الإرهاب في مصر يطارد الاستقرار السياسي والاقتصادي

 

شبكة النبأ: في الأشهر القليلة الماضية تصاعدت موجة الاعمال الإرهابية في مصر بدرجة كبيرة، بسبب تنمر مجموعة من الجهاديين الاسلاميين التي تهدد بإشهار الحرب على الجيش المصري، الذي بدوره شدد لهجته حيال المجموعات الارهابية وخصوصاً المقاتلين المسلحين الموالين للقاعدة والذين يطارد الجيش عشرات منهم في شمال سيناء، مما يثير ضيق كثيرين يتوقون لاستعادة النظام والنمو الاقتصاد.

إذ يرى أغلب المحللين أن مصر وتحديدا منقطة سيناء سوف تشهد مرحلة من الاضطرابات الأمنية والعنف، لكنهما مرحلة لن تطول لأن الحملة العسكرية مازالت مستمرة، فضلا كون الجيش المصري اقوى سيما بعد أن نشرت السلطات المصرية في قوات اضافية في سيناء للتصدي للجماعات الجهادية والسلفية لكنها في الوقت نفسه يمكن تسير بمصر صوب انزلاق جديد من الفوضى والعنف.

على الرغم من قيام الحكومة المصرية بنشر قوات إضافية في منطقة شمال سيناء المضطربة، إلا أن الهجمات التي يشنها مسلحون إسلاميون لا تزال مستمرة، ولذلك غالباً ما يجد المدنيون أنفسهم محاصرين وسط أعمال العنف.

ففي الشهر الماضي، اصطدم انتحاري بسيارته في حافلة تقل جنوداً كانوا خارج وقت الخدمة، مما أسفر عن مصرع 10 جنود، بما في ذلك سائق مدني. وعلى الرغم من عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، إلا أن الهجوم يحمل بصمات العناصر المسلحة التي تستلهم أسلوب تنظيم "القاعدة" والتي يسعى الجيش المصري لقمعها.

والجدير بالذكر أن شبه جزيرة سيناء المهمشة تعاني عدم الاستقرار منذ سنوات، فقد ظهر تنامي التشدد الإسلامي من خلال سلسلة من العمليات التخريبية التي استهدفت خطوط أنابيب نقل الغاز المصري إلى إسرائيل في عام 2011، وهجمات على قوات الأمن. وفي أعقاب قيام المهاجمين بقتل 16 جندياً مصرياً على الحدود مع إسرائيل في أغسطس 2012، سمحت إسرائيل لمصر بإرسال قوات إضافية إلى المنطقة، وهو إجراء تحظره في العادة إتفاقية السلام الموقعة بين الجانبين. وبعد ذلك، شهدت سيناء فترة من الهدوء النسبي في ظل حكم الرئيس السابق محمد مرسى لكنها انتهت بالإطاحة به في شهر يوليو، ما أدى إلى ارتفاع حاد في أعمال العنف. وقد صعدّت الحكومة من عملياتها العسكرية بعد محاولة اغتيال محمد إبراهيم وزير الداخلية في شهر سبتمبر.

ويواجه الجيش المصري صعوبات في تحديد موقع عدوه في سيناء- حيث تضم المنطقة مزيجاً من الجهاديين المصريين أو الأجانب وبعض رجال القبائل البدوية المحلية التي تشعر بالظلم. وقد اتهم البعض الجيش بأن عمليات التمشيط التي يقوم بها في بعض القرى أدت إلى مقتل وإصابة مدنيين غير متورطين في التمرد. بحسب لشبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".

وفي هذا الصدد، قال اللواء سميح بشادي، مدير أمن شمال سيناء: "لقد قتلنا وألقينا القبض على العديد منهم... ومعظم الباقين فروا أو اختبؤوا الآن. لا شك أن المهمة صعبة بسبب الطبيعة الجغرافية للمنطقة الصحراوية، لكننا نحقق نجاحاً كبيراً"، ووفقاً لديفيد بارنت، من مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، وهو مركز بحثي مقره واشنطن، أن الهجمات التي يشنها المقاتلون شهرياً قد انخفضت من 104 هجوم في شهر يوليو إلى 23 في شهر أكتوبر، لكنها ارتفعت قليلاً في شهر نوفمبر.

ويعترف الجيش بوقوع عدد قليل، إن وجد، من الضحايا بين المدنيين. وقال العقيد أحمد علي، المتحدث العسكري باسم الجيش المصري، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "إننا نحرص أشد الحرص على حياة المدنيين". 

ولكن بعض السكان يقولون أنهم دفعوا ثمناً باهظاً، حيث تعرض المدنيون للقتل وتدمير المنازل والممتلكات وفقدان سبل العيش والتشرد، وبعد ذلك كله تركوا مع أمل ضئيل في الحصول على تعويضات، كما تسببت الجماعات المسلحة أيضاً في تعطيل الحياة المدنية. وتقول بعض الأسر أن عمليات مكافحة التمرد التي تشنها الحكومة قد تسببت أيضاً في تشريد البعض، وحول هذه التداعيات.

المدنيون المصريون في مرمى المتشددين

على الصعيد نفسه كان هاني عايش، وهو أحد سكان مدينة العريش في شبه جزيرة سيناء المصرية، في طريقه إلى عمله عندما تعرضت الحافلة التي يستقلها لهجوم بقذيفة صاروخية أو صاروخ أطلقه متشددون كانوا يستهدفون سيارة عسكرية قريبة.

وقالت مصادر أمنية لوسائل الإعلام أن مدنياً آخراً توفي في شهر أكتوبر جراء هجوم مسلح على حافلة للشرطة كانت متجهة من رفح إلى العريش، ويشكو سكان شمال سيناء - وهي منطقة صحراوية قليلة السكان على طول الحدود مع غزة وإسرائيل - من تضررهم على نحو متزايد بسبب التمرد ضد قوات الأمن المصرية.

وقال أحد سكان بلدة رفح الحدودية المصرية: "لم يكن المسلحون يشكلون تهديداً للمدنيين، بل كانوا يستهدفون فقط قوات الأمن وأولئك الذين تعاونوا معها. أما الآن، فتحدث عمليات قتل عشوائية، وقد بدأ الناس يخشونهم بنفس قدر خوفهم من الجيش".

ووفقاً لإحصاء أجرته شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، استناداً إلى مقابلات مع بعض السكان، قُتل ما لا يقل عن 10 مدنيين على أيدي مسلحين بين شهري يوليو، عندما اشتدت قوة التمرد، وأكتوبر، عندما زارت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)المنطقة، بما في ذلك الضحايا الثلاث الذين قضوا نحبهم أثناء الهجوم على الحافلة.

ويقول السكان أنهم قد يصبحون مستهدفين بسبب التعاون مع الشرطة، أو لرفضهم السماح للمتشددين بوضع العبوات الناسفة (IED) أمام منازلهم، أو حتى لارتداء القمصان التي تدعو إلى دعم عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة المصرية، بينما يجد آخرون أنفسهم عالقين ببساطة وسط تبادل إطلاق النار بين الجيش والمتشددين المسلحين.

ويشن متشددون مسلحون تمرداً منخفض المستوى في سيناء لسنوات، وهم يشملون البدو المحليين الذين لديهم مظالم ضد الدولة بسبب سنوات من الإهمال، والجهاديين القادمين من البر الرئيسي أو الذين يرتبطون بعلاقات مع غزة، وفي الآونة الأخيرة، وصلت أعداد صغيرة من الجهاديين الأجانب الذين يبحثون عن ملجأ في منطقة أصبحت تعاني من المزيد من انعدام القانون. وتتسم الخطوط الفاصلة بينهم بعدم الوضوح، حيث يستغل الجهاديون المظالم المحلية لكسب التأييد.

"وليس كل الأشخاص الذين يقاتلون القوات الأمنية من المتطرفين دينياً، بل إن بعضهم ببساطة من المجرمين،" كما أوضح أحمد علي المتحدث باسم الجيش.

ومن الجدير بالذكر أنه خلال الفترة من عام 2004 إلى عام 2006، هاجم مسلحون قوات حفظ السلام الدولية ومنتجعات سياحية في جنوب سيناء، وكانت هناك هجمات متفرقة خلال حكم الرئيس السابق حسني مبارك الذي دام لفترة طويلة. ووفقاً للسلطات المصرية، بدأت أيديولوجية متطرفة نشأت في قطاع غزة التأثير على سيناء في عام 2005، بعد انسحاب إسرائيل من قطاع غزة. وفي أعقاب الثورة التي أطاحت بمبارك في عام 2011، ازدهر المتشددون بسبب الفراغ الأمني.

وقد انخفضت حدة الهجمات على موظفي الدولة والأمن تحت حكم أول رئيس منتخب ديمقراطياً في مصر، وهو محمد مرسي، وازدادت زيادة كبيرة بعد أن أطاح به انقلاب عسكري بدعم شعبي في شهر يوليو الماضي. وينتمي مرسي إلى حركة الإخوان المسلمين، التي تفضلها الجماعات الاسلامية عن القادة العسكريين العلمانيين الذين حكموا مصر تقليدياً.

ولد اتهمت الحكومة العسكرية الجديدة جماعة الإخوان المسلمين بارتباطها بصلات مع متشددين في سيناء، وما عزز تلك الادعاءات أن العضو البارز في جماعة الاخوان المسلمين محمد البلتاجي أعلن على شاشة التلفزيون في شهر يوليو الماضي أن الهجمات في سيناء ستتوقف إذا أعيد مرسي إلى الحكم، ولكن جماعة الإخوان المسلمين تصر على أنها حركة سلمية وأنق قد أُسيء تفسير تصريحات البلتاجى.

وفي الأشهر الأخيرة، شنت السلطات المصرية حملة أمنية ضد المسلحين في سيناء، ويُزعم أن هذه العمليات أسفرت عن سقوط ضحايا من المدنيين. في الوقت نفسه، لا تستهدف الجماعات المسلحة قوات الأمن فقط، بل تستهدف أيضاً زعماء القبائل الذين يدعمون الحكومة والأقليات مثل المسيحيين.

في شهر أغسطس الماضي، قُتل فرج أبو بخيت، القيادي المحلي في الحزب الوطني الديمقراطي المنحل الذي كان يرأسه مبارك، في مدينة الشيخ زويد، بالقرب من الحدود مع غزة، كما قُتل الشيخ خلف المنيعي، أحد زعماء القبائل الرئيسية في سيناء، مع أحد أبنائه في أغسطس 2012 بسبب الجهر بادانته للمجموعات الجهادية. وفي أكتوبر، لقي سليمان خلف المنيعي، وهو ابن آخر له، مصرعه أيضاً على أيدي مسلحين اتهموه بالتعاون مع الجيش، وقُتل الشيخ نايف السواركة، وهو شخصية قبلية مهمة كانت له علاقات جيدة مع الحكومة، في مايو 2012،

وفي شهري سبتمبر [يوتيوب ، فيسبوك] وأكتوبر، وجهت جماعة مسلحة تطلق على نفسها سم السلفية الجهادية تهديدات إلى زعماء القبائل الذين تعاونوا مع الجيش.

ومنذ عام 2011، أعلنت جماعات متشددة عديدة عن تأسيسها في شبه جزيرة سيناء، وأصبحت جماعة أنصار بيت المقدس أكثرها شهرة، وهي المجموعة الجهادية التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجمات على خط أنابيب شمال سيناء، وكذلك الهجمات على قوات الأمن و"المتعاونين معها" في سيناء، وعلى وزير الداخلية في القاهرة في شهر سبتمبر.

ومن بين الجماعات الأخرى مجموعة إقليمية تسمى التوحيد والجهاد، وهي أقدم الجماعات المتشددة في سيناء وأكثرها تنظيماً، وقد اتهمت بتنفيذ تفجيرات خلال الفترة من 2004 إلى 2006؛ والسلفية الجهادية؛ وجيش الإسلام الذي أعلن مسؤوليته عن خطف الجنود المصريين وهجوم انتحاري على الجيش في شهر مايو، وكذلك الهجوم على مقر المخابرات في رفح في سبتمبر الماضي؛ وكتائب الفرقان؛ وجماعة أنصار الشريعة؛ وجماعة التكفير والهجرة، التي أعلنت في يونيو 2011 عن إنشاء إمارة إسلامية في سيناء. وبعد شهر، ادعت منشورات تم توزيعها في العريش أن تنظيم القاعدة فتح فرعاً جديداً له في شبه جزيرة سيناء، على الرغم من عدم اعتراف قيادة تنظيم القاعدة بذلك.

وتشير تقديرات الباحثين إلى أن العدد الإجمالي للمتشددين المسلحين يتراوح بين عدة مئات و5,000، من بينهم عدد قليل من المقاتلين المخضرمين الذين شاركوا في صراعات في أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا. وقد أعلن الجيش المصري أنه ألقى القبض على مئات المتشددين المصريين في الأشهر الأخيرة، وأكثر من 150 أجنبياً، من بينهم مواطنون فلسطينيون وإريتريون وأمريكيون ونرويجيون ورومانيون وألمان وبريطانيون.

وبحسب السلطات المصرية، فإن أعضاء الجماعات المتشددة مسلحون بأسلحة ثقيلة، بما في ذلك مدافع الهاون والأسلحة المضادة للطائرات والقذائف الصاروخية، من جانبه، أشار ديفيد بارنيت من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة بحثية مقرها واشنطن، إلى مسؤولية تلك الجماعات مجتمعة عن أكثر من 200 هجوم منذ شهر يوليو الماضي.

وقد تم استهداف المسيحيين بالذات، فقد لقي الأب مينا عبود شاروبيم، وهو قس قبطي أرثوذكسي في العريش، مصرعه في أوائل يوليو. وفي وقت لاحق من نفس الشهر، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، قُتل مجدي لمعي، وهو صاحب متجر مسيحي في الشيخ زويد، و"قطعت رأسه وكان جذعه مربوطاً بسلاسل". كما قُتل قبطي آخر من العريش اسمه هاني سمير كامل في الأول من سبتمبر.

لم يكن المسلحون يشكلون تهديداً للمدنيين ... أما الآن، فتحدث عمليات قتل عشوائية، وقد بدأ الناس يخشونهم بنفس قدر خوفهم من الجيش وتنسب جماعات حقوق الإنسان في مصر الهجمات على الأقباط - في سيناء وأماكن أخرى في مصر - إلى الاعتقاد الشائع بأن الطائفة المسيحية شاركت بأكملها تقريباً في مظاهرات ضد الإخوان المسلمين خلال الفترة التي سبقت الانقلاب.

ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن قتل الأقباط الثلاثة في شمال سيناء، ولكن إسحاق إبراهيم، مسؤول ملف حرية الدين والمعتقد في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (EIPR)، يؤكد أن هذه الهجمات ذات دوافع دينية وسياسية.

المخاوف والتهديدات

ولكن بعض السكان الآخرين يقولون أن المتشددين لا يهددون المسيحيين فقط. "فكل من ليس على صلة بهم في خطر،" كما أشار وليد المنيعي، نجل الشيخ الراحل خلف المنيعي، موضحاً أن التهديد يشمل "كل شخص لديه مصانع أو علاقات جيدة مع الدولة، وجميع الأشخاص والصحفيين المحترمين، وليس فقط أولئك الذين يقدمون معلومات".

فر سعيد عتيق من سيناء مع عائلته بعد تلقي تهديدات من جماعات إسلامية. وكان عتيق يقود حملة تمرد في سيناء، وهي الحملة التي جمعت ملايين التوقيعات في جميع أنحاء البلاد كجزء من عريضة تدعو إلى نزع السلطة من مرسي. وقد انتهت الحملة بمظاهرات حاشدة في نهاية يونيو وأدت إلى الإطاحة بمرسي.

وعلى الرغم من أن جماعة الإخوان المسلمين أدانت باستمرار هجمات المتشددين المسلحة، تقول السلطات المصرية والكثير من وسائل الإعلام أن "الإرهابيين" في سيناء مدعومين من قبل حركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة، وذلك بهدف إعادة الإخوان المسلمين إلى السلطة مرة أخرى.

سيناء ... موعد مع المعاناة؟

الى ذلك أشاد الكثير من المصريين بحملة "مكافحة الإرهاب" التي تشنها السلطات في شبه جزيرة سيناء النائية، ويرون أنها معركة ضرورية ضد المتشددين الذين زادت هجماتهم ضد الأجهزة الأمنية في الأشهر الأخيرة، في أعقاب الاطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي.

ولكن خلال رحلة إلى المنطقة في منتصف شهر أكتوبر الماضي، استمعت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) إلى شهادات من المدنيين حول المنازل التي دُمرت بصورة غير مشروعة، وحالات القتل العرضي وتعطل الحياة الاقتصادية اليومية بالكامل. ويقول العديد من المدنيين أنهم يشعرون بأنهم عالقون بين قوات الأمن من جهة والجماعات المتشددة المسلحة من جهة أخرى، ويقول الشيخ عبد الله غالي عتيق، وهو قاض يحكم بالقانون العرفي من قبيلة السواركة، في قرية شبانة التي تقع في شمال شرق سيناء، أن أهل سيناء "عالقون بين الجيش، الذي لا يريد أن يُنتقد، والمتشددين، الذين قد يقتلونك إذا قدمت معلومات إلى الجيش".

ووفقاً لإحصاء أجرته شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) استناداً إلى مقابلات مع السكان وأفراد العائلات، قُتل 20 مدنياً على الأقل بطريق الخطأ بين شهري يوليو، الذي بدأت فيه حملة مكافحة الإرهاب، وأكتوبر. وحدث كل هذا في مثلث تبلغ مساحته حوالي 1,000 كيلومتر مربع بين مدن العريش ورفح والشيخ زويد، في الركن الشمالي الشرقي من محافظة شمال سيناء، بجوار الحدود مع إسرائيل وقطاع غزة. وقد قُتل هؤلاء جميعاً في عمليات عسكرية أو هجمات شنها المتشددون أو إطلاق نار عند نقاط التفتيش خلال فترة حظر التجول.

مهمشة

وقد عانت شبه جزيرة سيناء، التي يتكون معظمها من شريط من الصحراء الجرداء تبلغ مساحته 60,000 كيلومتر مربع إلى الشرق من الجزء الرئيسي من مصر، من التهميش منذ فترة طويلة من جانب السلطات في العاصمة القاهرة. وقد تم تأجيل أو تأخير خطط التنمية المختلفة في سيناء منذ أن استعادت مصر السيطرة على المنطقة في عام 1982، بعد 15 عاماً من الاحتلال الإسرائيلي. ويعتمد سكان الجزء الشمالي من سيناء، وهم من البدو، في الغالب على التهريب، وكثيراً ما يدخلون في صدامات مع قوات الأمن.

وعلى مر السنين، بسطت الجماعات الجهادية نفوذها في المنطقة عن طريق اللعب على المظالم المحلية، وضعفت سلطة شيوخ القبائل. وزادت حدة التشدد في سيناء في عام 2011، بعد انتشار الجماعات الإجرامية والجهادية المسلحة التي استغلت الفراغ الأمني الذي أعقب الإطاحة برجل مصر القوي حسني مبارك في ثورة شعبية.

وقد ازداد هذا النفوذ كثافة بعد أن أطاح انقلاب عسكري حظي بدعم ملايين المصريين بمرسي، أول رئيس منتخب بشكل ديمقراطي في مصر، يوم 3 يوليو. وقد اتهمت السلطات الجهاديين، الذين تقول أنهم على علاقة بجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي، بتكثيف الهجمات التي تستهدف رجال الشرطة والجنود في سيناء.

وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة وسعت نطاق حملتها الأمنية بعد المحاولة الفاشلة لاغتيال وزير الداخلية في القاهرة في شهر سبتمبر الماضي والتي قامت بها إحدى الجماعات المتشددة الجديدة في سيناء، وهي جماعة أنصار بيت المقدس.

كما تأثرت سيناء بالتطورات الإقليمية، لاسيما تدفق الأسلحة من ليبيا في أعقاب الحرب الأهلية واستمرار عدم الاستقرار هناك، وحكم حركة حماس في قطاع غزة المجاور، الذي يعتمد بقاؤه على تجارة الأسلحة غير المشروعة والتهريب عبر الأنفاق المؤدية إلى مصر.

ومن الجدير بالذكر أن بعض سكان سيناء يعلنون عن إيمانهم المطلق بالعمليات التي تقوم بها الحكومة لمكافحة الإرهاب، في حين يتشكك آخرون في الادعاء بأن الجماعات الجهادية تشكل تهديداً في المقام الأول، ويصدقون نظرية المؤامرة التي تتهم القاهرة بتدبير تلك الهجمات لتبرير الحملة القمعية في منطقة مضطربة تاريخياً.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 19/كانون الأول/2013 - 15/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م