هل سيكون التغيير في الخليج دمويا؟

علي ال غراش

 

ماذا لو إن الشعب الخليجي المسالم تظاهر بسلمية تامة في الميادين والطرق للمطالبة بالإصلاح والتغيير والتحول إلى دول دستورية تمثل رأي الشعب، واختيار الحاكم عبر صناديق الانتخاب المباشر، وتطبيق العدالة والمساواة بين كافة المواطنين، بدون تمييز أو تميز أو وصاية لأي شخص أو عائلة أو فئة؟

هل حكومات المنطقة ستستجيب للمطالب الشعبية، للمحافظة على وحدة وبناء الوطن حسب رغبة اكثرية الشعب، ام انها ستتعاطى مع الحراك الشعبي: بتخوين المتظاهرين، والرد بعنف شديد عبر استخدام كافة الاساليب الترهيبية منع ومطاردة وضرب، ووصف المتظاهرين بالإرهابيين، واعتقال وسجن وتعذيب، وقتل واعتداء على الأعراض، والقيام بالتجنيس لعدد كبير للدفاع عن كرسها!؟.

لماذا دول الخليج تصرف مليارات الدولارات لشراء تجهيزات عسكرية وأسلحة مثل القنابل المسيلة للدموع والصوتية وغيرها بكميات تزيد عن عدد السكان كما فعلت حكومة البحرين التي اشترت مؤخراً اكثر من مليون ونصف من تلك القنابل، اي نصيب كل مواطن أكثر من 3 قنابل؟.

في البداية نريد التأكيد على اننا ضد العنف بكل أشكاله وألوانه مهما كان ومن اي جهة كانت وبالخصوص من الجهات التي ينبغي أن تكون في خدمة الشعب وحمايته، فالأرواح غالية والدماء عزيزة وكرامة وحقوق الإنسان وأعراض الناس محترمة، ونرفض المساس بها وإنتهاكها.

منطقة الخليج مقبلة على تغييرات مفصلية وتاريخية، والتغيير قادم لا محالة، فبقاء الحال من المحال، فالتغيير سنة من سنن الله في الكون، وموعد تحقق التغيير يعتمد على توافر مقومات التغيير لدى الشعب، ووجود الأسباب، ودول المنطقة الخليجية ظهرت فيها ما يساهم في ضرورة التغيير بما يتناسب مع طموح وتطلعات المواطنين مثل: غياب نظم و قوانين الدولة الحضارية الحديثة مثل الدستور المنبثق من الشعب، وغياب العدالة الإجتماعية والمشاركة الشعبية في إدارة الدولة، وغياب مؤسسات المجتمع المدني، بالاضافة للفشل الذريع والتخبط والفوضى في إدارة الدولة، وتقوية الوحدة الوطنية، وانتشار الفساد والفقر...، بل العكس بعض الأنظمة الحاكمة تتعامل مع الوطن والمواطنين كأنهم ملك خاص لها ولافراد عائلتها، العائلة التي لا تخلو من الخلافات بسبب البحث عن المصالح الشخصية والوصول للحكم، وقد بدأت بالظهور للعلن، وممارس سياسة التفرقة بين المواطنين..، مما أدى إلى تفاقم الغضب والاحتقان الشعبي الذي يزداد مع مرور كل يوم.

وهذا لا شك مما يساهم في تسريع عملية التغيير، ولكن الذي يصنع التغيير هم الشعوب الحرة التي تملك إرادة التغيير كما قال تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، واي حراك للإصلاح والتغيير بحاجة إلى قيادات حرة واعية ومخلصة مضحية تكون في مقدمة الحراك، لإقامة العدالة السياسية والإجتماعية والإقتصادية، وفي كل جوانب الدولة؛ فوجود قادة يقودون الحراك والتغيير على الأرض، ولو تعرضوا للاعتقال والسجن والمحاكمة، هي أهم دافع للشعب لمواصلة الحراك والاصرار على تحقيق الإصلاح والتغيير.

وكما قلنا التغيير الحقيقي الناجح يعتمد على إرادة التغيير لدى الجماهير "الشعب"، والشعب المحب لوطنه، والعاشق للحرية والعدالة والسلام، ويثور ضد الظلم والقهر والاستبداد، ويسعى لتحقيق التغيير بشكل سلمي بدون سقوط قطرة دم أو سقوط اي قتيل، الدماء غالية والأرواح أغلى، والشعب الخليجي شعب مسالم متسامح بطبيعته يرفض العنف والفوضى والدمار، ولكنه على أتم الاستعداد للتضحية بالدم والروح لإقامة العدالة في الوطن واسقاط الظلم المستفحل، فلكل شيء حد ومدة محددة، فالظلم له حد والصبر له حد كذلك، وزيادة الظلم تزيل الصبر.

التغيير والإصلاح السلمي، هو ما يسعى له الشعب الخليجي، الشعب العاشق للسلام والتسامح، وتحقيق ذلك مرهون بطريقة وأسلوب السلطات الحاكمة، فهي الجهة المسؤولة، والقادرة على تحويل مسار أي حراك شعبي مطلبي سلمي إلى أي لون كـالدموي كما حدث في بعض الدول الخليجية، من سقوط قتلى وجرحى وإعتقالات واسعة للرجال والنساء والشيوخ والأطفال، وتعذيب صارخ، واعتداءات على الأعراض من قبل الجهات الأمنية، وسحب جنسية بعض المواطنين، إذ نقلت وكالات الانباء عن سقوط قتلى وجرحى واعتقال الالالف من المواطنين بسبب التظاهر والمطالبة بالتغيير كما حدث في البحرين والسعودية بالخصوص!!.

ولتحقيق التغيير السلمي كما يتمنى الشعب الخليجي يتطلب الأمر إلى عدد من الركائز وأهمها:

1/ حراك شعبي من كل أطياف وتيارات الشعب في كافة المناطق، شعب واعي بحقوقه لايساوم على العدالة والحرية والكرامة، يعمل بهمة عالية ويد واحدة على وجه الأرض لتحقيق أهدافه بشكل سلمي.

2/ وجود قيادة واعية متصدية مضحية تقود الحراك عمليا على الأرض، تؤمن بالتعددية واحترام الرأي والرأي الاخر، وتملك الرؤية والمشروع حسب رغبة أكثرية الشعب.

 3/ سلطة حاكمة (..و..)، إلا إنها في ظل الحراك الشعبي الكبير من قبل الأكثرية، وحدوث التغيرات السياسية في المنطقة والعالم، تستجيب لصوت الأكثرية حقنا للدماء وعدم تدمير الوطن، (مهما كانت الأسباب)، - كما فعلت بعض الأنظمة مثل النظام العنصري في جنوب أفريقيا – وحماية نفسها وعوائلها أي أنظمة تخاف أن يكون مصيرها كبقية الأنظمة الدموية التي سقطت وبالتحديد في رومانيا والعراق وليبيا.

وللحديث تتمة....

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 18/كانون الأول/2013 - 14/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م