الشيعة والسنة من يقصم ظهر من؟

هادي جلو مرعي

 

حرب الأنبار، الموت والنار

لحظة الحقيقة كافرة، لكنها أكثر أيمانا منا.

  

هل سينتهي الأمر الى ما إنتهت إليه أمور أخرى في السابق الى هتافات وسجالات؟

لنكن واضحين

سيرفض السنة مايجري في صحراء الأنبار، وسيكون الإعلام المضاد لحكومة المالكي فاعلا في هذا السياق حتى مع وجود جماعات ضغط إعلامية شيعية، أو قوى شيعية مساندة للحراك. فالسنة حتى وإن رفضوا داعش وسواها من قوى متطرفة لن يستطيعوا قبول فكرة قيام قوات يرون فيها مجموعة ميليشيات حكومية بأعمال عسكرية، ولن يستسيغوا فكرة بقائهم تحت الحكم الشيعي مع إرتفاع هتافات وشعارات تشير الى ذهاب بغداد الى سلطة الإيرانيين وهي السلطة غير الموجودة فعليا لكنها إشارة ذكية الى سلطة الشيعة المرتبطة ثقافيا بإيران، وهو ما يصعب قوله علنا (الشيعة يحتلون بغداد) ويفرضون شكلا عباديا وعقائديا مختلفا وغير مألوف لمدينة أسسها العباسيون ورفضوا فيها أي وجود شيعي مهدد لسلطة الخلافة القائمة على أعمدة التعبد وفق المذاهب السنية الأربعة.

هل لايوجد حل؟

الحلول المرفوضة تماما، ومنها ضرب رأي السنة عرض الحائط، ومواصلة القتال في مناطقهم وإستعدائهم أكثر، ويبدو أن لامناص من ذلك طالما إن القوى المتشددة تنتشر في الغرب، وفي مناطق الجزيرة، وعلى طول الحدود مع سوريا والأردن، وهو ماقد يفضي الى صراع (سني شيعي) ينهي الخلاف عن طريق قصم ظهر أحد الفريقين، وهذا الإحتمال هو الأرجح في المستقبل خاصة مع التقاطع الرهيب في المصالح والمطامح، والإنقطاع الى نوع عبادي وعقائدي مفرط في التناحر حتى مع وجود كم هائل من المجاملات والتصريحات المهدئة غير ذات جدوى في وقف الصراع، أو الرجوع عن ذلك وبقاء قوى سنية متطرفة تقوم بعمليات تدميرية ضد الجيش والشرطة والشيعة ومهاجمة المدن والقرى السنية ومحاولة تركيعها مع وجود المقبولية لهذا الحراك (دولة العراق والشام الإسلامية داعش، وجبهة النصرة، والقاعدة وفروعها) دون إغفال قوى شيعية صاعدة يمكن أن تكون بديلا عن القوات الرسمية في المواجهة المرتقبة (نحن الآن في مرحلة شحذ السكاكين). فحتى خروج المالكي من السلطة لايمثل حلا، قد يضعف قدرات الشيعة بإعتباره الرجل القوي في المعركة وهو مايؤرق بعض الدول العربية المساندة للسنة في العراق، ويمثل تحولا في معادلة الصراع، ودعم صعود قوى شيعية تتيح الفرصة لنوع من التوازن بين الفريقين يوفر فرصة لصعود سني مضاد وهو مالاتريده إيران والقوى الشيعية التقليدية.

لكن الصراع سيستمر، فالشيعة ليسوا المالكي، وليسوا القيادات الدينية وحسب، بل هم منظومة عقائدية فيها مايظهر الى العلن، ومنها مايعمل في الخفاء، وحتى المرشحين ليكونوا بديلا عن المالكي في رئاسة الحكومة ينحدرون من قوى تقليدية شيعية مارسوا دورا في إدارة الدولة وتعاملوا بقسوة خلال السنوات الماضية وإبان الحرب الطائفية (بيان جبر، أحمد الجلبي) وسيكون كل بديل مضطرا لنهج سلوك مشابه طالما لم يستطع السنة المعتدلون، وهم الأغلبية من لجم الأقلية المتطرفة. كما إن لدى السنة منظومتهم، ولهذا فالصراع سيكبر ويتطور ويتصاعد ويشتد ليتحول الى معركة وجود، بينما تغيب أصوات المعتدلين والبراغماتيين واللبراليين وسواهم من شباب الفيس بوك والمنادين بوحدانية الحب الإنساني والمتمالكين انفسهم على مشاعر الفالنتاين وأعياد الميلاد وغرس أشجار الربيع.

المثير للحزن، هو إننا برغم رفضنا لحلول عديدة كانت مطروحة في السابق ومستهجنة منا، إلا إننا نراها تلوح ثانية بهتاف (طلع البدر علينا من ثنيات الوداع) لعلها تكون المنقذ لمستقبل العراق كالفدرالية والتقسيم التي ستجد من ينادي بها مرة أخرى في مناسبات عدة لتكون بديلا عن التناحر حتى وإن مثلت صراعا بين أبناء كل تكوين سينشأ. فالإدارة الكردية لمناطق إقليم كردستان شهدت صراعا دمويا سرعان ما إستحال الى نوع من التراضي في الحكم، وقد حصل ذلك في الهند التي إنقسمت لتنتج باكستان. التي إنقسمت بدورها لتنتج بنغلاديش، وهو عين ماحصل في السودان، وماسيحصل في اليمن وسوريا وبعض دول الخليج.

كل مايقال من إتهامات وتلويحات من هذا الطرف السياسي والديني أو ذاك لن يكون ذات قيمة، ولن تنفع البيانات المستنكرة والمهددة والمؤيدة من هذا الطرف أو ذاك.

 لحظة الحقيقة كافرة، لكنها أكثر أيمانا منا.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26/كانون الأول/2013 - 22/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م