنوب مدينة غزة لإخلاء منازلهم خوفا من غرقها بسبب ارتفاع منسوب المياه في الوادي بشكل كبير، وقالت وزارة الزراعة في حكومة حماس ان كمية الامطار التي هطلت على القطاع مؤخراً رفعت نسبة الامطار للموسم الحالي الى حوالي 150ملم وتعد الاكبر منذ سنوات حيث تجاوزت طاقة خطوط وشبكات المجاري غير المجهزة في كثير من مناطق القطاع، وادى تجمع مياه الامطار الى تعطل عدد من الشوارع الرئيسية حيث استخدم عدد من المواطنين زوارق والواح خشبية للتنقل بسبب ارتفاع مستوى المياه فيها الى حد غير مسبوق.

من جانب اخر يتنقل شاب بعربته التي يجرها حمار بين شوارع غزة لجمع اكوام من النفايات المتراكمة في الشوارع بدلا من شاحنات القمامة في بلديات القطاع التي توقفت عن العمل بسبب عدم توفر الوقود اللازم لتشغيلها، واضطرت بلديات القطاع الى الاستعانة بخدمات اصحاب عربات الحمير لتولي مهمة جمع القمامة بدلا من الشاحنات المتوقفة، وبينما يجر محمود ابو جبل (55 عاما) عربته في احد اكثر شوارع مدينة غزة حيوية، يسارع ابنه علاء ذو العشرة اعوام بقدميه الحافيتين لجمع اكياس القمامة على طول الشارع والقائها على ظهر العربة، ويقول الرجل الذي لم تمنعه الشرطة كعادتها من السير وسط هذا الحي الراقي "منذ ايام زاد علينا ضغط العمل بجمع النفايات، كنا في البداية نقوم بجمعها في محيط مستشفى الشفاء والان تكلفنا بجمعها من امام المنازل والمحلات لان سيارات النقل توقفت"، ويضيف مشيرا الى ابنه الذي كان منشغلا بكنس الارض ان "ابني هنا يساعدني لأنني مريض"، مؤكدا انه "لا بديل لدي عن العمل لأطعم ابنائي ال12 والحمار"، ويتابع ساخرا "لولا ازمة الوقود لما وجدنا فرصة عمل سيدفعون لنا 700 شيكل لا تكفي لسد حاجاتنا لكنها أفضل من لا شيء"، وفي القطاع تتراكم اكوام من النفايات بالقرب من حاويات القمامة بينما اعلنت وزارة الحكم المحلي والبلديات التابعة لحركة حماس التي تسيطر على القطاع الاحد عن توقف كافة شاحنات نقل النفايات العاملة في غزة لعدم توفر الوقود، وبدأت بدلا من ذلك بالاعتماد على نحو 430 عربة تجرها الحمير والاحصنة لجمع القمامة، ويقوم قرابة خمسمائة عامل في ساعات الفجر بجمع القمامة في كافة المناطق ونقلها الى حاويات كبيرة قبل نقلها الى ساحات غير مؤهلة خصصتها البلديات كمكبات مؤقتة للنفايات، وقال محمد الفرا وزير البلديات في مؤتمر عقده قرب مكب نفايات بجانب ملعب اليرموك وسط المدينة "تم وقف كل شاحنات انقل النفايات التي تجمع 1700 طن نفايات يوميا من كافة محافظات القطاع وقد ظهرت 10 مكبات عشوائية بين التجمعات السكانية ما يهدد بانتشار الاوبئة والامراض"، واشار الى ان حكومته "استقطعت جزءا من رواتب الموظفين لتشغيل 430 عاملا لجمع النفايات بواسطة عربات الحيوانات".

وتحتاج البلديات الى "150 الف لتر وقود شهريا يصعب توفيرها" بعد تدمير واغلاق مصر لمئات الانفاق على الحدود بين قطاع غزة ومصر التي اجت الى اندلاع ازمة وقود في القطاع الفقير، من جهته، يقول عبد الرحيم ابو القمبز مدير عام الصحة والبيئة في بلدية مدينة غزة "نعيش في ازمة صعبة وخطيرة جدا مئات الاف الاطنان من القمامة الان في شوارع غزة والذباب يطير فوقها بشكل غير مسبوق"، ويشرح ان بلديته كانت تعتمد على "70 شاحنة لجمع وترحيل القمامة ونقلها لمحطات معالجة النفايات الصلبة" ولكنها توقفت بسبب ازمة الوقود، وتابع ان الذين يقومون بالعمل "عمال يعملون بشكل جزئي مزودين ب250 عربة يجرها حمار او حصان القمامة بتكلفة 70 الف دولار شهريا"، واصفا ذلك "بالعبء الكبير"، وكانت منظمات اهلية وحقوقية اعربت الاربعاء عن قلقها العميق من تدهور الاوضاع الانسانية في قطاع غزة بسبب تفاقم ازمة نقص الوقود التي"تمس بشكل خطير بكافة المصالح الحيوية للسكان، بما في ذلك خدمات الصحة"، وكانت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة توقفت اوائل شهر تشرين الثاني/نوفمبر الجاري بسبب نقص في الوقود، ويشكو سكان القطاع من انقطاع الخدمات، حيث تقول ريم ابو صافية وهي المعلمة في مدرسة اساسية انها تمنع طلابها من الاقتراب من كومة قمامة في محيط مدرستها "خوفا من اصابتهم بالامراض"، ويشير حمد البل (37 عاما) وهو موظف في قسم النظافة في بلدية غزة يجمع بواسطة عربته التي يجرها حمار القمامة في المناطق الهامشية في اطراف مدينة غزة لكن ازمة توقف الشاحنات اجبرته العمل وسط منطقة الزيتون شرق غزة التي يسكن فيها، ويشرح الشاب "نبدا جمع القمامة في الساعة 4 فجرا لننتهي قبل التاسعة صباحا، وضعنا أصعب الان فنحن لم نتلق اي راتب منذ ثلاثة اشهر"، ويطعم الشاب محمد الترامسة (21 عاما) من مخيم الشاطئ الحمار الذي يجر العربة بقايا خضروات من كيس القمامة بينما يلقي ما جمعه في حاوية كبيرة بجانب مدرسة تابعة لوكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا)، ويقول "نحن نقبل بضغط العمل مهما كان صعبا حتى نتمكن من ان نعيش".

ضائقة مالية

فيما أعلن نائب رئيس الوزراء في حكومة حماس في غزة زياد الظاظا الاحد ان حكومته تواجه صعوبات مالية وتبذل لذلك "جهودا كثيرة من أجل تجاوز الضائقة قريباً"، وقال الظاظا حسب وكالة الراي الناطقة باسم حكومة حماس ان "الحكومة ليست في أزمة وإنما تمر في ضائقة مالية، ونبذل جهوداً كثيرة من أجل تجاوز الضائقة قريباً، ونحن لا نعمل على تأخير الرواتب ولكن ما نمرّ به يفرض ذاته على الواقع الذي نعيشه"، واضاف ان "آلية السلف (للموظفين) أيضاً تتعلق بآلية التعامل مع الضائقة المالية والوصول إلى الوضع الطبيعي"، وأشار الظاظا إلى "وجود إشكاليات اقتصادية نتيجة الحصار المتواصل على القطاع"، لافتاً إلى "مجهودات الحكومة في مواجهتها"، واوضح ان الحكومة "تتابع أوضاع قطاع غزة كافة والنتائج المترتبة على الحصار المتشدد على جميع أطراف الشعب الفلسطيني بكل جدية، وتتواصل مع كل الدول ذات العلاقة والتأثير في المنطقة خاصة في موضوع الكهرباء"، وقال" نتمنى أن نتوصل إلى نتائج إيجابية في الأيام القادمة بشأن الكهرباء وأن يكون هناك حلول قريبة ولكن حتى الآن لا يوجد أي معلومات أو تفاصيل يمكن الحديث عنها في هذا الإطار"، وطالب الظاظا "الجانب المصري بفتح المعبر والابتعاد عن الولوج في شبهة التورط في حصار غزة"، ويعاني سكان قطاع غزة من انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة تصل الى 18 ساعة يوميا بسبب توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع عن العمل لعدم توافر الوقود الصناعي اللازم لتشغيلها. بحسب فرانس برس.

هدم الأنفاق

في سياق متصل ورغم الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة استطاع رجل الأعمال محمد التلباني صاحب مصنع العودة أحد أكبر مصانع المواد الغذائية في غزة تنمية اعماله لكن أعيته الحيل، فبعد أن اغلقت الحكومة الجديدة التي يدعمها الجيش في مصر أنفاق التهريب التي كانت متنفسا لغزة أصبح يخشى لأول مرة أن ينجح الحصار في تضييق الخناق على أنشطته ويدفع بموظفيه وعددهم 400 إلى صفوف الفقراء، ومؤخراً اضطر لسداد 60 ألف شيقل (17 ألف دولار) لشراء وقود من إسرائيل لتشغيل مولداته الأربعة، وذكر أنه توقف عن العمل لمدة 11 يوما لكنه لا يزال يأمل أن يواصل أنشطته، وتابع "نحن نتكبد خسائر فادحة ولكنني لا أريد ولن أقوم باغلاق مصنعي، يجب علي أن أحافظ على زبائني حتى وان أدى ذلك الى أن أضحي بالربح أو اتحمل بعض الخسارة، وخلال سنوات الحصار الإسرائيلي ركن رجال الاعمال لاقتصاد يقوم على التهريب لكن بعض الاطاحة بحكومة الاخوان المسلمين في مصر واحكام الحصار على غزة يقول كثيرون في القطاع أن الاوضاع أقسى من اي وقت مضى، ونتيجة نقص الوقود توقفت محطة الكهرباء الوحيدة في غزة عن امداد نحو نصف السكان بالكهرباء وأدى عدم انتظام الامدادات البديلة من الشبكة الإسرائيلية لانقطاع الكهرباء لمدة تصل إلى 12 ساعة يوميا، ويغلف الظلام مدينة غزة اثناء الليل وهي تبعد 70 كيلومترا على ساحل البحر المتوسط عن تل ابيب المتلألئة، وتغلق المتاجر أبوابها مبكرا لتوفير استهلاك مولدات الكهرباء، ويشعر سكان الادوار العليا انهم محاصرون في منازلهم، وفي حين يسمع ازيز مولدات الكهرباء في منازل الاثرياء يغرق الفقراء في سكون ظلام دامس، ويقول أحمد حامد سائق سيارة اجرة "لا يوجد كهرباء ولا أي مصدر للطاقة لتدفئة البيت خلال الشتاء والمطر، نحن نلقي باللوم على الجميع. القادة في غزة وأولئك في الضفة الغربية وحتى على أوباما نفسه وكل من يتفرج علينا ونحن نعاني ولا يفعل شيئا هو شريك في المسؤولية"، ويقول سكان غزة إن المعاناة الاقتصادية تلقي بظلالها على الحياة في غزة أكثر من الخوف الازلي من الحرب مع إسرائيل، وكانت اخر اشتباكات خطيرة قبل ما يزيد عن عام ويبدو ان الجانبين ملتزمان بالهدنة التي تم التوصل إليها بوساطة الحكومة المصرية وكان يقودها آنذاك جماعة الاخوان المسلمين، ويعتبر الجيش الذي اطاح بالإخوان المسلمين في يوليو تموز حركة المقاومة الاسلامية (حماس) مصدر تهديد امني ومنذ ذلك الحين اغلق معظم الانفاق بين سيناء وغزة وعددها نحو 1200، وتحقق الهدف المرجو وهو منع وصول الأسلحة ولكن حرمت غزة من سلع أخرى مثل مواد البناء والاهم البنزين المصري الرخيص، وتقول مخابز ومطاعم وفنادق بل ومزارع إنها ربما تضطر لتقليص أعمالها أو الاستغناء عن عاملين كي تستطيع البقاء ما يعني مزيدا من المعاناة لسكان القطاع حيث تبلغ نسبة البطالة 32 في المئة، وفقدت حكومة حماس دخلها من الضرائب التي تفرض على التجارة عبر الانفاق وتأخر صرف أجور كثير من الموظفين العموميين في القطاع وعددهم 50 ألفا على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، ولأول مرة منذ عام 1995 الغت حماس الاحتفال بتأسيسها في 14 ديسمبر كانون الأول، وقالت حماس في بيان انها قرارها نابع من ادراكها لمعاناة مواطنيها، وتقول حماس إنها تبحت عن مصادر دعم أخرى، وقال غازي حمد وكيل وزارة الخارجية في حكومة حماس بغزة "نحن لا ندخر جهدا في مساعدة شعبنا وأهلنا للخروج من هذه المحنة، واننا نتحدث مع كل الدول والجهات سعيا في الوصول إلى حل"، وقال إن المحادثات تجري مع مصر بشأن أزمة الوقود والكهرباء مضيفا أن غزة تناشد دولا أخرى مثل قطر للحصول على مساعدات، كما حاولت حماس اصلاح العلاقات مع إيران التي قلصت تمويلها لها بعد ان تخلت الحركة عن مقرها في دمشق ودعمها للرئيس السوري بشار الأسد حليف إيران، وفي الداخل لا تبدي حماس تسامحا يذكر مع أي معارضة واسعة النطاق وتتهم جماعات حقوق الانسان الشرطة بفض التظاهرات متذرعة بان منظميها لم يحصلوا على ترخيص مناسب، وتخلت جماعة في غزة تمثلت بحركة تمرد المصرية التي قادت الاحتجاجات ضد جماعة الاخوان المسلمين عن فكرة تنظيم احتجاجات حاشدة في 11 نوفمبر تشرين الثاني خوفا على سلامة المشاركين، وهونت حماس من شأن حدوث تمرد واتهمت إسرائيل وخصوما فلسطينيين بالسعي لزعزعة النظام العام، وقال سعيد سمير محمد موظف عام (31 عاما) "من الطبيعي أن نطلب من حماس أن تجد حلولا ولكن لن نعفي أحدا من المسؤولية" مشيرا للسلطة الفلسطينية الحاكمة في الضفة الغربية بل وإسرائيل أيضا، وقبل اغلاق الانفاق مع مصر كان الاقتصاد الفلسطيني يتجه للتعافي من الدمار الذي خلفته حرب قصيرة في العام الماضي حسب احصاءات محلية ودولية، وذكر البنك الدولي ان الاقتصاد نما 12 بالمئة في الربع الأول من عام 2013 على عكس اقتصاد الضفة الغربية الذي انكمش 0.6 بالمئة، ويقول ماهر الطباع الخبير في اقتصاد غزة "يوجد فاقد في الناتج المحلى الاجمالي وهو ما يعتبر خسارة لكافة القطاعات الانتاجية حوالى 60 بالمئة أي حوالى 450 مليون دولار خلال 5 شهور نتيجة إغلاق الانفاق"، وصرح الطباع "بكلمات مختصرة فإن الأشغال في غزة في حالة انهيار بسبب الحصار وبسبب أزمة الوقود والكهرباء" وتوقع أن ترتفع نسبة البطالة في الربع الأخير من العام إلى 38 بالمئة، وتباطأ قطاع البناء إثر اغلاق الانفاق ولكنه توقف تماما بعدما منعت إسرائيل توريد مواد البناء عقابا لحماس بعد اكتشاف نفق تحت حدودها في اكتوبر تشرين الأول، وقالت الأمم المتحدة أن إسرائيل قررت استئناف نقل مواد البناء لمشروعات الأمم المتحدة في قطاع غزة، وتنفذ الأمم المتحدة مشروعات بناء بقيمة 500 مليون دولار تشمل بناء مدارس وشبكات مياه وصرف صحي ومساكن، وفي السوق السوداء ارتفع سعر طن الأسمنت أكثر من سبع مرات منذ يونيو ليصل إلى 2900 شيقل (أكثر من 800 دولار) من 400 شيقل، وتقول حماس إنها تحاول توفير فرص عمل ويقول بعض ملاك الشركات الخاصة انهم حصلوا على كميات من الوقود من احتياطيات الطوارئ التي تحتفظ بها الحكومة، وتتمركز الشرطة عند محطات الوقود ومستودعات انابيب غاز الطهي فيما وصفته حماس بإجراء وقائي لمنع التلاعب في الأسعار وسوء التوزيع، ورغم المعاناة يتحدى المواطنون الصعاب، ويقول أبو حسن الرجل المسن "غزة لن تموت مهما يحدث، في البداية يحاربوننا بالطائرات والدبابات واليوم يحاربوننا بالحصار وقطع الكهرباء". بحسب رويترز.

وقود قطري

من جهة أخرى سمحت اسرائيل بدخول 450 ألف لتر من الوقود سددت قطر قيمته لقطاع غزة كي يتسنى لمحطة الكهرباء الوحيدة في القطاع استئناف العمل، ويعاني قطاع غزة الذي يبلغ عدد سكانه نحو 1.8 مليون نسمة من فترات انقطاع للكهرباء تصل الى 12 ساعة يوميا منذ توقف محطة الكهرباء الوحيدة عن العمل قبل 43 يوما نظرا لنقص الوقود نتيجة اغلاق مصر انفاق التهريب، واستجابت قطر لمناشدة حكومة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة بعد هطول أمطار غزيرة على مدار أربعة أيام تسببت في سيول ادت لمقتلى شخصين واجلاء أكثر من خمسة آلاف شخص غمرت المياه منازلهم ويتعذر الوصول لعدد منها إلا بالقوارب، وستسدد قطر التي تنفق 450 مليون دولار على مشروعات انشائية في غزة عشرة ملايين دولار للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية مقابل الوقود الذي طلبته لقطاع غزة من إسرائيل، ولا توجد معاملات مباشرة بين إسرائيل وحماس، وأدى سوء الأحوال الجوية والعواصف الثلجية الى اصابة مدن فلسطينية بالشلل مثل الخليل بالضفة الغربية المحتلة علاوة على القدس ومناطق بشمال اسرائيل الا ان الطقس تحسن لاحقاً بدرجة كبيرة فيما قامت فرق الانقاذ بتنظيف الطرق واعادة الكهرباء الى آلاف المنازل، وقال اسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة حماس في غزة إن قطر سترسل سفينة محملة بالوقود إلى ميناء اسدود الإسرائيلي على البحر المتوسط على ان ينقل إلى غزة، وذكر مسؤولون ان الإمدادات تكفي لتشغيل المحطة جزئيا لمدة لا تقل عن 90 يوما، وخلال سنوات الحصار الإسرائيلي لجأ رجال الأعمال لاقتصاد يقوم على التهريب لكن الجيش المصري الذي اطاح في يوليو تموز بحكومة الاخوان المسلمين المتعاطفة مع حماس يعتبر الحركة مصدر تهديد امني واغلق معظم الانفاق بين سيناء وغزة وعددها نحو 1200، وتحقق الهدف المرجو وهو منع وصول الأسلحة ولكن حرمت غزة من سلع أخرى مثل مواد البناء والاهم البنزين المصري الرخيص. وأدى عدم انتظام الامدادات البديلة من الشبكة الإسرائيلية لانقطاع الكهرباء لمدة تصل إلى 12 ساعة يوميا، وتمكن بعض سكان غزة من العودة لمنازلهم بعد ان سحبت فرق الانقاذ المياه من الشوارع التي غمرتها المياه، ويقول مسؤولون حكوميون إن أربعة الاف شخص على الأقل لا يزالون في مراكز إيواء، وقالت حكومة حماس ان قطر ستخصص ايضا خمسة ملايين دولار لمساعدة سكان غزة المتضررين، وحسب تقدير أولي للحكومة فان الخسائر التي تكبدتها المنازل والشركات والبنية التحتية تصل إلى 64 مليون دولار.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26/كانون الأول/2013 - 22/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م